المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا (1). ‌ ‌[كنيته:] يكنى أبا عبد الله، وهو - أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

[ابن الأحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة مؤلف الكتاب]

- ‌الباب الأولفي فضل الشّعر وإباحة إنشاده بالمساجد

- ‌والاستعارة

- ‌والتمثيل

- ‌والاشارة

- ‌ذكر ألقاب في صناعة البديع

- ‌أما التجنيس

- ‌وأما الترصيع

- ‌وأما الاشتقاق

- ‌وأما التطبيق

- ‌وأما لزوم ما لا يلزم

- ‌وأما التضمين المزدوج

- ‌وأما الالتفات

- ‌والاعتراض

- ‌وأما اللف والنشر

- ‌وأما التّفسير

- ‌وأما التعديد

- ‌وأمّا التّخييل

- ‌وأما المتواتر

- ‌وأما رد العجز على الصدر

- ‌وأما المساواة

- ‌وأما العكس والتبديل

- ‌وأما الاستدراك والرّجوع

- ‌وأما الاستطراد

- ‌وأما الاستهلال

- ‌وأما التّخليص

- ‌وأما الترديد

- ‌وأما التّتميم

- ‌وأما التفويف

- ‌وأما التّجاهل

- ‌وأما الهزل الذي يراد به الجدّ

- ‌وأما التّنبيه

- ‌الباب الثانيفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين (*) ملوك المغرب

- ‌أمير المسلمين أبو الحسن علي بن أمير المسلمين عثمان بن أمير المسلمينيعقوب بن عبد الحق

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين المتوكل على الله فارس رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخوه لأبيه أمير المسلمين عبد العزيز-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الأمير منصور

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الشيخ أبو الحسن علي بن بدر الدينابن موسى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الأمير عبد الحق المريني

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثالثفي شعر ملوك بني الأحمر من بني نصر قومي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين الغالب بالله المتوكل على الله محمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه [الله]

- ‌الرئيس إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الرابعفي شعر ملوك الموحّدين الحفصّيين وأنبائهم

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله المنصور بفضل الله محمد بن أبي بكر ابنإسحاق بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن أبي حفص

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين أحمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله:

- ‌أخوه لأبيه أمير المؤمنين الناصرلدين الله المنصور بفضل عمر

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله رحمه الله تعالى:

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بنأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي يحيى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأمير زكريا بن أمير المؤمنين أبي محمد عبد الواحد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أعزه الله

- ‌الباب الخامسفي شعر ملوك بني زيّان من بني عابد الوادي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين المتوكل على الله موسى بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأمير الحاج يوسف بن عمر بن يعقوبابن الأمير عامر بن أمير المسلمين يغمراسن بن زيّان

- ‌[كنيته:]

- ‌[32/ أ] حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأخلص محمد بن الأمير أبي سرحان مسعود:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الباب السادسفي شعر ملوك بني العز في وأبنائهم

- ‌الأمير محمد بن الأمير يحيى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه صاحبنا محمد-سلمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌الباب السابعفيما بلغنا من شعر كتّاب قومي بني الأحمر ملوك الأندلس

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثامنفيما بلغنا من شعر وزراء قومي بني الأحمرمن بني نصر ملوك الأندلس

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىأحمد بن إبراهيم بن صفوان

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الخطيب القاضي الكاتب صاحب القلم الأعلى:عبد الحق بن محمد بن عطية المحاربي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله

- ‌الباب التاسعفيما بلغنا من شعر قضاة بلادنا الأندلسيّة وفقهائها

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب:محمد بن أحمد الحسنيّ

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الخطيب علي بن أحمد الحسني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رضي الله عنه

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن محمد السّلمي

- ‌[كنيته:]

- ‌نسبه:

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب القاضي محمد بن عمر بن علي بن عتيق القرشي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب أحمد بن محمد بن أحمد بن محمدابن عبد الله بن جزي الكلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌وأبوه، أبو القاسم محمد كان خطيب الجامع الأعظم بغرناطة

- ‌والقاضي أبو بكر

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب علي بن عبد الله بن الحسنالجذامي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن علي بن محمد بن علي ابن محمد بن محمد بن خاتمة الأنصاري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب فرج بن قاسمابن أحمد بن لب التغلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الحاج محمد بن محمد بن الشّديد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الضرير:محمد بن أحمد بن علي بن جابر الهواري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الحاجإبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب العاشرفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىعبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الرئيس الحاجب الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أبي عمرو التميمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه القاضي الخطيب الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد اللهابن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوانابن يوسف بن رضوان النجاري الخزرجي

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الكاتب القاسم بن يوسف بن رضوان رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى وكاتب الأشغال السلطانيةعلي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الحكيم بن تادرارت

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن شعيب الجزنائي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الله بن أبي مدين شعيب العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد ابنأبي مدين

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله: -رحمه الله تعالى

- ‌أخوه الفقيه الكاتب شعيب بن محمد ابن أبي مدين شعيب بن مخلوف العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌ابنه الفقيه الكاتب حمزة بن شعيب ابن محمد بن أبي مدين شعيب

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه القاضي الكاتب علي بن محمدابن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب يحيى بن إبراهيم ابنزكريا الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد الرحمن بن محمد بنخلدون الحضرمي

- ‌حاله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد[87/ب] المنّان الانصاري الخزرجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الحادي عشرفيما بلغنا من شعر قضاة المغرب وفقهائها

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن علي بن عبد الرزاق الجزولي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب القاضي محمد بن أحمد بن عبد الملك بنشعيب بن عبد الله بن موسى بن مالك الفشتالي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الحسن بن عثمان بن عطيّة بن موسى بنيوسف بن عبد العالي التّجاني المعروف بالوانشريسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الخطيب الحاج عبد الرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن عبد الله بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد الحفيد بن الفقيهالقاضي أبي القاسم أحمد بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بنرشد الأموي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

- ‌[كنيته:]

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىءعبد الله بن محمد البكري

- ‌‌‌[كنيته:]

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن عمر بن توقرت الموحد التينملي:

- ‌حاله رحمه الله:

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن الشيخ الصوفي الصالح أبي عبد الله محمد الأنصاري الخزرجي الشهير بالدباغ

- ‌حاله-سلمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه عبد الغفار بن موسى البوخلفي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن محمد بن محمد ابن داود الصنهاجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء (اللغوي) علي بن محمد بنعمر الصنهاجي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الشيخ الفقيه الصوفي محمد بن أحمد بن شاطر الجمحي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه العدل محمد بن أحمد بن ابراهيم بن موسى الكومي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الصوفي محمد بن [122/ب] أحمد المكودي رحمه الله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه محمد بن يوسف بن أحمد بن محمد بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه العدل إبراهيم بن علي العباسي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌صاحبنا سعيد بن إبراهيم السدراتي رحمه الله تعالى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثاني عشرفيما قيل من الشعر في السّيفالذي بصومعة جامع القرويين من مدينة فاس

- ‌الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد المنان الخزرجي

- ‌[الفقيه المتفنن النحوي أبو عبد الله محمد بن موسى بن ابراهيم الماجري]

- ‌[أبو المكارم منديل بن محمد بن محمد بن داود بن آجروم الصنهاجي]

- ‌[الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالربيب:]

- ‌[الفقيه الكاتب التاريخي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الخزرجي المعروف بالتاوري]

- ‌[الفقيه العدل القارىء أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الصنهاجي المليلي]

- ‌[أحمد بن محمد الأنصاري الخزرجي المعروف بالدباغ]

- ‌[أبو الوليد إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج الشهير بالأحمر]

- ‌[أبو الفضل محمد بن باشر التسولي]

- ‌[ابن باشر]

- ‌[شيخنا الفقيه الكاتب مسعود بن أبي القاسم بن أبي طلاق]

- ‌[الأستاذ النحوي أبو زيد عبد الرحمن بن عليابن صالح المكودي]

- ‌[أبو العلى إدريس بن يحيى ابن محمد بن عمر بن رشيد الفهري]

- ‌[الفقيه المتفنن أبو محمد عبد الغفار البوخلفي:]

- ‌[أبو محمد بن علي الفخار، شهر بالحياك:]

- ‌[الأديب أبو عثمان سعيد بن إبراهيم السدراتي شهر بشهبون:]

- ‌تعليقات

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌للمحقق

- ‌ في سلسلة دراسات أندلسية:

- ‌ في سلسلة الذخائر:

- ‌ في المكتبة الأندلسية:

- ‌ بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور عدنان زرزور

- ‌ أعمال أخرى

الفصل: ‌ ‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا (1). ‌ ‌[كنيته:] يكنى أبا عبد الله، وهو

‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا

(1).

[كنيته:]

يكنى أبا عبد الله، وهو أكبر مني سنا، يفوتني بعشرين سنة.

‌حاله-أكرمه الله

-

وصفته في كتابنا «فريد من شعر بني نصر» بما نصه:

هو أحد أبناء الملوك الموصوفين بالبراعة الفائقة، والفصاحة الرائعة المعجبة الرائقة. ممن يشار إلية في فك معميات الأدب، ويلجأ إلى معين فطنته في كشف مغيبات الطلب. متحل من الدين بشعاره المعجب، مترنم بالقرآن ترنما مستحسنا مطرب. إن خط مهرقا (2) فأين منه ابن مقلة في التنميق؛ وإن شعر فما المرقش في التزويق. وإن خطب أنساك بلاغة سحبان؛ أو أنشأ فما العماد وبديع الزمان. وإن شدا مغنيا شغف القلوب وأذهلها، وإن تكلم منشدا خدع العصم في المعاقل وأنزلها. فلو سمعه الموصلي لسلم إليه على ياس، وكذلك ابن شكله إبراهيم بن المهدي صيت (3) آل عباس.

ومع ما حباه الله به من هذه الخصال البديعة؛ التي لا تجتمع إلا في كل ذي نفس ذكية رفيعة، لا تراه إلا مطرقا من الحياء، ولا متكلما إلا في هبات الجزيل من العطاء.

لا يرفع الطّرف إلا عند مكرمة

من الحياء ولا يغضي على عار

إن عقد حبوة خلته رضوى الوقار؛ وإن نطق فكأنما سقي كؤوس العقار: سمت همته الشريفة إلى حب الطاعة، فلم يلف من أبناء الأمراء الزهاد

(1) لم أقف له على ترجمة، غير ما ذكره ابن الخطيب عرضا في جملة بني الأحمر الذين لجؤوا إلى المغرب بعامة وإلى بني مرين بخاصة (اللمحة البدرية في الدولة النصرية).

(2)

المهرق: الصحيفة.

(3)

رجل صات وصيت: (مشهور).

ص: 83

مصادما. وسرت جنود ورعه إلى ميدان الفضائل، فلم تلق له مقاوما.

أيقابل السيل بالوشل، أم يعارض الجد بالفشل؟ ومكارمه قرت بها كل [22/ب] عين. وانتظم في لبه الدهر واسطة زين.

أنشدني لنفسه:

يا نازحا ولعهد الحبّ قد نقضا

لا تستحلّ حراما رمته غرضا

ناشدتك الله هل في العيش منتفع

يوما إذا ما جفا المحبوب أو رفضا؟

ولقي يوما ببعض الأزقة من فاس امرأة بارعة الجمال، وقد لبست ثياب حزن زرق، وهي سافرة عن وجه كالقمر، وهي تلطمه بيديها، ومن حواليها من النساء يرمن أن يبرقعنه فتمنعهن بيديها، فقال بديهة:

ألبسوها ليحجب الحسن فيها

ثوب حزن فزاد حسنا ومعنى

عجبا للسّحاب تستر شمسا

فتقت غيمه شمالا ويمنى!

قال إسماعيل مؤلف هذا الكتاب:

ولما نظمني معهم سلك الآداب، وسلك بي مسلكم شرف الانتساب، ولم أكن ممن قصر عن ذلك المرام، ولا ممن تبدد من ذلك النظام؛ رأيت أن ترك اسمي وعدم إثبات نظمي، ثلة في جمع، ووترا من شفع، وفلا في حسام، وحظا من أسقام. بل كنت في ذلك، من فريق هنالك؛ قاده طبعه إلى تولج هذا الباب، وحداه عقله إلى مطالعة نوع من الآداب.

فمن قولي-لطف الله بي-وكان قد بلغني عن بعض بني عمي بعض القول مما يقبح:

رماني بنو عمّي بزور مزورّ

وما زلت أوفاهم وأحسنهم سمتا

رموني حقدا بالذي لست أهله

وإنّي عن هجر لأكثرهم صمتا

وإنّ جدودي كالجبال رزانة

وما إن ترى فيها اعوجاجا ولا أمتا

ص: 84

[23/أ] وقلت أيضا-خار الله لي-:

يوم بان الظّاعنونا

لا تسل ماذا لقينا

أيّ شوق أيّ وجد

فضح السرّ المصونا

وأشدّ من تشكّى

من بهم جنّ جنونا

فرح الحاسد ممّا

آلم القلب الحزينا

يا فراق الخلّ ماذا

من ولوع لك فينا؟!

كلمّا رمنا بعادا

منك أدنينا الشّجونا

جئت في فعلك هذا

بخلاف المغرمينا!

وقلت أيضأ في مدح ابن عمنا أمير المسلمين الغني بالله محمد المخلوع: (1)

أبى الله إلا أن يمّلكك الدّنيا

ويحمي بك الإسلام إذ حطته رعيا

حميت جناب الله فضلا ولم تزل

تراقب فيه أمر ربّك والنّهيا

(1) سبقت الإشارة إليه (انظر إلى الحاشية 2 صفحة 25). وقد امتد العمر بالأمير النصري الغني بالله، وحكم الاندلس أكثر من أربعين عاما على فترتين. وفي شعراء العصر عدد كبير ممن مدحه بالشعر والموشحات، وفي أدبائه من رفع إليه مؤلفاته وطرزها باسمه. وفي هذا الكتاب تراجم عدد من الشعراء الذين مدحوه. (انظر: الكتيبة الكامنة للسان الدين بن الخطيب، والإحاطه له، ونثير فرائد الجمان، ونفح الطيب، مثلا) وتلقيبه بالمخلوع غير مشهور. وهو يشير إلى الحادثة عليه التي سلبته ملكه من 28 رمضان سنة 760 إلى 20 جمادى الآخرة 763، ولجأ في أثنائها إلى المغرب، ودخل فاس فاتح محرم 761. والمعروف بلقب المخلوع منهم ثالث ملوكهم محمد بن محمد بن محمد بن يوسف. فهو ولي السلطنة سنة 701، وخلع عنها في حديث طويل سنة 708. (راجع في ذلك: اللمحة البدرية، والإحاطه، وأعمال الاعلام-القسم الثاني).

ص: 85

وأعززت دين الله لما نصرته

فقد نسخت معنى السماع به الرّؤيا (1)

وسرت لعمري سيرة عمرية

بها قرّعين الدّين واعتزّت العليا

وقد خضعت صيد الملوك لأمركم

وليس لها إلا اتباعكم رأيا

ومن حاد منهم عن مراميك كلّها

يلاقي الرّدى من بعد أن يوسع الخزيا

سقيت بغيث الجود ما كان ما حلا

حنانا وإحسانا فيا حبذا السّقيا

ألا يا عفاة الأرض طرّا تبادروا

إلى جود ملك فضله غمر الدّنيا

هو الفذّ في الأملاك طرّا لأنه

أجلّهم قدرا وأحسنهم هديا

همام إذا ما الروع عبّ عبابه

وأبدى عليه النّقع من نسجه زيّا

[23/ب]

ولاحت بروق الهند وامتلأ الفضا

بصلصال رعد الطبل أعظم به شيّا (2)

وطأطأت الأرماح تدمى أنوفها

وأحكم طير النّبل مرسله الرّميا

أراك محيّا تاليا سورة الضّحى

وقلبا على الأعداء قد ركب البغيا

على فضله قد أصفق الناس مثلما

على ملكه حتما تطابقه الفتيا

بنى حرما للمكرمات تحجّه

عفاة الورى أكرم بمورده ريّا

وأذهب بالتقوى القبائح كلّها

وبدّد بالرّشد السفاهة والغيّا

وأدرك بالعزم الذي أعجز الورى

وجاء بما أعيى سواه وإن أعيى (3)

تعزّز منه الدين لما أقامه

ولم يشك منه الملك وهنا ولا وهيا

كفيل بتيسير الأماني وضامن

عن الدّهر ألا يمنع السائل الرّعيا

(1) يريد الرؤية، وأعجزته القافية.

(2)

في اللسان «صلصل صلصلة ومصلصلا» . قال: ويقال للحمار الوحشي صالّ وصلصال، يريد، الصحيحة الاجساد الشديدة الاصوات لقوتها ونشاطها. والصلصلة صفاء صوت الرعد.

(3)

كذا في الاصلين.

ص: 86

غدا المدح صعبا في سواه وإنه

غدا فيه سهلا إذ لداثره أحيى

أفاض على العافين طرّا مواهبا

بأفضاله وعدا لهم منه مأتيّا

حلفت يمينا برة ليس في الدنيا

مليك سواه للمعالي سعى سعيا

أبناء نصر حزتم بمليككم

فخارا بما يلفى مدى الدّهر مخفيا

أشاد لكم ملكا وعزّا مؤبّدا

فلا زال مأثورا-مدى الدّهر-مرويا

لنا الله كم حزنا به من مفاخر

تنافى بها عنّا العنا في الورى نفيا

تسامت به العلياء منه بقربنا

إليه وأضحى فعلنا منه مرضيا

فيا فخر أملاك الدّنى والذي حوى

لعمر المعالي الحزم والعزم والرّأيا

نموت بتشييد المفاخر مثلما

شأوت ملوك الأرض طرّا بلا ثنيا

منعت به الباغين بالعدل رحمة

فليس يخيف الذيب في قفره الظّبيا

[24/أ]

وقتّلت أهل الشّرك في عقر دارهم

وأبت ولم تترك بأحيائهم حيّا

ص: 87

وملك النّصارى ذلّ قسرا لعزّكم

يعاود في سلم له النشر والطّيا

ولولا ظباك القاهرات لملكه

لما كان نحو الحقّ مستمعا وعيا

فلا زلت يا أسمى الملوك مؤيّدا

ولذّت لك البقيا وطاب لك المحيا

وقلت أيضا:

سهرت فيمن جفنه نائم

وذبت فيمن جسمه ناعم

ظبي ظبا عينيه فعّالة

بالقلب ما لا يفعل الصّارم

يستلّ من مقلته صارما

للصّبر مني أبدا صارم (1)

ينشأ عن عينيه سكر الهوى

فكلّنا من ثمل هائم

يهزأ بي كأنّه جاهل

بما ألاقي وهو العالم

شكوته (2) ما بي من حبّه

من وله لعلّه راحم

فظلّ والجسم غدا ناحلا

ودمع عيني أبدا ساجم

يضحك في الحبّ وأبكي أنا

الله فيما بيننا حاكم!

وقلت أيضا فيه (3):

هاجت لبعدك لوعة وغليل

والقلب بعدك واله مخبول

يا نازحا نزح الكرى لفراقه

رفقا فعقد تصبرّي محلول

وابعث ولو بالطّيف في سنة الكرى

ليزورني في النّوم عنك رسول

(1) الصارم في البيت السابق: السيف، وصارم هنا «فاعل» من صرم: قطع.

(2)

في النسختين: شكوت، ولعل الصواب ما أثبت.

(3)

في غرض الغزل، أو المحبوبة المذكورة في القطعة السابقة.

ص: 88

فاسأل نجوم اللّيل تخبر قصّتي

فالنّجم عن سهري (1) بك المسؤول

فإلى متى قلبي مروع بالنوى

فلقد رثى لي حاسد وعذول

قد هام قلبي في هواك (وإنني)

دنف على جمر الغضا مجعول

[24/ب]

يا ملبسي ثوب السّقام، تعطّفا

يوما بصب من نواك عليل

فلقد قضى أهل الغرام ديونهم

وغريم حسنك في الهوى ممطول!

أدركت من سرّ الغرام حقيقة

ما نالها قيس الهوى وجميل

إنّ الذّين جمالهم بجمالهم

سارت إلى نحو الأراك تميل

وغدت تجدّ السّير لمّا شاقها

من نحو رامة إذخر وجليل (2)

أقوت معاهد حيّهم منهم كما

ملحوب أقوى ربعه المأهول (3)

لا عيش بعدهم يلذّ وإنّهم

روح الحياة لهائم والسّول

عللّت قلبي باقترابهم فلم

ينفع مشوقا بالنوّى التّعليل

يفنى الزّمان وما قضيت لبانتي

يا ليت شعري هل لديك سبيل؟

هملت نجيعا أدمعي (4) يوم النّوى

وقد استقلّت للوداع حمول

(1) في م صهر، وفي ط سهر. ولعل الصواب ما أثبت، وقد يغفل الناسخان ياء المتكلم.

(2)

الإذخر: حشيش طيب الريح، واحدتها إذخرة، وهي شجرة صغيرة. الجليل: نبت الثمام، ضعيف «يحشى به خصاص البيوت» .

(3)

يشير إلى بيت عبيد بن الأبرص:

أقفر من أهله ملحوب

فالقطبيات فالذنوب

وملحوب: اسم ماء لبني أسد، والقطبيات والذنوب مواضع لهم أيضا. (الديوان:10، وانظر المعلقات بشرح التبريزي 324، وجمهرة أشعار العرب 2:473

(4)

في الأصلين (أدمع).

ص: 89

وسرت ركائب لوعتي منثالة

والوجد هاد والغرام دليل

يا راحلين عن المشوق لشدّ ما

خلّفتموه وقلبه متبول

يهوى على مرّ الزّمان حديثكم

وكثيره فيكم لديه قليل

أمّا الحبيب فلا يملّ حديثه

وحديث من أبغضته مملول!

لكنني آوي (1) إلى حرم الذي

ما إن له في المالكين عديل

من شيّد العلياء بعد عفائها

وأنال ما قد كلّ عنه منيل

من لم يزل يرعى الإله وعقله

عند المشورة شامه وطفيل (2)

ملك إذا ركب المطهّم طالبا

لعداته فعدوّه مغلول (3)

ملك إذا ما صال يوما صولة

كادت لها شمّ الجبال تزول

سائل (4) عن وثباته وثباته

يوم الكريهة والذّوابل غيل

[25/أ]

تخبر بما أعيى الفوارس كلّها

وحديثه في الصالحات يطول

أجرى مياه العدل في أحكامه

وأقاد صعب الدهر فهو ذلول

قد روّض الإمحال جودا مثلما

قد شيّد العلياء وهي طلول

ملك القلوب محبّة ومهابة

ولسيفه في الدارعين صليل

ساد الملوك بنسبة سعديّة (5)

ففخارها أبدا له التّفضيل

وسما بها فوق السّماك وإنّه

لا يعتريه في الهياج ذهول

بعلى المعلّى جدّه سعد الرّضا

مولي النّدى، قد أفصح التّنزيل

(1) في نسخة م «أو» ، ولم تظهر في «ط» لطمس في رأس الصفحة.

(2)

شامة وطفيل: جبلان مشرفان على مجنة، وهي على بريد من مكة.

(3)

واقرأ «مفلول» بالفاء.

(4)

في الأصلين: سائل كما أثبت؛ ولعله: سائله.

(5)

نسبة الممدوح إلى الصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري.

ص: 90

حامي الرّسول وسيّد الأنصار من

صحب الرّسول وسيفه مسلول

أعطى أمير المسلمين وقد سطا

بالمعتدين ووعده مفعول

وطلب مني الفقيه الشريف محمد بن أحمد الحسني (1) المدني رسالة ذي الوزارتين الفقيه الكاتب أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الخطيب الأندلسي، التي كتب بها عن ابن عمنا السلطان أمير المسلمين الغني بالله أبي عبد الله محمد المخلوع، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ معرفا بجهاده الروم ونصره عليهم وأخذ بلادهم. فبعثت بها إليه، وكنت قد صححتها بيدي، وطغى القلم في لفظة وهي الأغوار بالواو فجعلت مكان الواو دالا مهملا جاء منه «الأغدار» .

فلما وقف على ذلك كتب عليه طرة ينبهني على نسياني ويعتذر، فجاوبته بقولي:

حبوت جنابي يا سليل محمّد

بعذراء ما أسنى سناها وأعجبا (2)

بدت شمسها في هالة السّعد مثلها

تضوّع رّياها من المسك أطيبا

فلا زلت تسديها على الخلق نعمة

ولا زلت تسمو في الفضائل منصيبا

[25/ب] وصلت-أعزك الله-عقيلتك السالبة للعقول، الخارجة بنظمها البديع، المسكت للبديع عن الحد والمعقول. وهي من الأصل الوسيم والفضل الجسيم، ترفل في حلل؛ وتنتمي بنسبها العلي، وحسبها النبوي في أشرف الحلل.

إلى السّادة الأخيار أبناء هاشم

بني الحجر والبيت العتيق الممجّد

هم آل خير الخلق أحمد والألى

بهم عزّ دين الله في كلّ مشهد

فقبّلتها ألفا، ولم أرض-دهري-غيرها إلفا. وقلت لها مرحبا بذات

(1) القاضي الفقيه أبو القاسم محمد بن أحمد الشهير بالشريف الغرناطي، ويعرف بالسبتي أيضا؛ وسيترجم له المؤلف في الورقة 41/أ.

(2)

القاضي أبو القاسم من الأشراف الحسنيين.

ص: 91

الجزالة، وأخت غزالة (1) والغزالة. والبارعة الجمال والفارعة ذرى الإجمال.

ومصرح الناظر ومسرح المناظر. وبنت سليل الرسول، ومنتهى الأمل بالسول: الرافعة من شأني، والخافضة في طلق الفصاحة، وميدان الصباحة، من جاراني وماشاني. التي أذهبت عني الأتراح وتسربلت لها ثياب الأفراح.

وأزاحت الكرب، وامتلأ بها دلو السرور إلى عقد الكرب. وزدت بها أنسا.

وكلفت بحسنها الذي لا أنسى. نفرت عن جلي عذرك فقبلته. وتأملت على سطرها مرور يدك فقبلته. وقلت إن سيدي صدر المجالس، والتحفة التي ألقاها الدهر إلى المجالس. ما صدرت منه تلك الطرة لتعريض، ولا لأن يظهر علمه الطويل العريض؛ بل ليصلح ما طغى به لسان اليراعة، وذلك مما وهبه الله من فائق الحكمة ورائق البراعة. فما الظبية الوعساء، ولا العزة القعساء عندي بأبدع (2) من تنبيه معظّمي العذب الشمائل، المزدهي عرف عرفانه بزهر الخمائل، تهديه الصبا والشمائل. فلا زال في صعود سيدي علم البلاد، والنحرير الذي أسلم وجهه لبلاغته وسلم لفصاحته الصاحب [26/أ] بن عباد. ما عطرت رياض الحزن غب سواكب المزن الرياح النواسم، وأومضت في حندس الليل بروق الثغور البواسم، والسلام.

وقلت أيضا، معزيا لابن عمنا الرئيس أبي الوليد إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج:

لا تجز عنّ أبا الصّدق الأمير على

يحيى سليلك؛ في الباقي لك الخلف

كان الذي قد مضى نجما فغاب ومن

بقي بدور-لعمري-ما بها كلف

(1) غزالة، على وزن سحابة، علم على الشمس.

(2)

في الأصلين: عند.

ص: 92

مثلك-أعزك الله-لا يذكّر عند المصيبة، إذ سهام صبرك مسددة مصيبة.

وايم الله لقد فجعت لرزئك في نجلك، وعظم فقده عندي من أجلك. ومهما أمرّ بناديه، أتفجع فأناديه:

(إذا ما دعونا الصّبر بعدك والبكا

أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبر

فإن ينقطع منك الرجاء فإنّه

سيبقى عليك الحزن ما بقي الدّهر)

والله يجزل بمصابه أجرك؛ ويرفع-بالصبر عليه-في الدارين ذكرك.

والسلام.

وقلت أيضا:

-وبعثت بها إلى ابن عمنا أبي الوليد هذا رحمه الله تعالى-وكل ما في رسالتي هذه من الأبيات هي نظمي-:

أكاتبكم يا أهل ودّي وبيننا

كما حكم البين المشتّ فراسخ

فأما منامي فهو عنّي مشرّد

وأما الذي بالقلب منكم فراسخ (1)

الأخ الوفي الذي لا ارتياب في صحة إخائه، وابن العم الصفي الذي لم يشب الكدر صفو صفائه، والولي الحفي الذي يشهد خالس محبته بحسن ولائه.

الذي صحح وداده الاختيار، وصرف عنان المحبة إليه الاختيار. المبرز في إحراز غاية الإعجاب والإعجاز، الواحد الذي به فخار صدور القوافي والأعجاز، المنزهة حقائق عزائمه الصادقة عن شوائب المجاز. الذي كان له [26/ب] سعد بن عبادة أبا، واكتسب من المعالي ما امتنع عن غيره وأبى.

واعترف له بالفضل من أهل عصره أعلامه؛ وأطاعته في الحرب سيوفه، وفي الكتب أقلامه. إنسان عين الكمال، وفلذة كبد المجد الباهر الإجمال.

(1) فراسخ في البيت الأول جمع فرسخ، و «راسخ» في الثاني اسم فاعل من رسخ: ثبت.

ص: 93

سلام عليكم من مشوق متيّم

أخي حرق رقّ الجماد لما يلقى

يكفكف دمع العين مهما ذكرتم

وقد كاد أن يفنى لرؤيتكم شوقا

براه الهوى واستأصل السقم جسمه

وغيّره نأي الحبيب فما أبقى

ينادي إذا ما الليل أرخى سدوله

يسرّكم يا أهل ودّي أن أشقى؟

لئن سرّكم هذا فراحة مهجتي

إذا قيل إني متّ من أجلكم عشقا!

خذوا مهجتي بالرّفق أهل مودّتي

وليس من الإنصاف أن أسأل الرّفقا

أنا المغرم المضننى بحبّ جمالكم

فرقّوا لملهوف غدا لكم رقّا

كتبته-أعزّك الله-والدّموع سواجم. والقلب ممّا اعتراه واجم؛ لما أجد من التّوق إلى حسن مزاحكم، ومن الألم من طول انتزاحكم.

وبعد فإني أصرف إليك عنان المعاتبة، لعدم المراسلة والمكاتبة. وقد أضرّ بي الأسى والتّبريح، حتى صرت أبعث السلام مع الريح. فلا أدري:

أملل صدّك عن جوابي أم أردت أن يقضي عليّ جوى بي (1). فارفق بملهوف تضطرم أحشاؤه لوارد الأغراض، ويرضى بكلام المحبوب وإن لم يكن عن تراض. فلو أنّ ما به بالصّخرة الصماء لذابت، أو بالليلة الظلماء لا نجابت. قسما بمحبّتك التي تيّمتني، وفضائلك العميمة التي ملكتني. لولا أمنيات نفس بالوصال نعلّلها، واستئناس (2) بلقياك نؤمّلها؛ لعدم ما بقي

(1) رسمت فيها «جوابي» ، وفضلت ما أثبت.

(2)

لم تضف الكلمة إلى شيء في النسختين. وقارن بالجملة السابقة.

ص: 94

من خيال الجسد، ولذاب الفؤاد من جمرة الكمد (1) وإلى كم نار شوق جوانحي أوريتها، ودموعا سواجما على الخدين أسلتها (2). فهذه حالي [27/أ] يرقّ لها الجلمود، ويذوب لها الجمود. فأحي مهجتي من إماتة الشوق بألفاظ أسكن إليها، ورسائل اعتمد عند تأجج نار الشوق عليها. وأنا-وان تباعدت المساكن والأشباح، فقد تقاربت منا القلوب والأرواح. والصبر عليك قد ارتحل، والجفن بالسّهاد لا بالإثمد اكتحل. فلو رأيت حالي من ذلك، لعلمت أني في أشدّ المهالك».

(1) في «ط» الكبد.

(2)

كذا في الأصلين. وفي «م» أؤريتها.

ص: 95