المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح - أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

[ابن الأحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة مؤلف الكتاب]

- ‌الباب الأولفي فضل الشّعر وإباحة إنشاده بالمساجد

- ‌والاستعارة

- ‌والتمثيل

- ‌والاشارة

- ‌ذكر ألقاب في صناعة البديع

- ‌أما التجنيس

- ‌وأما الترصيع

- ‌وأما الاشتقاق

- ‌وأما التطبيق

- ‌وأما لزوم ما لا يلزم

- ‌وأما التضمين المزدوج

- ‌وأما الالتفات

- ‌والاعتراض

- ‌وأما اللف والنشر

- ‌وأما التّفسير

- ‌وأما التعديد

- ‌وأمّا التّخييل

- ‌وأما المتواتر

- ‌وأما رد العجز على الصدر

- ‌وأما المساواة

- ‌وأما العكس والتبديل

- ‌وأما الاستدراك والرّجوع

- ‌وأما الاستطراد

- ‌وأما الاستهلال

- ‌وأما التّخليص

- ‌وأما الترديد

- ‌وأما التّتميم

- ‌وأما التفويف

- ‌وأما التّجاهل

- ‌وأما الهزل الذي يراد به الجدّ

- ‌وأما التّنبيه

- ‌الباب الثانيفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين (*) ملوك المغرب

- ‌أمير المسلمين أبو الحسن علي بن أمير المسلمين عثمان بن أمير المسلمينيعقوب بن عبد الحق

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين المتوكل على الله فارس رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخوه لأبيه أمير المسلمين عبد العزيز-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الأمير منصور

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الشيخ أبو الحسن علي بن بدر الدينابن موسى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الأمير عبد الحق المريني

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثالثفي شعر ملوك بني الأحمر من بني نصر قومي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين الغالب بالله المتوكل على الله محمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه [الله]

- ‌الرئيس إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الرابعفي شعر ملوك الموحّدين الحفصّيين وأنبائهم

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله المنصور بفضل الله محمد بن أبي بكر ابنإسحاق بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن أبي حفص

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين أحمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله:

- ‌أخوه لأبيه أمير المؤمنين الناصرلدين الله المنصور بفضل عمر

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله رحمه الله تعالى:

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بنأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي يحيى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأمير زكريا بن أمير المؤمنين أبي محمد عبد الواحد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أعزه الله

- ‌الباب الخامسفي شعر ملوك بني زيّان من بني عابد الوادي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين المتوكل على الله موسى بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأمير الحاج يوسف بن عمر بن يعقوبابن الأمير عامر بن أمير المسلمين يغمراسن بن زيّان

- ‌[كنيته:]

- ‌[32/ أ] حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأخلص محمد بن الأمير أبي سرحان مسعود:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الباب السادسفي شعر ملوك بني العز في وأبنائهم

- ‌الأمير محمد بن الأمير يحيى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه صاحبنا محمد-سلمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌الباب السابعفيما بلغنا من شعر كتّاب قومي بني الأحمر ملوك الأندلس

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثامنفيما بلغنا من شعر وزراء قومي بني الأحمرمن بني نصر ملوك الأندلس

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىأحمد بن إبراهيم بن صفوان

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الخطيب القاضي الكاتب صاحب القلم الأعلى:عبد الحق بن محمد بن عطية المحاربي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله

- ‌الباب التاسعفيما بلغنا من شعر قضاة بلادنا الأندلسيّة وفقهائها

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب:محمد بن أحمد الحسنيّ

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الخطيب علي بن أحمد الحسني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رضي الله عنه

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن محمد السّلمي

- ‌[كنيته:]

- ‌نسبه:

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب القاضي محمد بن عمر بن علي بن عتيق القرشي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب أحمد بن محمد بن أحمد بن محمدابن عبد الله بن جزي الكلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌وأبوه، أبو القاسم محمد كان خطيب الجامع الأعظم بغرناطة

- ‌والقاضي أبو بكر

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب علي بن عبد الله بن الحسنالجذامي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن علي بن محمد بن علي ابن محمد بن محمد بن خاتمة الأنصاري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب فرج بن قاسمابن أحمد بن لب التغلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الحاج محمد بن محمد بن الشّديد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الضرير:محمد بن أحمد بن علي بن جابر الهواري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الحاجإبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب العاشرفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىعبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الرئيس الحاجب الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أبي عمرو التميمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه القاضي الخطيب الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد اللهابن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوانابن يوسف بن رضوان النجاري الخزرجي

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الكاتب القاسم بن يوسف بن رضوان رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى وكاتب الأشغال السلطانيةعلي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الحكيم بن تادرارت

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن شعيب الجزنائي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الله بن أبي مدين شعيب العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد ابنأبي مدين

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله: -رحمه الله تعالى

- ‌أخوه الفقيه الكاتب شعيب بن محمد ابن أبي مدين شعيب بن مخلوف العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌ابنه الفقيه الكاتب حمزة بن شعيب ابن محمد بن أبي مدين شعيب

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه القاضي الكاتب علي بن محمدابن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب يحيى بن إبراهيم ابنزكريا الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد الرحمن بن محمد بنخلدون الحضرمي

- ‌حاله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد[87/ب] المنّان الانصاري الخزرجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الحادي عشرفيما بلغنا من شعر قضاة المغرب وفقهائها

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن علي بن عبد الرزاق الجزولي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب القاضي محمد بن أحمد بن عبد الملك بنشعيب بن عبد الله بن موسى بن مالك الفشتالي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الحسن بن عثمان بن عطيّة بن موسى بنيوسف بن عبد العالي التّجاني المعروف بالوانشريسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الخطيب الحاج عبد الرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن عبد الله بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد الحفيد بن الفقيهالقاضي أبي القاسم أحمد بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بنرشد الأموي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

- ‌[كنيته:]

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىءعبد الله بن محمد البكري

- ‌‌‌[كنيته:]

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن عمر بن توقرت الموحد التينملي:

- ‌حاله رحمه الله:

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن الشيخ الصوفي الصالح أبي عبد الله محمد الأنصاري الخزرجي الشهير بالدباغ

- ‌حاله-سلمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه عبد الغفار بن موسى البوخلفي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن محمد بن محمد ابن داود الصنهاجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء (اللغوي) علي بن محمد بنعمر الصنهاجي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الشيخ الفقيه الصوفي محمد بن أحمد بن شاطر الجمحي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه العدل محمد بن أحمد بن ابراهيم بن موسى الكومي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الصوفي محمد بن [122/ب] أحمد المكودي رحمه الله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه محمد بن يوسف بن أحمد بن محمد بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه العدل إبراهيم بن علي العباسي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌صاحبنا سعيد بن إبراهيم السدراتي رحمه الله تعالى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثاني عشرفيما قيل من الشعر في السّيفالذي بصومعة جامع القرويين من مدينة فاس

- ‌الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد المنان الخزرجي

- ‌[الفقيه المتفنن النحوي أبو عبد الله محمد بن موسى بن ابراهيم الماجري]

- ‌[أبو المكارم منديل بن محمد بن محمد بن داود بن آجروم الصنهاجي]

- ‌[الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالربيب:]

- ‌[الفقيه الكاتب التاريخي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الخزرجي المعروف بالتاوري]

- ‌[الفقيه العدل القارىء أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الصنهاجي المليلي]

- ‌[أحمد بن محمد الأنصاري الخزرجي المعروف بالدباغ]

- ‌[أبو الوليد إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج الشهير بالأحمر]

- ‌[أبو الفضل محمد بن باشر التسولي]

- ‌[ابن باشر]

- ‌[شيخنا الفقيه الكاتب مسعود بن أبي القاسم بن أبي طلاق]

- ‌[الأستاذ النحوي أبو زيد عبد الرحمن بن عليابن صالح المكودي]

- ‌[أبو العلى إدريس بن يحيى ابن محمد بن عمر بن رشيد الفهري]

- ‌[الفقيه المتفنن أبو محمد عبد الغفار البوخلفي:]

- ‌[أبو محمد بن علي الفخار، شهر بالحياك:]

- ‌[الأديب أبو عثمان سعيد بن إبراهيم السدراتي شهر بشهبون:]

- ‌تعليقات

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌للمحقق

- ‌ في سلسلة دراسات أندلسية:

- ‌ في سلسلة الذخائر:

- ‌ في المكتبة الأندلسية:

- ‌ بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور عدنان زرزور

- ‌ أعمال أخرى

الفصل: ‌ ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح

‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

(*):

[كنيته:]

يكنى أبا زيد، وهو من أهل فاس، وبها رأيته، وصحبته.

حاله: هو شاعر مجيد، ومبدىء في البلاغة ومعيد. قد فاق في النحو، وسلم نظمه من الحشو. مقرىء للعلوم الأدبيّة، بنفس مطاوعة غير أبيّه.

وكنت قد سألته شيئا من نظمه، لأنشر رداء معرفته وفهمه.

فأبطأ عليّ بالجواب دهرا، حتى جمع من شعره نزرا. وكتب ذلك في أوراق، وذيّل بكلامه الذي راق. وذكر في أول كلامه اسمي، وطرزه برسمي. لما توالى تكرار السؤال عليه، ودؤب الطلب مما من النظم لديه. وبعث بذلك إلي، وألقى زمامه في يديّ. واخترت منه ما يعلمه (1) باتساع باعه، وانطباع طباعه.

وهذا ما كتب في صدر كلامه، وما ذيل به عند ذكر نظامه:

(*) أبو زيد عبد الرحمن المكودي (ت 708)، فاسي. ونسبته «المكودي» إلى بني مكود إحدى قبائل هوارة. وكان المكودي «إماما في اللغة والنحو والعروض وسائر فنون الأدب» . ألف شرحا على الألفية كان له ذيوع، وشرحا على الآجرومية، وعلى «المقصور والممدود» لابن مالك، وغير ذلك. واشتهرت مقصورته التي مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تدل على تضلعه في اللغة وتملكه ناصية الأدب. (نيل الابتهاج 169، نفح الطيب 5:428 في ذكر شيوخ ابن مرزوق الحفيد، والنبوغ المغربي:210).

(1)

فيهما: ما يعلمه، والأشبه: ما يعلم.

ص: 372

«يقول عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي-لطف الله به- سألني صاحبنا الشهير بالنبل والذكاء، وسروة الهمّة والبهاء. الضابط لفنون الآداب، العالم بعيون التاريخ والأنساب. رافع راية القريض، وناشر لوائه الطويل العريض. علم الرؤساء [102/ب] ودرّة أبناء الأمراء أبو الوليد إسماعيل بن الرئيس أبي الحجاج يوسف بن الأحمر الخزرجي أن أقيّد له شيئا من شعري فلم أسعفه بمطلوبه، ولا عجّلت له بمرغوبه؛ استحقارا لشعري، واستضعافا لما صدر من نظمي ونثري.

وهجرا للأدب وطريقته، وقلى لمجازه وحقيقته. طريقة كثر قائلها وقلّ نائلها! فلو أمكن أن يجتمع في زماننا هذا أبو تمام باغترافه من بحره، وأبو الطّيب باقتطافه من زهره، وأبو العلاء بنحته من صخره، على استخراج درهم واحد من أهل زماننا لما حظوا منهم بنائل، ولا وقفوا في أمورهم على طائل! دهر وقى الله من حوادثه سيّان ذو الجهل فيه والعالم.

ولما كان السائل المذكور ممن لا يسعني خلافه، ولا يمكنني إلا إسعاده وإسعامه؛ قيدت له شيئا من شعري، مع نبذ من نثري.

وليتخير من ذلك ما يستجيده، وينتخب ما يريده. والله يعصمنا من الزّلل، ويهدينا إلى صالح القول والعمل».

قال إسماعيل مؤلف هذا الكتاب: فمما اخترت من كلامه الرائق ونظامه العذب الفائق؛ قوله يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي القصيدة (1)

(1) ذكر أحمد بابا في نيل الابتهاج 4 أبيات من آخر المقصورة ينكت على مقصورتي حازم وابن دريد. ونقل العلامة الأستاذ عبد كنون في كتابه النبوغ المغربي قطعة كبيرة من القصيدة. وفي قراءته للنص خلافات يسيرة، وقد يعمد إلى تعديل كلمة بأخرى على جهة التنقيح، مما لم أجد ضرورة لإثباته.

ص: 373

التي ضربت في البلاغة بسهم، وحازت من الفصاحة أوفر سهم:

أرّقني بارق نجد إذ سرى

يومض ما بين فرادى وثنى

أهّبتي إذ هبّ منه موهنا

ما سدّ ما بين الثريّا والثّرى

شممت من أرجائه إذ شمته

ريح صبا أطوع من ريح الكبا

فيا له من بارق ذكّرني

من الهوى ما كنت عنه في غنى!

5 أثار شوقا كان مني كامنا

بين ضلوع طالما فيها ثوى

[103/أ]

فكان قلبي المجتوى إذ هاجه

كالزّند إذ أوراه مور فورى

وسحّ سحب مقلتي فما بقي

نوع من الدّمع بها إلا همى

ما كنت أدري قبل أن أنفده

أنّ البكا يمنعني من البكا!

وليلة سبحت في ظلمائها

إذ سحبت فضول أذيال الدّجا

10 ألفت فيها كل ما ألفيته

يوهي القوى إلا التّسلي والكرى

طالت وما أطلّ بازي صبحها

إلا باغيا (1) ما لديها من جوى

قد وقفت نجومها في أفقها

وقفة حيران طويل المشتكى

جبت بها وحدي قفرا سبسبا

ليس به إلا النّعام والمها

نائي الزّيازي (2) والفلا، داني الصّفا

خالي الفيافي والذّرى، خافي الصّوى (3)

(1) أغيى السحاب: أقام. وبإغيا أي بغاية.

(2)

الزيازي جمع الزيزاء: ما غلظ من الأرض.

(3)

صوى جمع صوة (بواو مشددة): وهو حجر يكون علامة في الطريق.

ص: 374

15 قطعتها ببازل ذي مرّة

ينوّع السير بأنواع المشى

فتارة يعمل فيها الهيدبى

وتارة يعدو عليها الخيزلى

كأنّ رحلي إذ علوت ظهره

فوق متين المتن وجريّ القوى

من وحش مهمه بعيد غوره

ذي أكرع أصلب من صمّ الصّفا

يقذف بي من فدفد لفدفد

وينتهي بي من فلا إلى فلا

20 حتّى إذا انتضى الصباح نصله

وقدّ جلباب الدّياجي فانفرى

كأنّه كتائب قد نشرت

راياتها على الإكام والرّبى

أحسّت الشّهب بها فأجفلت

وأمّت الغرب وجدّت في السّرى

إذا أنا ببقعة غيطانها

جرى بها سلسال نهر وانحنى

كأنّه معصم خود غادة

على رداء قد وشاه من وشى

25 وظلّ روض راضه صوب الحيا

فاعتمّ من نور حلاه واكتسى

باكره وسميّه فانفتحت

كمامه عن زهر طيّب الشّذا

وهزّ أيدي الرّيح منه قضبا

غنّى بها الطّير الأغنّ وشدا

[103/ب]

أحسن به روضا نميما عرفه

معطّرا داني القطوف والجنى

ص: 375

قد نثرت شمس الغداة أيدعا (1)

فيه وقد بلله قطر النّدى

30 وقفت طرفي بإزاء دوحه

أسرح طرفي في مبانيه العلا

وأشتكي دهرا دهاني صرفه

لمّا قضى بالبين فيما قد قضى

منازل كانت بنا أواهلا

نلنا بها حينا أساليب المنى

كم بتّ في أفنائها أجري إلى

غاياتها بطرف جد ما كبا

وكم سحبت إذ صحبت غيدها

بروضها ذيل السّرور والهنا

35 وكم مددت من سرادق على

ضفّة نهر أرج رحب الذّرى

وكم سعدت إذ صعدت صهوة

لمنزه منزّه عن الخنا

وكم هصرت فيه من غضن نقا

من قدّ ظبي أهيف طاوي الحشا

وكم لثمت زهر ثغر أشنب

من شادن عذب الثنّايا واللّمى

وكم رشفت من رضاب سلسل

يفعل بالألباب أفعال الطّلا

40 أيّام أزهار المنى مونقة

والدّهر ذو وجه منير المجتلى

تزفّني من الأماني دائبا

عرائس ذوات حلي وحلى

(1) الأيدع: الزعفران.

ص: 376

أنى أرجّي لفؤادي سلوة

من بعد بعد المونقات المجتنى؟

يا ليت شعري والأماني خدّع

هل يرجع الدّهر لنا ما قد مضى؟

وهل لنا من عودة لمعهد

صبوت فيه جلّ أيّام الصّبا؟

45 إذ لا مشيب فوق فودي يرعوى

من شينه، ولا رقيب يختشى!

أيّام أنس أسرعت في خطوها

كذا اللّذاذات سريعات الخطا

يا قلب لا تجزع فأنت قلّب

وأنت عندي ذو دهاء وحجا

فلا يهولنّك صرف الدّهر في

ما قد جنى عليك من خطب النّوى

[104/أ]

فكلّ وصل ينتهي لفرقة

تفرى العرى منه وإن طال المدى

50 والدّهر في صروفه ذو عجب

يدني بها كلّ جديد للبلى

يبكي إذا أضحك يوما أهله

ويعقب الكرب إذا العيش صفا

كم ملك ذي نجدة في ملكه

يضيق عن جنوده رحب الفضا

ص: 377

قد ملك الأرض وراض صعبها

وشيّد القصور فيها والبنى

أخنى عليه دهره وعاقه

عن كلّ ما شيّده وما بنى

55 أين الألى شادوا وساسوا ملكهم

كمثل ساسان وعاد وسبا

دارت على أدؤرهم (1) دوائر

وجرّعوا كاس المنايا والرّدى!

وأين باني إرم وجيشه؟

صاروا رميما تحت أطباق الثّرى!

وملك كسرى حين تمّ أيده

أوهته أحداث اللّيالي فوهى

ولم تقصّر عن ملوك قيصر

حتّى أبادتهم وطاحوا في التّوى (2)

60 ولم تدع من ملك غسّان فتى

سامى المعالي في ذراها وسما

وكم ملوك قهروا بملكهم

أسد الشّرى صاروا حديثا في الدّنى

هذي هي الدّنيا فلا يغررك ما

تراه فيها من سرور وهنا!

فانفض يديك من عراها وارمها

وابرأ بها (3) إن كنت من أهل النّهى!

(1) أدؤر ج دار.

(2)

التوى: الهلاك.

(3)

كذا في الأصلين وقرأها الأستاذ كون: وادرأ بها.

ص: 378

وظنّ بالإخوان شرّا واخشهم

وصيّر الأحباب منهم كالعدا

65 وإن أردت خبرهم فاخبر فما

خبر قوما أحد إلا قلا!

وسرّك اكتمه عن الخلق ولا

تطلع عليه أحدا من الورى

واقنع-على عزّ-بما يكفي ولا

تحرص فإنّ الحرص ذلّ للفتى

وساير الناس على أخلاقهم

وساعد المسعد واحمل من جفا

وصافهم وإن أساؤوا نيّة

فإنّما لكلّ شخص ما نوى

[104/ب]

71 كم من صديق مظهر لودّه

لكن له قلب على الحقد انطوى

يشكر في وجهك إن لاقيته

وإن تغب يغتبك في كلّ ملا

يذيع ما يراه من قبح وإن

رأى جميلا منك أخفى ما رأى

فاترك إخا من هذه سيرته

واهجره في الله ودعه والعمى

ولا تهابنّ ذوي الجهل وإن

راقك منهم منتدى ومنتمى

75 كم من أناس كالأناسي منظرا

فهم إذا أشبه شيء بالدّمى

وكم رجال في الدّنى ليس لهم

من العلا إلاّ الأسامي والكنى

يرون أنّ المجد والعلياء في

ما ينتقى من أبّهات وكسا

ليس العلا والمجد إلاّ لامرىء

رقا إلى أفق المعالي وارتقى

ص: 379

وصمّم العزم على ترك الهوى

وجدّ في طلاب ما يجدي الثّنا

80 وانتعل الشّهب الدّراري رفعة

وامتهد البدر المنير واعتلى

وما المعالي غير علم رائق

يصيّر المرء على أعلى السّها

طوبى لمن برّز في ميدانه

وابتدر السّبق لديه وجرى

وجدّ فيه وحماه جدّه

حتّى ارتقى منه بأسنى مرتقى

ودان بالدّين القويم والعلا

وازدان بالخلق الجميل والتّقى

85 لله قوم قارعوا أنفسهم

عن الهوى إذ قرعوا باب الرّضا

عابوا نفيس الدّرّ والعقيان إذ

باعوا نفوسهم بأنفاس علا

وأنت يا نفس شغلت بالهوى

حتّى هويت منه في قعر هوى!

فرّطت إذ أفرطت في اكتساب ما

يردي ولم أسلك سبيل من نجا

كم خضت في بحر المعاصي جامحا

لا أرعوي نصحا للحي من لحا

[105/أ]

90 وكم تعبت إذا تبعت أملا

قد انقضت لذّته وما انقضى!

واحسرتا قد مرّ عمري ضائعا

بين خزعبلات لهو وهوى

هلكت في الهلاّك لولا أنّني

ذخرت ذخرا (1) أرتجي به الهدى

(1) في الأصلين بالدال المهملة. ونرجح ما أثبت للمعنى.

ص: 380

وليس ذخري غير مدح أحمد

سيّد أهل الأرض طرّا، وكفى

محمّد أسمى النّبيّين علا

ومن كأحمد النّبيّ المصطفى

95 أكرم مبعوث لخير أمّة

فضّلها الله به على الورى

توراة موسى قد أتت ببعثه

وصدّق الإنجيل ما فيها أتى

قد أكثرت في كتبها الأحبار من

ما أخبرت (1) من فضله فيما مضى

وأشرقت بنوره الآفاق في

مولده، وشرقت منه اللها

فالملك كسرى قد تداعى صرحه

وانقضّت الأرجاء منه وهوى

100 وفارس قد خمدت نيرانها

وألف عام سعرت فيها خلا

وغار نهر ساوة (2) فساءها

ما لقيت من ظمأ ومن صدى

وخرّت الأوثان يوم بعثه

وظهر الذّلّ عليها وبدا

وانبعثت ثواقب الشّهب ترى

محرقة للجنّ في جوّ السّما

وكم له من آية بيّنه

ومعجزات مثل إشراق الضّحا

105 منهنّ نطق الذّيب في تصديقه

والعير أيضا والذّراع والرّشا

(1) في الأصلين: اخترت ولعلها كما أثبت.

(2)

ساوة: قرية في الطريق ما بين همذان والري. وهي التي روي أن الموبذان رأى في منامه أن بحيرتها غاضت، في حين رأى كسرى ارتجاس الإيوان وخمود النيران. (راجع الروض المعطار 297).

ص: 381

ومن عظيم المعجزات أنّه

قد سبّحت في كفّه صمّ الحصا

والجذع إذ فارقه حنّ كما

تحنّ ثكلى هاجها حرّ الجوى (1)

والسّرح بالشّام لها أعجوبة

إذ عفّرت أغصانها على الثّرى

والأيك إذ أمرتها فأقبلت

وما بقي عرق بها إلاّ انفرى (2)

110 وقلت عودي فكأنّ أصلها

ما زال عن موضعه ولا نأى

[105/ب]

والشاة إذ مسحتها عادت به

بعد الهزال ذات نحض يشتهى (3)

فروّت الرّكب بشكر (4) ضرعها

إذ سحّ منها الضرع ذرّا وانهمى

وفي انشقاق البدر أيّ آية

بانت وما كانت حديثا يفترى

وكم مشت من فوقه غمامة

تقيه حرّ الشّمس حيثما مشى

(1) في الأصلين: الجدا. قلت والأشبه «الجوى» . والجذا-بضم الجيم-ج جذوة: القبسة من النار والجمرة، وفيه تكلف.

(2)

انفرى: انشق.

(3)

النحض: اللحم أو المكتنز منه.

(4)

شكرت الناقة: امتلأ ضرعها، وأشكر الضرع: امتلأ.

ص: 382

115 وآية الغار مع الصّديق إذ

تواريا في جوفه عن العدا

قال له الصّديق كيف نختفي

ونحن فيه عرض لمن يرى؟

فقال: لا تحزن، فإنّ الله قد

حجبنا عن كلّ ضر وأذى

فحاك فيه العنكبوت سادلا

ببابه في الحين سجفا قد ضفا

وسترت وجه النبيّ سرحة

جاءت إلى الغار بأغصان علا

120 وحام في الحين الحمام حاميا

كأنّه مذ أزمن فيه ثوى

وليلة المعراج أجلى آية

إذ سار من مكّة ليلا وسرى

فاخترق السّبع الطّباق صاعدا

حتّى انتهى منها لأعلى منتهى

وائتمّ سكان السّماوات به

من ملك ومن نبيّ مجتبى

سايره جبريل حتّى أشرفا

معا على بحار نور وسنا

125 فقال جبريل تقدّم راشدا

هذا مقامي في السّماوات العلى

ص: 383

فاخترق الأنوار يمشي وحده

والحجب تنجاب له حيث انتمى

وقامت الأملاك إجلالا له

أمامه يسعون حيثما سعى

ناداه في ذاك المقام ربّه

يا صفوة الخلق ادن مني، فدنا

فكان منه قاب قوسين فما

كذب إذ ذاك الفؤاد ما رأى

130 خلا به حتّى حباه آية

ما زاغ فيها بصر ولا طغى

وكان هذا كلّه في ليلة

لم يستلبها الصّبح أثواب الدّجا

[106/ب]

وفي نزول الغيث عام المحل ما

سرّ نفوس الخلق طرّا وجلا

إذ أمسك القطر عن الأرض ولم

ينل بها غيث ولا هبّت صبا!

حتّى دعا الله ليسقي أرضه

فسحّت السّحب بهطّال الحيا

135 وبقيت سبعا تريق ريّقا

راق به نور البطاح والرّبا

فأفرط الوبل على الخلق، فلم

يقلع ولا انجاب الحيا حتّى دعا

والصّاع اتّسعت به ألفا كما (1)

أرويت نصف الألف والألف معا

(1) كذا وقع البيت في الأصلين. قلت ويستقيم وزن الصدر، لو كان:

*واتسعت ألفا به الصاع كما*

ص: 384

وعاد بعد شبع القوم كأن

لم (ينتقص)(1) منه طعام بل نما

وقصّة الزّوراء فيها عجب

إذ روي الجيش جميعا من إنا

140 وضع فيه كفّه فانهلّ من

أنملها ماء نمير وجرى

وكان جيشا من ثلاث مئة

فكلّهم غرف منه وارتوى

وفي نزول الوحي أمر هال إذ

أعجز أرباب البيان والحجا

أنزل في عصر البيان فتلي

على الجميع في البوادي والقرى

طلبتهم في سورة من مثله

فكلّهم إذ ذاك للعجز انتمى

145 فقام منهم كاذب معارض (2)

هذى بعيّ غيّه وما هدى

جاء بقول هلهل مقبّح (3)

وفاه فيه بفرى لا ترتضى

تمجّه الآذان (4) عند سمعه

نظم ركيك النسج، إفك مفترى

كأنّه منطق ورها (5) مسّها

خبل من الجنّ ففاهت بالهرا

(1) في النسختين: ينقص، والمثبت مقترح.

(2)

في «م» معارضا.

(3)

كذا قرأتها، واقرأ «متبح» ؟

(4)

في «ط» الأذهان.

(5)

الورهاء: الحمقاء.

ص: 385

وردّه عين قتادة كما

كانت فعادت ذات حسن وبها

150 وكم أنالت كفّه من نعم

وكم أزالت من وبال وعنا

وكم له من غزوة ذلّت له

فيها رقاب المشركين والعدا

قاد بها من صحبه عساكرا

عزّ بهم دين الإله وسما

[106/ب]

من كل شهم مكم (1) بحزمه

وممتط للعزم أسنى ممتطى

يسقي كؤوس الحتف في يوم الوغى

كلّ عدوّ ضلّ فيها وغوى

155 بكلّ رمح نافذ بادي السّنا

وكل نصل باتر ماضي الشّبا

أسد لدى الهيجاء لكن مالهم

غاب سوى ظلّ القتام والقنا

كم زاولوا الأوراد في ظلمائهم

وقاتلوا الأبطال يوم الملتقى

فهم إذا جنّ الظلام سجّد

وبالنّهار مضرمو نار الوغى

ريع بهم فؤاد كلّ مشرك

من كلّ شاك عاث كفرا وعثا (2)

160 كم صدموا أقيال كلّ جحفل

وكم أداروا بينهم كاس الرّدى

ومن يكن نصيره محمّد

خير الورى تجم له أسد الشّرى

(1) المتكمي في سلاحه: أي المتغطي المتستر بالدرع والغفارة.

(2)

عاث يعيث، وعثا يعثو: أفسد

ص: 386

سل عنهم بدرا وسل أبطالها

ما فعلوا إذ بلغ السّيل الزّبى

جاءت جيوش الشرك في عساكر

بسبق تعدو بهنّ الجمزى (1)

قادوا خميسا غصّت الأرض به

من كلّ ضرغام وليث قد سطا

165 فجاء جبريل بأملاك لهم

خيل من الكدن سريعات الخطا

بعدد ذي كثرة وعدد

ما حاك خلق نسجها ولا حكى

جند حمى الله به نبيّه

أكرم بمحميّ به ومن حمى

وكان من آيات بدر أنّه

رمى جيوشهم بكف من حصى

أصبت منهم أعينا فعميت

وامتلأت حين رميت بالقذى

170 وما رميت إذ رميت أعينا

منهم به، ولكن الله رمى

فكلّهم عقل عن حراكه

وجاش ممّا قد دهاه وجثا

موضع حتف حان فيه حينهم

ورويت أقطاره من الدّما

فكم قتيل خرّ مبتور المعا

وكم طريد فرّ مذعور الحشا

[107/أ]

وكم أسير مثخن في قدّه

إمّا إلى المنّ وإما للفدا

175 وغزوة الخندق فيها عجب

إذ ابتلى الله بها من ابتلى

(1) الجمز ضرب من السير، والناقة تعدو (الجمزى) وكذا الفرس.

ص: 387

أقبل مشركو قريش كلّهم

وجيّشوا الأحزاب من كلّ ملا

حرّضهم بنو النّضير إذ بغوا

وغيرهم من اليهود والعدا

وصارخوا من غطفان عسكرا (1)

عرمرما من [كل] جبّار عصى (2)

راموا بجيش المسلمين نقمة

إذ جيّشوا برومة؟، ونقما

180 أكثر من عشرة آلاف لهم

في معضلات الحرب مكر ودها

من قيس عيلان ومن نجد ومن

تهامة وغيرهم ممّن طغا

هنالك ابتلي كلّ مؤمن

وزلزلوا لما دهاهم ما دها

فأرسل الله على عدوّهم

ريحا أراحت منهم كلّ عنا

وأنزلت عليهم ملائك

من السّماء بجنود لا ترى

185 لمّا رأوا أن البلاء عمهم

وفرّقوا، تفرّقوا أيدي سبا

جلاهم دون قتال ربّنا

إذ كفّ عنه المؤمنين وكفى

وانقرضت قريظة بالقتل إذ

خانوا وخالوا أنّهم ذو ونهى!

ما بين سبعمئة ونيّف

قد ضربت بالسّيف منهم الطّلى

لم يقهم من المنايا والرّدى

ما شيّدوه من حصون وبنى

190 فما حيي حييّ بن أخطب

بما جنى عمدا ولا كعب نجا!

راحت غداة غودروا رهن التّوى

أرواحهم من الدّنى إلى لظى!

(1) في الأصلين: عسكر.

(2)

(كل) سقطت من م. وفي ط «من جبار قد عصى»

ص: 388

وقد فشت أخبار أرض خيبر

إذ خربت بما أتاها من توى

حلّ بهم جيش النّبيّ غدوة

وعمّهم من جأشه خطب دهى

فاستفتحوا حصونهم، واستأصلوا

أعيانهم بالمرهفات والقنا

[107/ب]

195 وفي علي إذ أراد بعثه

[لخيبر] معجزة لمن يرى (1)

كان بعينيه أذى من رمد

فتفل النّبيّ فيها فبرا

وسار في الحين إليهم ناشرا

رايته يجوب بالجيش الفلا

قلع باب خيبر فما عصى

راحته كأنّه فيها عصا

أقامه عن ترسه فلم يزل

بيده حتى جرى ما قد رجا

200 فاستفتح الحصن الحصين واعتلى

به على الأديان دين المجتبى

وحين تمّ المصطفى افتتاحه

لخيبر سار إلى وادي القرى

حاصرهم لياليا وآب من

غزوته تلك بعلق مقتنى

وفي افتتاح مكّة عز غدا

مذلّ كلّ كافر فيها عدا

إذ جاءها يزحف في عساكر

ضاق بها رحب الأراضي والفلا

205 كتائب كأنها كواكب

وهو بها كأنّه (2) بدر الدّجى

ملأتها خيلا ورجلا منهم

بين جبال وبطاح وربى

جبت بهم ظلماء نقع ما لها

ثواقب إلا أسنّة القنا

عشرة آلاف كرام ألّفت

قلوبهم طرّا على سبل الهدى

(1)[لخيبر] مقترحة اهتداء بالبيت 98: وفي ط «لبعض مجزة» !

(2)

في الأصلين: كأنها. ونرجح ما أثبت.

ص: 389

قبائل علت على قبائل

من كلّ شهم في الحروب متّقى

210 وكلّ ضرغام بصير بالوغى

قد سلّ نصل العزم فيها وانتضى

أقبلت في كتيبة خضراء قد

حفّ بها التأييد من ربّ العلا

عنّت بها ركائب كأنّها

مراكب في لجّ قمقام طما

وأنت يا خير الورى تقدمها

كأنّما أنت بها شمس الضّحا

أتيت في جند الإله رافلا

في ثوب تأييد ونصر قد صفا

215 والخيل من خلفك تختال بها

والعيس تنثال ثناء وثنى

[108/أ]

قد انطويت من تواضع على

رحلك لمّا أن وصلت ذا طوى (1)

خشعت من تحت لواء العزّ إذ

علا بك الدّين كمالا وسما

فاهتزّت الأرض به من فرح

وزهو إذ حلّ بها عيش حلا

عزّ نبيّ عقد الله له

لواءه (2) فوق السّماوات العلا

220 وحين حطّ رحله ببكّة

كبا بها كل عدو وبكى

لم يبق إذ ذاك بها من مشرك

إلا اختفى خوفا بها، أو انجلى

(1) ذو طوى: واد بمكة، لما انتهى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة حمراء، وإنه ليضع رأسه تواضعا لله تعالى حين رأى ما أكرمه الله عز وجل به من الفتح، حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل.

(2)

في الأصلين «لواء» ونرجح ما أثبت.

ص: 390

فما أفادت «ابن حرب» حربه

حتى أتاه صاغرا فيمن أتى

ولا حمى فيها «حماسا» حزمه

حتى نجا منهزما فيمن نجا

فكان من فضل النّبيّ المجتبى

يومئذ أن كفّ عنهم وعفا

225 وطاف بالبيت العتيق شاكرا

لله ما أعطاه فضلا وحبا

ومرّ بالأصنام إذ طاف به

يشير نحوها فخرّت للثّرى

فبعضها خرّ على الوجه لما

أصابه، وبعضها على القفا!

فأصبح الدّين القويم قيّما

سما على الأديان طرّا وعلا

وعاد برق الشّرك برقا خلّبا

-من بعد ما أومض حينا-وخبا

230 وفي حنين حان حين حارث

وملك مالك بن عوف قد عفا!

دارت عليهم إذ أتوا دوائر

وأسلموا «دريدهم» إلى الرّدى

لما أتاهم ما حبا الله به

نبيّه من الفتوح والغنى

غاظهم فجمعوا من حينهم

عساكرا ممّن تولّى وغوى

وجمعت «هوازن» قبائلا

ممن زها عقلا بها حتى هوى

235 جاؤوا بأطفال وأموال لهم

من ذي بكاء ويعار (1) ورغا!

(1) اليعار: صوت الغنم أو المعزى. والرغاء: صوت البعير.

ص: 391

فخرج النبيّ في عساكر

من كلّ صنديد كريم المنتمى

[108/ب]

عساكر تتبعها عساكر

كلّ له عزم إذا الخطب عرا

لما تراءى العسكران أقبلت

جيوش أهل الشّرك تعدو الخيزلى

ففرّ جيش المسلمين هاربا

فما ثنى عنانه منهم فتى!

240 فأنزل الله على نبيّه

سكينة شام بها برق المنى

فقام في الجيش لهم مناديا

أنا محمّد النبيّ المصطفى

ثم دعا العبّاس جهرا فانثنى

إليه أنصار النبيّ إذ دعا

فاجتمعت عليه نحو مئة

ممّن به في المعضلات يهتدى

وأيّدوا بعسكر عرمرم

أنزله الله من املاك السّما

245 فانهزمت جيوش أهل الشّرك إذ

حمى جيوش المسلمين من حمى

فخذلوا طعنا وضربا إذ جثوا

بين عوامل الرّماح والظّبا

نصر إلهي قضى الله به

من قبل خلق الخلق فيما قد مضى

نبيّ صدق صادق في زهده

ما فوقه لمعتل من معتلى

عنت له شمّ الجبال ذهبا

طوع يديه من دنا ومن قصى

250 وراودته برهة عن نفسه

فما اشرأبّ نحوها ولا رنا

كم وقف الليل الطويل قانتا

لم يغتمض بسنة ولا كرى

ص: 392

حتّى اشتكت رجلاه ما قد نالها

وشفّها من ورم ومن (مأى)(1)؟

فأنزلت (طه) له تكرمة

وزال عنه ما اعتراه من شقا؟

وكم طوى إنابة لربّه

على الحجار كشحه من الطّوى

255 لولاه ما كانت سماوات ولا

أضاء نجم من دراريها العلا

هو الحبيب الآمر النّاهي الذي

ليس يضاهيه نبيّ مجتبى

هو الشّفيع في المعاد للورى

منقذنا في الحشر من نار لظى

[109/أ]

هو المرجّى (2) للخطوب كاشفا

ومن سواه للخطوب يرتجى؟

هو الذي من أمّه مستشفعا

مستمسكا بحبله فقد نجا

260 هو الذي فاق النّبيين معا

في خلقه وخلقه منذ بدا

فكلّهم مسلّم لفضله

والعلم والحلم جميعا والندى

وكلّهم من بحره مغترف

معترف بأنه خير الورى

وكلّهم دون علاه واقف

في حدّه ملتمس منه الرّضا

وكل ما جاؤوا به من آية

فأصله من النّبي المصطفى

265 فانسب له ما شئته من شرف

واثن بما شئت عليه من ثنا

فلا ترى تبلغ منه غاية

وكيف يحصي أحد عدّ الحصا!؟

وما عسى تثني عليه مادحا

وحامدا لفعله وما عسى؟

وربّه في محكم القرآن قد

أثنى عليه وحباه بالهدى

(1) كلمة وردت مهملة، ورسمها فيهما «ماءا» ويمكن قراءتها بالفاء.

(2)

في الأصلين: هو المرتجى. والمثبت مقترح.

ص: 393

يا أيّها المبعوث فينا رحمة

أنقذنا الله بها من الرّدى

270 خدمتكم بمدحتي هذي وإن

كنت من الإحسان نائي المنتأى (1)

أقصرت إذ كنت بها مقصرا

أو لم أجئ فيها بمعنى منتقى

لكنّني طرّزتها من مدحكم

بحلل ذات بهاء وحلا

مقصورة، لكنّها مقصورة

على امتداح المصطفى خير الورى

ما شبتها بمدح خلق غيره

لرتبة أحظى بها ولا جزا

275 فاقت (2) علاء كلّ ذي مقصورة

وإن هم نالوا الأيادي واللها

فحازم قد عدّ غير حازم (3)

وابن دريد (4) لم يفده ما درى

فإن أكن ملقى الغنى من غيره (5)

فلن يفوت مملقا منه الغنى

وإنّما قصدي أن أحظى بما

يبقى من الذّكر الجميل والتّقى

(1) في «م» المنتئوى وفي «ط» المنتوى. والمنتأى: الموضع البعيد.

(2)

فيهما: فقلت. والمثبت مقترح مرجح.

(3)

حازم بن محمد بن حسن القرطاجني (608 - 684) أديب، شاعر، ناقد أندلسي بليغ نسبته إلى قرطاجنة الاندلس هاجر إلى المغرب واستقر بإفريقية، وتوفي بتونس وله ديوان شعر (ط) وكتاب في النقد هو منهاح البلغاء (ط)، وكتب أخرى. وله مقصورة طبعت في حوليات كلية آداب عين شمس.

(4)

محمد بن الحسن بن دريد الأزدي من أئمة اللغة والأدب (223 - 321) مؤلفاته كثيرة في النحو واللغة والأدب وغيرها وأكثرها مطبوع. وله مقصورة مشهورة في مدح آل ميكال. وله أيضا ديوان شعر مطبوع.

(5)

فيهما: ملقى، وضبطت فيهما بفتح الميم.

ص: 394

[109/ب]

وأستجير من ذنوب أثقلت

ظهري وأوهى ثقلها منه القوى

280 وأقعدتني مقعدا قد غضّني

كأنّني منه على جمر الغضا

يا أكرم الخلق علاه وندا

يا سيّد الرّسل الكريم المنتمى

يا صاحب الحوض الذي من أمّه

يظفر بورد لم تكدّره الدّلا

باع المعالي (1) واشترى غيّ الهوى

يا نعم ما باع وبئس ما اشترى!

فكم أضاع في الدّنا سبل الهدى

وكم أطاع في الهوى غيّ الصّبا

285 فكن شفيعي يوم لا يغني امرءا

ما ضمّ من مال الدّنا وما حوى

يا ربّ بالمختار من أرومة

قصّر عنها كلّ أصل قد زكا

ومن له كلّ فخار انتمى

ومن به كلّ نبي اقتدى

خذ بيدي وامنن بلطف منك في

ديني ودنياي وجد لي بالرّضا

واغفر بعفو منك ما اجترمته

واصفح عن الزلاّت يا ربّ العلا

290 واجل صدا قلبي وهب لي توبة

أمحو بها آثام قلب قد قسا

(1) ورد هذا البيت والذي بعده في هذا الموضع في النسختين.

ص: 395