الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا دخل المصلي المسجد قبل خروج الإمام للخطبة صلى ما شاء الله له، فإن كان دخوله والأمام يخطب ركع ركعتين خفيفتين قبل جلوسه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما"1.
أما بعد صلاة الجمعة، فإن صلى في المسجد صلى أربع ركعات، وإن صلى في بيته صلى ركعتين لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه وصف تطوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلى ركعتين في بيته
…
"2.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً"3.
1 رواه مسلم 1/597 ح 875.
2 رواه مسلم 1/600 ح 882.
3 رواه مسلم 1/600 ح 881.
الأعذار المرخصة في عدم حضور الجمعة:
صلاة الجمعة لا يرخص في عدم حضورها إلا عذر عام أو خاص، وهي أوكد من صلاة الجماعة بإجماع المسلمين على أنها فرض عين، لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} 4.
أما الجماعة: فالقول الراجح أنها فرض عين.
1 سورة (الجمعة:9) .
وتسقط الجمعة والجماعة لعذر مما يأتي:
أولا: من الأعذار العامة:
المطر الشديد، والثلج الذي يبل الثياب، والبرد والوحل الذي يشق على الناس المشي فيه، وكل عذر يشق معه أداء الصلاة في المسجد..، لما روي عن نافع أن ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال:"ألا صلوا في الرحال، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول: ألا صلوا في الرحال "1.
قال ابن بطال: "أجمع العلماء أن التخلف عن الجماعة شدة المطر والظلمة والريح، وما أشبه ذلك مباح"2.
ثانياً: من الأعذار الخاصة:
1-
المرض الذي يشق على صاحبه لو ذهب يصلي، لقول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} 3 وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه:"مروا أبا بكر يصل بالناس"4.
قال ابن المنذر: "لا أعلم خلافاً بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض"5.
2-
مدافعة أحد الأخبثين، البول والغائط، ويلحق بهما الريح، لقول
1 رواه مسلم 1/484 ح 697.
2 طرح التثريب في شرح التقريب: الحافظ العراقي 2/318.
3 سورة (التغابن:16) .
4 رواه البخاري 1/176 كتاب الأذان باب إذا بكى الإمام في الصلاة.
5 الإحكام شرح أصول الأحكام: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم 1/397.
النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" 1، والنفي بمعني النهي، لأن المدافعة تقتضي انشغال القلب عن الصلاة بما يحدث خللا في العبادة، بينما ترك الجماعة خلل في أمر خارج عن العبادة، والمحافظة على ذات العبادة أولى، إضافة إلى أن الاحتباس يضر البدن.
3-
من يحضره طعام محتاج إليه متمكن من تناوله، للحديث السابق:"لا صلاة بحضرة طعام"2.
4-
الخوف من وقوع ضرر في النفس أو المال أو العرض، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سمع المنادي، فلم يمنعه من إتباعه عذر " قالوا: وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى" 3، ومن ذلك مرافق المريض أو من يحتضر، يعذر بترك الجمعة ان خشي أن يموت وهو غير حاضر، وأحب أن يبقى عنده ليلقنه الشهادة.
5-
ملازمة غريم له يطالبه ويؤذيه ولا شيء معه.
6-
فوات رفقة في سفر طاعة أو سفر مباح، كمن يخشى أن يفوته موعد السيارة أو موعد إقلاع الطائرة، وهذا عذر من وجهين: الأول: فوات مقصده إذا انتظر صلاة الجمعة، الثاني: انشغال القلب كثيراً.
7-
غلبة النعاس، كمن انهمك في عمل أو عاد من سفر فأخذه النعاس،
1 رواه مسلم 1/393 ح 560.
2 رواه مسلم 1/393 ح 560.
3 رواه أبو داود 1/374 ح 551، وقال الألباني: صحيح، دون جملة العذر وبلفظ ولا صلاة له في صحيح سنن أبي داود 1/110 ح 515.
فإن صلى على حاله لم يدر ما يقول، فهو معذور، لحديث أبي قتادة مرفوعاً:"إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها"1.
8-
تطويل الإمام في الخطبة والصلاة طولاً زائداً عن السنة، ودليل ذلك ما روى النسائي عن جابر قال:" مر رجل من الأنصار بنا ضحين على معاذ وهو يصلى المغرب، فافتتح بسورة البقرة، فصلى الرجل ثم ذهب، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أفتانٌ يا معاذ؟ ألا قرأت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوهما"2.
9-
سرعة الإمام بحيث تمنع المأموم من فعل ما يجب، فإن وجد مسجد آخر تقام فيه الجمعة وجبت عليه لزوال العذر.
10-
أكل ما ينتن الفم، من الثوم والبصل والكراث، ونحو ذلك، مما يؤذي المخاطبين وينفر من آكلها. والنهى عن حضور المسجد ليس لعذر، ولكنه دفع أذيته. لأنه يؤذي الملائكة، ويؤذي بني آدم، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"..فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" 3، أما الأكل فهو حلال بالإجماع.
فإن أمكنه إزالة الرائحة من الفم، فيحضر لزوال الأذى، فإن أكل ما ينتن فمه تحايلاً لترك الجمعة، فلا تسقط، ويحرم، لما روي عن أنس أنه سئل عن الثوم، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل
1 رواه الترمذي 1/334 ح 177 وقال: حديث حسن صحيح.
2 رواه النسائي 2/268 كتاب الافتتاح، باب القراءة في المغرب بسبح اسم ربك، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1/213 ح 941.
3 رواه مسلم 1/395 ح 564.
من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلي معنا" 1.
وكذا من ببدنه أو ثوبه ريح خبيثة لا يسهل عليه إزالته، والمراد بالعذر سقوط الإثم، مع أخذه الأجر كاملاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا مرض أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً"2.
أما آكل البصل والثوم، فلا يكتب له أجر الجماعة لأن سقوط الجماعة في حقه لدفع أذاه.
11-
أن يكون عارياً لا لباس له3.
قال السيوطي: "كل عذر أسقط الجماعة أسقط الجمعة إلا الريح العاصف، فإن شرطها الليل، والجمعة لا تقام ليلاً"4.
وقال: "الأعذار المرخصة في ترك الجماعة نحو أربعين"5.
وإذا طرأ بعض الأعذار أثناء الصلاة، أتمها المصلي خفيفة، وإلا خرج منها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاتب معاذاً حين أطال صلاته، ولم يعاتب الرجل الذي انصرف من صلاته حين شرع معاذ في سورة البقرة.
1 رواه مسلم 1/394 ح 562.
2 رواه البخاري 4/17 كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة.
3 روضة الطالبين: النووي 1/345،346.
4 الأشباه والنظائر: السيوطي ص 441.
5 المصدر السابق ص 439.