الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاله-سلمه الله تعالى
-:
هو فارس هذا الميدان، وإنسان عين الزمان. له نظم رائق جمع فيه بين الجزالة والحلاوة، ونثر فائق عليه رداء الطّلاوة. وباع عظيم في نقد الأدب، ومشاركة [في](1) فنون شتى من الطّلب. وغزله ألذّ من الماء القراح، ومدحه أمضى من السيف [111/أ] في الكفاح. قد أقرّ له بالتقدّم [في] القريض، كل من نشر لواءه العريض، لو رآه العماد، والصّاحب بن عبّاد لسلّما إليه في فصاحة لسانه وبلاغة بيانه، ولشغفا به وكانا من جملة أخدانه. وماذا عسى أن يحدث لساني، أو يكتبه (2) بناني من وصف حاله، وكريم خلاله. وذاك بحر، ليس له قعر! وأثبت هنا من نظمه ما يدلّك على حسن فهمه.
كنت قد طلبت منه شيئا من شعره الذي امتدح به ابن عمّنا الرئيس إسماعيل فبعث به إليّ، وجاوبني بقوله:
«الجلال الذي يقصر عنه الواصف ولو أطال، والجمال الذي يأوي إليه المعتفي والخائف فيبلغان الآمال. جلال مولانا الرئيس أبي الوليد إسماعيل ابن مولانا الرئيس أبي الحجاج يوسف بن مولانا السلطان أمير المسلمين القائم بإذن الله أبي عبد الله محمد بن مولانا علم الأمراء ووالد الملوك الكبراء الرئيس الأمير أبي سعيد فرج بن مولانا الأمير أبي الوليد إسماعيل بن مولانا الأمير أبي الحجاج يوسف الشهير بالأحمر بن مولانا السلطان أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الخزرجي الذي ملك عنان الفضائل المأثورة، ورفع لواء المخايل المشكورة. واحتوى على غرر الشمائل المبرورة، قطب الرئاسة الذي عليه
(1) لم تظهر الكلمة في النسختين.
(2)
في «ط» تكتبه.
مدار أفلاكها، ودرّة المجد الذي بها فخار أسلاكها. لا بل حدقة المعاني وإنسانها، وحديقة السّيادة وبستانها. من إذا ذكر رائق الآداب فنسيج وحده، وإذا ردّد فائق الأحساب فأبيه وجدّه. المنتمي من العصبة القحطانيّة إلى أكرمها نجارا، وأعّزها جوارا. وأعلاها مآثر وأغمرها إيثارا. الآخذ من طرفي الرياسة من سيف وقلم، والمستولي على كلتا السّجيّتين من حلم وكرم. بيد أنه من بيت الملوك الرّحب الفنا، الجليّ السّناء والسّنا. الذي شمخت ذروته، ورسخت بنيته. وقامت على تقوى الله دعائمه، وعظمت في ذاته [سجاياه (1) [111/ب] و. . .].
ملك قطعت دابر الشّرك تدابيره الصائبة. وذبّت عن الملّة الحنفيّة ذباباته القاضبة (2).
ملك خبت نار النّفاق مهابة
…
لجلاله لمّا بدت أعلامه
ألبسته بنو نصر آل الأحمر حمر المطارف. وأمّدته بسوابغ الخيرات من تالد وطارف. فشامته جلّة الملوك برقا يخيل.
وأعدّته لكافّة شؤونها أسنى معوّل وأوفى متكل. ومن هذا البيت الكريم بيت أسلافه، فلا يتعدى بالمدح لخلافه، ولا يعدل به عن أوصافه.
بل يستعمل فيه الفكر، على كل من نظم أو نثر. على أنه لو مدحه شاعر كنده، وبذل نظامه جهده؛ وعمد تلقاء ذلك ابن العميد، وقدامة وعبد الحميد؛ لما حصلوا منه على غاية، ولا تواصلوا إلى نهاية. لكنه بفضله يقبل ما يسنح، ويغضي فيستملح.
(1) كلمتان مطموستان إلا بعض الأحرف، تبينت الاولى وغمت علي الثانية.
(2)
فيهما: القاضية. ونرجح ما أثبت.
وقد بلغني-أبقى الله جنابه منيع الحمى، رفيع المنتمى-أنه شرع في تأليف كتاب ترجمه ب «أسنى الوسائل في مختار الشعر والرسائل» يحتوي على غرر ما تخير ونقد، وأورده على ثاقب ذهنه فورد. كل ذلك مما أحدثه أهل العصر، من بديع نظم وبليغ نثر.
وأنه عند تصفحه أشعار الناس، وعرضها على ذكائه الذي عجزت عن لحاقه فطرة إياس؛ ووقفت دونه وقوف الطامع بين الرجاء والياس. وكان من بعض ما اقتضته حقيقة تأويله، وعقدت بصحته جملة تفصيله؛ أن يجعل أشعاري من أحظى الأشعار لديه، وأرفعها وأعزها عليه. وليس ذلك لغرابة في ألفاظها ومعانيها، لكن لقرابة لا يمكنه إلا صلة رحمها وتدانيها. وذلك أنه لما نظر بعين فطنته، وميز بذكائه وسالم فطرته؛ تبين أنها من الفائق الذي لا يلحق، والشاهق الذي لا يطرق. ولعمري إنها لذلك، وإن قصرت عن شأو الشعراء نظاما، وضعفت عن ذلك [112/أ] المسلك حلولا وإلماها، فقد أحرزت بممدوحها جلالا وإعظاما؛ ومالت به في دوحة البلاغة غصنا ناعما، وطلعت في سماء البراعة بدرا تماما. ولا غرو أن المنازل تشرف بسكانها، وتغلو وترخص بجيرانها. وعلى هذا الدأب دأب، وإلى هذا المذهب ذهب وبه تمذهب.
والله تعالى يبقي بركته ويديم عافيته. ويتمم ما جنحت إليه طباعه، وسارع إلى تهذيبه من التواليف الشريفة والتصانيف المنيفة يراعه.
والسلام الأتم يعتمد كماله، ورحمه الله وبركاته. من معظم قدره أحمد ابن محمد الدباغ.
أنشدني لنفسه-نسأ الله في أجله-يمدح ابن عمنا الرئيس أبا الوليد إسماعيل ابن الأمير أبي سعيد فرج بن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل عمّ أبينا ابن جدّنا الرئيس الأمير أبي سعيد فرج بن جدّنا الأمير يوسف الشهير بالأحمر ابن جدّنا أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الخزرجي:
عجبا أيتّخذ السّلوّ خليلا
…
من ليس يأمل أن يبين نحولا
جهل العواذل ما به فتجاذبوا
…
طرف الحديث عليه والتّأويلا
هيهات لو صحّت بصائرهم لما
…
قالوا تسلّى حين صار عليلا!
دع ما ادّعوه وخذ حقيقة أمره
…
ومن الدّليل تفهّم المدلولا
5 لو كان يركن للسلوّ لما بكى
…
شوقا وحنّ صبابة وغليلا
واستطرف السّقم المبرّح مطرفا
…
واستعذب التّعذيب والتّنكيلا!
والسّقم أفضح فاضح لذوي الهوى
…
وكفى بذلك شاهدا مقبولا
يا أيّها المعذور في شأن الهوى
…
هنّئت، إنّي لم أزل معذولا!
أنا من عهدت، أخو الهوى وخدينه
…
ما زلت معروفا به مسئولا
[112/ب]
10 لم أمنح السّلوان بعض وفاي (1) لا
…
وأبيك ما خنت الغرام فتيلا
ولربّما أصبحت مشغوفا بمن
…
يمسي ويصبح بالجفا مشغولا
وسنان بتّ به سمير كواكب
…
يطوي السّماء بها الدّجى ترحيلا
وكأنّه تاج لمفرق بدرها
…
وكأنّها نظمت له إكليلا
في ليلة قصرت على أبراجها
…
أنسا، وحلّت عقد صبري طولا
15 رقّ السّها فيها لما لاقيته
…
وجدا فأخفاه ضنى وذبولا
[لا يبعد](2) الله التي تركت دمي
…
أسفا على أطلالها مطلولا
وتحمّلت وهي العليمة أنّ لي
…
قلبا فويق حمولها محمولا
(1) في «ط» وفاي. وصورة الصفحة مضطربة في «م» وتقرأ «ذماي» أيضا.
(2)
موضع البيت مخروم في «ط» ولم تظهر الكلمة الأولى في «م» . وقريب أن تكون مثل «حفظ» و «رعى» أو «لا يبعد» المؤدية معنى الدعاء، المقصود منه العتاب الخفيف.
أتبعتها يوم استقّلت عيسها
…
دمعا يسحّ ولا عجا مشغولا
فمتى ظمت روّيتها، أو أظلمت
…
أجّجت دون مطيّها قنديلا!
20 يا هذه إن كنت ظاعنة فلا
…
تستثقلي جسدا غدا مهزولا
أو ليس أضحى في قبابك قلبه
…
ملقى، وأمسى عقله معقولا؟!
ولئن بخلت فما عليك ملامة
…
حق لمثلك أن يكون بخيلا!
ما لي وللدّعج المراض تنوشني
…
وأبيت ولهانا بها مخبولا؟!
وأخاف آراما برامة رتّعا
…
وأخال منها كل شعب غيلا!
25 حتى كأني نجل إسماعيل قد
…
رميت جزيرته بإسماعيلا
ملك ألان الدّهر بعد قساوة
…
وأعاده بعد الجماح ذلولا (1)
ملك براه الله يكفل خلقه
…
وكفى به كهفا لهم وكفيلا
ملك إذا ما حلّ أرضا ظنّه
…
-لجلاله-سكانها جبريلا!
(1) في القصيدة مبالغات مغرقة عجيبة. وسنكتفي هنا بهذه الإشارة.
حتى إذا فاضت (1) أنامله ندى
…
قالوا أتاح الله ميكائيلا!
30 وإذا امتطى منه المطهّم قال من
…
شهد الوغى عاينت عزرائيلا!
[113/أ]
راقبه يوم الرّوع إذ تنبو الظّبا
…
وترى الأسنّة عطّلت تعطيلا
والجوّ قد ضرب الظلام عليه من
…
نسج القتام سرادقا وسدولا
وعلى متون الجرد كلّ سميدع
…
قد عاد من بعد المضاء كليلا
لترى المهابة والجلالة والعلا
…
والبأس والإنعام والتّفصيلا (2)
35 هذا ابن وحي الله تأخذ هديها
…
معه الملائك بكرة وأصيلا
ذو (3) النّور توليه النبوّة والعلى
…
شكرا كنائله الجزيل جزيلا
لا مثل يوم فيه يوم أدلّة
…
يهدي إلى المتفقّهين عقولا
في موسم البحر الشنيع يروقني
…
وأغضّ طرفا عن سناه كليلا
(1) فيهما: فاظت، ونرجح ما أثبت.
(2)
كذا بالصاد المهملة.
(3)
كذا!
والجوّ يعثر في الأسنّة والظّبا
…
والأرض راجفة تميل مميلا
40 والخافقات على الوشيج كأنّما
…
يطلبن عند المعصرات ذحولا
والأسد فاغرة تمطّى بينها
…
والدّهر يندب شلوه المأكولا
والشّمس حاسرة القناع وودّها
…
لو تستطيع القرب والتّنقيلا
وعلى أمير المؤمنين غمامة
…
نشأت تظلّل تاجه تظليلا
نهضت بثقل الدّر ضاعف نسجها
…
وجرت عليه عسجدا محلولا
ذعرت مواكبه الجبال فأعلنت
…
هضباتها التّكبير والتّهليلا
أمديرها من حيث دار لطالما
…
زاحمت تحت ركابه جبريلا!
قد ضمّ قطريها العجاج فما ترى
…
بين السّنان وكعبه تحليلا
رفعت له فيها قباب لم تكن
…
ظعنا بأجراع الحمى وحمولا
وتباشر الفلك المدار كأنّما
…
يبغي بهنّ إلى السّماء رحيلا
50 يدني إليها البخت كلّ عذافر
…
يهوي إذا سار المطيّ ذميلا (1)
تتعرّف الهضب المواثل حوله
…
نسبا، وينكر «شدقما» * و «جديلا»
[113/ب]
وتجنّ منه كل وفرة لبدة
…
ليثا، ويحمل كلّ عضو فيلا!
وتظنّه متخبّطا من كبرة
…
وتخاله متنّمرا ليصولا
وكأنّما الجرد الجنائب خرّد
…
سفرت تشوق متيّما متبولا
55 يبدو عليها للمعزّ تواضع
…
فيكون أكثر مشيها تعجيلا (2)
ويحلّ عنها قدره حتّى إذا
…
راقته كانت نائلا مبذولا
من كلّ يعبوب يجيد فلا ترى
…
إلا قذالا ساميا وتليلا
وكأنّ بين عنانه ولبانه
…
رشأ، يريغ إلى الكناس، خذولا
(1) البخت: الإبل الخراسانية. والعذافر العظيم الشديد من الإبل.
(*) فيهما.
(2)
كلمة غير ظاهرة في الأصلين، وهذه أقرب قراءة واقرأ أيضا تحجيلا.
لو تشرئب له عقيلة ربرب
…
ظنّته جؤذر رملها (1) المكحولا
60 جذلان أقبل ماشيا متنصيّا
…
عدوان أدبر خاضبا إجفيلا (2)
تتبيّن اللحظات فيه مواقعا
…
فتظنّ فيه للغرام محيلا
تستنزل الأروى (3) على صهواته
…
ويبيت في وكر العقاب نزيلا!
يهوي بأمّ الخشف (4) بين فروجه
…
ويقيّد الأدمانة العطبولا
صلتان (5) يعنق في البروق لوامعا
…
ولقد يكون لأمّهنّ سليلا
يستقرب الشأو البعيد مسابقا
…
ويجىء سابق حلبة مشكولا
هذا الذّي ملأ القلوب مهابة
…
هذا الذي ترك العزيز ذليلا!
فإذا نظرت نظرت غير مشبّه
…
إلا التفاتك راية ورعيلا
(1) في «ط» وصلها.
(2)
الإجفيل: الظليم ينفر من كل شيء. والخاضب: الظليم إذا أكل الربيع فاحمر ظنبوباه.
(3)
الأروى ج الأروية: أنثى الوعول.
(4)
الخشف: ولد الظبي أول ما يولد.
(5)
الصلتان: النشيط، الحديد الفؤاد من الخيل.
إن تلتفت فكرادسا ومغانيا
…
أو تستمع فتغمغما وصهيلا
يوم تجلى الله في ملكوته
…
فرآه في المرأى الجليل جليلا
70 وتحلّت الدّنيا بسمطي درّها
…
فرأيتها شخصا لديك جميلا
حليّت فيه بمقلة فمنحته
…
نظرا بيوم غيره مشغولا
ورقيت منبرك المعلّى واجفا
…
من تحت عقد الرّايتين مهولا
[114/أ]
مسدول ستر جلالة أنطقته
…
فرفعت عن حكم البيان سدولا
وقضيت حقّ العام مؤنفا وقد
…
ودّعت عاما للجهاد محيلا
75 وشفعت في وفد الحجيج كأنّما
…
نفّلتهم إخلاصك المقبولا
وصدرت تحبو الناكثين مواهبا
…
هزّت قؤولا للسّماح فعولا
وهي الجرائم والرّغائب ما التقت
…
إلا لتصبح قادرا ومنيلا
قد جدت حتى أمّلتك أميّة
…
لو أنّ وترا لم يضع تأميلا!
عجبا لمنصلك المقلد كيف لم
…
تسل النّفوس عليك منه مسيلا
80 لم يخل جبّار الملوك بذكره
…
إلا تشحط في الدّماء قتيلا
وكأنّ أرواح العدا شاكلنه
…
فإذا دعا لبّى الكميّ عجولا!
وإذا استضاء شهابه بطل رأى
…
صور الوقائع حوله تخييلا
فإذا رأيناه رأينا علّة
…
للنّيّرات، ونيّرا معلولا
بك حسنه متقلدا، وبهاؤه
…
متنكبا، رمضاؤه مسلولا
85 فإذا غضبت علته دونك ربدة
…
يغدو لها طرف النّهار عجيلا
وإذا انطويت على الرّضا أهدى إلى
…
شمس الظهيرة عارضا مصقولا
سمّاه جدّك ذو الفقار وإنّما
…
سمّاه من عاديت عزرائيلا!
كتب الفرند عليه بعض صفاتكم
…
فعرفت فيه التّاج والإكليلا
قد كان ينذر بالوعيد لطول ما
…
أصغى إليك، ويعلم التأويلا
90 وكأن به لم يبق وترا صائلا (1)
…
في كربلاء ولا دما مطلولا
أو ما سمعتم عن وقائعه التي
…
لم تبق إشراكا ولا تبديلا
سارت به شنع (2) القصائد شرّدا
…
فكأنّما كانت صبا وقبولا
حتى قطعن إلى العراق الشام عن
…
عرض وجزن الى الفرات النّيلا
[114/ب]
طلعت على الطّلقاء بالسّير التي
…
سيرتها غررا لكم وحجولا
95 أجلين من فكري إذا لم يسمعوا
…
لسيوفهنّ المرهفات صليلا
ولقد هممت بأن أفكّ قيودها
…
لمّا رأيت المحسنين قليلا
حتى رأيت قلائدي منحولة
…
والقول في أمّ الكتاب مقولا
ولئن سلمت لأجلينّ لعزها
…
ميدان يشفي مقصرا ومطيلا
(1) في «م» صائلا وفي «ط» سائلا.
(2)
كذا فيهما. قال في القاموس «المشنوع: المشهور» .
حتى كأني ملهم وكأنّها
…
سور أرتّل آيها ترتيلا
100 ولقد ذعرت لما رأيت فغودرت
…
تلك المهّندة الرّقاق فلولا
ولقد رأيتك لا بلحظ عاكف (1)
…
فرأيت من شيم النّبي شكولا
ولقد سمعتك لا بسمعي هيبة
…
لكن وجدتك جوهرا معقولا
أبني النّبوة هل تغادر آية
…
ويقال فيكم غير ما قد قيلا
إنّ الخبير بكم أبان بفضلكم
…
غيبا وأنزل فيكم التّنزيلا
105 وأتاكم القدس الذي لم يؤته
…
بشرا وأنفذ فيكم التفصيلا
إنّا استلمنا ركنكم ودنوتم
…
حتى استلمتم عرشه المحمولا
فوصلتم ما بينه وأمدّكم
…
برهانه [بفنائه](2) موصولا
ما عذركم ألا تطيب فروعكم
…
ولقد رسختم في السماء أصولا
أعطتكم شمّ الأنوف مقادة
…
وركبتم ظهر الزّمان ذلولا
110 خلّدتم في العبشميّة لعنة
…
خلقت-وما خلقوا لها-تعجيلا!
راعتهم بكم البروق كأنّما
…
جرّدتموها في السّماء نصولا
فيمن تظنّون الأئمّة منهم
…
إن حصلت لعناؤهم تحصيلا
من أهل بيت لم ينالوا (بغية؟)
…
من فاضل عدلوا به مفضولا
لا تعجلوا إني رأيت أناتكم
…
وطأ على كتد (3) الزّمان ثقيلا
[115/أ]
115 أمتوّج الخلفاء حاكمهم وإن
…
كان القضاء بما تشاء كفيلا
(1) كذا ورد الشطر فيهما. قلت: وانظر البيت التالي.
(2)
كلمة لم تتبين بوضوح، والمثبت قريب من الرسم.
(3)
الكتد: مجتمع الكتفين من الإنسان.
والكتب لولا أنّما لك شهّد
…
ما فصّلت آياتها تفصيلا
الله يجزيك الذّي لم يجزه
…
-فيما هديت-الجاهل الضّليلا
ولقد براك فكنت موثقه الذي
…
أخذ الكتاب وعهده المسؤولا
حتى إذا استرعاك أمر عباده
…
أدنى إليك أباك إسماعيلا
120 من بين حجب النور حيث تبوّأت
…
آباؤه ظلّ الجنان ظليلا
وورثته البرهان والتّبيان
…
والقرآن والفرقان والإنجيلا
وعلمت من مكنون علم الله ما
…
لم يؤت جبريلا وميكائيلا
لو كنت آونة (1) مبشّر أمّة
…
نشرت لمبعثك القرون الأولى!
أو كنت نوحا منذرا في قومه
…
ما زادهم بدعائه تضليلا
125 لله فيك خفيّة لو أعلنت
…
أحيا بذكرك قاتل مقتولا!
لو كان آتى الخلق ما أوتيته
…
لم يخلق التّشبيه والتّمثيلا!
لولا حجاب دون علمك حاجز
…
وجدوا إلى علم الغيوب سبيلا!
لو لم تكن (2) سبب النّجاة لأهلها
…
لم يغن إيمان العباد فتيلا
لولاك لم يكن التّفكر واعظا
…
والعقل رشدا والقياس دليلا
130 لو لم تعرّفنا بذات نفوسنا
…
كانت لدينا عالما مجهولا
(1) كذا في النسختين.
(2)
فيهما «يكن» ونرجح ما أثبت.