المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

في الوقيعة التي كانت للنصارى-دمرهم الله-بطريف على المسلمين في سنة - أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

[ابن الأحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة مؤلف الكتاب]

- ‌الباب الأولفي فضل الشّعر وإباحة إنشاده بالمساجد

- ‌والاستعارة

- ‌والتمثيل

- ‌والاشارة

- ‌ذكر ألقاب في صناعة البديع

- ‌أما التجنيس

- ‌وأما الترصيع

- ‌وأما الاشتقاق

- ‌وأما التطبيق

- ‌وأما لزوم ما لا يلزم

- ‌وأما التضمين المزدوج

- ‌وأما الالتفات

- ‌والاعتراض

- ‌وأما اللف والنشر

- ‌وأما التّفسير

- ‌وأما التعديد

- ‌وأمّا التّخييل

- ‌وأما المتواتر

- ‌وأما رد العجز على الصدر

- ‌وأما المساواة

- ‌وأما العكس والتبديل

- ‌وأما الاستدراك والرّجوع

- ‌وأما الاستطراد

- ‌وأما الاستهلال

- ‌وأما التّخليص

- ‌وأما الترديد

- ‌وأما التّتميم

- ‌وأما التفويف

- ‌وأما التّجاهل

- ‌وأما الهزل الذي يراد به الجدّ

- ‌وأما التّنبيه

- ‌الباب الثانيفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين (*) ملوك المغرب

- ‌أمير المسلمين أبو الحسن علي بن أمير المسلمين عثمان بن أمير المسلمينيعقوب بن عبد الحق

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين المتوكل على الله فارس رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخوه لأبيه أمير المسلمين عبد العزيز-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الأمير منصور

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الشيخ أبو الحسن علي بن بدر الدينابن موسى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الأمير عبد الحق المريني

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثالثفي شعر ملوك بني الأحمر من بني نصر قومي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين الغالب بالله المتوكل على الله محمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه [الله]

- ‌الرئيس إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الرابعفي شعر ملوك الموحّدين الحفصّيين وأنبائهم

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله المنصور بفضل الله محمد بن أبي بكر ابنإسحاق بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن أبي حفص

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين أحمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله:

- ‌أخوه لأبيه أمير المؤمنين الناصرلدين الله المنصور بفضل عمر

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله رحمه الله تعالى:

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بنأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي يحيى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأمير زكريا بن أمير المؤمنين أبي محمد عبد الواحد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أعزه الله

- ‌الباب الخامسفي شعر ملوك بني زيّان من بني عابد الوادي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين المتوكل على الله موسى بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأمير الحاج يوسف بن عمر بن يعقوبابن الأمير عامر بن أمير المسلمين يغمراسن بن زيّان

- ‌[كنيته:]

- ‌[32/ أ] حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأخلص محمد بن الأمير أبي سرحان مسعود:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الباب السادسفي شعر ملوك بني العز في وأبنائهم

- ‌الأمير محمد بن الأمير يحيى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه صاحبنا محمد-سلمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌الباب السابعفيما بلغنا من شعر كتّاب قومي بني الأحمر ملوك الأندلس

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثامنفيما بلغنا من شعر وزراء قومي بني الأحمرمن بني نصر ملوك الأندلس

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىأحمد بن إبراهيم بن صفوان

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الخطيب القاضي الكاتب صاحب القلم الأعلى:عبد الحق بن محمد بن عطية المحاربي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله

- ‌الباب التاسعفيما بلغنا من شعر قضاة بلادنا الأندلسيّة وفقهائها

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب:محمد بن أحمد الحسنيّ

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الخطيب علي بن أحمد الحسني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رضي الله عنه

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن محمد السّلمي

- ‌[كنيته:]

- ‌نسبه:

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب القاضي محمد بن عمر بن علي بن عتيق القرشي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب أحمد بن محمد بن أحمد بن محمدابن عبد الله بن جزي الكلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌وأبوه، أبو القاسم محمد كان خطيب الجامع الأعظم بغرناطة

- ‌والقاضي أبو بكر

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب علي بن عبد الله بن الحسنالجذامي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن علي بن محمد بن علي ابن محمد بن محمد بن خاتمة الأنصاري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب فرج بن قاسمابن أحمد بن لب التغلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الحاج محمد بن محمد بن الشّديد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الضرير:محمد بن أحمد بن علي بن جابر الهواري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الحاجإبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب العاشرفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىعبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الرئيس الحاجب الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أبي عمرو التميمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه القاضي الخطيب الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد اللهابن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوانابن يوسف بن رضوان النجاري الخزرجي

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الكاتب القاسم بن يوسف بن رضوان رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى وكاتب الأشغال السلطانيةعلي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الحكيم بن تادرارت

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن شعيب الجزنائي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الله بن أبي مدين شعيب العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد ابنأبي مدين

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله: -رحمه الله تعالى

- ‌أخوه الفقيه الكاتب شعيب بن محمد ابن أبي مدين شعيب بن مخلوف العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌ابنه الفقيه الكاتب حمزة بن شعيب ابن محمد بن أبي مدين شعيب

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه القاضي الكاتب علي بن محمدابن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب يحيى بن إبراهيم ابنزكريا الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد الرحمن بن محمد بنخلدون الحضرمي

- ‌حاله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد[87/ب] المنّان الانصاري الخزرجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الحادي عشرفيما بلغنا من شعر قضاة المغرب وفقهائها

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن علي بن عبد الرزاق الجزولي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب القاضي محمد بن أحمد بن عبد الملك بنشعيب بن عبد الله بن موسى بن مالك الفشتالي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الحسن بن عثمان بن عطيّة بن موسى بنيوسف بن عبد العالي التّجاني المعروف بالوانشريسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الخطيب الحاج عبد الرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن عبد الله بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد الحفيد بن الفقيهالقاضي أبي القاسم أحمد بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بنرشد الأموي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

- ‌[كنيته:]

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىءعبد الله بن محمد البكري

- ‌‌‌[كنيته:]

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن عمر بن توقرت الموحد التينملي:

- ‌حاله رحمه الله:

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن الشيخ الصوفي الصالح أبي عبد الله محمد الأنصاري الخزرجي الشهير بالدباغ

- ‌حاله-سلمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه عبد الغفار بن موسى البوخلفي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن محمد بن محمد ابن داود الصنهاجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء (اللغوي) علي بن محمد بنعمر الصنهاجي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الشيخ الفقيه الصوفي محمد بن أحمد بن شاطر الجمحي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه العدل محمد بن أحمد بن ابراهيم بن موسى الكومي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الصوفي محمد بن [122/ب] أحمد المكودي رحمه الله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه محمد بن يوسف بن أحمد بن محمد بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه العدل إبراهيم بن علي العباسي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌صاحبنا سعيد بن إبراهيم السدراتي رحمه الله تعالى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثاني عشرفيما قيل من الشعر في السّيفالذي بصومعة جامع القرويين من مدينة فاس

- ‌الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد المنان الخزرجي

- ‌[الفقيه المتفنن النحوي أبو عبد الله محمد بن موسى بن ابراهيم الماجري]

- ‌[أبو المكارم منديل بن محمد بن محمد بن داود بن آجروم الصنهاجي]

- ‌[الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالربيب:]

- ‌[الفقيه الكاتب التاريخي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الخزرجي المعروف بالتاوري]

- ‌[الفقيه العدل القارىء أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الصنهاجي المليلي]

- ‌[أحمد بن محمد الأنصاري الخزرجي المعروف بالدباغ]

- ‌[أبو الوليد إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج الشهير بالأحمر]

- ‌[أبو الفضل محمد بن باشر التسولي]

- ‌[ابن باشر]

- ‌[شيخنا الفقيه الكاتب مسعود بن أبي القاسم بن أبي طلاق]

- ‌[الأستاذ النحوي أبو زيد عبد الرحمن بن عليابن صالح المكودي]

- ‌[أبو العلى إدريس بن يحيى ابن محمد بن عمر بن رشيد الفهري]

- ‌[الفقيه المتفنن أبو محمد عبد الغفار البوخلفي:]

- ‌[أبو محمد بن علي الفخار، شهر بالحياك:]

- ‌[الأديب أبو عثمان سعيد بن إبراهيم السدراتي شهر بشهبون:]

- ‌تعليقات

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌للمحقق

- ‌ في سلسلة دراسات أندلسية:

- ‌ في سلسلة الذخائر:

- ‌ في المكتبة الأندلسية:

- ‌ بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور عدنان زرزور

- ‌ أعمال أخرى

الفصل: في الوقيعة التي كانت للنصارى-دمرهم الله-بطريف على المسلمين في سنة

في الوقيعة التي كانت للنصارى-دمرهم الله-بطريف على المسلمين في سنة إحدى وأربعين وسبع مئة، بعد أن أبلى بلاء حسنا.

وأبو عبد الله محمد هذا كتب بالأندلس في حضرة ابن عم أبينا أمير المسلمين أبو الحجاج (1) يوسف وله فيه أمداح عجيبة، ولم يزل كاتبا في الحضرة الأحمرية النصرية إلى أن امتحنة أمير المسلمين أبو الحجاج ابن عم أبينا، فقوض الرّحال عن الأندلس واستقر بالعدوة، فكتب بالحضرة المرينية لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان إلى أن توفي بها؛ رحمه الله تعالى.

‌حاله-رحمه الله

-:

طلع في سماء العلوم بدرا مشرقا، وسارت براعته غربا ومشرقا. وسمى بشعره فوق الفرقدين كما أربى بنثره على الشّعرى والبطين، له باع مديد في التاريخ والحساب، واللغة والنحو والبيان والآداب. بصير بالأصول والفروع والحديث، عارف بالماضي من الشعر والحديث. إن نظم أنساك أبا ذؤيب برقته، ونصيب (2) بمنصبه ونخوته. وإن كتب أربى على ابن مقلة بخطه، وإن أنشأ رسالة أنساك العماد بحسن مساقها وضبطه. وهو رب هذا الشأن، وفارس هذا الميدان. ومع تفننه في العلوم فهو في الشعر قد نبغ، وما بلغ أحد من شعراء عصره البحر الذي منه قد بلغ بل سلموا التقدم فيه إليه، وألقوا زمام الاعتراف بذلك في يديه، ودخلوا تحت راية الأدب الذي حمل، إذ ظهر ساطع [79/ب] براعته ظهور الشمس بالحمل.

أنشدني لنفسه: يمدح أمير المسلمين أبا الحجاج يوسف بن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل عم أبينا بن جدنا الرئيس الأمير أبي سعيد فرج ابن جدنا أبي الوليد إسماعيل

(1) فيهما: أبو الحجاج.

(2)

فيهما: نصيب.

ص: 284

ابن الأمير أبي الحجاج يوسف الشهير بالأحمر ابن جدنا أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الخزرجي، هذه القصيدة البارعة، وحذف منها الرّاء المهملة (1):

قسما بوضّاح السّنا وهّاج

من تحت مسدول الذّوائب داج

وبأبلج بالمسك خطّت نونه

من فوق وسنان اللّواحظ ساج

وبحسن خدّ دبّجت صفحاته

فغدت تحاكي مذهب الدّيباج

وبمبسم كالعقد نظّم سلكه

ولمى حكى الصّهباء دون مزاج

5 وبمنطق تصبو القلوب لحسنه

أنسى المسامع نغمة الأهزاج

وبمائس الأعطاف تثنيه الصّبا

فيميس كالخطّي يوم هياج

ومنعّم مثل الكثيب يقلّه (2)

مستضعف يشكو من الإدماج!

وبموعد للوصل أنجز فجأة

من بعد طول تمنّع ولجاج

(1) القصيدة في نفح الطيب 5:527، وفي أزهار الرياض 3:191، ونقلتها عن نثير الجمان في كتابي: مختارات من الشعر الأندلسي صفحة 163 فما بعدها.

(2)

أقله: حمله، والمدمج: التام المحكم.

ص: 285

وبأكؤس أطلعن في جنح الدّجى

شمس السّلافة في سماء زجاج!

10 وحدائق سحب السّحاب ذيوله

فيها وبات لها النّسيم يناجي

وجداول سلّت سيوفا عندما

فجئت بجيش للصّبا عجّاج

وبأقحوان قد تضاحك إذ بكت

عين الغمام بمدمع ثجّاج

وقدود أغصان يملن كأنّها

تخفي حديثا بينها وتناجي

وحمائم يهتفن شجوا بالضّحى

فهد يلهنّ لذي الصّبابة شاج

15 إن المعالي والعوالي والنّدى

والبأس طوع يدي أبي الحجّاج

ملك تتوّج بالمهابة عند ما

لم يستجز في الدّين لبس التاج

[80/أ]

وأفاض حكم العدل في أيّامه

فالحقّ أبلج واضح المنهاج (1)

(1) هذه القصيدة معارضة لقصيدة جرير يمدح الحجاج بن يوسف الثقفي، وفيها شيء من ترسم خطاه (انظر ديوان جرير:89).

ص: 286

هو منقذ العاني ومغني المعتفي

ومذلّل العاتي وغوث اللاجي

ماضي العزيمة والسّيوف كليلة

طلق المحيّا والخطوب دواج

20 علم الهدى والنّاس في عمياء قد

ظلّوا لوقع الحادث المهتاج

غيث النّدى والسحب تبخل بالحيا

والمحل يبدي فاقة المحتاج

ليث الوغى والخيل تزجى بالقنا

والبيض تنهل في دم الأوداج

يتقشّع الإظلام إذ يبدو له

وجه كمثل الكوكب الوهّاج

من آل قيلة من ذؤابة سعدها

أعلى بني قحطان دون خلاج (1)

25 حيث العلا ممدودة الأطناب لم

تخلق معالمها يد الإنهاج

والأعوجيّات السّوابق تمتطى

فتظلّل الآفاق سحب عجاج

(1) هو سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري، جد أسرة بني نصر، الصحابي المشهور. والأقيال: الملوك، وقيل الملوك من حمير. والخلاج، من قولك: خالج قلبي أمر: نازعني فيه.

ص: 287

والبيض والأسل العوامل تقتضي

مهج الكماة بأبلغ الإزعاج!

مجد ليوسف جمّعت أشتاته

أعيى سواه بعد طول علاج

مولاي هاك عقيلة تزهو على

أخواتها كالغادة المغناج

إنشاء عبد خالص لك حبّه

-ومن العبيد مداهن ومداج-

آوى إلى أكناف نعماك التي

ليست إليه صلاتها بخداج (1)

سبّاق ميدان البلاغة والوغى

لشعاب كلّ منهما ولاّج

جانبت أخت الزّاي (2) منها عامدا

فأتت من الإحسان في أفواج

فافتح لها باب القبول وأول من

أهداكها ما يبتغي من حاج!

(1) أخدجت الصيفة: قل مطرها.

(2)

يشير إلى تجريد القصيدة من حرف الراء. وكانت في الشاعر لثغة تعتريه حين ينطق بحرف الراء!

ص: 288

وأنشدني أيضا لنفسه يمدح أمير المؤمنين المتوكل على الله أبا عنان فارس ملك المغرب (1): [80/ب]

إنّ قلبي لعهدة الصبر ناكث

عن غزال في عقدة السّحر نافث

أضرم النّار في فؤادي وولّى

قائلا: لا تخف، فإنّي عابث!

ورماني من مقلتيه بسهم

ثم قال: اصطبر لثان وثالث!

كم عذول أتى يناظر فيه

كان تعذاله على الحبّ باعث

5 ويمين آليتها بالتّسلي

فقضى حسنه بأنّي حانث

جبر الله صدع قلب عميد

صدعت شمله صروف الحوادث

فهو يهفو إلى البروق ويروي

عن نسيم الصّبا ضعيف الأحادث!

سلبته الأشجان إلا بقايا

من أمان حبالهنّ رثائث

وبكاء على عهود مواض

ملأت صدره هموما حدائث

10 لست وحدي أشكو بلية (2) وجدي

إنّ داء الغرام ليس بحادث

يا مضيع العهود-والله يعفو

عنك-أنّى ارتضيت خطّة ناكث؟

غرّني منك والجمال غرور

وظبا اللّحظ في القلوب عوابث

مقل يقتسمن أعشار قلبي

بالرّضى منّي اقتسام الموارث!

(1) نقلها المقري عن نثير الجمان في كتابيه: نفح الطيب 5:529، وأزهار الرياض 3:192

(2)

في النفح: بليلة.

ص: 289

كيف غيّرت بانتزاحك حالي

وتغيّرت لي ولست بحارث (1)

15 فرط حبّي وفرط بخلك إلا

أن عينيك بالفتون نوافث

وندى فارس وحسبك رّدا

قول من قال سدّ باب البواعث

ملك البأس والنّدى فهو بالسّيف

وبالسّيب عائث أو غائث!

محرز المجد والثّناء فهذا

سائر في الورى وذلك لابث

أوطأ الشّهب رجله وترقّى

صاعدا في سموّه غير ماكث

فدرار تسري وما لحقته

ونجوم خلف القصور لوابث

وله المقربات لا بل هي العقبان

من فوقها اللّيوث الدّلاهث (2)

[81/أ]

مطلعات من كل نعل هلالا

فلهذا تجلو دجا كلّ حادث

إن ترافقن فالجبال الرّواسي

أو تسابقن فالغيوث الحثائث (3)

والمواضي كأنّها قد أعيرت

حدّة الذّهن منه عند المباحث

25 هي نار محّرقات الأعادي

وهي ماء مطهّرات الخبائث

فيردن الوغى ذكورا عطاشا

ثم يصدرن ناهلات طوامث (4)

من معاليه (5) قد رأينا عيانا

كلّ فضل ينصّه من يحادث

(1) يشير إلى قول إبراهيم بن العباس الصولي (وينسب لغيره):

تغير لي فيمن تغير حارث

وكم من أخ قد غيرته الحوادث

(وانظر نفح الطيب 1:26، و 5:529).

(2)

الدلاهث: جمع دلهاث وهو المقدام.

(3)

في الأصلين المخطوطين: فالليوث الدلاهث. وقد وردت الكلمتان في البيت قبل السابق، والمثبت من نفح الطيب والأزهار. و «ترافقن» كذا فيها.

(4)

من «طمثت» : حاضت.

(5)

في النفح والأزهار: من معانيه.

ص: 290

خلق كالنّسيم مرّ سحيرا

بالأزاهير في البطاح الدّمائث

في سبيل الإله يقصي ويدني

ويوالي في ذاته ويناكث

30 شرف الملك منه سام وحام

ففدته سام وحام ويافث!

هاكها من بنات فكري بكرا

ليس يسمو لها من الناس طامث

ذات لفظ لا يعتريه اختلال

ومعان لا ينتحيها المباحث (1)

زعماء القريض أبقوا بقايا

كنت دون الورى لهنّ الوارث

من أراد انتقادها فهي (هذي (2))

عرضة البحث فليكن جد باحث

وأنشدني-أيضا لنفسه-يمدحه:

لعلّك لي عن حسن عهد مكافئ

فيسرع نحوي ودّك المتباطئ

فديتك لا يذهب بك البعد للّتي

يسرّ بها منّا حسود وشانئ

كما وسع الإحسان من كان محسنا

أما يسع الغفران من كان خاطئ (3)

وما ضرّ لو ربّ (4) الصّنيعة منعما

وتمّم بالإفضال من هو بادئ

على أنني لم يصرف اليأس ساحتي

وإن راعني خطب من الهجر فاجئ

فكم طالب أمرا تسنّت عواقب

له بعد ما أعيت عليه مبادئ

لئن ريع بالأشجان روعي لطالما

تحامت حماي النّائبات الطوارئ

(1) في النفح والأزهار: لا تنتحيها (بالتاء).

(2)

في النفح والأزهار: هذي. وفي الأصلين «هذا» .

(3)

في «م» كل محسنا. كان خاطئ. وفي «ط» كل. . كل. . ونرجح ما أثبت.

(4)

فيهما «رب» .

ص: 291

وإن أمس قد شابت ذوائب لمّتي

فطعن الهوى في حجر قلبي ناشئ

[81/ب]

وليلاء ملء الأفق روعا وظلمة (1)

فلا نظر هاد ولا قلب هادئ

ظللت يعاطيني بها (2) أكؤس السّرى

حبيب على ما شئت منه ممالئ

ولا صبح إلا وجهه متطلّع

ولا برق إلا ثغره متلألئ

إذا غار منها نجمها وهلالها

بدت غرر من خيلنا ومواطئ

وبيداء لم تفر السّراة أديمها

ولم تخترقها اليعملات النّواجئ

كأن السّراب الجون في جنباتها

حياض ملاء أو سحاب نواشئ

بعثت لها عزمي وخضت عبابها

كما خضت بحرا لا يرى منه شاطئ

وأجريت ذكر الجود من كفّ فارس

بها فارتوى في الرّكب من هو ظامئ

وإن امرأ يروي الصّدا ذكر جوده

لتحسد جدواه الغمام النّواشئ

هو البدر لكنّ السّعود مطالع

هو البحر لكنّ العلوم لآلئ

لعلياء تمّ الفخر بالعلم والنّدى

إذا اقتسم العلياء قان وقارى

(1) ليلة ليلاء: طويلة شديدة أو هي أشد ليالي الشهر ظلمة.

(2)

في الأصلين: بنا، ونرجح ما أثبت.

ص: 292

لئن كان معنى الجود منه مبيّنا

فلفظ الورى في شكره متواطئ

لك الخير كم هيجاء جلّيت غمّها

وقد عجز الدّاري وكعّ المدارئ (1)

تطاول فيها المرهفات إلى العلا

فتعنو لها من هيبة فتطاطئ

تركت بها الأبطال صرعى كأنّهم

ندامى عقار سكرهم متكافئ

فأطعمت ذؤبان الفلا وهي جوّع

وروّيت بيض الهند وهي ظوامئ

حسامك مهما نظّم الرّمح ناثر

ورمحك مهما مزّق السّيف رافئ

رفعت لواء العدل والدّهر جائر

وأغريته بالجدّ إذ هو هازئ

فنام الرّعايا تحت ظلّ كلأته

وعزمك يقظان وحزمك كالئ

وأمّن مذعور وأعتب مذنب

وأغني معتر وقرّب لاجئ

[82/أ]

مساع من العلياء وفّيت حقّها

وربّك عن تلك المساعي مكافئ

(1) كع: جبن وضعف.

ص: 293

ومن إنشانه البارع موريا بالكتب ودفعها لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان فارس بن أمير المسلمين المنصور بالله أبي الحسن علي بن أمير المسلمين السعيد بفضل الله أبي سعيد عثمان بن أمير المسلمين المنصور بالله أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق يهنئه بابلال ولده وولي عهده الأمير أبي زيان محمد من مرض:

ماذا عسى أدب الكتّاب يوضح من

خصال مجدك وهو الزّاهر الزّاهي؟

وما الفصيح بكليّات موعبها

كاف فيأتي بأنباء وإنباه

أبقى الله تعالى مولانا الخليفة ولسعادة (1). . . القدح المعلى، ولزاهر كماله التاج المحلّى. تجلى من حلاه نزهة الخاطر، ويسير بعلاه المثل السائر. ويتّسق من ثنائه العقد المنظّم، ويتضح بهداه القصد الأمم، ولا زالت مقدّمات النصر له مبسوطة، ومعونة السعد بإشارته منوطة. وهدايته متكلفة بإحياء علوم الدين، وإيضاح منهاج العابدين. وإرشاده يتولى تنبيه الغافلين، ويأتي من شفاء الصدور بالنور المبين. وميقات الخدمة ببابه مطمح الأنفس، وملخص الجود من كفه بغية الملتمس. قد حكم أدب الدين والدنيا بأنك سراج الملوك، لما أتت عوارفك بالمشروع السّلسل ومعارفك بنظم السلوك. ووضحت معالم مجدك وضوح أنوار الفجر، وزهت بعدلك المسالك والممالك زهو خريدة القصر. فلك في جمهرة الشرف النسب الوسيط، ومن جمل

(1) هكذا في الأصلين، ولعل كلمة سقطت (انظر الفقرة التالية).

ص: 294

المآثر الخلاصة والبسيط. وسبل الخيرات لها برعايتك تيسير، ومحاسن الشريعة لها بتحصيلك تحبير. وأنت حجة العلماء الذي تقصّر عن تقصي مآثره فطن الأذكياء، إن انبهم [82/ب] التفسير ففي يديك ملاك التأويل، أو اعتاص تفريع الفقه فعندك فصل البيان له والتحصيل. وإن تشعب التاريخ فلديك استيعابه، أو تطاول الأدب ففي إيجاز بيانك اقتضابه. وإن ذكر الكلام ففي انتقائك من برهانه المحصول، أو المنطق ففي موجز أماليك لبابه المنخول. وليس أساس البلاغة إلا ما تأتي به من فصل المقال، ولا جامع الخير إلا ما حزته من تهذيب الكمال. ولذلك صارت حرمتك غاية المطلوب، وحبك قوت القلوب. ولا غرو أن كنت من العلياء درتها المكنونة، فأسلافك الكرام هم جواهرها الثمينة.

بحماستهم أصيبت مقاتل الفرسان، وبجود جودهم تسنى ريّ الظمآن، وبتسهيل عدلهم وضحت شعب الإيمان. وأنت المنتقى من سمط جمانهم، والواسطة في قلائد عقيانهم. عنك تؤثر سيرة الاكتفاء، وعن فروعك السعداء تروى أخبار نجباء الأبناء. فهم لمملكتك العلية بهجة مجالسها، وأنس مجالسها؛ وقطب سرورها، ومطالع نورها. وولي عهدك درتهم الخطيرة، وذخيرتهم الأثيرة.

لا زال كامل سعادته بطول مقامك محكما، وحرز أمانته بالجمع بين الصحيحين: حبك ورضاك معلما! وقد وجبت التهنئة بما كان في حلية (1) برئه من التّيسير، وتهيّأ في استقامة قانون صحته من نجح التدبير.

ولم يكن إلا أن بعدت به عنك المسالك. وأعوز نور طرفه

(1) فيهما: حيلة، ونرجح ما أثبت.

ص: 295

تقريب المدارك. وتذكر ما عهده من الإيناس الموطأ جنابه عند أفضل مالك. فورى من زنده سقط الزند، والتهب في جوانحه قبس الوجد. فامدد له من دعائك الصالح بحلية الأولياء. فظفر لما شارف مشارق الأنوار من حضرتك بالشفاء. وقد حاز إكمال الأجر بذلك العارض الوجيز، وكان له كتشبيه الإبريز. وها هو قادم بالطالع السعيد، آيب بالمقصد الأسنى [83/أ] من الفتح والتمهيد.

يطلع بين يديك طلوع الشهاب، ويبسم عن مفصل الثناء في الهناء بذلك زهر الآداب. فأعد له تحفة القادم من إحسانك الكامل.

واخصصه بالتكلمة من إيناسك الشامل. فهو الكوكب الدّري المستمدّ من أنوارك السّنية، وفي تهذيب شمائله إيضاح للخلق (1) الكريمة الفارسية (2). لا زالت تزدان بصحاح مآثرك عيون الأخبار، وتتعطر بنفحة الزهر من ثنائك روضة الأزهار. وتتلى من محامدك الآيات البينات، وتتوالى عليك الألطاف الإلهيات؛ بمنّ الله وفضله.

والسلام الكريم يعتمد المقام العليّ؛ ورحمة الله وبركاته

(1) فيهما: للخلق.

(2)

نسبة إلى أبي عنان فارس المريني.

ص: 296