الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوافل
الرواتب
…
النوافل:
1-
الراتبة:
مشروعية صلاة التطوع:
من حكمة الله سبحانه وتعالى، ورحمته بعباده أن شرع التطوع، وجعل لكل عبادة واجبة تطوعا من جنسها، ليكون جبرا لما قد يقع في الفرائض من نقص.
فالصلاة منها الواجب ومنها التطوع، والصيام منه الواجب ومنه التطوع، والحج منه الواجب ومنه التطوع
…
وصلاة التطوع ليست واجبة، يطالب المكلف بفعلها طلبا غير جازم، زيادة على المكتوبة. عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته، وهو أعلم: "أنظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ " فإن كانت تامة، كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: "انظروا هل لعبدي من تطوع؟ "، فإن كان له تطوع، قال: "أتموا لعبدي فريضته من تطوعه"، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم"1
وصلاة التطوع منها ما هو غير تابع للصلاة المكتوبة، كصلاة الكسوف
1-رواه أبو داود 1/540، 541 ح 864، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/163 ح770.
والخسوف والتراويح والاستسقاء، ومنها ما هو تابع للصلاة المكتوبة، كالنوافل القبلية والبعدية، ومنها ما هو مقيد بسبب، ومنها ما هو موقت، ومنها ما هو غير موقت.
السنن الراتبة:
والنوافل التابعة للصلاة المكتوبة، تنقسم إلى قسمين: راتبة، وغير راتبة.
والسنن الراتبة دائمة مستمرة تابعة للفرائض، واختلف أهل العلم في عددها، فمنهم من ذهب إلى أنها عشر ركعات، ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح
…
"1.
وذهب آخرون إلى أنها اثنتا عشرة ركعة، لحديث عائشة رضي الله عنها:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة"2، وعن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا إلا بنى الله له بيتا في الجنة أو إلا بني له بيت في الجنة.."3.
قال الحافظ في الفتح: والأولى أن يحمل على حالين: فكان تارة
1- رواه البخاري 2/54 كتاب التهجد، باب الركعتين قبل الظهر.
2-
رواه البخاري 2/54 كتاب التهجد، باب الركعتين قبل الظهر..
3-
رواه مسلم 1/503 ح728، برقم101 في الباب.
يصلي ثنتين، وتارة يصلي أربعا، وقيل: هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين، في بيته يصلي أربعا، ويحتمل أن يكون يصلي إذا كان في بيته ركعتين، ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما في المسجد، دون ما في بيته، واطلعت عائشة على الأمرين، ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة:"كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج1" قال أبو جعفر الطبري: الأربع في كثير أحواله، والركعتان في قليلها2.
والصحيح أن الرواتب اثنتا عشرة ركعة، أربع قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
وهذه الرواتب ترفع ما يحصل في الصلوات المفروضة من خلل.
والسنن الرواتب تنقسم إلى قسمين: مؤكدة وغير مؤكدة، المؤكدة منها اثنتا عشرة ركعة، وهي التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصليها كثيرا ويتركها قليلا، وأما غيرها، فهو سنة مستحبة، وهي التي رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها قليلا ويتركها كثيرا.
فضل سنة الفجر:
وأشد السنن الرواتب تأكيدا، ركعتا سنة الفجر، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه
1-روى هذا الحديث في صحيح مسلم 1/504 ح730، برقم 105 في الباب، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه، فقالت: "كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج
…
".
2-
فتح الباري: ابن حجر 3/58، 59.
تعاهدا على ركعتي الفجر"1 وعنهما عن النبي صلى لله عليه وسلم قال: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" 2 ومما يدل على تأكدهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدعهما في الحضر أو السفر، وعن أببي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل" 3، رغم الشدة ومطاردة العدو، والرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن ترك سنة الفجر.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله في شيء من النوافل أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر"4.
ما تختص به ركعتا الفجر:
وتختص سنة الفجر بأمور:
1-
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب؟ "5.
2-
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بعد الفاتحة قراءة خاصة، عن أبي هريرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 6.
1- رواه البخاري 2/52 كتاب التهجد، باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما تطوعا.
2-
رواه مسلم 1/501 ح 725 برقم 96 في الباب.
3-
رواه أحمد 2/ 405 مسند أبي هريرة، وأبو داود 2/46 ح 1258، واللفظ لأحمد، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 123 برقم 272.
4-
رواه مسلم 1/501 ح 724 برقم 950 في الباب.
5-
رواه البخاري 2/52، 53 كتاب التهجد، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر.
6-
رواه مسلم 1/502 ح726.
وعن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} 1، والتي في آل عمران: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} 2 "3. وفي رواية لمسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية في البقرة، وفي الآخرة منهما: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} 4"5.
ويجوز أن يقرأ الفاتحة فقط، من غير قراءة بعدها، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:"كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين قبل صلاة الفجر قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب"6.
3-
ويسن الاضطجاع بعدهما على الجنب الأيمن لمن يقوم الليل، لحاجته إلى الراحة، على الراجح، ما لم يخش استغراقه في النوم، وضياع صلاة الفجر، فلا يسن له ذلك.
الفصل بين السنة الراتبة والمفروضة:
ويسن الفصل بين الفرض وراتبته القبلية أو البعدية بانتقال أو كلام، لما روي عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: "
…
إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك. أن
1- سورة البقرة، الآية 136.
2-
سورة آل عمران، الآية 64.
3-
رواه مسلم 1/502 ح727 برقم 100 في الباب.
4-
سورة آل عمران، الآية 52.
5-
رواه مسلم 1/502 ح727 برقم 99 في الباب.
6-
رواه أحمد 6/217، مسند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقال في الفتح الرباني 4/224: لم أقف عليه وسنده جيد.
لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج"1.
وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر، فقام رجل يصلي فرآه عمر، فقال له: اجلس، فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحسن ابن الخطاب"2.
مكان صلاة النافلة: تصلى النافلة في المسجد وفي البيت، ولكن صلاتهما في البيت أفضل، باستثناء ما شرعت له الجماعة كالتراويح، ففعلها في المسجد أفضل، لما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
…
فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" 3.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا"4.
حكم قضاء الراتبة:
كل سنة قبل الصلاة، فوقتها من دخول وقتها إلى فعل الصلاة، وكل سنة بعدها فوقتها من فعل الصلاة إلى خروج وقتها5.
وإذا فات الإنسان صلاة الراتبة، فإن كان لعذر فلا حرج عليه أن يقضيها وتجزئه، وإن كان لغير عذر فإنها لا تجزئه، ولا إثم عليه،
1-رواه مسلم 1/601 ح 883 برقم 83 في الباب.
2-
رواه أحمد 5/368، مسند أحاديث رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/234: ورجال أحمد رجال صحيح.
3-
رواه مسلم 1/539، 540 ح781، برقم 213 في الباب.
4-
رواه البخاري 2/ 56 كتاب التهجد، باب التطوع في البيت.
5-
المغني: ابن قدامة 2/128.
وتقضي سنة الفجر، ويتأكد قضاؤها، إذا لم تصل في وقتها لعذر، من حل النافلة إلى الزوال. عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان"1.
وما ثبت في صحيح مسلم، من حديث أبي هريرة وأبي قتادة2، في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم في السفر عن صلاة الفجر، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر أولا ثم الفريضة بعدها.
الجلوس في تأديتها:
ويجوز في صلاة التطوع الجلوس مع القدرة على القيام، بخلاف الفريضة، فالقيام فيها ركن، ومن تركه مع القدرة عليه فصلاته باطلة.
قال في المغني: لا نعلم خلافا في إباحة التطوع جالسا، وأنه في القيام أفضل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم.."3.. ويستحب للمتطوع جالسا أن يكون في حال القيام متربعا4.
ويجوز أداء بعض التطوع قائما، وبعضه جالسا، من غير كراهة، حتى ولو كان ذلك في ركعة واحدة، لما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن علقمة بن وقاص قال: "قلت لعائشة: كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
1- رواه مسلم 1/572 ح 834.
2-
رواه مسلم 1/471: 473 ح 680، 681.
3-
رواه البخاري 2/ 41 كتاب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد بالإيماء.
4-
المغني: ابن قدامة 2/142.
الركعتين وهو جالس؟ قالت: "كان يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع قام فركع"1.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالسا حتى إذا كبر قرأ جالسا، حتى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع"2.
الراتبة في السفر:
المشروع ترك الرواتب في السفر، ما عدا الوتر وسنة الفجر، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره، أنه كان يدع الرواتب في السفر ما عدا الوتر وسنة الفجر، أما النوافل المطلقة فمشروعة في السفر والحضر، وهكذا ذوات الأسباب، كسنة الوضوء، وصلاة الضحى والتهجد في الليل، لأحاديث وردت في ذلك3.
1- رواه مسلم 1/506 ح731 برقم 114 في الباب.
2-
رواه مسلم 1/505 ح 731 برقم 111 في الباب.
3-
كتاب الدعوة: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز 2/122.