الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاله-رحمه الله تعالى
-:
كان من أولي المعرفة بالحديث، بصيرا بالقديم من القريض والحديث.
وأمّا الإنشاء، فكان يصوغ منه ما يشاء. وهو أمير حلبته، ورئيس طلبته!
فمن قوله هذه الأبيات والرسالة جاوب بها بعض أصحابه من الفقهاء والأعلام:
أما ومعان قد نظمت مقصّرا
…
فأطلعتها غرّاء في أفق الفكر
وأودعتها من حلّ سحرك نفثة
…
أحالت إلى التّحليل غائلة السّكر
لقد نسمت من روض علمك نفحة
…
تناست بها الألباب عاطرة الشّحر (1)
وأهديت لي بكرا تكامل حسنها
…
فأكرم بها حسناء عالية القدر
لها غزل ينسي اللبيب وقاره
…
لها زجل بالحمد يغني عن الشّكر
تحيّي فتحيي من هوى النّفس داثرا
…
يجدّد لي عهدا بما ضلّ عن فكري
(1) ساحل البحر بين عمان وعدن. وفي الروض المعطار: والشحر مدينة كبيرة وليس بها زرع ولا ضرع، ويكون بها العنبر.
سيدي! شرح الله له بالمعارف صدرا، ووضع عنه من ملاحظة الأغيار إصرا، ورفع له في مقامات العلماء العاملين ذكرا، ووهبه على مكابدة إبراز الموجب عليه في ذلك أجرا. ما زلت أرتقب صبح وصاله أن يتنفس ولا يتعوص، وآمل لحظة من إقباله أتميز بها مزية من اختصاصه وأتخصص. إلى أن تنفس ذلك الإصباح وتبلج، وتعطر الأفق بأنفاسه الكريمة وتأرج. فأطلع سيدي من مواصلته شمسا، وأوجد بملاطفته [97/ب] المشعرة بالاختصاص أنسا، وخلع من حلاه ما أوجب لمحلاه أن قرّ عينا وطاب نفسا.
وجهز من بنات فكره عقيلة طالما تطاولت إليها الأعناق فجدت، (1) لنيل صلاتها الآمال فصدت. ووقفت بباب حملتها أعزة الخطاب منافسة في طلابها فرّدت. أرسل بها لا عدمت أفضاله متوددا، وارتضى لها بحسن اختياره حبا لم يزل حول حماها مترددا. أظنه أبقاه الله توسم خلوصه لها بأنوار خلوصه، وأمضى له من حكم استحقاقه ما ثبت لديه لزومه بأدلة نصوصه. وغير بدع من ذي بصيرة منيرة أن يتوسم، أو محب يجد الروح من تلقاء حبيبه إذا تنسّم. فابتهجت بورودها بشرا، وقبلت نفحة حسنها شفعا ووترا. وأخلقت بردها طيا ونشرا، ونذرت أن أصوم من أيام العمر عشرا! وكيف لا؟ وقد ألفيتها قد حليت من الدرر النفيسة بمنثور ومنظوم، وباحت لي من المعارف بسر عن غير أهله مكتوم. ونازعتني كأس خلوص أصبحت بنشوته أقعد وأقوم. شكر الله لمهديها إحسانه، ولا زالت العفاة تجد من إفضاله روحه وريحانه!
(1) هكذا فيهما، باتصال الكلام.