الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضل يوم الجمعة:
قال ابن القيم: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره، وقد اختلف العلماء: هل هو أفضل أم يوم عرفة؟ على قولين: هما وجهان لأصحاب الشافعي1.
وجوب اجتماع المسلمين فيه وأداء صلاة الجمعة، ومن تركها من غير عذر ختم الله على قلبه بالجهل والجفاء والقسوة والإقفال، وكان من الغافلين.
وفيه ساعة إجابة، وهو يوم عيد يتكرر كل أسبوع، عن أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، وفيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لايسأل الله فيها العبد شيئا إلا أعطاه، ما لم يسأل حراما، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض، ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة"2.
قال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجره بسورتي [ألم تنزيل] 3 و [هل أتى على الإنسان]4......، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنما
1 زاد المعاد: ابن قيم الجوزية 1/375.
2 رواه ابن ماجه 1/345،344ح 1084، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/179،1178ح 888.
3 سورة السجدة، الآيتان (1،2) .
4 سورة الإنسان، الآية (1) .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة، لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها، فإنهما اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذكر المعاد، وحشر العباد، وذلك يكون يوم الجمعة، وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون.
وقد استحب بعض أهل العلم قراءة سورة الكهف في يومه، مستدلين بما روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"1.
يستحب فيه وفي ليلته كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لما روي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا الصلاة على يوم الجمعة وليلة الجمعة"2.
الأمر بالاغتسال فيه، وهو سنة مؤكدة، وللناس3 في وجوبه ثلاثة أقوال: النفي والإثبات، والتفصي بين من به رائحة يحتلج إلى إزالتها، فيجب عليه، ومن هو مستغن عنه، فيستحب له، والثلاثة لأصحاب أحمد.
ويستحب التطيب فيه وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع، والتجمل والسواك، لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة على كل محتلم، وسواك،
1 رواه الحاكم 2/368 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
2 رواه البيهقي 3/249 كتاب الجمعة، باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها، وروي ذلك من أوجه عن أنس بألفاظ مختلفة ترجع كلها إلى التحريض على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة، ويوم الجمعة، وفي بعض إسنادها ضعيف.
3 زاد المعاد: ابن القيم الجوزية 1/377.
ويمس من الطيب ما قدر عليه"1، قال الله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} 2.
وروي عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: "حق على كل مسلم الغسل والطيب والسواك يوم الجمعة"3.
ويستحب التبكير إلى المسجد فيه لصلاة الجمعة لغير الإمام، والاشتغال بالصلاة النافلة، والذكر، وقراءة القرآن، حتى يخرج الإمام للخطبة.
ويجب الإنصات للخطبة إذا سمعها، فإن ترك الإنصات كان لاغيا، ومن لغا فلا جمعة له، لما رواه علقمة قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس يجلسون من الله يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعات، الأول والثاني والثالث، ثم قال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد"4.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في
1 رواه مسلم 1/581ح846، وقال: إلا أن بكير لم يذكر: عبد الرحمن، وقال في الطيب: ولو من طيب المرأة.
2 سورة الأعراف، الآية (31) .
3 رواه احمد 5/348، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/172: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
4 رواه ابن ماجه 1/348، وقال: ضعفه ابن أبي حاتم، وباقي رجال الإسناد ثقات، فالإسناد حسن. وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص81ح 226.
الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" 1.
وعن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فإذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت"2.
وقد بسط القول في فضل الجمعة وخصائصها، العلامة ابن القيم في زاد المعاد3.
1 رواه مسلم 1/582ح850.
2 رواه مسلم 1/583ح 851.
3 انظر زاد المعاد: ابن قيم الجوزية 1/375: 425.