الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام تتعلق بصلاة الجمعة:
فإذا فرغ الإمام من خطبة الثانية نزل، فتقام صلاة الجمعة ركعتين إجماعاً، وهي صلاة مستقلة، ينوب عنها الظهر لمن فاتته لعذر.
فإذا أذن لها بين يدي الخطيب حرم البيع استجابة لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} 1.
قال الشوكاني: "ويلحق به سائر المعاملات"2.
وقال ابن العربي: "كل أمر يشغل عن الجمعة من العقود كلها فهو حرام شرعاً مفسوخ ردعاً"3.
ولا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه الجمعة قبل فعلها بعد دخول وقتها، وأما قبلها فللعلماء فيه ثلاثة أقوال، وهي روايات منصوصات عند أحمد، وأحدها: لا يجوز، والثاني: يجوز، والثالث: يجوز للجهاد خاصة4.
ويجهر الإمام في ركعتي الجمعة بالقراءة، ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة (الجمعة) ، وفي الثانية بعد الفاتحة بسورة (المنافقون)، لما رواه مسلم عن ابن أبي رافع قال: استخلف مروان أبا
1 سورة الجمعة: الآية [9] .
2 فتح القدير: الشوكاني 5/227.
3 أحكام القرآن: ابن العربي 4/1794.
4 زاد المعاد: ابن القيم الجوزية 1/382.
هريرة على المدينة، وخرج إلى مكة، فصلى لنا أبو هريرة الجمعة، فقرأ بعد سورة (الجمعة) في الركعة الآخرة:{إذا جاءك المنافقون} ، قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الكوفة، فقال أبو هريرة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما يوم الجمعة1.
ويسن أن يقرأ في الأولى بسورة (الأعلى) ، وفي الثانية بسورة (الغاشية) بعد الفاتحة، لا يقسم السورة بين الركعتين لأنه خلاف السنة.
عن النعمان بن بشير قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية. قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما في الصلاتين"2.
بم تدرك الجمعة؟
وتدرك صلاة الجمعة مع الإمام، بإدراك ركوع وسجود من الركعة الثانية لمن فاتته الركعة الأولى، فإن دخل في الصلاة ولم يلحق ركوع الثانية أتمها ظهراً، لما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة"3.
وقاله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة"4.
1 رواه مسلم 1/597، 598 ح 877.
2 رواه مسلم 1/598 ح 878.
3 رواه البخاري 1/145 كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة.
4 رواه ابن خزيمة 2/58 ح 1622، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، والمستدرك 1/273، 274 كتاب الصلاة، الذي يدرك الإمام في الركوع أو السجود.
راتبه الجمعة:
اختلف أهل العلم في التنفل قبل صلاة الجمعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذن على عهده إلا إذا قعد على المنبر، ويؤذن بلال ثم يخطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقيم بلال فيصلي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، فما كان يمكن أن يصلي بعد الأذان، لا هو، ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه صلى الله عليه وسلم، ولا نقل عنه أحد أنه صلي في بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقت بقوله صلاة مقدرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب في الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت، كقوله: "من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت
…
"1، وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد من يوم الجمعة يصلون من حين ما يدخلون ما تيسر، فمنهم من يصلى عشر ركعات، ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة، ومنهم من يصلي ثماني ركعات، ومنهم من يصلي أقل من ذلك.
ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله، وهو لم يبين في ذلك شيئاً، لا بقوله ولا بفعله، وهذا مذهب مالك ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه؛ وهو المشهور في مذهب أحمد، وذهب طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة2.
والصواب: أن لا يقال أن قبل الجمعة سنة راتبه مقدرة3.
1 رواه مسلم 1/587 ح 857.
2 سنة الجمعة: ابن تيمية ص 6: 9.
3 سنة الجمعة: ابن تيمية ص 22.