الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نواقض الوضوء:
للوضوء نواقض تبطله، ويلزم صاحبه الوضوء من جديد، وهي:
1-
ما خرج من السبيلين، لقول لله تعالى:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} 1، ولقول النبي صلى لله عليه وسلم:"لا وضوء إلا من صوت أو ريح" 2، قال النووي: فالخارج من قبل الرجل أو المرأة، أو دبرهما ينقض الوضوء، سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة، أو غير ذلك، ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد3.
2-
النوم العميق، لما روي عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العين وكاء السه4، فمن نام فليتوضأ" 5 فالنوم عينه ليس بحدث، ولكنه بسببه ينتقض الحدث، لأنه يخرج منه الخارج من غير
1 سورة النساء الآية [43] .
2 رواه الترمذي 1/109 ح 74 وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/23 ح 64.
المجموع: النووي 2/4
4 وكاء: بكسر الهاء: هو ما يشد به الرقبة ونحوها من الأوعية، السه: بفتح السين المهملة وكسر الهاء: من أسماء الدبر، والمعنى: اليقظة وكاء الدبر.
5 رواه أبو داود 1/140 ح 203، وابن ماجه، 1/ 161 ح 477 واللفظ له، وقال عنه النووي في المجموع 1/13: حديث حسن، وذكر ابن حجر في التلخيص 1/118 ح 159: أن حديث على وهو من رواية بقية، قال فيه الجوازني: واهي، وحديث معاوية رواه أحمد والدارقطني وفي إسناده بقية، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذين الحديثين، قال: ليسا بقويين، وقال أحمد: حديث علي أثبت من حديث معاوية في هذا الباب، وحسن المنذري وابن الصلاح والنووي حديث علي.
شعوره، بينما يحس المستيقظ بما يخرج منه، وعليه فإن نام المتوضىء مضطجعا غير متمكن من مستوى القعود، فعليه الوضوء للحديث السابق، فإن نام قاعدا ممكنا مقعده من الأرض، غير مضطجع، فهو على وضوءه وطهارته، لأنه يأمن إستطلاق الوكاء على هذه الحالة، لما رواه أنس رضي الله عنه قال:"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم قعودا ثم يصلون ولا يتوضؤون"1.
3-
زوال العقل بغير النوم، كالإغماء والجنون والسكر والمرض المذهب للعقل، فينتقض الوضوء، لأنه لا يدري أخرج منه شيئ أم لا، فإذا انتقض الوضوء بالنوم فانتقاضه بجنون أو إغماء أو شرب دواء للحاجة أولى، قل أو كثر، وسواء مكن مقعدته من الأرض أم لا، لأن زوال العقل أبلغ من النوم، وهذا ما عليه جمهور العلماء.
4-
ذهب بعض أهل العلم إلى أن مس الفرج من قبل أو دبر بدون حائل ينقض الوضوء، وهذا يشمل الذكر والأنثى، سواء مس ذكر نفسه أو ذكر غيره، أو مست المرأة فرجها أو فرج غيرها، لحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ" 2، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة"3.
1 رواه مسلم 1/284 ح125، وأبو داود واللفظ له 1/136 ح200، والترمذي 1/113 ح78 وقال: حسن صحيح.
2 رواه الترمذي 1/126 ح82 وقال: حسن صحيح 1/129.
3 رواه البيهقي 1/133 كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 1/159 ح359 من طريق أبي هريرة.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل مس فرجه فاليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فالتتوضأ" 1، وروى طلق بن علي "
…
جاء رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ؟ فقال:"وهل هو إلا بعضة منك؟ "2.
وذهب كثير منهم إلى أن مس الفرج بشهوة ينقض الوضوء، وقال بعضهم: إنه لا ينقض البته، وليس في المسألة دليل صحيح صريح، ولا شك أن الأحوط استحباب الوضوء.
5-
أكل لحم الجزور، لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه:"أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ"، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم. فتوضأ من لحوم الإبل
…
" 3 وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل، فقال:"فتوضؤوا منها"، وسئل عن لحوم الغنم فقال:"لا توضؤوا منها"
…
"4.
وذهب فريق إلى القول بأنه لا ينقض الوضوء مستدلين بحديث جابر رضي الله عنه قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما
1 رواه البيهقي 1/133 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس المرأة فرجها، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 1/397 ح2722.
2 رواه البيهقي 1/133 كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف، واللفظ له، ورواه الترمذي 1/232 ح85 وقال: هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/26 ح74.
3 رواه مسلم 2751 ح97.
4 رواه أبو داود 1/128 ح184، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/37 ح169.
غيرت النار"1، مما يشمل الإبل وغيره، وإذا كان هذا آخر الأمرين فيترتب الأخذ به لنسخه الأول، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل"2.
وأجيب عن حديث جابر بأنه عام، وما ورد في نقض الوضوء بلحم الإبل خاص، والعام يحمل على الخاص، ولا يقال بالنسخ بإمكان الجمع والنبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر بأمر وفعل ضده دل فعله على أن الأمر ليس للوجوب.
وأما حديث ابن عباس فضعيف، قال ابن حجر:"وفي إسناده الفضيل ابن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس، وهو ضعيف"3.
وينقض الوضوء بأكل اللحم نيئا أو مطبوخا، ويدخل معه الكبد والشحم والكرش والكلية والأمعاء وما أشبه ذلك، ولا فرق بين أكل القليل أو الكثير من الجزور الكبير أو الصغير.
ويستحب الوضوء من ألبان الإبل لما رواه أحمد في مسنده بسند حسن عن أسيد بن حضير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "توضؤوا من ألبان
1 رواه أبو داو1/133 ح192، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/39 ح177.
2 رواه الدارقطني واللفظ له 1/151 باب في الوضوء من الخارج من البدن والبيهقي 1/159 كتاب الطهارة، باب التوضي من لحوم الإبل، قال ابن حجر في تلخيص الحبير 1/117، 118 ح158: وفي إسناده الفضيل بن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس وهو ضعيف، وقال ابن عدي: موقوف، وقال البيهقي: لا يثبت مرفوعا، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة وإسناده أضعف من الأول، ومن حديث ابن مسعود موقوفا.
3 تلخيص الحبير: ابن حجر 1/118.
الإبل" 1.
6-
الردة: وهي الإتيان بما يخرج من الإسلام بقول أوعمل أو اعتقاد، فمن كفر بعد إسلامه انتقض وضوءه، قال الله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} 2، فالشرك يحبط العمل، والوضوء من العمل.
7-
مس الرجل المرأة بشهوة والعكس، واختلف أهل العلم في هذا الناقض، فمنهم من ذهب إلى أن المس بشهوة ينقض مستدلا بقول الله تعالى:{أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 3، والآية ليس فيها قيد الشهوة، ولكن الشهوة مظنة الحدث، ولو كان مجرد اللمس ناقضا لانتقض وضوء النبي صلى الله عليه وسلم عندما غمز عائشة رضي الله عنها وهو يصلي، فكفت رجليها واستأنف الصلاة.
وإيجاب الوضوء بمجرد المس فيه مشقة عظيمة، وما كان فيه حرج ومشقة فهو منفي شرعا.
وذهب غيرهم إلى أن المس ينقض الوضوء مطلقا، ولو بغير شهوة أو قصد، ودليلهم غير صريح، وذهب آخرون إلى أنه لا ينقض مطلقا ولو بشهوة، واستدلوا بتقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم خروجه إلى الصلاة ولم
1 رواه أحمد4/352 من حديث أسيد ابن حضير رضي الله عنه، والطبراني في الكبير7/270 ح7106، قال في الفتح الرباني 1/94 ح383:قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن إن شاء الله.
2 سورة الزمر، الآية [65] .
3 سورة المائدة، الآية [6] .
يتوضأ، وأخذوا بتفسير ابن عباس رضي الله عنها لقول الله تعالى:{أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 1، بأنه موجب الطهارة الكبرى (الغسل) .
والراجح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء.
1 سورة المائدة، الآية [6] .