الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفات صلاة الخوف:
1-
إذا كان العدو في غير جهة القبلة، والإمام يصلي الثنائية، وفيها يقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين، 1 طائفة تصلي معه، وأخرى أمام العدو لئلا يهجم، فيصلي بالطائفة الأولى ركعة، ثم إذا أقام الثانية نووا الإنفراد، وأتمو لأنفسهم، ثم يذهبون ويقفون مكان الطائفة الثانية أمام العدو، والإمام لا يزال قائما، وتأتي الطائفة الثانية وتدخل مع الإمام في الركعة الثانية، ويطيل الإمام الركعة الثانية أكثر من الأولى، فيصلي بهم الركعة التي بقيت، ثم يجلس للتشهد، فإذا جلس للتشهد وقبل أن يسلم، تقوم الطائفة الثانية من السجود وتكمل الركعة التي بقيت وتدرك الإمام في التشهد، فيسلم بهم.
وهذه الصفة توافق ظاهر القرآن، قال الله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} أي إذا أتموا الصلاة، {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى} وهي التي أمام العدو {لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} 2
ولما كان موقف الطائفة الثانية من العدو أكثر خطرا، أمر الله بأخذ الحذر والأسلحة. وهذه الصلاة فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة
1الطائفة: الفرقة والقطعة من الشيء، تطلق على الكثير والقليل حتى الواحد.
2سورة النساء، الآية (102)
ذات الرقاع1، روى صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم ذات الرقاع، صلاة الخوف، أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم"2.
1-
إذا كان العدو في غير جهة القبلة، ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، وجاء أولئك، ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قضى هؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة"3.، والظاهر من هذا الحديث أن الطائفة الثانية لا تسلم إلا إذا أتمت الركعة الثانية، فتكون صلاتها متصلة، فإذا انصرفت واجهت العدو، وقضت الطائفة الأولى الركعة الثانية.
2-
إذا كان العدو جهة القبلة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصفنا صفين: صف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعا، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود، وقام الصف الذي يليه، انحدر
1ذات الرقاع: هي غزوة معروفة، كانت سنة خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد، سميت ذات الرقاع لأن أقدام المسلمين نقبت من الحفاء، فلفوا عليها الخرق.
2رواه مسلم 1/576575ح842
3رواه مسلم 1/574،ح839
الصف المؤخر بالسجود، وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذين يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحور العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعا، قال جابر: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم 1.
1-
أن يصلي الإمام بكل طائفة ركعتين، فتكون الصلاة منه أربع، ومن الطائفة ركعتان، عن جابر قال: " أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنا بذات الرقاع
…
، قال: فنودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان"2.
ويفهم من الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسلم إلا في آخر الأربع.
2-
أن يصلي بكل طائفة من الطائفتين صلاة كاملة ركعتين ويسلم، لما روي عن أبي بكر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالقوم في الخوف ركعتين ثم سلم، ثم صلى بالقوم الآخرين ركعتين ثم سلم، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم أربعا"3.
3-
أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة فقط مع الإمام، فيصلي الإمام ركعتين، وكل طائفة ركعة من غير قضاء، لما رواه ابن عباس رضي الله
1رواه مسلم 1/574ح-48
2رواه مسلم 1/576ح843
3رواه النسائي 3/178كتاب صلاة الخوف، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1/33
عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد، وصف الناس خلفه صفين: صفا خلفه، وصفا موازي العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا "1.
وما ذكر من صفات للصلاة في الخوف يفعل ما لم يشتد الخوف، فإن حان وقت الصلاة، والمعركة حامية والطعن متواصل، ولم يمكن تفريق القوم ليؤدوا الصلاة على صفة مما تقدم، فلا تؤخر الصلاة، بل يصلون على حسب أحوالهم، إلى القبلة وإلى غيرها، يؤمنون بالركوع والسجود قدر طاقتهم، ويوجهون الضرب والطعن ويكرون ويفرون، وصلاتهم صحيحة، لقول الله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} 2.، والرجال: جمع راجل، والركبان: جمع راكب، أي فصلوا على أي حال كنتم من المشي أو الوقوف أو الركوب.
وكذا من خاف من عدو أو سيل أو سبع أو نار فهرب، أو من كان أسيرا لدى كفار يخاف على نفسه إن رأوه يصلي، أو كان مختفيا يخاف على نفسه إن ظهر، صلى على قدر استطاعته، واقفا أو ماشيا أو قاعدا أو مستلقيا إلى القبلة أو غيرها سفرا أو حضرا يومئ بالركوع والسجود.
وذهب فريق من أهل العلم إلى جواز تأخير الصلاة عن وقتها والحالة هذه إذا اشتد الخوف، بحيث لا يمكن أن يتدبر الإنسان ما يقول أو يفعل، واستدلوا بتأخير النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في غزوة الأحزاب.
1رواه النسائي 3/169كتاب صلاة الخوف، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1/334،335ح14442
2سورة البقرة، الآية (239)