الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إتباع الجنازة فضله وكيفيته:
فإذا تم تغسيل الميت وتكفينه، وجب حمله وإتباعه، وفي ذلك فضل عظيم، لما رو ي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان" قيل: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين"1.
وحمل الجنازة واتباعها من حق الميت على المسلمين، ويسن حمل الجنازة من جميع جوانب السرير، لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال:"من اتبع جنازة، فليحمل بجوانب السرير كلها، فإنه من السنة، ثم إن شاء فليتطوع، وإن شاء فليدع"2.
ويسن الإسراع بالجنازة، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة قربتموها إلى الخير، وإن كانت غير ذلك، كان شرا تضعونه عن رقابكم"3.
وحمل الجنازة خاص بالرجال، وهو مفهوم من هذا الحديث، ولا يجوز للنساء اتباع الجنازة، لحديث أم عطية:"نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا"4.
1 رواه مسلم 1/652 ح 945.
2 رواه ابن ماجه 1/474 ح 1478، وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص12 ح 321.
3 رواه مسلم 1/652 ح 944.
4 رواه البخاري 2/78 كتاب الجنائز، باب اتباع النساء الجنائز.
ويجوز المشي خلف الجنازة وأمامها، لثبوت فعل ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم والأفضل المشي خلفها وهو مفهوم من الحديث الذي رواه عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عودوا المريض واتبعوا الجنازة"1.
ويسير الراكب خلف الجنازة لقول النبي صلى الله عليه وسلم – "الركب يسير خلف الجنازة" 2، والأفضل المشي، لما روى ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بدابة وهو مع الجنازة، فأبي أن يركبها، فلما انصرف أتي بدابة فركب، فقيل له؟ فقال:"إن الملائكة كانت تمشي، فلم أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت" 3، وفي الحديث جواز الركوب بعد الانصراف دون الكراهة.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى على ميت، تبعه إلى المقابر ماشيا أمامه، وهذه كانت سنة خلفائه الراشدين من بعده، وسن لمن تبعها أن يكون وراءها، وإن كان ماشيا أن يكون قريبا منها، إما خلفها أو أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها، وكان يأمر بالإسراع بها، حتى إن كانوا ليرملون بها رملا، وأما دبيب الناس اليوم خطوة خطوة فبدعة مكروهة مخالفة للسنة، ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود 4.
ولا يجوز اتباع الجنازة بما يخالف السنة من رفع الصوت بالبكاء والذكر والتكبير والترحم، ولا يجوز أن تتبع بالبخور، لما روي عن
1 أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 2/299 وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه يزيد بن عياض وهو ضعيف.
2 رواه أبو داود 3/523 ح 3181، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/612 ح 2723.
3 رواه أبو داود 3/521 ح 3177، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/612 ح 2720.
4 زاد المعاد: ابن قيم الجوزية 1/517.
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار" 1، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"لا يستحب رفع الصوت مع الجنازة، لا بقراءة ولا ذكر، ولا غير ذلك، هذا مذهب الأئمة الأربعة، وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين، ولا أعلم فيه مخالفا"2.
ويحرم اتباعها بمنكر، كالطبل والعزف الحزين على الآلة، والنياحة والتصفيق.
ولا بأس بحمل الجنازة على سيارة ونحوها، إذا كانت المقبرة بعيدة. ويستحب 3 لمتبع الجنازة أن يكون متخشعا متفكرا في مآله متعظا بالموت، وبما يصير إليه الميت، ولا يتحدث بأحاديث الدنيا.
ومن البدع ما يقوله بعض الناس أثناء تشييع الجنازة مثل: وَحِّدُوه، فيرد عليه السامعون: لا إله إلا الله، وكقول بعضهم: اذكروا الله، فليس لهذا العمل أصل في السنة، ولا عند السلف رحمهم الله.
1 رواه أبو داود 3/517، 518، ح 3171، وقال: زاد هارون: "ولا يُمشَى بين يديها"، قال المنذري في مختصر سنن أبي داود 4/311 ح 3041، 3042: في إسناده رجلان مجهولان.
2 مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 24/293،294.
3 المغني: ابن قدامة 2/474.