الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة مؤلف الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم قال الرئيس الفقيه (1) النحوي (2) الراوية المسند الحافظ، فارس النظم والنثر، أبو الوليد إسماعيل بن الرئيس أبي الحجاج يوسف بن السلطان أمير المسلمين القائم بإذن الله (3) أبي عبد الله بن علم الأمراء ووالد الكبراء، الرئيس الأمير أبي سعيد فرج بن الأمير أبي الوليد إسماعيل بن الأمير أبي الحجاج يوسف الشهير بالأحمر، ابن السلطان أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد ابن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر بن محمد بن محمد (4) بن نصر (5) بن علي بن يحيى بن سعد بن قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي، رضي الله عنه بمنه وكرمه:
[أحمد الله تعالى الذي](6) جعل مورد الآداب لدى البث والاكتئاب (7)
(1 و 2) سقط من نسخة الرباط عدد من ألقاب المؤلف العلمية بسبب تآكل النسخة، وتقدر بنحو 6 كلمات.
(3)
لقبه في نثير الفرائد بالقائم بأمر الله (ص 215).
(4)
(محمد) زيادة عما أورده في نثير الفرائد.
(5)
في نثير الفرائد: نصير، ولعلها من تصحيف النساخ.
(6)
ما بين معقوفتين غير ظاهر تماما في نسخة الرباط.
(7)
تآكل من الأصل بمقدار كلمات تقريبا.
يروي ذا القلب المعنى من فائق اللفظ ورائق المعنى. وأطلق من وثاق (1) الحرمان نفس الجعد البنان (2) إلى طلاقة (3) وسماحة (3).
وأخص بالصلاة سيدنا ومولانا محمدا سراج البيان (4) مصباحه، وأعم به [آله](5) ذوي الأخلاق الساطعة الإشراق والصباحه. وأسلم عليهم كثيرا عميما، مساء الزمان وصباحه.
وبعد: فإنه لما كان الشعر أعذب ما تطمح إليه الهمم الهمامية (6)، وأسنى ما تعتمده أنفس أولي الفعال الاهتمامية، [لما يشتمل](7) عليه من ضبط القوافي والأوزان، ويحتوي عليه مسرحه من بديع الحلاوة والنغمات [المذهبة](7) للأحزان. [ولما كان](8) ديوان العرب الذي خلدت به مآثرها (9) به تتفاوت في الناس الأخطار وتتشرف النفوس وإن اختلفت بهم الأقطار. وإذ هو أشرف زي وأرفع لباس، وأجلب شيء لنفع وأدفع لباس (10)، ولما كان في المرتبة العالية في نفوس أهل العقد والحل، وبلغ عند ذوي الألباب المنزلة الرفيعة وسنيّ المحل، وصار يعتلق بها اعتلاق الحرباء بالأعواد، ويسلك منها مسلك السماحة في أجساد الأجواد، وكانت العيون
(1) في الأصل: وثائق. وهو تحريف.
(2)
جعد البنان: كناية عن البخيل.
(3)
كلمة غير ظاهرة.
(4)
كذا بغير واو العطف. وانظر الفقرة الموازنة بعد.
(5)
غير واضحة في الأصل.
(6)
تآكل بعض أجزاء الكلمة في الأصل.
(7)
غير واضحة في الأصل.
(8)
تآكل بعض العبارة في الأصل.
(9)
عبارات لم تظهر بتآكل شديد في النسخة، تقدر بنحو 3 أسطر.
(10)
سطران غير واضحين في نسخة الرباط.
أبدا إلى (1) المخترع منه طامحة، وإلى رؤية (1) ما نجم من محاسنه لامحة، والأنفس بقبول حفظه سامحة، وكان في هذا العصر الذي أنا فيه من يأتي في (2) نظمه بالبديع ويوفيه. من محب متغزل، ومادح للمطلوب مستنزل، سنحت لأهله نصحيتي وسمعت بعمله قريحتي.
فسألت الله التيسير في كل عسير، فزال عني الالتباس، وذهب أكثر الباس. فجمعت في هذا التأليف ما وجدته لهم متمحقا شعاعه، وألفته من نفائس [جواهرهم](3) متفرقا شعاعه لأطلع منه على بدائع جالبة للسلوان (4) في كل أوان. معولا في ذلك على ما طاب فصله، وفرع ذرى الإجادة فرعه وأصله.
واقتصرت فيه على من لنفسه أنشدني، ومن بنظامه البارع استرشدني [ممن رأيته بالعيان من الشعراء الأعيان](5) ومن بسنّي لحقته (6). وغرضي أن أكتب ما أجده من الرسائل لمن ثبت اسمه، وأضمنه (7) أنواعا شتى من المكاتبات، وأحسن رسمه.
إذ [هذا](8) النوع الإنشائي من الطبقة العليا بالموضع الذي لا يجهل علوّه، ولم [يتقلد حليه](8) من الجنس الإنساني إلا الآحاد فلا ينبغي أن يهمل سموّه.
وسمّيت كتابي هذا: نثير الجمان في شعر من نظمني وإياه الزمان وألفته
(1) كلمة غير واضحة في الأصل.
(2)
كلمة (في) زيادة على الأصل.
(3)
الكلمة متآكلة في الأصل، واستدركت من نثير الفرائد (في عبارة مشابهة).
(4)
سقطت عبارة تقدر بنحو 3 كلمات، ظهر منها: وأتيت، بمحاسن
(5)
من نثير الفرائد (في عبارة مشابهة).
(6)
سقطت ثلاثة أسطر تقريبا.
(7)
في الأصل: ونضمنه. وقد ورد كذا في نثير الفرائد في عبارة مقاربة. قلت: انظر الفعل التالي.
(8)
غير واضح في الأصل، والمثبت من: نثير الفرائد.
وأنا ببرّ العدوة، في كنف الملك المريني والحفوة (1)، حين أخرجنا من الأندلس بنو عمنا الملوك الأحمريون وعشيرتنا السلاطين النصريون، خوفا منّا على سلطانهم (2) بأوطانهم. [لأجل](3) واش مرود (4) متملق بذلك [غير](5) ودود. يظهر لهم النصيحة حالية، ويخوفهم مما (6) وقع في الأيام الخالية. وإن الملك عقيم. وإذ كل من هو من بيته من حوله مقيم.
ولما كان الحلول بملوك المغرب [أمطروا](7) علينا سحائب كرمهم المغرب، وحسنت الأحوال، وذهبت الأهوال. وطاب المقام، ونجم الأمن واستقام.
ومع هذه (8) الفضائل السامية والمفاخر النامية، فكثيرا (9) ما أنشد في الحنين إلى الوطن:
بلادي وإن شطت عليّ عزيزة
…
وقومي وإن شحوا [علي كرام](10)
إذ هو من وطن آبائه، ومحل قومه وأحبائه. ومن مروءة المرء حنينه
(1) في الأصل: الحفوة. قلت والمصدر من حفي به: حفاوة-بفتح الحاء وكسرها- وتحفاية. وأما الحفوة بضم الحاء وكسرها فهو مصدر حفي: مشى بغير خف ولا نعل.
(2)
تآكل بمقدار كامتين. والأشبه أن تكونا: إذ كنا (؟).
(3)
ظهر نصف الكلمة.
(4)
في القاموس: مرد فهو مارد، ومريد.
(5)
ظهر نصف الكلمة.
(6)
واقرأ أيضا: بما.
(7)
غير ظاهرة في الأصل.
(8)
بعض حروف العبارة متآكل من الأصل.
(9)
في الأصل: فكثير.
(10)
البيت ناقص في الأصل بتآكل الصفحة والمحفوظة فيه: وإن جارت. . وإن ضنوا.
إلى وطنه (1). وقد حن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة إذ هي دار مولده (2).
[وفد أصيل الغفاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب الحجاب، فقالت له عائشة رضي الله عنها]: كيف تركت مكة؟ قال: تركتها وقد (اخضرت جنباتها)(3)، وابيضت بطحاؤها، وانتشر سلمها، وأعذق إذخرها، فقال النبي عليه السلام (*) [1/ب]: دع القلوب تقر.
وحدثني بفاس في سنة أربع وسبعين وسبع مئة، شيخنا الفقيه المحدث الراوية المسند الحاج الرحال الصالح المعمر أبو عبد الله محمد بن سعيد الرعيني المعروف بالسرّاج، وشيخنا الفقيه القاضي الخطيب العالم المفتي المدرس أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الملك الفشتالي؛ قالا: حدثنا الفقيه الخطيب الحاج الرحال المحدث الحافظ محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي نزيل فاس، عن الفقيه الخطيب الصالح أبي عبد الله محمد بن صالح بن أحمد بن محمد الكناني الشاطبي عن الفقيه القاضي أبي الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن
(1) جملة ظهر منها: وإن؟. . . مستوطنه.
(2)
تآكلت ثلاثة أسطر وظهر نحو سطرين، ثم تعانقت النسختان المخطوطتان. وما بين معقوفتين غير ظاهر في نسخة الرباط. وفيه أصيل الخزاعي والحديث: قدم أصيل الغفاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب الحجاب، فقالت له عائشة رضي الله عنها كيف تركت مكة؟ قال اخضرت جنباتها، وابيضت بطحاؤها، وأعذق إذ خرها، وانتشر سلمها. . الحديث. وفيه: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويها يا أصيل، دع القلوب تقر» أخرجه الخطابي في غريب الحديث من طريق الزهري، وأبو موسى المديني من وجه آخر. وانظر: المقاصد الحسنة للسخاوي 183 وكشف الخفا ومزيل الإلباس 1:346، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1:33 والإذخر: حشيشة طيبة الرائحة، تسقف بها البيوت فوق الخشب. وأعذق أي صار له أعذاق. والسلم: شجر.
(3)
في الأصل: وقد (اخضر؟) ثمامها. وكلمة (اخضر) غير واضحة. والثمام نبات.
(*) من هنا تبدأ نسخة م (دار الكتب المصرية) وإحالات الأرقام عليها.
يوسف بن قطرال عن الحافظ محمد بن سعيد بن زرقون الأنصاري عن الراوية أبي عبد الله أحمد بن محمد الخولاني عن أبي عمرو عثمان بن أحمد بن محمد بن يوسف اللخمي القبحطيلي قال: حدثني أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى قال: حدثني عمي أبو مروان عبيد الله بن يحيى بن يحيى عن أبيه يحيى ابن يحيى عن مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال. قالت فدخلت عليهما فقلت: يا أبت: كيف تجدك؟ ويا بلال: كيف تجدك؟ قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل أمرئ مصبّح في أهله
…
والموت أدنى من شراك نعله
قالت: وكان بلال إذا أقلعت عنه يرفع عقيرته ويقول (1):
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة
…
وهل يبدون لي شامة وطفيل (2)
[2/أ] قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: اللهم حبب لنا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حمّاها فاجعلها في الجحفة (3).
وأنشدني في الحنين إلى الأوطان ذو الوزارتين الحاجب القائد الخطيب الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى، أبو عبد الله محمد بن الفقيه الخطيب الكاتب
(1) لم يظهر ما بين معقوفتين في الأصلين لطمس فيهما وهو مستدرك من صحيح البخاري ج 4:264 وهو في معجم ما استعجم 2:369 والعقد 5:272. والبداية والنهاية 3:221
(2)
تآكلت حروف قليلة من الشعر في نسخة ط. وذهب الشعر كله من م.
(3)
الحديث في صحيح البخاري 4:264، وفيه حبب إلينا. و: بالجحفة. والجحفة كانت قرية كبيرة على طريق المدينة من مكة. وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة. وانظر صحيح مسلم بشرح النووي 9:105
أبي محمد عبد الله بن سعيد بن الخطيب السلماني الأندلسي (1) بفاس يتشوق معاهده بالأندلس لما كان بالعدوة حين خلع عن ملكه مخدومه ابن عمنا السلطان الغني بالله محمد (2)
أحبك يا مغنى الحقوق بواجب
…
وأقطع في أوصافك الغر أوقاتي
تقسّم منك الترب أهلي وجيرتي
…
ففي الظهر أحيائي وفي البطن أمواتي
وقلت أنا في ذلك، حين مقامي ببر العدوة في حضرة ملوك مرين لما أخرجنا عن الأندلس بنو عمنا الملوك الأحمريون النصريون لما قدمناه:
فؤادي يشتكي داء دفينا
…
لبعدي عن مزار الظاعنينا (3)
وأكبادي من الأشواق ذابت
…
ووجدي فاق وجد العاشقينا
ولي جسم أضرّ به سقام
…
وقلبي بعدهم أليف الشجونا
ورب البيت لا أنسى هواهم
…
وكيف؟ وهم بقلبي ساكنونا
لعمري [ما النّوى] إلا عذاب
…
وإني قد بليت به سنينا (4)
يهيّج زفرتي تذكار أرضي
…
ويفجعني ويستهمي الجفونا
حنيني ما حييت لها عظيم
…
وما بسوى محبتها بلينا
فما صبر وإن بعدت بباق
…
كذا سنن الكرام الماجدينا
وما بمراد نفسي كان عنها
…
بعادي، لا، ورب العالمينا!
فواجب على الحر الطاهر أن يحن إلى وطنه في السر والظاهر، ويردد بالشوق العظيم ما إني أردده من قصيدة ابن عبد العظيم:
(1) هو لسان الدين بن الخطيب، وسيرد عنه حديث مفصل.
(2)
هو الأمير محمد بن يوسف، حكم غرناطة مرتين، الأولى من 755 - 760 والثانية من 763 - 793 وهو مخدوم لسان الدين. انظر اللمحة البدرية:82.
(3)
في الأصلين: لبعد. ورجحت ما أثبت.
(4)
(ما النوى) زيادة أقترحها، لطمس في الأصلين مكانها.
حنيني إلى تلك المعاهد أنها
…
معاهد أحبابي تذكرتها حبا
ويتأوه حزنا عليه، ويكثر من تذكار الأوبة إليه. فلولا أن هدر الملوك بنو عمي بوطني دمي، لسرت إليه على راسي لا على قدمي!
على أن مثلي لا تنهنهه الزواجر، ولا تصده عن مطلبه السيوف والخناجر؛ بل يقتحم من مراده الأهوال، ويعمل بقول الشاعر في كل الأحوال:
أزور ولو أن السيوف شواهر
…
وأدنو ولو أن الجحيم مزارها
إذ كنت من بيت الملك الرفيع السعيد، ومن أحفاد السلطان الرئيس الأمير أبي سعيد. وقصدي في هذا الكتاب عند ذكر الملوك والأمراء والكبراء وغيرهم من سائر الشعراء أن أغضي عما آخذه لهم من القبائح، وأذكر ما امتازوا به من الفضائل والمنائح؛ لأن مثلي لا يليق به إظهار العورات، ولا يحل له تتبع العثرات. غيرة على أعراض الموحدين (1)، [اتباعا للشرع في تحريم الغيبة، وضربا عن الكريبة، وإثباتا لحظوظ النقيبة الرغيبة (2).
تركت مثاليب الرجال لأنني
…
أفضل أن ألقى بفضلي للناس (3)]
وأرجو بذاك الستر يوم فضيحة
…
إذا جل خطب في القيامة بالناس
مع أنه ليس في كشف عورات الناس مسرّة. وربما نال ما أثبت (4) ذلك بوسى ومضرة. فما ضره لو اشتغل بذنوبه، وتأسف على ما فرط من حوبه، وستر العيوب وكف الباس، وقال كما قال ابن طاهر عامل آل عباس:
وما السر من قلبي كثاو بحفرة
…
لأني أرى المدفون ينتظر الحشرا
ولكنني أخفيه حتى كأنه
…
من الدهر يوما ما أحطت به خبرا
(1) سقطت جملة، لم تستبن في الأصلين.
(2)
الكريبة: الداهية الشديدة. والنقيبة، النفس والطبيعة.
(3)
ما بين معقوفتين من نسخة ط. وقد استجليت بعض الكلمات من ترجمة لسان الدين بن الخطيب في نثير الفرائد 223 - 224، فقد كرر هناك هذه الفقرة بمناسبة ترجمته له إدلالا بذكر محاسنه دون مساوئه. (راجع الترجمة).
(4)
كذا فيهما.
وقد قال بعض الناس من تعرض للأعراض (1)، صار عرضه هدفا لسهام الأغراض. وأرجو من الله بتركي لذلك، أن يقيني من المهالك.
وكتابي هذا قد أينعت أفنان رياضه، وملئت بالآداب الرائقة أرجاء حياضه، فآدابه فائقة، وصفحاته بالحسن رائقة، وقد قلت في وصفه:
هذا الكتاب له فضل على الكتب
…
كتب القريض مع التاريخ والأدب
لأجل تركي مساوي من به، وسما
…
سمو واضعه في أشرف الرتب
لم أرض ذكر مساوي الناس عن كرم
…
فإنني لست للفحشا بمنتسب
يبدي السرور لقاريه، ويبعده
…
عن التفكر والأحزان والكرب
له فوائد مثل الروض في جيدة
…
وفوق أزهاره في الحسن والنسب
يروي الظما (ويداوي؟) كل ذي وله
…
وليس جدواه عن راج بمحتجب (2)
إذا اطلعتَ عليه زدتَ منفعة
…
وَحُزْتَ آداب أهل العلم والكتب
علم البيان بأشعار مزخرفة
…
جئنا بها مثل نظم الماء بالحبب
تنافس الصبح فيه عند بهجته
…
وعند ما تم منه منتهى أرب (3)
قاريه في لذة ما تنقضي أبدا
…
إلى انقضاء الأماني البيض في الطلب
من جاء يقبس منه نور فائدة
…
يلقى الهدى وهو لا يخشى من الريب
تهديه للحق فيه كل بارقة
…
تفوق بارقة الأمطار والسحب
أبديت فيه عجيبا من محافظتي
…
على العلوم ومن بحثي على العجب
حتى ملأت عياب الطرس من طرف
…
ومن علوم ومن شعر ومن نسب (4)
فخذه واصلح به ما جاء من خلل
…
واعذر، هديت إلى الإرشاد والقرب (5)
(1) رسم كلمة أشبه ب (أن) غير معجمة قبل صار. ولا معنى لها هنا.
(2)
بعد هذا البيت بيت لم يتضح. وكذا صدر البيت التالي له، وبعض عجزه.
(3)
كذا في الأصل؛ واقرأ: أربي.
(4)
العياب: جمع عيبة: (ما يجعل فيه الثياب، وغيره).
(5)
في م: القرب وفي ط الغرب.
ولعلي أن أكون قد خرجت عن حد الصواب، فيما ألفته؛ وتركت من فصل الخطاب، أضعاف ما عرفته. وإنما ذلك من عوائق تبلد الذهن، وموانع للنشاط توقع في الفكر الصحيح الوهن. ولم لا؟ والدهر قد جار بالبعد عن الأهل والجار، وتبدد شمل الألفة بالأحباب، ومنع الحياة في القرب منهم والأسباب. والخروج عن الأوطان؛ والربط من عدوانه بأشطان.
فأي صواب يوجد مع هذه المحن، وأي فصل خطاب معها بما جرت من الإحن. وايم الله لولا لهجي بالأدب، وكلفي بمن جد في طلبه ودأب، لم أسارع في تأليف كتاب، بل لكنت ممن عن وضعه تاب؛ لهذه المصائب التي غدا سهمها صائب (1). فمن تصفح كتابي هذا، ووقع على خلل في تركيبه، أو عذلني في تبويبه (2):
[4/أ] فعين الرضا عن كل عيب كليلة
…
ولكن عين السخط تبدي المساويا
ومع ذلك فلم أخل أن جمعت ما تستملح، وأحسن شيء في فنه العيون تستلمح (3). وجئت ببيان السحر ولبابه. وبدائع تنسي عهد الصبا وحسن شبابه.
بدائع جلّت عن مثال لأنها
…
-لعمرك- إسماعيل ألّف حسنها!
فجئت بمجموع قد أشرقت أسرّة براعته الفائقة؛ وهبّ عطر نواسم جودته الرائقة. قل ما يسمح الزمان بمثاله، أو ينسج على منواله. لم تقدر على الإتيان بمثله أيدي المصنفين، ولا شنفت آذان إبداعه أنامل المشنفين!
(1) كذا في الأصلين، مراعاة للسجع.
(2)
في الأصلين نحو سطرين، طمسا في نسخة م بورق لاصق محا الأصل، وبتآكل نسخة (ط) تآكلا شديدا.
(3)
فيهما: في فنه العيون تستملح.
وبوّبته أحد عشر بابا (1):
الباب الأول: في فضل الشعر وإباحة إنشاده بالمساجد.
الباب الثاني: في شعر ملوك بني مرين وأبنائهم.
الباب الثالث: في شعر ملوك-بني الأحمر من بني نصر-قومي-وأبنائهم.
الباب الرابع: في شعر ملوك الموحدين الحفصيين وأبنائهم.
الباب الخامس: في شعر ملوك بني زيّان من بني عابد الوادي وأبنائهم.
الباب السادس: في شعر ملوك بني العزفي وأبنائهم.
الباب السابع: فيما بلغنا من شعر وزراء قومي بني الأحمر من بني نصر، ملوك الأندلس.
الباب الثامن: فيما بلغنا من شعر قضاة بلادنا الأندلسية، وفقهائها.
الباب التاسع: فيما بلغنا من شعر كتّاب قومي بني الأحمر ملوك الأندلس.
الباب العاشر: فيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين ملوك المغرب.
الباب الحادي عشر: فيما بلغنا من شعر قضاة المغرب وفقهائها.
الباب الثاني عشر: فيما قيل من الشعر في السيف الذي بصومعة جامع [4/ب] القرويين من مدينة فاس.
(1) فيهما: أحد عشر بابا. والحق أن المؤلف أضاف إلى تراجم الشعراء بابا للشعر الذي قيل في السيف الذي كان بصومعة جامع القرويين بفاس (انظره فيما بعد).