الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو من المريّة (1)، وكان يكتب على أهلها إلى السّلطان ويقرئ، العربية وسائر العلوم بها.
حاله-سلمه الله
-
أسد ميدان الطلب، وربّ الفصاحة والأدب. وفارس البيان واليراعة، ورب الكتابة والبراعة. إلى خط يستوقف من حسنه الأبصار، وقريض يقرض شعراء الأعصار. وإنشاء نشأت منه الإجادة في الأمصار. وشعراء الأندلس يقدمونه على أنفسهم، ومع ذلك يلتزم التواضع لأدناهم وأنفسهم.
[50/ب]
فمن قوله يتغزل (2):
أكلّ شاك بداء الحبّ مضناك
…
ماذا جنته على العشّاق عيناك
قد كان لي عن سبيل الحبّ منصرف
…
حتى دعوت له قلبي فلبّاك
(1) المرية مدينة على الشاطئ الجنوبي الشرقي من الأندلس، كانت فرضة رئيسة في دولة غرناطة تقصدها المراكب من الإسكندرية والشام وغيرها. والمرية مدينة عربية أسسها عبد الرحمن الناصر سنة 344.
(انظر في التعريف بها الروض المعطار للحميري:537، ومعجم ياقوت 5:118 والمغرب لابن سعيد 2:193، ومشاهدات لسان الدين:43 - 44 ومقدمة ديوان ابن خاتمة).
(2)
أوردت القصيدة في ديوان ابن خاتمة (نقلا عن نثير الجمان)، انظر 203.
أيقظته لأساة (1) ثم نمت وما
…
باليت، إياك شكوى الصّب إيّاك!
أحيي ذماي وما أتلفت من رمق
…
إن قلت عطفاك قالا بل دلالاك
5 كأنّني لست أدري من أراق دمي
…
والله ما بفؤادي غير مرماك
أستغفر الله لا أبغيك مظلمة
…
فأنت منّي في حلّ ومن ذاك
كل عليّ له جند مجنّدة
…
يكفيك يا هند أنّي بعض قتلاك!
كيف الخلاص لمثلي من هواك وقد
…
رمى بي الوجد في أشراك أسراك
أعدت جفونك قلبي حيرة وضنى
…
فهل دليل لقلب حائر شاك؟
10 قد كنت أطمع أن تصحو صبابته
…
لو قد صحت من حميّا التيّه عطفاك
زجرت فيك رسول الطّرف عن نظر
…
فهل على القلب عتب إن تمنّاك؟!
يا طلعة الحسن تزهو في ملابسه
…
رحماك في أنفس العشّاق! رحماك!
(1) كذا في الأصلين، ولعلها، لأساه
تيهي على الشمس واسبي البدر مطلعه
…
فإنما روضة الدّنيا محيّاك
أقول والرّوض يجلى في زخارفه
…
من علّم الرّوض يحكي حسن مغناك؟
15 في فيك راح وفي عطفيك هزّتها
…
فهل تثنّيك سكرا من ثناياك؟
أليس من أعظم الأشياء موجدة
…
أن تضحكي بي وطرفي دائم (1) باك
وأقطع العمر مالي في سواك هوى
…
وليس لي منك يوما حظّ مسواك!
أومي بفيّ لتقبيل الصّبا ولها
…
أقول شوقا عساها قبّلت فاك!
وأملأ الصّدر من أنفاسها كلفا
…
بما أشمّ بها من طيب ريّاك
[51/أ]
20 هل بالأثيل وبان الجزع تسلية
…
وما الأثيل وبان الجزع لولاك؟
إني لأهواه والثاوي بحلّته
…
ولست أهوى على التّحقيق إلاك!
أحبّ نجدا إلى جرّاء ساكنه
…
وما محبّته إلا بجرّاك
(1) في الأصلين: دائم.
يا من نأت وبأحناء الضّلوع ثوت
…
تراك تنسين صبا ليس ينساك؟
أما وسرّ جمال أنت رونقه
…
لو صوّر الحسن شخصا ما تعدّاك!
25 حيّي على البعد تحيي نفس ذي كمد
…
ما إن تهبّ صبا إلا وحيّاك!
وكتب إليه صاحبنا الفقيه العالم الكاتب أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم محمد بن جزي الكلبي (1) الأندلسي قصيدة حذف منها الراء المهملة للثغ يعتري لسانه؛ يجعل مكان الراء غينا معجمة وهي:
وعد الوفاء وليته ما نجزا (2)
…
طيف ألمّ بمقلتي مستوفزا
ماذا يفيد الطّيف إذ ينتابني
…
والنّوم قد أعيى الجفون وأعجزا
يا قاتل الله الزّمان فإنّه
…
ما زال في عنوانه متجوّزا
وإذا تغافل عنك حينا خطبه
…
فمكيدة حتى يصادف منهزا!
لله أيام خوال لم أكن
…
فيهنّ إلا للهوى متحيّزا
(1) سبق الحديث عنه، وعن أسرة بني جزي.
(2)
في الأصلين «ما نجزا» .
5 أتتبّع اللذات حيث وجدتها
…
وأميل نحو الأنس حيث تحّوزا (1)
وأظلّ حيث اللهو يبسط ظلّه
…
حتّى عزاني للبطالة من عزا
والعيش غض والحبيب مساعد
…
بالوصل عفوا قبل أن يستنجزا
إنّ الشباب، إذا سموت للذّة
…
وجعلته مفتاحه لن تعجزا!
10 ومعلّل قلبي بخلّب لفظه
…
وعد الجميل ووعده لن ينجزا
قد كنت أحمل صدّه وجفاءه
…
حتّى أعينا بالبعاد وعزّزا
[51/ب]
ها إنّني من بعده لا ميّت
…
أبكى، ولا حيّ، فهلاّ أجهزا؟
يا عيشة ألوى بجدّتها النّوى
…
كانت كما أنشأت لفظا موجزا
ومحا محاسنها البعاد فقد سلا
…
عنها فؤادي بالتعلّل واجتزا
15 خدع الزّمان بها وكنت أظنّني
…
خادعته فأبان عمّا ألغزا
(1) تحوز كتحيز: تنحى. يريد: أميل نحو الأندلس حيث مال.
من مبلغ عنّي ابن خاتمة الذي
…
ختمت به البلغاء فذّا معجزا
إن البلاغة قد ملكت زمامها
…
وفتحت مقفلها الذي قد أعوزا
جلّيت في ميدانها وفضحت من
…
كان انتمى قدما إليها واعتزى
ولك البيان سحبت من أذياله
…
في حالتيه مطنبا أو موجزا
20 قاد القوافي طائعات فهو لا
…
يخشى عقائل نظمها أن تنشزا
خذّها أبا العبّاس من ذي خلّة (1)
…
لك قد غدا بخلوصها متميّزا
حسناء كالذّهب المصفّى خلّصت
…
لتخطّ في صحف القلوب وتكنزا
حاشيت أخت الزّاي منها عامدا
…
حتّى لكدت إخال ذلك معوزا
وافتك مبلغة سلامي بعد ما
…
طال البعاد فأولها حسن الجزا!
(1) الخلة: الصداقة والمحبة.
فجاوبه بقصيدة هجر فيها الراء المهملة، وبرسالة مثلها زائية، معجمة، وهي (1):
مزج البلاغة بالجزالة موجزا
…
وأتى به في الحسن بدعا معجزا
ينساب بين حلاوة وطلاوة
…
جمع البديع به البديع فأوجزا
وافى يجاذبني الحديث وإنّما
…
وافى يجشّم بذل نيل معوزا
هلا وملعب خيلي الآداب إذ
…
أسمو لها من قبل أن تتنجّزا
5 تهفو بعطفي نحوها خلق الصّبا
…
ميلا لحيّز حسنها وتحيّزا
[52/أ]
أمّا وقد جذبت عنان عنايتي
…
أيدي الحقائق فانتبذت تجوّزا
همّي تلقّي علم او إلقاؤه
…
ممّا يؤمّل نفعه يوم الجزا
وعقائل الآداب ما لم تصطنع
…
بعد التّثني أو شكت أن تنشزا
وعزيزة الأبيات أودع نظمها
…
من واضح الآيات ما قد أعجزا
(1) أوردت القصيدة في ديوان ابن خاتمة:191 نقلا عن نثير الجمان.
10لو واصل بن عطاء * أعطي وصلها
…
لم يعتزل عن حسنها، ولها اعتزى!
ولأصبحت فيما أتاه أسوة
…
يعتادها من جدّ قولا أو هزا (1)
حيّى بها (كالابن)(2) بل أحيى بها
…
ماضي البديهة مسهبا أو موجزا
قسما بما خطّت غوالي نقسه (3)
…
في وجه صفحتها الذّي لا يوتزى (4)
ما جنّة بالحزن دبّج وشيها
…
وكّاف (5) مزن لم يبت مستوفزا
15 قد عمّها وجه الزّمان محاسنا
…
تستوقف الأحداق أن تتجوّزا (6)
لغناء ساجعها افتتان مساجل
…
يثني عليها مفصحا أو ملغزا
(*) واصل بن عطاء (80 - 131) من رؤوس المعتزلة. كان من أئمة البلغاء والمتكلمين، وكان يلثغ بالراء فيجعلها غينا؛ فتجنب الراء في خطابه، وضرب به المثل في ذلك.
(1)
يريد: من جد أو هزل. وقد ورد مثل هذا الحذف في الشعر.
(2)
فيهما: كالابن. ولم تظهر.
(3)
وردت الكلمتان في الأصلين «عوالي نفسه» . ولعل ما أثبته هو الصحيح لسياق المعنى. والغوالي جمع غالية «ضرب من الطيب» . والنقس: الحبر.
(4)
آزى الشيء: حازاه وجاراه.
(5)
في م: وكف.
(6)
يريد: محاسن تجتذب النظر اجتذابا.
سحب النّسيم بها فضول ذيوله
…
فتضوّعت طيبا ولانت مغمزا
بأتمّ أنفاسا وأعذب نغمة
…
منه، لدى سمع، وآنق حيّزا
إيه مهيّجة الجوى بجوانحي
…
شوقا لمن بحلى علاه تميّزا
20 بحياة ودّي في امتداد حياته
…
ووفاء عهد صنته أن يغمزا (1)
قولي وزيدي وابسطي لي حاله
…
لا توجزي، ما حقّه أن يوجزا
وصفي ففي أوصافه ما يجتلى
…
صدعا بها فبوحيها لا يجتزا (2)
لمحمد بن جزيّ آية سودد (3)
…
قد ظلّ في العليا بها متميّزا
ندب إذا ما المجد نيل بمهنة (4)
…
لم يأل أن يحظى به متعزّزا
25 أضحى ذكاء بني جزيّ (غدوا)(5)
…
شهب العلاء بكلّ أفق حيّزا
(1) يريد وفاء عهد صادق لا مطعن فيه.
(2)
اجتزأ به: اكتفى.
(3)
أضلها بالهمز، وسهلت.
(4)
الندب: النجيب، الخفيف في الحاجة. واستعمل الشاعر «المهنة» هنا بمعنى المهانة.
(5)
في الأصلين: غدوا، ولم يتوجه.
[52/أ]
وعد الزمان به اعتدال محاسن
…
والآن آن لوعده أن ينجزا
وإليكها منّي تعلة معوز
…
فلقد سموت إليه سهلا معوزا
جانبت ما جانبت فيه تشيّعا
…
فمن انتبذت فنبذه عندي الجزا (1)
يا أخي، الذي سما وده أن يجازى، وسيّدي، الذي علا مجده من أن يوازى. وصل الله تعالى لك أسباب الاعتلاء والاعتزاز. و «كاف» مالك من الاختصاص بالفضائل والامتياز. أما إنه لو وسع التخلّف عن جواب أخ أعزّ، ولم يجب التّكّلّف على توسّد العجز، لغطّيت عجزي عن عين تعجيزك؛ ولما تعاطيت المثول في زيّ مناهزك أو مجيزك. لكنّه في حكم الودّ المكنون المكنوز؛ ممّا لا يحلّ ولا يجوز. فلكم الفضل في الإغضاء عن عاجز، دعاه حكم التّكلّف إلى القيام مقام مناجز. وإن لم يكن ذلك عند الإنصاف، وحميد الأوصاف من الطّائع الجائز. فعن جهد ما بلغ وليّك إلى هذه الأجواز، ولم يحصل من الحقيقة إلا على المجاز. أما ما ذهبتم (2) إليه من تخميسي القصيدة التي
(1) تجنب حرف الراء.
(2)
لم يثبت ابن الأحمر غير قصيدة لابن جزي ولم يصلها برسالة كما صنع في إيراد قصيدة ابن خاتمة ورسالته. ويبدو من الكلام أن ابن جزي كان قد أثنى على قصيدة مخمسة لابن خاتمة كما ترى. قلت، وفي ديوان ابن خاتمة تخميس (تسميط) لطيف لقصيدة ابن الخيمي مطلعها: =