الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
الأذان:
معنى الأذان والإقامة وحكمهما:
والأذان لغة: الإعلام، وشرعا: الإعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة بذكر مخصوص، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} 1، وعن مالك ابن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
…
فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم
…
" 2.
والإقامة: هي الإعلام بالقيام إلى الصلاة المفروضة بذكر مخصوص.
وحكم الأذان والإقامة فرض كفاية على جماعة الرجال، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، لما رواه مالك ابن الحويرث، فقول "أحدكم" دل على أنه فرض كفاية.
نداء حبيب:
والأذان نداء حبيب إلى كل نفس مؤمنة، يدعو إلى خير عمل، وأعظم لقاء، في أطهر مكان. فهو عبادة تتقدم الصلاة، يتردد صداها في الكون، الله أكبر، فكل ما نتصور أنه كبير، فالله أكبر، فكل شيء دون الله حقير، التجارة، الأموال، المتاع، الدنيا، ياله من نداء عظيم،
1 سورة الجمعة الآية [9] .
2 رواه البخاري 1/155 كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد.
يدعو إلى التوحيد ونفي الشرك، ويثبت الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم، فيرتفع ذكره مع كل أذان مقترنا بذكر الله تعالى، يتردد عبر الأزمان.
يدعو النداء أمة الإسلام أن تقبل على الله لأداء الصلاة، والفوز برضاه، وإلى الطاعة في صلاة الجماعة، في بيت الله، إلى الفلاح في الدنيا والآخرة.
وينتهي الأذان معلنا لكل من شغلته الدنيا وألهته، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، حتى ينتبه، ويترك كل شيء، ويسعى إلى لقاء الله.
مشروعية الأذان:
شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة، ودليل مشروعيته، ما رواه عبد الله بن زيد رضي الله عنه، قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت له: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت: بلى. قال: فقال: تقول: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله "، قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقيمت الصلاة: "الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، لا إله إلا الله"، فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا
حق إن شاء الله، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك"، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد" 1.
1 رواه أبو داود 1/337، 338 ح 499 واللفظ له، وابن ماجه 1/233 ح706، والترمذي مختصرا 1/358، 359 ح 189 وقال: حسن صحيح، ومسلم ونحوه عن أبي محذورة 1/287 ح379.
صور الأذان:
وقد ورد الأذان بعدة صور ثابتة المشروعية، لذا ينبغي عدم التزام صورة واحدة منها، حتى لا يترتب على ذلك هجر لوجوه صحيحة من السنة. مثل الآذان الإقامة، والأفضل الإتيان بكل وجه تارة، لما فيه من الشمول والنفع.
لفظ الآذان
…
عدد الجمل
…
عدد الجمل
…
عدد الجمل
…
عدد الجمل
الله أكبر
…
4
…
4
…
2
…
2
أشهد أن لا إله إلا الله
…
2
…
2 2ترجيعا يخفض بها صوته
…
2 2ترجيعا يخفض بها صوته
…
2
أشهد أن محمدا رسول الله
…
2
…
2 2ترجيعا يخفض بها صوته
…
2 2ترجيعا يخفض بها صوته
…
2
حي على الصلاة
حي على الفلاح
…
2
…
2
…
2
…
2
الله أكبر لا إله إلا الله
…
1
…
1
…
1
…
1
…
أذان بلال رضي الله عنه لحديث عبد الله بن زيد المتقدم
…
عن أبي محذورة "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة"[1]
…
لما رواه الإمام مسلم عن أبي محذورة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان [2]
…
عن مالك، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان الأذان على عهد رسول الله مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.. [3]
[1]
رواه الترمذي 1/367 ح 192، وقال: حسن صحيح.
[2]
رواه مسلم 1/287 ح379.
[3]
رواه النسائي2/3 كتاب الأذان، باب تثنية الأذان، وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي 1/135 ح610، قال ابن حجر في فتح الباري 2/83: وذلك يقتض أن تستوي جميع ألفاظه في ذلك ولكن لم يختلف في أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة.
صور الإقامة:
لفظ الإقامة
…
عدد الجمل
…
عدد الجمل
…
عدد الجمل
الله أكبر
…
2
…
4
…
2
أشهد أن لا إله إلا الله
…
1
…
2
…
1
أشهد أن محمدا رسول الله
…
1
…
2
…
1
حي على الصلاة
…
1
…
2
…
1
حي على الفلاح
…
1
…
2
…
1
قد قامت الصلاة
…
2
…
2
…
1
الله أكبر
…
2
…
2
…
2
لا إله إلا الله
…
1
…
1
…
1
…
إقامة بلال رضي الله عنه لحديث عبد الله بن زيد المتقدم
…
لحديث أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والإقامة سبع عشرة كلمة"[1]
…
وبه أخذ مالك رحمه الله من الإقتصار على التكبير في الأذان مرتين، وعلى كلمة الإقامة مرة واحدة، لأن ذلك عمل أهل المدينة [2] .
إلا أن ابن القيم رحمه الله ذكر أنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إقرار كلمة "قد قامت الصلاة" البتة [3] .
وقال ابن عبد البر: ذلك من الاختلاف المباح..فإن ثنى الإقامة أو أفردها كلها أو إلا "قد قامت الصلاة" فالجميع جائز [4]
[1]
رواه النسائي 2/4 كتاب الأذان، باب كم الأذان من كلمة؟ واللفظ له، والترمذي 1/367 ح192 وقال: حسن صحيح.
[2]
انظر زاد المعاد: ابن القيم الجوزية 2/390.
[3]
المصدر السابق.2/389.
[4]
فتح الباري: ابن حجر 2/84.
الحكمة في تثنية الأذان وإفراد الإقامة:
قال ابن حجر: قيل:
…
الأذان لإعلام الغائبين فيكرر ليكون أوصل إليهم، بخلاف الإقامة فإنها للحاضرين، ومن ثم استحب أن يكون الأذان في مكان عال بخلاف الإقامة، وأن يكون الصوت في الأذان أرفع منه في الإقامة، وأن يكون الأذان مرتلا، والإقامة مسرعة.
ويشرع للمؤذن في أذان الصبح فقط قول: "الصلاة خير من النوم" مرتين بعد الحيعلتين، لما قال أبو محذورة: يا رسول الله: علمني سنة الأذان.. وفيه".. فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله"1.
ويشرع الأذان في الحضر والسفر، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره لمالك بن الحويرث وأصحابه ".. فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم." 2 وقد كانوا على أبهة سفر.
ومن نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها بعد أن يؤذن لها ويقيم، لما روي عن عمرو بن أمية الضمري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فنام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"تنحو عن هذا المكان" قال: ثم أمر بلالا فأذن، ثم توضؤوا وصلوا ركعتي الفجر، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة، فصلى بهم
1 رواه أبو داود 1/340ح500، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود1/100ح472، وأخرجه الترمذي مختصرا 1/366ح191 وقال: حديث أبي محذورة في االأذان حديث صحيح.
2 رواه البخاري 1/155 كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة
…
صلاة الصبح"1.
فإن تعددت الفوائت صلاها بأذان واحد، وإقامة لكل صلاة، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حين شغله المشركون عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء، فأمر بلالا فأذن أذانا واحدا، ثم أقام للظهر، وأقام للعصر، وأقام للمغرب، وأقام للعشاء.
شروط الأذان:
ويشترط للأذان ما يلي:
1-
دخول الوقت، لحديث "
…
فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم
…
"، وحضور الصلاة معناها حضور وقتها، والأذان إعلام بدخول الوقت، ولا يكون ذلك قبله.
قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن من السنة أن يؤذن للصلوات بعد دخول وقتها إلا الفجر، ولأن الأذان شرع للإعلام بالوقت، فلا يشرع قبل الوقت، لئلا يذهب مقصوده"2.
2-
الإسلام.
3-
البلوغ والعقل، لأن غيرهما غير موثوق به.
4-
الذكورية، قال ابن عمر رضي الله عنهما:"ليس على النساء أذان ولا إقامة"3 فليست المرأة من أهل الأذان.
1 رواه أبو داود 1/308، 309 ح444، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/90 ح428.
2 المغني ابن قدامة 1/409.
3 رواه البيهقي 1/408 كتاب الصلاة، باب ليس على النساء أذان والإقامة.
قال ابن قدامة: "لا أعلم فيه خلاف.." وروي عن أحمد قال: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز1.
1-
عدم الزيادة أو النقص عما ورد به النص، لأن الأذان عبادة، ومدار العبادات على اتباع، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"2.
2-
رفع الصوت بالنداء، وإن كان منفردا في صحراء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"فليؤذن لكم أحدكم" 3، وقوله "لكم" يشير إلى رفع الصوت ليسمع الآخرين، فمن خفت صوته كان آذانه لنفسه فقط، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له:"إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء شهد له يوم القيامة"، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم4.
3-
أن يؤتى بوجه لا يتغير به المعنى.
ويستحب للمؤذن أن يبتغي بآذانه وجه الله وأن يكون طاهرا من الحدثين، وأن يؤذن قائما مستقبل القبلة، وأن يلتفت يمينا في (حي على الصلاة) ، وشمالا في (حي على الفلاح) وأن يدخل إصبعيه في أذنيه
1 المغني: ابن قدامة 1/422.
2 رواه البخاري 8/156 كتاب الاعتصام بالسنة، باب إذا اجتهد العالم أو الحاكم خلاف الرسول من غير علم فحكمة مردود. ومسلم 2/1344 ح1718.
3 رواه البخاري1/ 155. كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة الإقامة..
4 رواه البخاري 1/151 كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء.
لفعل بلال رضي الله عنه.
عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" 1، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا.."2.
ويسن أن يردد من يسمع الأذان فيقول مثل ما يقول المؤذن، لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" 3، إلا في الحيعلتين فيقول:"لا حول ولا قوة إلا بالله"، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "..ثم قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله"4.
ويسن للمؤذن ولمن سمع الأذان وأجاب المؤذن، أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعده ثم يسأل الله له الوسيلة، لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة"5.
1 رواه مسلم 1/190ح 387.
2 رواه البخاري 1/152 كتاب الأذان باب الإستهام.
3 رواه مسلم 1/288ح 383.
4 رواه مسلم1/289 ح385.
5 روام مسلم1/289 ح384.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة"1.
1 رواه البخاري 1/152 كتاب الأذان باب الدعاء عند الأذان.