الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقامي بفاس لمّا أخرجنا عن بلادنا الأندلسيّة بنو عمنا الملوك بنو (1) الأحمر من بني نصر.
نرجع إلى ذكر شيخنا القاضي أبي عليّ الحسن المذكور. كان قد برز عدلا-في صغره-في سماط شهود مكناسة. ثم ارتحل إلى فاس، فاستنابه في القضاء شيخنا القاضي الخطيب الإمام المفتي المدرّس أبو عبد الله الفشتالي (2). ثم قدّمه السلطان أبو فارس عبد العزيز المريني على قضاء بلده مكناسة. ثم أنقله (3) منها، وولاّه القضاء بسلا. ثم تخلّى عن القضاء. وهو الآن في سماط شهود فاس عدل. ويقرئ في هذا الوقت بجامع القرويّين كتاب ابن الحاجب الفرعي. وهو أحد شيوخ حضرت حلقته في كتاب ابن الحاجب.
وأجازني إجازة عامّة.
حاله-سلّمه الله تعالى
-:
له باع في الفرائض والفروع جسيم، وسماوة همّة وذكاء وسيم.
وشعره فيه حلاوة، وكلامه فيه عذوبة وعليه طلاوة. كان قاضي الجماعة الفشتالي بفاس قد استنابه، فأظهر في الحقّ صلابه. ثمّ استقضاه السّلطان بمكناسة وسلا؛ فجدّ في إقامة الشّرع ولا الحقّ سلا. ولم ير له ما يستقبح في أحكامه، بطلول أيامه.
(1) في الأصلين: بني.
(2)
راجع الترجمة السابقة للفقيه القاضي الفشتالي.
(3)
في الأصلين: أنقله.
كنت قد تفكرت يوما في ذنوبي-وأنا بفاس-حين مقامي بها -في حضرة الملوك من بني مرين-فرأيتها جمة أعظم من أن أحصيها، فأحزنني ذلك، وساءني، فبعثت له بقولي:
يا أوحد الفقهاء والكبراء
…
وأخي التّقى والفضل والعلياء
قل لي وقاك الله كل مساءة
…
وحباك كلّ مسرّة وبهاء! -
كيف الخلاص من الهوى وأنا له
…
تبع مدى الإصباح والإمساء؟
فجاوبني بقوله:
يا ابن الملوك الأكرمين ذوي العلى
…
أهل الوفاء وملجأ الضّعفاء
هذا قريضك قد أتاني منبئا
…
عن بعض ما أودعت من علياء
[101/ب]
وطلبت ما ينفي متابعة الهوى
…
وينيل كلّ مسرّة وبهاء
فاعلم فدتك النّفس أني أشتكي
…
فوق الذي تشكو من البرحاء
ولعلّ مولانا ينيل جميعنا
…
عزّ التّقى في زمرة السّعداء
أمسكت رقعتك التي وجّهتها
…
من كونها خصّت بحسن ثناء
وعليك مني ألف ألف تحيّة
…
في ضعفها تترى بكلّ ثناء
***