الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفة الوضوء:
1 يجب على المتوضىء أن يستحضر النية لرفع الحدث، أو بقصد الطهارة، قبل الشروع في أفعال الوضوء، والنية: هي عزم القلب على فعل الوضوء، ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعال، وامتثالا لأمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 1، فإخلاص النية للمعبود هو أصل العبادة، والنية تميز العبادات عن العادات، فهناك فرق بين من يتوضأ للعبادة، ومن يبرد جسمه بالماء ولم ينوي الوضوء. فالنية هي سر العبودية.
ولقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ مانوى.."2.
قال ابن حجر: "واستنبط بعض العلماء من قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} 3، إيجاب النية في الوضوء لأن التقدير: إذا أردتم القيام إلى الصلاة فتوضؤوا لأجلها4. والنية محلها القلب، ولا يدخل للسان فيها، فلو تكلم المتوضئ بلسانه ولم تنعقد النية في قلبه لا يصح وضوءه، إذ الاعتذار بما نوى لا بما لفظ.
2-
وتجب التسمية في أول الوضوء، قبل البدء في غسل الأعضاء،
1 سورة البينة الآية [5] .
2 رواه البخاري 1/2 كتاب بدء الوحي، باب كيف جاء بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
3 سورة المائدة، الآية [6] .
4 فتح الباري: ابن حجر 1/233 كتاب الوضوء، باب ما جاء في الوضوء.
بأن يقول المتوضئ "بسم الله"، والأكمل أن يقول:"بسم الله الرحمان الرحيم"، لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "..ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه.." 1، وتسقط التسمية مع الجهل والسهو، إلا إذا تذكرها أثناء وضوئه أعاد الوضوء وأتى بها للحديث السابق، ولما رواه الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ:"يا أبا هريرة إذا توضأت فقل: بسم الله، والحمد لله، فإن حفظتك لا تستريح تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء"2.
3-
غسل الكفين ثلاثا في أول الوضوء، لما رواه أوس بن أبي أوس عن جده رضي الله عنه قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استوكف ثلاثا"3، أي غسل كفيه ثلاث مرات ويسن تخليل أصابع اليدين لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك" 4، فيخلل إحدى يديه بالأخرى.
ويستحب غسل الكفين ثلاثا في حالة الاستيقاظ من النوم ناقض لوضوء، لفعله عليه الصلاة والسلام كما ذكره من وصف وضوءه، ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم
1 رواه أبو داود في سننه1/75 ح 101، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/21 ح 92.
2 رواه الطبراني في الصغير 1/73 باب الألف من اسمه أحمد، وقال: لم يروه عن علي ابن ثابت أخو (ابن أخي) عزرة ابن ثابت إلا إبراهيم بن محمد، تفرد به عمرو بن أبي سلمة.
3 رواه النسائي 1/64 كتاب الطهارة باب غسل الكفين وكم تغسلان، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي 1/19 ح 81: صحيح الإسناد.
4 رواه ابن ماجه 1/64 ح 447، والترمذي 1/57 ح 39 وقال: حسن، وقال الألباني سنن الترمذي 1/14 ح 36: حسن صحيح.
من نومه فلا يغمس يده حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده" 1.
4-
المضمضة والاستنشاق، وتحصل المضمضة بإدخال الماء في الفم وتحريكه لغسل الفم، والاستنشاق جذب الماء بنفسه داخل الأنف.
ويسن المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم، حتى لا يفسد صومه بدخول شيء إلى جوفه، لما رواه لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال:"قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: "أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون2 صائما".
وتكون المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات بثلاث غرفات، يتمضمض ويستنشق من كل غرفة، لما جاء من حديث عمرو بن يحي:"فمضمض واستنشق واستنثر من ثلاث غرفات"3.قال النووي: في هذا الحديث دلالة ظاهرة للمذهب الصحيح المختار، أن السنة في المضمضة والاستنشاق أن يكون بثلاث غرفات يتمضمض ويستنشق من كل واحدة منها.
ويكون الاستنشاق باليمنى، والاستنثار باليسرى، بطرح الماء من الأنف بالنفس، مع وضع إصبعي اليسار على الأنف، عن عبد خير قال: "
…
ونحن جلوس ننظر إليه [أي إلى علي رضي الله عنه حين توضأ] فأدخل يده اليمنى فملأ فمه، فمضمض واستنشق، ونثر بيده اليسرى، فعل هذا ثلاث مرات، ثم قال: من سره أن ينظر إلى طهور رسول الله
1 رواه مسلم1/233 ح 278.
2 رواه أبو داود 1/99، 100 ح 142، والترمذي مختصا1/56 ح 38 وقال: حسن صحيح.
3 رواه مسلم 1/211 ح235.
صلى الله عليه وسلم فهذا طهوره"1.
ويسن السواك في الوضوء عند المضمضة، وهو من السنن المؤكدة، وهو دلك الفم بالعود، وخير ما يستاك به عود من شجرة الأراك، وله فوائد كبيرة وعظيمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" 2، والسواك مسنون كل وقت، لحديث أبي بكر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"3.
5-
غسل الوجه ثلاث مرات، من منابت شعر الرأس إلى أسفل اللحيين والذقن طولا، وما بين شحمتي الأذن عرضا، لقول الله تعالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} 4، ولما أخبر به حمران مولى عثمان، "أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ" ثم ذكر صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال حمران: "ثم غسل وجهه ثلاث مرات
…
"5.
ويسن تخليل اللحية بتفريق شعرها، وإسالة الماء بينها، لحديث
1 رواه الدارمي 1/178 كتاب الوضوء، باب في المضمضة، من طريق خالد بن علقمة الهمداني، وصحح سنده الألباني في مشكاة المصابيح1/129.
2 رواه البيهقي في السنن 1/35 كتاب الطهارة، باب الدليل على أن السواك سنة، قال ابن التركماني: وهو في الموطأ بهذا الإسناد موقوف دون ذكر الوضوء، ورواه الطبراني في الأوسط 2/138 ح 1260 عن علي رضي الله عنه، وقال فيه: لايروى هذا الحديث عن على إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن إسحاق.
3 رواه أحمد 1/3 مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال في الفتح الرباني1/ 290 ح 156: قال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات، إلا أن عبد الله بن محمد لم يسمع من أبي بكر.
4 سورة المائدة، الآية [6] .
5 رواه مسلم 1/204، 205، ح226.
عثمان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته1، وعن أنس رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني ربي عز وجل" 2، وكذا تخليل شعور الوجه، ويجزء غسل ظاهرها.
6-
غسل اليدين مع المرفقين ثلاث مرات، لما أخبر به حمران مولى عثمان، "أن عثمان دعا بوضوء
…
" فذكر صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال حمران: "ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك"3.
7-
مسح جميع الرأس مرة واحدة بيديه، مبتدأ بمقدمة الرأس إلى القفا، ثم يرد يداه ماسحا إلى الموضع الذي بدأ منه؟، لما روي عن عمرو بن يحي المازني عن أبيه، "أن رجلا قال لعبد الله بن زيد، وهو جد عمرو بن يحي: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟
…
ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدمة رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه"4.
ثم يمسح بسبابتيه صماخي أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، لما رواه عبد الله بن عمرو في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
…
ثم مسح برأسه، فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه،
1 رواه ابن ماجه 1/148 ح430، والترمذي 1/46 ح31 واللفظ له، وقال: حسن صحيح.
2 رواه أبو داود 1/101 ح145، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/30 ح132.
3 رواه مسلم 1/204، 205 ح226.
4 رواه البخاري 1/54، 55 كتاب الوضوء باب مسح الرأس كله.
يدلك أصابع رجليه بخنصره1. ويعد الدلك من إسباغ الوضوء، وفي الحديث: "إسباغ الوضوء شطر الإيمان" 2، لأن الوضوء يطهر الظاهر، والإيمان يطهر الباطن.
كما يسن التيامن، وهو البدء في الجهة اليمنى، ويعد من نوافل الخير عامة، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شانه كله"3.
ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا لبستم، وإذا توضأتم، فابدؤوا بميامنكم"4.
ويسن الذكر بعد الوضوء بما ورد، لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"5. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فقال:
=الفتح الرباني 2/31 ح260: أخرجه أبو يعلى الموصلي وابن حبان في صحيحه، وأخرجه أيضا ابن خزيمة في صحيحه بسنده عن شعبة عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد، وحبيب وثقه النسائي وغيره وقال أبو هاشم: هو صالح.
1 رواه أبو داود 1/103 ح148، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/30 ح134.
2 رواه النسائي 5/5 كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2/11 ح2286.
3 رواه البخاري 1/50 كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل.
4 رواه البيهقي في سننه 1/86 كتاب الطهارة، باب السنة في البداءة باليمين، وابن ماجة في صحيحه 3/370 ح1090 واللفظ له، وأبو داود في سننه 4/379 ح4141، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/780 ح3488.
5 رواه مسلم 1/210 ح234.