المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسجد في الماضي: - الصلاة وصف مفصل للصلاة بمقدماتها مقرونة بالدليل من الكتاب والسنة، وبيان لأحكامها وآدابها وشروطها وسننها من التكبير حتى التسليم

[عبد الله الطيار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الصلاة

- ‌معنى الصلاة

- ‌العبادات في الإسلام

- ‌مكانة الصلاة في الإسلام:

- ‌الوضوء

- ‌معنى الوضوء لغة وشرعا

- ‌دليل مشروعيته:

- ‌فضل الوضوء:

- ‌لماذا يجب الوضوء

- ‌فرائض الوضوء ستة:

- ‌صفة الوضوء:

- ‌من آثار الوضوء:

- ‌المسح على الخفين

- ‌الخفان

- ‌حكم المسح على الخفين

- ‌ما يشترط للمسح:

- ‌زمن المسح:

- ‌نواقض الوضوء:

- ‌مسائل حول نواقض الوضوء:

- ‌الغسل

- ‌تعريفه وحكمه

- ‌من موجبات الغسل أولا: خروج المني

- ‌من موجبات الغسل ثانيا: إلتقاء الختانين

- ‌من موجبات الغسل ثالثا: الحيض والنفاس

- ‌من موجبات الغسل رابعا: الموت

- ‌من موجبات الغسل خامسا: إسلام الكافر

- ‌فرائض الغسل:أولا النية:

- ‌فرائض الغسل ثانيا: تعميم البدن بالماء

- ‌فرائض الغسل ثالثا: الموالاة

- ‌سنن الغسل:

- ‌صفة الغسل:

- ‌ الأغسال المستحبة:

- ‌بعض المسائل المتعلقة بالغسل

- ‌التيمم:

- ‌معنى التيمم لغة واصطلاحا:

- ‌دليل مشروعيته ومتى يشرع

- ‌بم نتيمم

- ‌صفة التيمم:

- ‌نواقض التيمم:

- ‌فاقد الطهورين:

- ‌مقدمات الصلاة

- ‌مدخل

- ‌ الطهارة:

- ‌ ستر العورة:

- ‌ الأذان:

- ‌ استقبال القبلة:

- ‌حلول الوقت للفريضة:

- ‌‌‌صفة الصلاة

- ‌صفة الصلاة

- ‌حديث المسيئ صلاته

- ‌أركان الصلاة:

- ‌حكم من ترك ركنا في الصلاة

- ‌شروط الصلاة:

- ‌واجبات الصلاة:

- ‌سنن الصلاة

- ‌ما يحرم في الصلاة:

- ‌ما يكره في الصلاة:

- ‌ما يباح في الصلاة:

- ‌وصف للصلوات الخمس:

- ‌الصلاة في البلدان التي يطول فيها النهار جداً أو يقصر جداً أو لا يرى فيها النهار أو الليل في بعض أيام السنة:

- ‌الصلاة في السفر:

- ‌شروط قصر الصلاة:

- ‌مسائل تتعلق بالقصر:

- ‌جمع الصلاة في السفر

- ‌هل هناك تلازم بين الجمع والقصر

- ‌ رخص السفر

- ‌صلاة الراكب:

- ‌الصلاة في السفينة:

- ‌الصلاة في الطائرة، حكمها وكيفيتها:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌صفات صلاة الخوف:

- ‌كيفية صلاة المغرب عند الخوف:

- ‌مسائل تتعلق بصلاة الخوف:

- ‌صلاة المريض ومن في حكمه:

- ‌صلاة الجمعة

- ‌حكم صلاة الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة:

- ‌آداب المشي إلى صلاة الجمعة:

- ‌شروط صحة الجمعة:

- ‌شروط الخطبة:

- ‌أركان الخطبة

- ‌سنن الخطبة:

- ‌الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها من يستمع إلى خطبة الجمعة:

- ‌أحكام تتعلق بصلاة الجمعة:

- ‌الأعذار المرخصة في عدم حضور الجمعة:

- ‌حكم صلاة الجمعة خلف المذياع والتلفاز:

- ‌الصلاة وحكم تاركها:

- ‌الصلاة وحكم تاركها

- ‌تارك الصلاة

- ‌ما يترتب على الردة بترك الصلاة:

- ‌صلاة الجنازة وما يتعلق بها

- ‌مدخل

- ‌ذكر الموت والاستعداد للقاء الله:

- ‌كيف يستعد المريض:

- ‌ما بغعل بعد الموت وقبل الغسل

- ‌تغسيل الميت وتكفينه:

- ‌التكفين:

- ‌صلاة الجنازة:

- ‌من أحكام صلاة الجنازة:

- ‌إتباع الجنازة فضله وكيفيته:

- ‌دفن الميت:

- ‌من أحكام الدفن:

- ‌التعزية:

- ‌النوافل

- ‌الرواتب

- ‌التراويح:

- ‌التهجد:

- ‌ صلاة العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى:

- ‌صلاةا الكسوف

- ‌صلاة الاستسقاء:

- ‌صلاة الجماعة

- ‌فضل صلاة الجماعة

- ‌حكم صلاة الجماعة:

- ‌ما تنعقد به صلاة الجماعة وحكم من تخلف عنها:

- ‌مكان تأدية الصلاة:

- ‌أحكام تتعلق بصلاة الجماعة:

- ‌رسالة المسجد:

- ‌المسجد في الماضي:

- ‌ما يمكن أن يؤديه المسجد في هذا العصر من وظائف:

- ‌السبل التي تربط المجتمع بالمسجد:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المسجد في الماضي:

‌المسجد في الماضي:

لقد حدد القرآن الكريم الغاية من خلق الإنسان، قال الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1، وبهذا المعنى يصبح مفهوم العبادة أعم وأشمل من أن يقتصر على الشعائر الخاصة كالصلاة والصوم والزكاة والحج، ويتعداه حتى يتناول حياة الإنسان كلها، بما فيها من حركات وسكنات، من فعل وكف عن فعل.......

فالآية الكريمة قصرت الخلق على صفة العبادة وحدها

ومتى استطاع الإنسان أن يجعل حياته كلها خالصة لله، كان عبداً ربانياً، ينال خير الجزاء، قال الله:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} 2.

وقد وجه القرآن الكريم المسلمين إلى الأسس التي عليها تقوم الحضارة، قال الله تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} 3، فجعل الصلاة أول تطبيق متى تم التمكن.

وكان المسجد هو أول ثمار تمكين الله للمسلمين في الأرض، ومنه بدأ تاريخهم الحضاري

فبعد أن مكن الله للإسلام والمسلمين بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، واتخاذه منها قاعدة لبناء دولة الإسلام وحضارته،

1 سورة الذاريات، الآية (56) .

2 سورة النساء، الآية (173) .

3 سورة الحج، الآية (41) .

ص: 407

كان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم بناء مسجد قباء، ليكون ذلك تعبيراً عملياً عن الالتزام بإقامة الصلاة بعد توحيد الخالق، وعزماً على تنفيذ ما ألزمهم به ربهم.

والمسجد هو مكان العبادة، مشتق من السجود، الذي فيه يكون العبد في غاية الخضوع بين يدي الله، ولا توجد جماعة عبر تاريخ الإنسانية الطويل، إلا وقد اتخذت لنفسها مكاناً للعبادة، عند القدماء أطلقوا عليها لفظ (معبد) و (البيعة) عند النصارى، و (الصلوة) عند اليهود......

بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم حياة الإسلام في المدينة بإقامة المسجد، ليكون شرياناً يغذي دولة الإسلام في أطوار نموها المختلفة، وليكون ذلك سنة للمسلمين من بعده، تحمل في طياتها مكانة المسجد، ودوره في بناء وتطور المجتمع المسلم.

لقد كان المسجد في عهد النبوة وعصور الإسلام الأولى، هو منطلق الدعوة إلى التوحيد، ومصدر إشعاع فكري وأخلاقي وتربوي وأدبي واجتماعي. تلقى فيه المسلمون تعاليم دينهم، بعد أ، صاغهم القرآن، وتتلمذوا على يد خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

وفي المسجد يلتقي المسلمون كل يوم خمس مرات، فتتوثق بينهم الصلة، وفي اجتماعهم فرصة عظيمة لنشر العلم والفقه في الدين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله، ومن دخل لغير ذلك،

ص: 408

كان كالناظر إلى ما ليس له" 1.

ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على حضور مجالس العلم في المسجد فقال: ".... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت علهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده.... "2.

والمسجد مركز إعلام للدفاع عن الإسلام، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة، أنشدك الله، هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"يا حسان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم أيده بروح القدس"، قال أبو هريرة: نعم3.

والمسجد ساحة للتدريب على فنون القتال، فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وهي خلفه، في رؤية الحبشة وهم يلعبون بحرابهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، قالت عائشة رضي الله عنها:"لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على باب حجرتي، والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم"4، واللعب بالحراب فيه تدريب على الشجاعة والمهارة عند لقاء العدو.

والمسجد مستشفى يستقبل الجرحى والمصابين، عن عائشة رضي الله

1 رواه أحمد 2/350 مسند أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الحاكم في المستدرك 1/91: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا بجميع رواته ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة.

2 رواه مسلم 3/2074 ح 2699، برقم (38) في الباب.

3 رواه البخاري 1/116 كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد.

4 رواه البخاري 1/117 كتاب الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد.

ص: 409

عنها قالت: "أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلم يرعهم، وفي المسجد خيمة من بني غفار، إلا الدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة، ماهذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغذو جرحه دما فمات فيها"1.

وقد كان في المسجد النبوي خيمة للسيدة (رفيدة) الصحابية، التي كانت تمرض الجرحى وتضمد جراحهم.

وفي المسجد تقام مجالس الشورى، كما حدث قبيل غزوة أحد والأحزاب وغيرهما، وفيه تشاور الخلفاء الراشدون في شؤون السلم والحرب، وتكون مجالسهم من كبار المهاجرين والأنصار.

وفي المسجد جلس الرسول صلى الله عليه وسلم ليقضي بين الخصوم، ويصلح بين الناس، ويفض منازعاتهم.

والمسجد دار من لا دار له، يأوي إليه الغريب وابن السبيل، فيجد فيه المبيت والطعام والشراب والكساء، واستخدم كمعسكر لربط الأسرى حتى يقضى فيهم. عن أبي هريرة قال:" بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"22.

واستخدم المسجد بأمر النبي صلى الله عليه وسلم داراً للضيافة، عن سفيان بن عطية

1 رواه البخاري 1/119 كتاب الصلاة، باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم.

2 رواه البخاري 1/119.118 كتاب الصلاة، باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضاً في المسجد.

ص: 410

ابن ربيعة الثقفي، قال: قدم وفدنا من ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم، فضرب لهم قبة، وأسلموا في النصف من رمضان، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصاموا منه ما ستقبلوا منه، ولم يأمرهم بقضاء ما فاتهم"1.

وهكذا كانت رسالة المسجد في الصدر الأول من الإسلام، رسالة شاملة تسعى في دأب إلى صنع المسلم المتكامل البناء، صحيح الاعتقاد، نقي السلوك.

قال الدكتور القرضاوي2: "فكان المسجد النبوي مدرسة الدعوة الإسلامية الأولى، ودار الدولة الإسلامية الكبرى. تلك المدرسة التي فتحت أبوابها لمختلفي الأجناس من عرب وعجم، ومختلف الألوان من بيض وسود، ومختلفي الطبقات من أغنياء وفقراء، ومختلفي الأسنان من شيوخ وشباب وغلمان".

وفسحت صدرها للمرأة تحضر الجماعة، وتشهد دروس العلم، في عصر كانت المرأة مخلوقاً لا حق له في العلم، ولا في مشاركة الرجل الحياة.

مدرسة تلقن العلم والعمل، وتطهر الروح والبدن، وتبصر بالغاية والوسيلة، وتعرف الحق والواجب، وتعنى بالتربية قبل التعليم، وبالتطبيق قبل النظريات، وبتهذيب النفوس قبل حشو الرؤوس.

فلا غرو أن تخرج من الخلفاء أمثال أبي بكر وعمر وعلي، ومن

1 رواه البيهقي 4/269 كتاب الصيام، باب الرجل يسلم في خلال شهر رمضان، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/28: رواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن إسحق وهو مدلس وقد عنعنه.

2 العبادة في الإسلام: يوسف القرضاوي ص 233.

ص: 411

القواد أمثال أبي عبيدة، خالد وعمرو، ومن القراء أمثال ابن مسعود وأبي ابن كعب، ومن العلماء أمثال زيد بن ثابت وابن عباس، ومن فضليات النساء، أمثال فاطمة وعائشة وحفصة وأم عمارة وأم سليم.

كان المسجد المحمدي مدرسة الدعوة، وكان كذلك دار الدولة، فيه يهيئ النبي صلى الله عليه وسلم العمل للعاطل، والعلم للجاهل، والمعونة للفقير، ويرشد إلى الأمور الصحية والاجتماعية، ويذيع الأنباء التي تهم الأمة، ويلتقي بسفراء الدول، ويرتب جنود المعارك في الحرب، ويبعث الدعاة والمندوبين في السلم.

هكذا كان المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وظل كذلك في عهد أصحابه ومن تبعهم بإحسان.

ص: 412