المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جدنا الرئيس الأمير أبو سعيد فرج بن جدنا الأمير أبي - أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

[ابن الأحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة مؤلف الكتاب]

- ‌الباب الأولفي فضل الشّعر وإباحة إنشاده بالمساجد

- ‌والاستعارة

- ‌والتمثيل

- ‌والاشارة

- ‌ذكر ألقاب في صناعة البديع

- ‌أما التجنيس

- ‌وأما الترصيع

- ‌وأما الاشتقاق

- ‌وأما التطبيق

- ‌وأما لزوم ما لا يلزم

- ‌وأما التضمين المزدوج

- ‌وأما الالتفات

- ‌والاعتراض

- ‌وأما اللف والنشر

- ‌وأما التّفسير

- ‌وأما التعديد

- ‌وأمّا التّخييل

- ‌وأما المتواتر

- ‌وأما رد العجز على الصدر

- ‌وأما المساواة

- ‌وأما العكس والتبديل

- ‌وأما الاستدراك والرّجوع

- ‌وأما الاستطراد

- ‌وأما الاستهلال

- ‌وأما التّخليص

- ‌وأما الترديد

- ‌وأما التّتميم

- ‌وأما التفويف

- ‌وأما التّجاهل

- ‌وأما الهزل الذي يراد به الجدّ

- ‌وأما التّنبيه

- ‌الباب الثانيفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين (*) ملوك المغرب

- ‌أمير المسلمين أبو الحسن علي بن أمير المسلمين عثمان بن أمير المسلمينيعقوب بن عبد الحق

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين المتوكل على الله فارس رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخوه لأبيه أمير المسلمين عبد العزيز-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الأمير منصور

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الشيخ أبو الحسن علي بن بدر الدينابن موسى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الأمير عبد الحق المريني

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثالثفي شعر ملوك بني الأحمر من بني نصر قومي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين الغالب بالله المتوكل على الله محمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه [الله]

- ‌الرئيس إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌أخونا الرئيس محمد ابن والدنا

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الرابعفي شعر ملوك الموحّدين الحفصّيين وأنبائهم

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله المنصور بفضل الله محمد بن أبي بكر ابنإسحاق بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن أبي حفص

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه أمير المؤمنين أحمد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله:

- ‌أخوه لأبيه أمير المؤمنين الناصرلدين الله المنصور بفضل عمر

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله رحمه الله تعالى:

- ‌أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بنأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي يحيى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأمير زكريا بن أمير المؤمنين أبي محمد عبد الواحد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أعزه الله

- ‌الباب الخامسفي شعر ملوك بني زيّان من بني عابد الوادي وأبنائهم

- ‌أمير المسلمين المتوكل على الله موسى بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأمير الحاج يوسف بن عمر بن يعقوبابن الأمير عامر بن أمير المسلمين يغمراسن بن زيّان

- ‌[كنيته:]

- ‌[32/ أ] حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الأخلص محمد بن الأمير أبي سرحان مسعود:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الباب السادسفي شعر ملوك بني العز في وأبنائهم

- ‌الأمير محمد بن الأمير يحيى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابنه صاحبنا محمد-سلمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌الباب السابعفيما بلغنا من شعر كتّاب قومي بني الأحمر ملوك الأندلس

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثامنفيما بلغنا من شعر وزراء قومي بني الأحمرمن بني نصر ملوك الأندلس

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىأحمد بن إبراهيم بن صفوان

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الخطيب القاضي الكاتب صاحب القلم الأعلى:عبد الحق بن محمد بن عطية المحاربي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله

- ‌الباب التاسعفيما بلغنا من شعر قضاة بلادنا الأندلسيّة وفقهائها

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب:محمد بن أحمد الحسنيّ

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الخطيب علي بن أحمد الحسني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رضي الله عنه

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن محمد السّلمي

- ‌[كنيته:]

- ‌نسبه:

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب القاضي محمد بن عمر بن علي بن عتيق القرشي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب أحمد بن محمد بن أحمد بن محمدابن عبد الله بن جزي الكلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌وأبوه، أبو القاسم محمد كان خطيب الجامع الأعظم بغرناطة

- ‌والقاضي أبو بكر

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب القاضي الخطيب علي بن عبد الله بن الحسنالجذامي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن علي بن محمد بن علي ابن محمد بن محمد بن خاتمة الأنصاري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب فرج بن قاسمابن أحمد بن لب التغلبي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الحاج محمد بن محمد بن الشّديد

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الضرير:محمد بن أحمد بن علي بن جابر الهواري

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الحاجإبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب العاشرفيما بلغنا من شعر كتّاب بني مرين

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلىعبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الرئيس الحاجب الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أبي عمرو التميمي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه القاضي الخطيب الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد اللهابن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوانابن يوسف بن رضوان النجاري الخزرجي

- ‌حاله-نسأ الله في أجله

- ‌الفقيه الكاتب القاسم بن يوسف بن رضوان رحمه الله

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى وكاتب الأشغال السلطانيةعلي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الحكيم بن تادرارت

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب أحمد بن شعيب الجزنائي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب محمد بن عبد الله بن أبي مدين شعيب العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌ابن عمه الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى محمد بن محمد ابنأبي مدين

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله: -رحمه الله تعالى

- ‌أخوه الفقيه الكاتب شعيب بن محمد ابن أبي مدين شعيب بن مخلوف العثماني

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌ابنه الفقيه الكاتب حمزة بن شعيب ابن محمد بن أبي مدين شعيب

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه القاضي الكاتب علي بن محمدابن عبد الحق بن الصباغ العقيلي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌الفقيه الكاتب يحيى بن إبراهيم ابنزكريا الأنصاري الأوسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى عبد الرحمن بن محمد بنخلدون الحضرمي

- ‌حاله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبد[87/ب] المنّان الانصاري الخزرجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌الباب الحادي عشرفيما بلغنا من شعر قضاة المغرب وفقهائها

- ‌الفقيه القاضي الخطيب محمد بن علي بن عبد الرزاق الجزولي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الخطيب القاضي محمد بن أحمد بن عبد الملك بنشعيب بن عبد الله بن موسى بن مالك الفشتالي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الحسن بن عثمان بن عطيّة بن موسى بنيوسف بن عبد العالي التّجاني المعروف بالوانشريسي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلّمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه القاضي الخطيب الحاج عبد الرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن عبد الله بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد الحفيد بن الفقيهالقاضي أبي القاسم أحمد بن الفقيه الامام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بنرشد الأموي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

- ‌[كنيته:]

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىءعبد الله بن محمد البكري

- ‌‌‌[كنيته:]

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌صاحبنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن عمر بن توقرت الموحد التينملي:

- ‌حاله رحمه الله:

- ‌صاحبنا الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن الشيخ الصوفي الصالح أبي عبد الله محمد الأنصاري الخزرجي الشهير بالدباغ

- ‌حاله-سلمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه عبد الغفار بن موسى البوخلفي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌شيخنا الفقيه الأستاذ النحوي المقرىء محمد بن محمد بن محمد ابن داود الصنهاجي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الأستاذ النحوي المقرىء (اللغوي) علي بن محمد بنعمر الصنهاجي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الشيخ الفقيه الصوفي محمد بن أحمد بن شاطر الجمحي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله تعالى

- ‌صاحبنا الفقيه العدل محمد بن أحمد بن ابراهيم بن موسى الكومي

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله:

- ‌الفقيه الصوفي محمد بن [122/ب] أحمد المكودي رحمه الله:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه محمد بن يوسف بن أحمد بن محمد بن يوسف

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-أكرمه الله

- ‌صاحبنا الفقيه العدل إبراهيم بن علي العباسي:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-سلمه الله

- ‌صاحبنا سعيد بن إبراهيم السدراتي رحمه الله تعالى:

- ‌[كنيته:]

- ‌حاله-رحمه الله

- ‌الباب الثاني عشرفيما قيل من الشعر في السّيفالذي بصومعة جامع القرويين من مدينة فاس

- ‌الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد المنان الخزرجي

- ‌[الفقيه المتفنن النحوي أبو عبد الله محمد بن موسى بن ابراهيم الماجري]

- ‌[أبو المكارم منديل بن محمد بن محمد بن داود بن آجروم الصنهاجي]

- ‌[الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالربيب:]

- ‌[الفقيه الكاتب التاريخي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الخزرجي المعروف بالتاوري]

- ‌[الفقيه العدل القارىء أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الصنهاجي المليلي]

- ‌[أحمد بن محمد الأنصاري الخزرجي المعروف بالدباغ]

- ‌[أبو الوليد إسماعيل بن الأمير أبي سعيد فرج الشهير بالأحمر]

- ‌[أبو الفضل محمد بن باشر التسولي]

- ‌[ابن باشر]

- ‌[شيخنا الفقيه الكاتب مسعود بن أبي القاسم بن أبي طلاق]

- ‌[الأستاذ النحوي أبو زيد عبد الرحمن بن عليابن صالح المكودي]

- ‌[أبو العلى إدريس بن يحيى ابن محمد بن عمر بن رشيد الفهري]

- ‌[الفقيه المتفنن أبو محمد عبد الغفار البوخلفي:]

- ‌[أبو محمد بن علي الفخار، شهر بالحياك:]

- ‌[الأديب أبو عثمان سعيد بن إبراهيم السدراتي شهر بشهبون:]

- ‌تعليقات

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌للمحقق

- ‌ في سلسلة دراسات أندلسية:

- ‌ في سلسلة الذخائر:

- ‌ في المكتبة الأندلسية:

- ‌ بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور عدنان زرزور

- ‌ أعمال أخرى

الفصل: جدنا الرئيس الأمير أبو سعيد فرج بن جدنا الأمير أبي

جدنا الرئيس الأمير أبو سعيد فرج بن جدنا الأمير أبي الوليد اسماعيل بن جدنا الأمير أبي الحجاج يوسف الشهير بالأحمر بن جدنا أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الخزرجي أمير مالقة بالجزيرة الخضراء على خراجها.

فلما عبر البحر للعدوة قدمه ملوك مرين على خراج مكناسة وولوه قيادة قصبتها، ونال لديهم جاها مكينا.

وأبو العباس هذا استكتبه أمير المؤمنين المتوكل أبو عنان فارس في حضرته السلطانية؛ وله فيه أمداح عجيبة. واستكتبه أيضا في الحضرة السلطانية المرينية أمير المؤمنين السعيد بالله أبو يحيى أبو بكر، وأمير المسلمين المستعين بالله أبو سالم إبراهيم، وأمير المسلمين أبو عمر تاشفين، وأمير المؤمنين المتوكل على الله أبو زيان محمد، وأمير المسلمين أبو فارس عبد العزيز، وأمير المسلمين السعيد بالله أبو زيان محمد، وأمير المسلمين المستنصر بالله أبو العباس أحمد.

‌حاله-أكرمه الله

-:

ظهر له في القريض باع أي باع، وكان لمعانيه جلاء وللثنايا اطلاع. وهو مجيد في فكرته، يأتي بالغرابة في رويته، وقد انقادت له ركائب الآداب بأزمتها، وتجلت له شمس البديهة عن ظلمتها. إلى خلق في [88/أ] الفضائل ممكنة، وأفعال حسنة بسنه.

أنشدني لنفسه، ورفعها ليلة مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عام سبعة

ص: 315

وخمسين وسبعمائة، لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عنان فارس (1) وعارض بها قصيدة الشيخ الفقيه الإمام العالم الصّوفي المحقق أبي عبد الله محمد بن خميس الحجري (2) التي أولها:

أمّا المشيب فقد لاحت لوامعه

فما لدمعك لا تهمي هوامعه

(1) كانت للسلطان أبي عنان المريني عناية فائقة بالعلوم والآداب، ونقل المترجمون لابن خميس أنه كانت لأبي عنان عناية خاصة بأخباره وأشعاره (نفح الطيب 5:366).

(2)

هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد الحميري الحجري-حجر ذي رعين، وهو أبو قبيلة من اليمن-التلمساني عرف بابن خميس (000 - 708) من علماء تلمسان وشعرائها المعدودين. وقد أفاض مترجموه في ذكر مآثره ومزاياه العلمية والأدبية، ومنهم لسان الدين بن الخطيب، وابن خاتمة الأنصاري شاعر المرية وأديبها. ارتحل ابن خميس إلى سبتة، دار إمارة بني العزفي فأقام مده، ثم ارتحل إلى الأندلس تحت رعاية وزيرها ابن حكيم، وطاف في بعض بلاد الأندلس. وكانت وفاته في حادثة نكبة الوزير ابن حكيم، قتله بعض مهاجمي قصر الوزير دون جريرة سنة 708، وله نيف وستون سنة (؟) كما نقل في نفح الطيب وأزهار الرياض. قال ابن خاتمة في مزية المرية في حقه «كان من فحول الشعراء وأعلام البلغاء، يصرف العويص ويركب مستصعبات القوافي» وذكر عنايته والعلوم اللغوية، ومشاركته في العقليات، وقعوده للإقراء أيام مقامه بغرناطة. قال:«ومال بأخرة إلى التصوف والتجوال، والتحلي بحسن السمت وعدم الاسترسال» . ويلتقي هذا الكلام مع ما يذكره ابن الأحمر عن تصوفه. وقد جمع أبو عبد الله الحضرمي-معاصر ابن خاتمة ولسان الدين-شعر ابن خميس في ديوان سماه الدر النفيس في شعر ابن خميس». (ترجمته وقصائد من شعره في: أزهار الرياض 2:301، ونفح الطيب 5:359 والدرر الكامنة 4:113 والتعريف بابن خلدون 390. وانظر: مختارات من الشعر الأندلسي:193).

ص: 316

فقال-نسأ الله في أجله-:

هل العقيق وما ضمّت أجارعه

كما عهدناه أم أقوت مرابعه

وهل تغيّر بان الحيّ بعد نوى

أهليه أم روّضت خصبا أجارعه

ديار سلمى سقاها من ديار هوى

من صيّب الغيث هاميه وهامعه

قفا بها إنّ عهدا للطّول على

دمعي السّكيب بأن تجري دوافعه

5 وهلّ وقوف محب بالطّول على

إثر الخليط الّذي قد بان نافعه؟

لله عهدك يا ربع الألى ظعنوا

أيام روضك غضّ الدّوح يانعه

أيام ظبيك لم تقفر مراتعه

منه، وبدرك لم تظلم مطالعه

ودار سلمى بجرعاء الحمى كثب

ومورد الوصل لم تحظر مشارعه

لعمر سلمى لقد بانت وما تركت

سوى جوّى يسفع الأضلاع سافعه!

ص: 317

10 ومنية يترجّاها (1) على طمع (2)

منه ويأبى مشوق القلب جازعه

في ذمّة الله قلب كلّما ذكرت

سلمى تغصّ به خفقا أضالعه

وإنّ سلمى لظبي في النّفار وفي

طرق الملالة قد أعيت منازعه

ماذا تجرّعت من مرّ الغرام هوى

يا قلب فيه، وماذا أنت جارعه!

أبيت ليلي من جرّاه مكتحلا

بالسّهد وهو نؤوم الجفن هاجعه

[88/ب]

أدافع الوجد في سلمى فيغلبني

والوجد لا شكّ مغلوب مدافعه!

15 أخادع القلب عنها وهو يخدعني

كذلك القلب مخدوع مخادعه!

ويح المحبّ لقد نمّت شمائله

بحبّه فهو خافي السّرّ ذائعة

وأيّ واش به في الحبّ يكذبه

سهاده أم ضناه أم مدامعه؟

(1) فيهما: يترجها «بتشديد الجيم» ونرجح ما أثبت.

(2)

في «ط» طعم، وهو تحريف.

ص: 318

أم نفثة قذف الوجد الصّميم بها

طيّ النّسيب وقد رقّت وشائعه

20 هل تعلمان له راق فيطمع في

برء أم الحبّ داء عزّ دافعه؟

أو ملجأ غير أعلى الخلق منزلة

يوم الحساب وقد راعت روائعه

خير البرية أولاها وآخرها

وحائز الفضل دانيه وشاسعه

يا ليلة أسفرت عنه ظفرت علا

بالفخر قد ملأ الأقطار شائعه

ضاءت لمولده الآفاق واتّضحت

سبل الرّشاد بما جلّت نواصعه

25 وأصبحت (1) صور الأصنام من وجل

والكلّ ناكس أعلى الهام خاضعه

وأمسك النّهر خوفا عند ذلك إذ

أحسّ بالجود قد فاضت ينابعه

وأخمدت نار كسرى وهي ما علموا

وقودها قبل وارتجّت مصانعه

وكم دليل له من قبل مبعثه

وبعده صدع الظّلماء ساطعه

كآية الغار لمّا قام ناسجه

من دونه وأوى للوكر ساجعه

(1) كذا في الأصلين.

ص: 319

30 وأعلمته ذراع الشّاة مشفقة

بسمّها ليته (يفتض)(1) ناقعه

والضّبّ والذّئب تصديقا له نطقا

والطّفل أفصح لم تفطم مراضعه

والشمس والبدر هذي (2) ردّ غاربها

بعد الأفول، وهذا شقّ طالعه

والماء فاض معينا من أصابعه

وهل بحور النّدى إلا أصابعه؟

وعاد في الرّوع جدل (3) النّخل من يده

باللّمس أبيض لا تنبو مقاطعه

35 والغصن لمّا دعاه جاء مؤتمرا

يخطّ في الأرض لا شيء يمانعه

[89/أ]

والجذع أسمع ترديد الحنين له

لو لم يفارقه لم يسمعه سامعه

آيات صدق جلت علياء منتخب

لم يطلع الكون من خلق يضارعه

مؤيّد بجنود الله يكنفه

هاد إلى الحقّ مهدّي متابعه

(1) هذا أقرب ما يقرأ في النسختين.

(2)

فيهما «هادي» ونرجح ما أثبت، وانظر الشطر الثاني.

(3)

فيهما جدل، وتحتمل قراءة جذل (بالذال) وجزل (بالزاي).

ص: 320

مخصّص بمزايا القرب طولع من

معارف الغيب بالمختوم طابعه

40 وأوتي الكلم الوضّاح حكمته

ولامرئ قبل لم تجمع جوامعه

ما وصف فضلك يا أعلى الورى شرفا

بممكن فيطيل القول واضعه

وكيف يدرك أوصافا وقد فرعت

مرقى العقول وإن جلّت فوارعه؟!

يا صفوة الله والدّاعي برحمته

إلى النّجاة بما سنّت شرائعه

دعاء محتقب ذنبا أضيق به

ذرعا فأمّا حماك الرّحب مانعه

45 لولا تمسّكه قدما بحبك ما

إن كاد يطمع في الغفران طامعه

حب إليك-رسول الله-أخلصه

قلب تقلّبه شوقا نوازعه

كن شافعا لي أسعد بالمفاز غدا

فما السّعيد سوى من أنت شافعه

يا أكرم الرّسل يا أعلى الأنام علا

يا خير منتجع ترجى نواجعه

أعلّل النّفس تعليلا بقربك لـ

ـكنّي أرى القرب قد سدّت ذرائعه!

ص: 321

50 ولي على الدّهر دين لثم تربك لـ

ـكنّ التّقاضي تلويه موانعه

ما كنت آمله لولا الخليفة لا

زالت تؤمّل للحسنى صنائعه

إمام عدل وإحسان سمت شرفا

فروعه وزكت طيبا منابعه

من عصبة أثلّوا المجد التّليد علا

ودوّخوا الكفر فاستخزت بواقعه (1)

يا آل يعقوب أعلى الله ملككم

فهو الملاذ الّذي ترجى مفازعه

55 ما آل يعقوب إلا مرتقى شرف

سامى النّجوم ففات النّجم فارعه

بنى له المجد عبد الحقّ معتليا

وجاء يعقوب للغايات تابعه

[89/ب]

ويوسف ثمّ عثمان ونجلهما

عليّ معلي منار المجد رافعه

وفارس البأس والإنعام من علمت

به الملوك، مذلّ الشّرك قامعه

(1) الباقعة: الرجل الداهية، والذكي العارف.

ص: 322

مؤيّد الأمر لم تحجم صواهله

يوم النّزال ولم تكهم قواطعه (1)

60 ليث الحروب إذا ماجت كتائبها

غيث الجدوب وقد راعت طلائعه

سل كلّ قطر بما وفّى نداه به

إذ أخلف القطر واغبرّت مواقعه

والبدو والحضر كم أحيت مواهبه

والطّير والوحش كم أردت وقائعه

غمر النّوال عطوف محسن جبلت

على المكارم والرّحمى طبائعه

ما زاده الله من عز لعزّته

إلا وزاد له فيه تواضعه

65 أبا عنان لك الخيرات من ملك

عاصيه قد خاب لمّا فاز طائعه

أعليت دين الهدى لا زلت معتليا

فعزّ أهلوه (2) واستخذى مماصعه (3)

ومجتد أنت معبيه (4) وجابره

ومعتد أنت مقصيه ورادعه

(1) سيف كهام: كليل.

(2)

في «م» أهله، والمثبت من «ط» .

(3)

ماصعوا: قاتلوا وجالدوا.

(4)

عبا المتاع: هيأه، والجيش: جهزه.

ص: 323

وجنح ليل تجلّى عنك فاحمه

وأنت قائمه برّا وراكعه

وموسم جلّ قدرا باعتناك به

راقت لياليه وازدانت سوابغه

70 يذكّر الخلد، نال الخلد منزلة

مقيمه يبتغي الزّلفى، ورافعه

تمّت بسعدك فيه كلّ معجبة

وانقاد كلّ بديع الحسن رائعه

وآلة للمواقيت استقلّ بها

صنع تفوت النّهى لطفا صنائعه

أبياتها عدّ أبراج السّماء ولا

قطب ولا فلك تدرى مواضعه!

يجري الهلال عليها جريها أبدا

على المنازل صنع فاق بارعه

75 وفي البيوت جوار كلّ واحدة

منهنّ خصّت بميقات تطالعه

حتّى إذا جدّ إسراعا لوجهته

وحمّ منه فراق حان واقعه

وأذّن الطّير من أعلى مراقبه

ببينه معربا عن ذاك قارعه

[90/أ]

ثارت هنالك توديعا له ودنت

إلى الفناء على ذعر تشايعه

ص: 324

وفي اليمين كتاب باسم موقتها

إلى الإمام وقد أومت تبايعه

80 وشامخ المرتقى آوى لأفرخه

بالوكر وهو أمين السّرب وادعه

أتيح عمدا له مستشنع سبط

رحب القذال صقيل الطّرف لامعه

أحوى الأديم يجاري دونما قدم

هوج الرّياح، حديد النّاب قاطعه

جمّ التّقلّب لم تؤمن غوائله

غدرا، وتحذر من ختل خدائعه

يسعى له الحين بعد الحين يرزؤه

ثكلا فيصفرّ خوفا أو يقارعه

85 كذلك اللّيل لا ينفكّ مختلفا

إليه وهو عن الأفراخ دافعه

ومثله لأخيه ينتحيه وما

إن منهما ليله إلا مقارعه

كأنّما الصلّ أمسى ممسكا فإذا

ما ساعة ذهبت ثارت مطالعه

وظنّها آخر السّاعات قد أذنت

بفطره فسما للفرخ لاسعه

ص: 325

رياض حسن بدا لولا سعودك لم

تستجل يا مالك الدّنيا بدائعه

90 في ليلة آنست مرأى ومستمعا

لا شتّ من شملها بالأنس جامعه

نودّ فيها-وإن لم نعط ذلك-أن

لو عرّس اللّيل أو مدّت هوازعه (1)

قد حجّب السّجف عنّا شهبها وبدت

كواكب الشّمع إذ صفّت مشامعه

ولم يكن يا أمير المؤمنين بها

إلا محيّاك من بدر نطالعه

بقيت للدّين والدّنيا تزينهما

والملك ما صدع الإظلام صادعه

95 وهاكها من خبايا الدّهر قافية

تزهى على الدّر قد (2) صفّت رصائعه

أهداكها فائق الإبداع باسمك ما

رقت مباديه أو رقّت مقاطعه

وقد تعمّد فيها وصف معجبة

أجاد في صنعها لا شكّ صانعه

لم ينعت البعض منها عن مشاهدة

لكن بما هو في الأخبار سامعه

(1) الهزيع من الليل: الطائفة منه أو نحو ثلثه أو ربعه.

(2)

«قد» ساقطة من «م» .

ص: 326

[90/ب]

فإن أصاب فذاك اليمن سدّده

قدما وإن لم يصب فالحلم واسعه

100 يتلى بحمدك من أمداحه كلم

يبلى الزّمان ولا تبلى وشائعه

لو مرّ بابن خميس وفده لدري

بأنّ ثمّ خميسا لا يماصعه

قضى له الدّهر تأخيرا ولا عجب

تأخّر الشّمس عن فجر تتابعه!

وأنشدني أيضا لنفسه يمدحه، ويصف قتل الأسد بين يديه بقصره، والثور المقاتل للأسد، والأكرة (1)، والمخاتل، وغير ذلك مما يلعب به مع الأسد:

أسرى فهيّج لاعج البرحاء

برق أضاء له من الجرعاء

أهدى-وقد نام الخليّ عن الحمى-

خبرا وطار بطارق الإغفاء

وحكى به أنّ الثغور بواسم

وضّاحة والبيض ذات مضاء

هرق الوميض وإنّ في كنف الحمى

لشبيهة بالجونة الغّراء

(1)«الأكرة» ساقطة من «ط» .

ص: 327

5 تجلو عن البدر اللّثام وإنّما

تفترّ عن بدر وعن صهباء

عبث الصّبا بقوامها عبث الصّبا

بالغصن [علّ](1) بواكر الأنداء

زارت وجنح الليل معتكر ومن

دون الزّيارة ملتقى الأعداء

والزّهر كالأزهار إلا أنّها

نثرت خلال بنفسج الظّلماء!

والبدر يسبح في الغمام كأنّه

مرآة هند وسط لجّة ماء

10 ضاءت بشهب حليّها شهب الدّجا

وأتتك تمشي مشية الخيلاء

أنّى أمنت-هديت-غائلة السّرى

والواشيين: تأرّج وضياء

لم ترهبي الآساد غلبا، والظّبا

قضبا، وجبت مضلّة البيداء!

قالت: أما أحييت منك متيّما؟

أنّى أضلّ، ودنت بالإحياء؟

أيرى ضلال والخليفة فارس

في الأرض أن يلفى على الغبراء؟

(1) في الأصلين «على» ونرجح ما أثبت.

ص: 328

15 يمّمت علياء فما من منذر

أخشى ولمّا أرّج ماء سماء

[91/أ]

صرّاف عادية، مزيح ضلالة

فرّاج داهية، عظيم غناء

تجلو الأسرّة منه بدر مكارم

ويفيض منه الجود بحر عطاء

وتهيج منه الحرب ليث ملاحم

ويقرّ منه الحلم طود علاء

هلا سألت به الغيوث فإنّه

مهما استهلّت فاضح الأنواء

20 وسل اللّيوث تجبك صدقا؛ إنّها

أدرى بفتكة عضبه المضّاء!

لله يوم في حماه مفضّض الـ

ـإصباح منه، مذهّب الإمساء

رتعت به الأبصار بين عجائب

رقّت فراقت كل طرف راء

وأجشّ منهرت اللها نهد الطّلا

عبل الجزالة محكم الأنساء

طاوي الحشا، رحب المقدّم، عابس

متطلّع عن جذوتي ظلماء

25 بل كوكبين تقارنا بجبينه

لحدوث ما نبأ من الأنباء!

ص: 329

وأرى الأهلّة في البدور وإنّما

يعتدّها للأزمة الدّهماء

يفترّ لا لتبسّم يعتاده

ويعانق الأقران لا لإخاء

قد طالما سهرت مخافة بأسه

دون الخلال طلائع الأحياء

قذفت به الأقدار بين مخاتل

ومكابد ومناجز ومناء

30 رفعوا لموقت حتفه كرة فلم

تبرز له إلا طويل شقاء!

جاؤوا بها شمسا تيمّم بيتها

منه، وإنّ اللّيث (1) بيت ذكاء

عجبا لها جازت إليه النّور لم

تجنح إلى السّرطان والجوزاء!

ومعدّلو الشّبكات بعد تردّد

حكموا عليه بشدّة ورخاء

ألقوه في التّابوت ثم تعمّدوا

إرساله؛ أبقوه لا لبقاء!

35 لكنّ أرباب الصّفائح صمّموا

فقضوا بداهية له دهياء

هذا وقد طلعت بوشك حمامه

شهب الأسنّة، جمّة الأضواء

(1) في «م» الليت. والمثبت من «ط» .

ص: 330

[91/ب]

يا نصبة حكمت على ليث الشّرى

قسرا بقضّ المتن والأحشاء

لولا حظته عناية القمر الذي

في البرج (1) أمّن طارق الأرزاء

(2) لمّا قضى إسلامه

للسّمر والخطّية السّمراء

40 والحارث الفتّاك بالأسد الذي

لم يبق إشفاقا على الآباء

طلعت بمفرقه الأهلّة إنّها

أبدا لها منه محلّ ثواء

يا ليث [لا تأمنة](3) ختلا إنّه

ليكرّ بعد تحيّز وثناء

لا يطمعنّك إن أجدّ منكّبا

لمّا دلفت له حثيث عداء

ما ذاك إلا لو علمت تأثّما

من قطع أرحام وسفك دماء!

45 وسل الجواميس البهيم أديمها

تخبرك فهي له من الشّهداء!

(1) في الأصلين البروج، ونرجح ما أثبت، للوزن.

(2)

في «م» والحار قضى. وفي «ط» فالحار قضى. وأظن الناسخ الاول أخطأ بنقلة عين فكتب جزءا من كلمة الحارث في البيت التالي، وتابع، فاضطرب الشطر.

(3)

فيهما: لا تمنه، ونرجح ما أثبت.

ص: 331

فلقد شهدن أخاك لمّا أمّه

كالسّهم قاسمه مدى المثناء

أنحى عليه بصدمة ثوريّة

تركت أسامة واهي الأنحاء

وبطعنة نجلاء أنهر فتقها

تحت الأديم عريضة جوفاء

شكّت فريصته [فولّى](1) ناجيا

يبغي النّجاة ولا حين نجاء!

50 ثم استكان يردّد الزّفرات عن

وهن وتلك شكاية الضّعفاء

حتى أتته العين عائدة وما

إن كنّ قبل له من السّجراء (2)

رحمته-وهي عداته-ولحادث

متفاقم ما رحمة الأعداء!

فاحذر لمصرع تربك الماضي ولن

يثني الحذار مقدّرا بقضاء

يا ليث سامتك (3) الهوان بنو الوغى

فاصبر لما سامت بنو الهيجاء

(1) لم يترك الناسخ فيهما فراغا. وما بين معقوفتين مقترح.

(2)

السجراء جمع السجير: الخليل والصفي.

(3)

فيهما: شامتك ونرجح ما أثبت.

ص: 332

55 تلك الأسنّة والقنا أتخالها

أزهار قضب السّرحة الغيناء (1)

والبيض لامعة وما هي-فاتّئد-

بجداول العرّيس (2) ذي الأفياء

ومصارع الآساد ليست هذه

بمصارع الإدلاج والإسراء!

[92/أ]

دار الخلافة يمّمت ساحاتها

صيد الملوك لخيفة ورجاء

راقت مراقي برجها بخليفة

لم يعد هدي أئمّة الخلفاء

60 متهلّل غمر النّوال مظاهر

في بردتين: جلالة وبهاء

ترتاده الدّنيا فيرجع أهلها

من غير سوء باليد البيضاء!

رحب المجال مناضلا ومناظرا

ثبت اللّقاء مسدّد الإلقاء

حمل الورى رشدا وقد ضلّوا على

نهج الهدى ومحجّة السّمحاء

لا تنكر الإرشاد منه إنّه

لأبو المعالي، جهيذ العلماء

(1) الغيناء: الخضراء من الشجر.

(2)

العريس: مأوى الأسد.

ص: 333

65 يا فارس الهيجاء دمت لحكمة

ومكارم وبسالة وسخاء

دوّخت أرض الرّوم منتقيما على

شحط المزار ومنعة الأرجاء

وبعثتها غربان زجر لم تطر

لهم بغير كريهة شنعاء!

لما بدت وبنو الوغى من فوقها

والسّمر نازعة إلى الهيجاء

قالوا الرّبا والأسد في آجامها

تختاض عرض اللّجة الخضراء

70 جاسوا خلال ديارهم فكأنّها

لم تغن بعد مزاهر وغناء

ونواقس تهدي الضّلال سميعة

وكنائس وجآذر وظباء!

أمّا بلاد الشّرق نالت رشدها

بوسيلتين: إنابة ووفاء

ألقت بمقلدها إليك ولم تزل

من قبل ذات تمنّع وإباء

والعرب تجهد في رضاك وإنّما

أخذوا بحظّهم من العلياء

75 أنت الكرام، وعصر ملكك دهرهم

والأرض-أجمع-حضرة (1) البيضاء!

(1) البيضاء حضرة الملك المريني من فاس.

ص: 334

ولك الخطاب الفصل والفضل الذي

لم يختلف فيه ذوو الآراء

ولك القضاء العدل سدّده (1) الذي

ولاّك إذ أولاك كلّ علاء

لا زلت تكلأ أمّة جبّارها

يكلؤك في السرّاء والضرّاء (2)

[92/ب]

وبقيت للإسلام ما جرّ الدّجا

لملاءة الإصباح فضل رداء

80 واهنأ بعيد النّحر حلّى جيده

سلكا فتوح واقتبال سناء

وإليكها عذراء تزهى نخوة

بحلى محاسنها على العذراء

أسديّة لم تدر ما يمن ولم

تنسب مجاورة إلى الأذواء!

أحكمتها صنعا فقال رواتها:

عجبا أهذا الوشي من صنعاء؟!

طالت وأحشمها القصور فأقبلت

من خجلة تمشي على استحياء

85 إن لم أقلدها علاك فرائدا

كالشّهب بعد سنا وحسن رواء

(1) فيها: سدد، والمثبت مقترح.

(2)

حركة همزة يكلؤك مختلسة.

ص: 335

وأجيل في ميدان شكرك عربها

غرّا فلست بشاكر النّعماء

فضحت يمينك كلّ جود وابل

وثناي عرف الرّوضة الغنّاء

وعلى هذه القصيدة حكاية: وهي أن صاحبنا أبا العبّاس لما رفعها لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان، وافق المجلس أن الشريف أبا عبد الله محمد بن القاسم الحسيني العراقي رفع للمتوكل أبي عنان قصيدة مثلها في الوزن والقافية. فلما قرئت قال شيخ بني مرين وهو الحاج أبو مهدي عيسى بن الحسن بن علي بن يحيى بن منديل بن أبي الطّلاق العسكري لأبي عنان المتوكل: يا أمير المؤمنين! إن قصيدة الشريف أحسن من قصيدة ذلك الحضري! يعني صاحبنا أبا العباس بن عبد المنّان. فقال له أبو عنان المتوكل على الله: «ليس الأمر على ما ذكرت، اسكت، فإنك غير عارف بالشعر! إنّ قصيدة أحمد أبدع من قصيدة الشّريف!» وصاحبنا أبو العباس لهذا كلّه قائم بين يدي أبي عنان المتوكل يسمع ما قال السلطان، وما قال الشيخ أبو مهدي، فحقدها للشيخ أبي مهدي. فلمّا قام الشيخ أبو مهدي بجبل [93/أ] الفتح من الأندلس على أبي عنان (1)، وقبض عليه، وسيق للمتوكل

(1) كان انتقاض أبي مهدي عيسى بن الحسين بن أبي الطلاق على أبي عنان المريني سنة ست وخمسين وسبع مئة. ووصفه السلاوي بأنه كان وزير أبي عنان وصاحب شوراه، وأنه من شيوخ بني مرين ووجوهها. وكان انتقاضه بجبل طارق (وهو جبل الفتح المذكور، سماه بذلك الموحدون بعد إزالتهم المرابطين ودخولهم الاندلس). قال: وهو انتقض على السلطان لأسباب يطول شرحها. وقد انتهى أمر الثائر إلى سجن أبي عنان ثم قتله مع ابنه، ولم يقبل منه عذرا. (الاستقصا 3:200).

ص: 336

أبي عنان سرّ صاحبنا أبو العباس بذلك، ونظم قصيدة ورفعها لأبي عنان يحرضه بها على قتله؛ فقتله بالرماح وأنا حاضر لقتله.

والقصيدة هي هذه:

محيّاك أبهى لا الهلال ولا البدر

وريقك أشهى لا الزّلال ولا الخمر

ولحظك أنكى لا البواتر تنتضى

وعرفك أذكى لا الأزاهر تفترّ

أيا مالك القلب الّذي جار في الهوى

عليه، ترفّق، ربّما وهن الصبر

ويا باخلا حتّى بطيف خياله

نشدتك: هل في الطّيف تبعثه وزر؟!

5 أعندك أنّي منذ أضمرت هجرة

هجرت الكرى سهدا سوى سنة تعرو؟

ولم يبق منّي السّقم إلا صبابة

تردّد في أثنائها أنه نزر

وهل لي إذا لم أفن فيك صبابة

بحكم الهوى العذريّ عند الهوى عذر

ألفت الهوى حتّى استهنت صعابه

وحتّى تساوى عندي (1) الحلو والمرّ!

(1) في نسخة «ط» عند.

ص: 337

وقال وشاة الحبّ سحر أصابه

فهل علموا من لحظ (1) من ذلك السّحر؟

10 لك الخير هذا نعت حالي جملة

وشرحا فهل للعطف من بعده ذكر؟

بنفسي نشوان المعاطف عاطف

كغصن النّقا، كالظّبي خامره ذعر

تجول صدور السّمر دون لقائه

ويسحب من أذياله العسكر المجر (2)

هو الظّبي إلا أنّ دوحته القنا

هو البدر إلا أنّ مطلعه الخدر

له الودّ منّي والخلوص وعنده

تجنّ كما تهوى الملاحة، أو هجر

15 ألا إنّ إنعام الخليفة فارس

لنا الصّفو من فيّاضه وله الشكر

مليك ملوك الأرض أوحدها الذّي

به علت العلياء وافتخر الفخر!

غمام النّدى الهطّال والجوّ أغبر

وليث العدا والبيض قانية حمر

إذا ما تراءى البدر يوما ووجهه

تحيّرت الأبصار أيّهما البدر!

(1) في نسخة «ط» من تحظ.

(2)

المجر: الجيش العظيم.

ص: 338

[93/ب]

تأخر عصرا في الملوك وإنّه

إذا عدّ أملاك الزّمان هو الصدر

20 إمام الهدى شكرا على النّعم الّتي

يضيق إذا عدّدتها العدّ والحصر

لك الجود تردي المارقين جنوده

بأقطارهم من قبل أن تمرح الشقر (1)

وغاو رمى في هوّة الملك قاذفا

يد البغي، والرأي المضلّل، والغدر

أغار على الدّين الحنيف يهدّ من

قواعده ما شاده القادة الغرّ

ملوك الهدى والقائمين بنصره

قديما وسل فالبرّ ينبىء والبحر

25 ورام مراما دونه النّجم ساريا

ولم يدر جهلا أنّه المرتقى الوعر

وهيهات يأبى الله ذلك والعلا

ودين الهدى والملك والبيض والسّمر

جنى ثمر (2) الإيمان بالبغي واعتدى

يؤمّل جهلا أن يؤيّده الكفر!

(1) في نسخة «ط» تمرح الشعر.

(2)

في الأصلين: ثمرة. ونرجح ما أثبت، للوزن.

ص: 339

فيا عجبا بعد السّعادة ناله

شقاء وبعد الرّبح حمّ له خسر

سعى راشدا شطرا [من الدّهر](1) وافرا

فلما تناهى السعي واكتمل العمر

30 عصى الله في الشّطر الأقلّ، سفاهة

ألا إنه ذاك الذّراع أو الشبر!

ورام غنى بالصفر (2) أو سدّ خلة

وهيهات يغني فقر ذي الخلّة الصّفر!

وأمّل في أعدادهم كتم نفسه

وإضمارها منعا فأخرجها الجبر!

لعلك-عيسى-رمت باسمك برّهم

وما كلّ عيسى حظّه منهم البرّ!

دعوتهم للغدر لمّا اتّخذته

سبيلا فقالوا: بدعة أمرها إمر (3)

35 فكان النّصارى منك أوفى (4) بذمّة

وأكرم عهدا إنّ ذا لهو الوزر!

(1) ورد البيت ناقصا، وما بين معقوفتين مقترح. وسقط البيت من «ط» بنقلة عين إذ ذكر ثلاث كلمات من البيت 29، ثم ذكر تتمة البيت 30.

(2)

يريد أنه تقوى بالنصارى الإسبان فلم ينفعوه. وعبر عنهم بالصفر كناية. وكان شاع هذا الاستعمال في المشرق من قبل، ولم يكن في الأندلس ولا غزاتها صفر على الحقيقة. وفي «الصفر» التالية تورية لطيفة.

(3)

أمر إمر: منكر عجب.

(4)

في نسخة «ط» أوفى منك.

ص: 340

لئن رمت دنيا أنت قارونها الذي

له الحرث والأنعام والخيل والتّبر

وإن كنت للأخرى جنحت ولم يكن

أعد نظرا إن شئت، ما هكذا الأمر

أويت إلى تلك الرّبا غير صالح

فأدركك الطّوفان وهو الظّبا البتر

وجرد كأمثال الروابي سوانح

وغلب كأسد الغاب يقدمها النّصر

[94/أ]

40 وسعد إمام يخدم الدّهر سعده

وتجري بما يومي به الأنجم الزّهر

ألا يا أمير المؤمنين الّذي اهتدى

بنور هداه الباهر البدو والحضر

أطعت مليك الأرض ربّك فاغتدى

يطيعك فيما رمت من أمرك الدّهر

وأنت الذّي جدّدت بعد دروسها

مكارم قدما كان أخلقها العصر

مننت فأوسعت البلاد رغائبا

ففي كلّ حيّ «حاتم» الجود أو «عمرو»

45 تداعت لك الآمال من كلّ وجهة

لغنم وعلم، ذا جزيل وذا غمر

ص: 341

تصد عن الأملاك دونه رغبة (1)

ولا نجم يستهدى وقد طلع الفجر

كأنّي بأقطار البلاد منيبها (2)

ومن لم ينب قد قاده الطّوع والقسر

وأنّس أرجا تونس أمرك الذي

هو العدل يرضي من له الخلق والأمر

وجاشت ببطحاها الجيوش وأصبحت

«تقول بنو العبّاس قد فتحث مصر!»

50 لعمري لقد زنت الخلافة فاغتدت

يقصّر عن أوصافها النظّم والنّثر

وراقت بك الدّنيا جمالا وبهجة

فإظلامها فرع وإصباحها بشر

وأنجمها حلي ونجوى نسيمها

ثناء بما تولي وإيماضها ثغر

ودونكها عذراء أجلو عروسها

عليك ومرجوّ القبول له مهر

لها نسب في السّحر تعربه النّهى

وإن قالت الأسماع: والدها الشّعر

55 وهنّئت عيد النّحر والفتح إنّه

لك العيد منه، والعدا لهم النحر

بقيت لدين الله ردءا وعصمة

فما غير علياك-الزمان-له ذخر!

(1) و (2) كذا فيهما. ولم ينضبط لي.

ص: 342

وأنشدني أيضا لنفسه يمدحه ويصف قتل الأسد بين يديه (*) وكان السّلطان مولعا بقتل الأسود، فسيق إليه يوما أسد فقتل بين يديه بقصره من دار الإمارة المدينة البيضاء، والسّلطان المتوكل جالس بأعلى عليّة بالقصر ينظر للأسد. وأنا إذ ذاك جالس في ذلك [94/ب] الموضع أتنزه في قتل الأسد، في جملة من حضر ذلك الموطن مع السلطان. ووصف فيها أيضا أكرة الأسد وهي أكرة مستدارة من خشب معدّة، ويدخل فيها رجل يحرّكها ويمشي بها، فيرى الأسد الرّجل فيهمّ به ويدور بها ويضرب الأكرة بيده فلا يكسرها لشدّتها. ووصف فيها أيضا شبكة صيد الأسد في الفلاة، نصبت في ذلك اليوم بالقصر، واصطادوا بها الأسد بين يديه.

ووصف فيها أيضا الثّور الذي كان من عادته قتل الأسود في ذلك الموطن ووصف فيها أيضا بعد فراغه من قتل الأسد النّاعورة الكبيرة، والنهر والروض المسمى بالمصارة، وهو بإزاء القصر.

وهي:

ألف الجوى مذ بان سكّان اللّوى

صبّ يهيج غرامه نفس الصّبا

وشجاه أن قيل الألى قد ودّعوا

شطّ المزار بهم (1) وعزّ الملتقى

(*) تحدث ابن الأحمر أيضا في كتابه نثير فرائد الجمان عن هذا الاحتفال، وسرد القصيدة المذكورة هنا. وقال إن الشاعر أنشده هذه القصيدة. ومعلوم أن المؤلف صنف نثير الجمان (هذا الذي نحققه) قبل نثير الفرائد بزمان طويل. «نثير الفرائد:350».

(1)

في «ط بها» .

ص: 343

حفظ الإله عهودهم وسقاهم

صوب العهاد ولا سقى يوم النوى

ماذا أفادوا مصحرين بسحرة

تظما وتضحى عيسهم رأد الضّحى

5 ولقد كفتهم واكفات مدامعي

لما ثووا من أضلعي بالمنحنى

قسما لما راعوا بوشك نواهم

روعي (1) وقد عبثوا بشكوى من شكا

إلاّ وقد نذروا دماء حرّمت

ظلما، أراق الظلم منها واللمى

وبمهجتي منهم محجبة حمت

قلبي السّلوّ ومقلتي طيب الكرى

حسانة نجلاء باهرة السّنا

خمصانة جيداء عاطرة الشّذا

10 وقوامها كالغصن إلاّ أنّه

يهتزّ بين البدر حسنا والنّقا

قالت وقد ودّعتها متجملا (2)

إيه بعيشك عن فؤادك (3) هل سلا؟

(1) في نثير الفرائد: روحي.

(2)

تجمل: تكلف التجميل. يريد أنه أظهر التجلد.

(3)

في نثير الفرائد «فؤادي» .

ص: 344

فأجبتها وأبيك لا أسلو ولا

حلّ الفؤاد هوى سوى هذا الهوى

حتّى يرى فقر بساحة بلدة

وبها الخليفة فارس مغني الورى!

[95/أ]

ملك نمته إلى المكارم عصبة

كرمت أواصرهم وعزّوا منتمى

15 ورث المعالي عن عليّ المجد عن

عثمان عن يعقوب، أعلام الهدى

متهّلل ضاهى الغمام مواهبا

ورغائبا فونى (1) الغمام وماونى

قطعا حبال رجاك ممّن دونه

ملكا «فكل الصّيد في جوف الفرا»

ألق العصا بحماه وامتط سابقا

(امدحه غرّا)(2) فنعم الممتطى

وأت (3) معارفه الجليلة إنّها

بحر فرات لا تكّدره الدّلا

20 والشّمس من أنواره والفجر من

بتّاره والطّود من ذاك الحجا

(1) الونى: التعب والفترة.

(2)

في نثير الفوائد: أمداحه غرا، والمثبت كما في الأصلين.

(3)

في «ط» و «م» وابي، وفي نثير الفرائد وأبا. والمثبت مقترح.

ص: 345

والنّجم في ظلم الوغى من رمحه (1)

ما ضلّ من أثنى عليه وما غوى

غمر جواد يستضاء بهديه

وافى كما تهوى المكارم والتّقى

متوكل، بحر، وليس بجعفر

أفضاله، بل زاخر جمّ اللهى

تتضاءل الأملاك دون مقامه

والشّهب تخفى إن بدت شمس الضّحى!

25 يخشى ويرجى عابسا أو باسما

وكذاك ذو البأس المصّمم والنّدى

يا غيث أنت كجوده متبجّسا

لكن خصصت وعمّ أقطار الدّنا!

يا بدر أنت كوجهه متهلّلا

لكن نقصت ودام مكتمل السّنا!

كم من جواد راجيا أولى الغنى

عفوا ولا كأبي عنان مرتجى!

ولكم يرى يوم الوغى من فارس

وك «فارس» يوم الوغى ما إن يرى!

30 ذلّت لبطشته الأسود وإنها

لتذلّ لولا عزّ (2) بطشته الطّلا

(1) في الأصلين رمح والتصريب من نثير الفرائد.

(2)

كذا في النسختين ونثير الفرائد. واقترح في نثير الفرائد أن تكون «إذ عانا لبطشته» مشاكلة للمعنى في الشطر الاول.

ص: 346

وضبارم رحب اللّبان تقلّه

صهب متين خلقها، عبل الشّوا

يفترّ عن ناب كأطراف القنا

بيضا (1) وينضو مخلبا حدّ الشبا

فتكت به بالقصر سمر رماحه

بأكفّ أسد دوّخت أسد الشّرى

أمسى صريعا والدّماء سلافة

أتراه سكرا مال من تلك الطّلا؟

[95/ب]

35 وثنى على زأراته كشحا وقد

كانت يردّدها فرادى أو ثنى

لكنّ ألسنة القواضب أظهرت

ما أضمرت جنباه من سرّ الحشا

ولقد رماه قبل مصرعه الرّدى

من معضلات (مكابديه) بما رمى (2)

ومخاتل في جوف دائرة طوت

أضلاعها منه على شهم فتى

يحكي بها رألا ببيضة سبسب (3)

لم تنفرج عنه فأنفذها كوى (4)

(1) في نثير الفرائد: أيضا.

(2)

في الأصلين: مكابدة. والمثبت من نثير الفرائد.

(3)

الرأل: ولد النعام.

(4)

في الأصلين: فانفردها، والمثبت من نثير الفرائد.

ص: 347

40 يمشي الهوينا وسطها فتقلّه

عدوا وما إن تشتكي ألم الوجى

حسب الغضنفر مرتقاها كعبة

فدنا يطيل بها الطّواف وقد سعى

ولربّما ألقى عليها لامسا

بأكفّه وسما وقبّل إذ سما

لكنه خبثت سرائره فلم

يحمد على الإلمام منه بها الجزا

عجبا له ولجأش طفل لم يهب

أسد الشّرى، وقد استشاط وقرددا

45 هذا ولم يبصر هناك بملجأ

واق وقد تركوه منفردا سدى

قد كان طلّ دم له لما رنا

أسد العرين له غضوبا وارتمى

لو لم تقم بالثّأر منه أساود

كانت هنالك كامنات لا ترى!

منهنّ فاغرة له أفواهها

بأكفّ كركبة ومنها ما التوى

ومدّبر (1) الروقين أصفر فاقع

راق النّواظر نظرة لما بدا

(1) كذا في الأصلين: وفي نثير الفرائد «مذرب» أي مدبب القرنين.

ص: 348

50 ما زال يدعو للنّزال أسامة

ولقد أشار بظلفه (1) لما دعا

ولقد أراه مكان مصرعه وقد

أدمى بساح القصر ينكت في الثّرى

ولقد أطال وقوفه مستقبلا

حذر الهزبر مبارزا حتى انبرى

وعدا له والظنّ يقضي أن يرى

وقد اعتلاه (2) فكان عكسا ما قضى!

جالت عليه صدمة من حارث

تنسيك صدمة حارث يوم الوغى

55 أعجب بها من صدمة قد عفّرت

لبد الهزبر وأوهنت منه القوى

[96/أ]

لا تلح روق الثّور إن أبصرته

عن جانب اللّيث الطعين وقد نبا

ما كلّ دون كلاه لكن ساعة

بقيت له ولكلّ عمر منتهى

فدعته في دعة إلى أمثالها

ولتعذرنّ اللّيث يا ملك الهدى

أعدى فريسته عليه قولك «ابـ

ـق» لذا وقولك للغضنفر «لا لعا»

(1) في نثير الفرائد: بلفظه.

(2)

في الأصلين: وقد اعتلى، والمثبت من نثير الفرائد.

ص: 349

60 عاجلت ذا هلكا فلم يعجز وقد

أبقيت ذا منّا فجانبه المنى

إنّ الإله قضى بأن يجري القضا

طوعا كما شاء المطيع المرتضى

وعلاكم ما حارث بمقاوم

لأبيه لولا أن أردت به الرّدى

ولقد رأت منه العيون عجيبة

راقت وقد أبلى النّواظر والنّهى

فأبحه جنّات المصارة خالدا

فيها فبالجنّات يجزى ذو البلا

65 أحسن بها من روضة غنّاء قد

غنّى الحمام بها طروبا أو شدا

حاكت لها الأنواء مطرف سندس

أرج وشاه يد الرّبيع بما وشى!

وبجانب «البيضاء» منها مرتقى

جبّارة الأرجاء سامية الذّرا

كرحى الصّياقل ما سعت لتديرها

رجل ولا نسبت لأمهاء المدى (1)

أترى حسام النّهر جلّل متنه

صدا فما تنفكّ تجلوه جلا؟

(1) أمهاء ج مهو: السيف الرقيق. وفي نثير الفرائد: لإمهاء المدى (بكسر الهمزة) من أمهى الحديدة: أحدها وشحذها.

ص: 350

70 ناعورة لا بل أبثك إنّه

وغدت تكّنفه البروج وقد رقا

فلك مضى في الرّوض ما حكمت به

أدواره والقطب منه وما اقتضى

فقضى برفع الماء إلا أنّه

قد خفّض الأدواح عيشا والرّبا

حسن بديع في حمى ملك له

حسن الزّمان، وقام في أبهى حلا

يا أيّها الملك الذي أضحى به

دين الإله قرير عين والعلا

75 هيهات لا يجدي عدوّك جدّه

يأبى وحقك ذاك جدّك والقضا

وعلاك لو ناواك أجدل كاسر

لتخطّفت أشلاءه كدر القطا!

[96/ب]

إنّ الذي لمّا تزل متوكلا

قدما عليه لكافل لك بالمنى

الله أولاك السّعادة فليفض (1)

كمدا حسودكها ويأبى من أبى!

أغرق بطوفان الكتائب عصبة

عاذت بمعتصم الجبال من العدا

(1) فاض فيضا وفيوضا: مات.

ص: 351

80 اشف (1) صدور السّمر واردة دما

تلك الصّدور وسم هوانا من عتا

انهد لأرض الرّوم وارم غواتهم

بالشّهب من أطراف ميّاد القنا

فكأنّني ببلادهم وأبحت ما

لم يلف للإسلام منها للبلا

وسبيت بيض ظباهم قسرا على

حكم الظّبا وتفرّقت أيدي سبا (2)

واستشرفتك لمرتجى إنقاذها

أعلام ذات النّهر حمص والقرى (3)

85 قسما لئن نسأ المهيمن لي مدى

حتّى تحلّ بأفقها بدرا بدا

لتسوّغنّي من مريع (4) جنابها

ما بزّ آبائي بها فيما مضى

وإليكها دررا فإنّي منتق

ما راق منها للنّظام وما غلا

مقصورة بخيام فكري أعرضت

عمّن سواك وأمّمتك على حيا

(1) رسمها في الأصلين ونثير الفرائد: اشفي.

(2)

كنى بالظباء عن بنات الأعداء المهزومين السبايا والظبا ج ظبة وهي حد السيف.

(3)

حمص (الأندلس) هي مدينة إشبيلية. وكانت على أيام المرينين قاعدة مملكة قشتالة بعد طليطلة.

(4)

في نثير الفرائد: بديع.

ص: 352

حسناء يهوى كل عضو لو غدا

أذنا وقد تليت تصيخ لمن تلا

90 تثني عليك علا بأطيب نكهة

ممّا به أثنى الرّياض على الحيا

لا زلت والأقدار جارية بما

تهواه ما كرّ الصّباح على الدّجى

وبلغت ما ترجوه من أمل على

عجل ودام لك السّعادة والبقا

ص: 353