الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5-
حلول الوقت للفريضة:
ومن مقدمات الصلاة، دخول الوقت، فلا صلاة قبله، لأن الصلاة لها أوقات محدودة لابد أن تؤدى فيها، وتتعين قبل خروجه، لقول الله تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} 1.
وقد بين الإسلام عدد الصلوات المفروضة في اليوم والليلة، قال الله تعالى:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} 2، و (دلوك الشمس) زوالها عن كبد السماء، وهو بداية وقت الظهر، (إلى غسق الليل) وهو بداية ظلمة الليل، ويدخل فيه العصر والمغرب والعشاء، (وقرآن الفجر) أي وأقم صلاة الفجر، وفي هذه الآية إشارة مجملة إلى الأوقات.
وعن أنس رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، كم افترض الله عز وجل على عباده من صلوات؟ قال:"افترض الله على عباده صلوات خمسا" قال يارسول الله هل قبلهن أو بعدهن شيئاً قال: "افترض الله على عباده صلوات خمساً" فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئا، ولا ينقص منه شيئا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن صدق ليدخلن الجنة"3.
والوقت أهم شروط الصلاة، وأحقها بالمراعاة، وإن ترتب على
1 سورة النساء، الآية [103] .
2 سورة الإسراء، الآية [78] .
3 رواه النسائي 1/228،229 كتاب الصلاة، باب كم فرضت في اليوم والليلة؟، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1/100ح445.
ذلك فوات غيره من الشروط، كأن يتيمم خشية خروج الوقت، أو لا يستر عورته خشية فوات الوقت.
أوقات الصلاة:
ووقت الفجر: من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.
ووقت الظهر: من زوال الشمس عن وسط السماء إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
ووقت العصر: من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، وقيل: حتى يكون ظل كل شيء مثليه.
ووقت المغرب: من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر.
ووقت العشاء: من مغيب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، وقيل: إلى ثلثي الليل، وقيل: إلى طلوع الفجر.
وقد حددت السنة مواقيت الصلاة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال: قم فصل المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه فقال: قم فصل العشاء، فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل، فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه فقال: قم يا محمد فصل، فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل، فصلى المغرب، ثم جاءه
للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله" 1.
بم تدرك الصلاة؟
ولا تجزئ الصلاة قبل الوقت جهلا كانت أو عمدا، ويحرم تأخيرها عن وقتها لغير عذر شرعي، ولا يدرك الوقت إلا بركعة كاملة، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" 2، وهذا لجميع الصلوات، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته" 3 والسجدة الركعة، وتقع الصلاة أداء.
فمن أدرك أقل من ركعة لم يدرك الصلاة، ولا يجوز تعمد تأخير الصلاة إلى هذا الوقت.
حكم تأخير الصلاة لغير عذر:
-اختلف العلماء فيمن أخر الصلاة عن وقتها لغير عذر، هل يلزمه القضاء؟ وهل يلزمه تجزئة؟، على قولين:
الأول: يرى الجمهور أنها تجزئ ويجب عليه القضاء، لما رواه أبو
1 رواه النسائي 1/263 كتاب المواقيت، باب أول وقت العشاء، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1/115ح512.
2 رواه البخاري 1/145 كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة.
3 رواه البخاري 1/139 كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب.
هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" 1، فإذا كان هذا حال المعذور، فالمتعمد من باب أولى، وعلى هذا الأئمة الأربعة.
والثاني: ما ذهب إليه شيخ الإسلام، وهو مذهب الظاهرية أيضا، أنه لا يقضيها، ولو قضاها لا تجزئه، واستدلوا بقول الله تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} 2، فوقوع الصلاة قبل وقتها أو بعده أداء لها في غير موضعها الذي كتب الله. عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"3.
-وأجابوا عن حديث "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" 4، بأن المعذور صلاته في الحقيقة ليست قضاء بل أداء، وقولهم بعدم وجوب القضاء على من لا عذر له ليس بغرض التخفيف، وإنما تنكيل له وعقوبة من الله أن لا يقبل صلاته.
لذا يجب أداء الصلاة المفروضة في وقتها، فمن أخرها لغير عذر أثم إثما عظيما، بخلاف من أخرها لعذر فلا إثم عليه، والعذر قد يكون مسقطا للصلاة كالحائض والنفساء، فلا قضاء عليهما لما فاتهما زمن الحيض والنفاس، وقد يكون العذر مباحا لتأخير الصلاة عن وقتها كالنوم والنسيان.
1 رواه الترمذي 1/334ح177، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/57ح149، الإرواء 1/291ح263.
2 سورة النساء، الآية [103] .
3 رواه البخاري 8/156 كتاب الاعتصام بالسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود، ومسلم 2/1344ح1718.
4 4 رواه الترمذي 1/334ح177، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/57ح149، الإرواء 1/291ح263.
ويجب قضاء الفوائت مرتبة على الفور، لقول الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} 1، ولما روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك" 2، وينبغي مراعاة الترتيب في قضاء الفوائت، فعندما شغل الأحزاب النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى غابت الشمس، صلى رسول صلى الله عليه وسلم العصر أولا ثم المغرب، لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله ما صليتها" فقمنا إلى بطحان، فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها، فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب"3.
وفي جمع النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة في سفره، كان يقدم الأولى على المتأخرة.
فإن خشي المصلي إن بدأ بالفائتة خروج وقت الحاضرة، بدأ بالحاضرة، وعليه أن يقضي الصلاة على صفتها تبعا لحالها الذي فاتت عليه، من عدد ركعاتها وسريتها وجهريتها، فلو ذكر صلاة حضر في سفر أداها على صفتها في الحضر، والعكس، لحديث أبي قتادة لما ناموا عن صلاة الصبح ثم انتبهوا بعد طلوع الشمس، قال فيه: "..ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان
1 سورة طه، الآية [14] .
2 رواه البخاري 1/148 كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها.
3 رواه البخاري 1/147،148 كتاب مواقيت الصلاة، بابمضن صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت.
يصنع كل يوم
…
"1.
قال الخطابي: وفيه دليل على أنه إن ذكر الفائتة في وقت من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، صلاها ولم يؤخرها2.
1 رواه مسلم 1/472، 473ح681.
2 أعلام الحديث: الخطابي 1/ 453.