الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يحرم في الصلاة:
والصلاة عبادة ويجب فيها إخلاص النية لله تعالى، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي رواه مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم "وصلوا كما رأيتموني أصلي "1 فمن لم يتبع الرسول في عبادته، فعبادته مردوده لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"2.
لذا تبطل الصلاة ويفوت مقصودها، ويجب إعادتها بقول أو فعل ما يحرم فيها من الأمور الآتية:
1-
أن يسلم في الصلاة قبل إتمامها عمدا، لأنه تكلم فيها أو سهوا وطال الفصل، لتعذر بناء الباقي عليها، ولا إثم عليه في السهو.
2-
الكلام عمدا في غير مصلحة الصلاة، أثناء الصلاة يبطلها، لما روي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} 3، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام4.
ولما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا يارسول الله، كنا نسلم عليك في
1 رواه البخاري 1/155 كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة..
2 رواه مسلم 2/1344 ح1718.
3 سورة البقرة، الآية (238) .
4 رواه مسلم 1/383 ح539.
الصلاة فترد علينا؟ فقال: "إن في الصلاة شغلا" 1 ولما روي من حديث معاوية بن الحكم السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن"2.
ولا تبطل الصلاة بكلام في غير مصلحتها جهلا من غير تعمد الخطأ، لقول الله تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} 3. ولما روي عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم؟ تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبابي هو وأمي! ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني وشتمني، قال: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" 4.
فلم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم معاوية بالإعادة رغم تعمده الكلام لأنه كان جاهلا
ولا تبطل الصلاة بما يعرض للمصلي من عطاس وسعال وجشاء، لأنه مغلوب عليه، وتبطل بتشميت العاطس، لحديث معاوية، وكذا تبطل برد السلام أو بالمبادرة به عمدا من غير جهل
1 رواه مسلم 1/382ح538.
2 رواه مسلم 1/381،382ح537.
3 سورة الأحزاب، الآية (5) .
4 رواه مسلم 1/381، 382ح 537.
قياسا على تشميت العاطس، وتبطل بنفخ أو تنحنح عمدا من غير حاجة، لأن العبث ينافي الصلاة، ولا تبطل للحاجة. قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه:" كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان، مدخل بالليل ومدخل بالنهار، فكنت إذا أتيته وهو يصلي يتنحنح لي"1.
1-
القهقة، بأن يضحك المصلي بصوت يسمعه هو أو غيره، تبطل به الصلاة، قل أو كثر، لمنافاته الصلاة تماما، لأنه أقرب للهزل واللعب، ما لم يغلبه الضحك فلم يملك معه نفسه، فالراجح أنه لا تبطل به، لعدم تعمد ذلك.
أما التبسم بدون قهقهة فلا تبطل به الصلاة لعدم ظهور صوت، وقد روي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"القهقهة تبطل الصلاة ولا تنقض الوضوء"2.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة، وأكثر أهل العلم على أن التبسم لا يفسدها3.
4، 5- الأكل والشرب الكثير عمدا أو سهوا، لخروجه عن هيئة الصلاة في الفرض والنافلة، ولا تبطل بالأكل اليسير سهوا في الفرض والنافلة، ولا تبطل بيسير شرب عمدا في النافلة، لما ثبت في الأثر أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان يطيل النفل وربما عطش
1 رواه ابن ماجه 2/1222ح 3708، وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص 299ح 809.
2 رواه الدارقطني 1/173ح58، وقال العظيم آبادي: خالفه إسحاق بن بهلول عن أبيه في لفظه.
3 المغني: ابن قدامه 2/51.
فشرب يسيرا. قال ابن قدامه: ويروي عن ابن الزبير وسعيد بن جبير، أنهما شربا في التطوع. وعن طاوس أنه لا بأٍس به1.
والنفل أخف من الفرض، بدليل سقوط بعض الواجبات في النفل وثبوتها في الفرض، كالقيام واستقبال القبلة في صلاة النافلة في السفر، فلما كانت النافلة مظنة الطول الكثير، سمح بالشرب اليسير، وتعرف القلة والكثرة بالعرف.
ويرى كثير من أهل العلم، أن يسير الشرب عمدا في النفل كالفرض لأن الأصل تساوي الفرض والنفل، وعليه يحرم الشرب قليله وكثيره في الفرض والنفل وهذا أحوط.
العمل الكثير من غير جنس الصلاة متواليا لغير ضرورة، وتعرف الكثرة بالعرف، وهو ما يخيل لمن ينظر إليه أنه ليس في الصلاة، فإن قال الناس: هذا عمل ينافي الصلاة، والذي يشاهد حركات هذا الرجل يقول: أنه لا يصلي، فهذا كثير مبطل للصلاة، بخلاف اليسير، كحمل طفل، وفتح باب قريب يمينا أو شمالا أو أمام المصلي أثناء صلاته واستقباله القبلة، أو دفع حكة، فهذا كله يسير لا يبطل الصلاة شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها2.
1 المغني: ابن قدامة2/61،62.
2 رواه البخاري 1/131كتاب الصلاة، باب إذا حمل جابية صغيرة على عنقه في الصلاة.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه فتح الباب لعائشة وهو في الصلاة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"جئت ورسول الله يصلي في البيت والباب مغلق، فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مكانه"1.
ووصفت الباب في القبلة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب"2.
فلو كان العمل الكثير من جنس الصلاة عمدا بطلت الصلاة، وإن لم يتعمد سجد للسهو، وإن كان من غير جنس الصلاة بضرورة، فلا تبطل الصلاة ولو كثر لقول الله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} 3، والذين يمشون على أرجلهم لا شك عملهم كثير، وإن كان العمل الكثير من غير جنس الصلاة غير متوال، كأن يتحرك في الركعة الأولى حركة ليست كثيرة، وكذلك في كل ركعة، وعند جمع الحركات تكون كثيرة، لاتبطل لتفرق الفعل.
وتبطل الصلاة للعمل الكثير من غير جنسها متواليا لغير ضرورة عمدا، ولا تبطل سهوا، ما لم يغير الصلاة عن هيئتها ويخرجها عن كونها صلاة، فالسهو كالعمد حينئذ تبطل به الصلاة، فلو سها بعمل كثير لا ينافي الصلاة منافاة بينة، فلا تبطل صلاته لأن فعل المحظور على وجه السهو لا يلحق فيه إثم ولا إفساد، ويعذر صاحبه بالجهل والنسيان.
1 رواه الترمذي 1/497 ح601 وقال: حديث حسن غريب.
2 رواه الترمذي 2/233، 234 ح390 وقال: حديث حسن صحيح.
3 سورة البقرة، الآية (239) .
7-
وإن سبح به ثقتان أو نبهه امرأتان بالتصفيق، لزيادة فعل أو نقص فعل من أفعال الصلاة، فلم يرجع وأصر ولم يجزم بصواب نفسه، بطلت صلاته لتركه الواجب عمدا، وليس للمأمومين اتباعه لبطلان صلاته، فإن اتبعوه بطلت صلاتهم ما لم يكونوا جاهلين.
8-
زيادة فعل من جنس الصلاة عمدا يبطلها، قياما كان أو قعودا أو ركوعا أو سجودا، لأن هذه الأفعال تغير هيئة الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"1، كأن يركع مرتين في الركعة الواحدة عمدا في غير صلاة الكسوف، ويسجد ثلاث مرات في الركعة الواحدة عمدا، أو يقعد محل القيام عمدا، أو يقوم محل القعود عمدا.
ولا تبطل بما لايغير هيئة الصلاة، كما لو رفع المصلي يديه إلى حذو منكبيه في غير موضع الرفع.
9-
سجود الشكر في الصلاة يبطلها، لأن سببه ليس منها، ومثله من سجد في الصلاة لسهو صلاة أخرى.
10-
ترك ركن من أركان الصلاة أو شرط من شروطها عمدا من غير عذر شرعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته:"ارجع فصل فإنك لم تصل" 2، فمن ترك الركوع أو السجود عمدا بلا عذر بطلت صلاته، وكذا من انصرف عن التوجه إلى القبلة، أو أحدث أثناء الصلاة فصلاته باطلة.
1 رواه مسلم 2/1344 ح1718.
2 رواه البخاري 1/184 كتاب الأذان باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها..