الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكتب في الحضرة النّصريّة لستّة من ملوكنا، وقلده الوزارة السلطان أبو الحجّاج يوسف ابن عمّ أبينا مضافة إلى رياسة الكتّاب.
حاله-رحمه الله
-:
كان قد امتطى من ديوان الإنشاء جوادا تقدّم به مجليّا، وغدا كل منتم لهذه الطريقة له مصلّيا. وطلع في سماء الإحسان غيثا، وبرز في ميدان العلوم ليثا. وفي تصريف الأفعال ينسيك سيبويه، وفي علم اللّغة يعفي أثر ابن درستويه، وفي الصنعة البديعية والبيانية يزري بابن سماك، وينسي مآثر ابن سكاك. وشعره وسط، وفهمه مرتبط، وهو عارف بأيام العرب ووقائعها، محصّل لمآثرها وبدائعها.
فمن قوله-رحمه الله-يمدح أمير المسلمين الغالب بالله، الناصر لدين الله أبا عبد الله محمد المخلوع (1) ابن جدّنا أمير المسلمين أبي عبد الله محمد الفقيه ابن جدّنا أمير المسلمين الغالب بالله أبي عبد الله محمد صاحب الدبوس ابن جدنا الأمير أبي الحجّاج يوسف الشهير بالأحمر ابن جدّنا أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الخزرجي (2):
زارت تجرّر نخوة أذيالها
…
هيهات تخلط بالنّفار دلالها (3)
والشمس من حسد لها مصفرّة
…
إذ قصّرت عن أن تكون مثالها (4)
(1) هو الأمير الغالب بالله محمد بن محمد بن محمد، الملقب بالمخلوع، ثالث ملوكهم. ولي الإمارة سنة 701، وخلعه السلطان نصر سنة 708. (اللمحة البدرية:47).
(2)
ذهب جزء من مطلع القصيدة في الديوان، وبقيتها فيه (الورقة 69،70). والقصيدة في نثير فرائد الجمان 240، ونفح الطيب 5:436 وفي روايات القصيدة اختلافات طفيفة. وقدم المقري للقصيدة بقوله «وقال يمدح ويصف مصنعا سلطانيا» .
(3)
في النفح: بنخوة.
(4)
في النفح: فالشمس.
وافتك تمزج لينها بقساوة
…
قد أدرجت طيّ العتاب نوالها
كم رمت كتم مزارها لكنّه
…
صحّت دلائل لم تطق إعلالها
تركت على الأرجاء عند مسيرها
…
أرجا كأن المسك فتّ خلالها
ما واصلتك محبّة وتفضّلا
…
لو كان ذاك لواصلت إفضالها
لكن توقّعت السلوّ فجدّدت
…
لك لوعة لا تتّقي ترحالها
فوحبّها قسما يحقّ بروره
…
لتجشّمنّك في الهوى أهوالها!
حسّنت نظم الشعر في أوصافها
…
إذ فتّحت لك في الهوى أقفالها (1)
يا حسن ليلة وصلها ما ضرّها
…
لو أتبعت من بعدها أمثالها
لمّا سكرت بريقها وجفونها
…
أهملت كاسك لم ترد إعمالها
هذا الربيع أتاك ينشر حسنه
…
فافسح لنفسك في مداه مجالها
واخلع عذارك في البطالة جامحا
…
واقرن بأسحار المنى آصالها
في جنّة تجلو محاسنها كما
…
تجلو العروس لدى الزّفاف جمالها
شكرت أيادي للحيا شكر الورى
…
شرف الملوك همامها مفضالها
وصميمها أصلا وفرعا، خيرها
…
ذاتا وخلقا، سمحها، بذّالها
الطاهر الأعلى الأمين المرتضى
…
بحر المكارم غيثها سلسالها
حاز المعالي كابرا عن كابر
…
وجرى لغايات الكرام فنالها
[36/ب]
إن تلقه في يوم بذل هباته
…
تلق الغمائم (2) أرسلت هطّالها
(1) في نثير الفرائد والنفح: *إذ قبحت لك في الهوى أفعالها*.
(2)
في النسختين الغمام. والصواب من النفح.
(1)
أو تلقه في يوم حرب عداته
…
تلق الضراغم فارقت أشبالها
ملك إذا ما صال يوما صولة
…
خلت البسيطة زلزلت زلزالها
فبسيبه وبسيفه نيل المنى
…
واستعجلت أعداؤه آجالها
الواهب الآلاف قبل سؤالها
…
فكفى العفاة سؤالها ومطالها
إن قلت: بحر كفّه، قصّرت إذ
…
شبّهت بالملح الأجاج نوالها
ملأ البسيطة عدله وأمانه
…
فالوحش لا تعدو على من غالها!
وسقى البريّة فيض كفيّه فقد
…
عمّ البلاد سهولها وجبالها
جمع العلوم عناية بفنونها (2)
…
آدابها، وحسابها، وجدالها
منقولها، معقولها، وأصولها
…
وفروعها، تفصيلها، إجمالها
فإذا عفاتك عاينوك تهلّلوا
…
لمّا رأوا من كفّك استهلالها
وإذا عداتك أبصروك تيقّنوا
…
أنّ المنيّة سلطت رئبالها
بدّدت شملهم ببيض صوارم
…
روّيت من علق الكماة نصالها
وابحت أرضهم فأصبح أهلها
…
جزرا (3) تغادر نهبة أموالها
فتحت إمارتك السعيدة للورى
…
أبواب بشرى واصلت إقبالها
وبنت مصانع رائقات ذكّرت
…
دار النّعيم جنانها وظلالها
وأجلّها قدرا وأرفعها مدى
…
هذا الذّي سامى النّجوم فطالها
(1) من هنا يبدأ الموجود من القصيدة في الديوان، فإن ورقة واحدة منه-على الأقل- سقطت من حرف اللام.
(2)
في الديوان ونثير الفرائد «بفنونها» وفي النفح: بعيونها.
(3)
في الديوان ونثير الفرائد: جزرا، وفي النفح خورا.
هو جنّة فيها الأمير مخلّد
…
بلغت إمارته به آمالها
ولأرض أندلس مفاخر أنتم
…
أربابها أضفيتم سربالها
فحميتم أرجاءها وكفيتم
…
أعداءها، وهديتم ضلاّلها
فبآل نصر فاخرت لا غيرهم
…
لم تعتمد من قبلهم أقيالها
بمحمّد ومحمد ومحمّد
…
قصرت على الخصم الألدّ نصالها
فهم الألى فتحوا لكّل عظيمة
…
جردا كسبين من النّجيع جلالها
وهم الألى فتحوا لكل ملمّة
…
بابا أزاح بفتحه إشكالها
(1)
متقلّدون من السيوف عضابها
…
متأبّطون من الرّماح طوالها *
(1) بقي من القصيدة في الديوان-والنفح-أربعة أبيات.
(*) كان منهاج المؤلف يقتضي أن يترجم هنا للوزير الخطير أبي عبد الله محمد بن الخطيب الشهير بلسان الدين بعد ترجمة شيخه وسلفه أبي الحسن بن الجياب. وقد بقي في المخطوطتين من نثير الجمان فراغ في آخر ترجمة ابن الجياب. وتجد بعد ذلك صفحة ونصف الصفحة لأشعار عباسية اختارها المؤلف أو غيره مقطوعة عن غرض الكتاب ثم يأتي الباب الثامن. ومجمل القول أن ترجمة لسان الدين لم ترد. ويظهر أن السبب في ذلك هو أن المؤلف صنف كتابه هذا في حدود 775 - 776 (راجع تفاصيل ذلك في نثير فرائد الجمان 105 - 106) وهي المدة التي كان فيها المؤلف ناقما على لسان الدين، الذي كان قد غادر الأندلس مزورا عن أمير غرناطة الغني بالله منذ 773 في خبر طويل. ويبدو أن المؤلف لم يترجم للسان الدين منتظرا انتهاء الخلاف؛ فالغني بالله ابن عم للمؤلف المتعصب لأسرته الإمارية. ولقد انتهى الخلاف بعد ذلك بوفاة لسان الدين على أيدي جماعة الغني بالله ووفده إلى فاس. وما ندري أعاد المؤلف إلى كتابه فأضاف إليه ترجمة لابن الخطيب أم أرسل كتابه هذا ناقصا، كما هو هو الحال مع النسختين اللتين وصلتا إلينا منه. ولسان الدين بن الخطيب هو من أسرة شهيرة في غرناطة، وأصلهم من مدينة لوشة القريبة من غرناطة. ولد سنة 713، وانتظم -بعد أن اشتد عوده- في جملة الكتاب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في ديوان بني نصر بغرناطة، وأعجب به شيخه ورئيسه ابن الجياب، ومهد له. ولما توفي ابن الجياب في طاعون سنة 749 قدم الأمير النصري يوسف، لسان الدين بن الخطيب على كتابه. وما لبث أن ترقى في المناصب وحاز الثقة. فلما تولى محمد بن يوسف (محمد الخامس، الغني بالله) أمور غرناطة استأثر بلسان الدين وقربه وقلده المهم من أموره. فاتخذ رسوم الوزارة ورئاسة الكتاب والسفارة، وما يليق به على رضى الأمير ورغبته. ولما وقع الانقلاب على الغني بالله سنة 761 لحق به لسان الدين إلى المغرب، وعاد معه 763 بعد استرداد ملكه، وبقي معه أثيرا إلى أن أحس من مخدومه تغيرا، فلجأ إلى المغرب 773، وكان الملك المريني ووزراؤه من أنصار لسان الدين. ولما تبدل السلطان المريني الملقب بالسعيد وجاء أبو العباس أحمد المستنصر-وكان من صنائع الغني بالله- جاء وفد غرناطي فيه ابن زمرك تلميذ ابن الخطيب وخلفه، وانتهى ابن الخطيب إلى السجن، ثم قتل فيه صبرا. رحمه الله. انظر في ترجمته: نثير فرائد الجمان 242، والدرر الكامنة 3:469 والتعريف بابن خلدون 85 - 92 أما نفح الطيب للمقري فقد ألفه أساسا للترجمة للسان الدين ثم اتسع الكتاب (راجع مقدمة المؤلف ج 1)؛ وكتاب الأستاذ محمد عبد الله عنان عن لسان الدين (ط الخانجي). وانظر فيه ثبت مؤلفاته؛ وبرو كلمان (تاريخ الأدب العربي 2: 260 والملحق 2:372).