الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن ناصر بن جنون بن القاسم بن الحسن بن الحسن بن إدريس بن الحسن بن محمد بن علي ابن أبي طالب، كرم الله وجوههم.
وهو من أهل سبته (1)، وارتحل عنها إلى غرناطة، فاستكتبه في الحضرة السلطانية أمير المسلمين أبو الوليد إسماعيل عمّ أبينا بن جدّنا الرئيس الأمير أبي سعيد، وجعله من كتّاب الإنشاء، ثم قلّده القضاء والخطابة بغرناطة.
وولي أيضا بمالقة (2) القضاء ثم ولي أيضا القضاء بغرناطة ثانية في دولة ابن عمّنا أمير المسلمين الغني بالله أبي عبد الله محمد (المخلوع).
حاله-رحمه الله
-:
احتوى على جمل من الآداب رائقة، وطرائق في الإنشاء فائقة.
وشعره يشبّه بالنّجوم لو نظمت سلكا، ويجري مع النّفوس فيملكها ملكا. وحصّل من علم البيان مفيده وعجيبه، ومعرفة باللّغات الغريبه.
وقوّة نفس في استخراج المعمّى، ولو أنفذ (3) فيه الملغز مرمى. وتفنّن في جميع العلوم، والمعرفة منها بالمجهول والمعلوم، وثقوب ذهن في الآداب والفهوم (4).
(1) سبته مدينة عظيمة على بحر الزقاق، وهي تقابل الجزيرة الخضراء بالأندلس وهي مدينة قديمة. والبحر يحيط بها من كل جهة إلا من جهة الغرب. وكان للمدينة شأن أيام ازدهار الأندلس، وأيام الدولتين الموحدية والمرينية.
(2)
مالقة من مدن الأندلس، وثغر بحري هام لدولة غرناطة، على شاطئ البحر المتوسط.
(3)
في الاصلين: أنفد (بالدال المهملة) ونرجح ما أثبت.
(4)
كذا وردت العبارة فيهما.
فمن قوله يتغزّل (1):
دعيني من مقال العاذلين
…
وخلّي بين تهيامي وبيني
ومن يك سائلا (2) فلديّ حب
…
سلوّ القلب منه غير هين
علقت، فمقلتي للنوم حرب
…
بأعزل، وهو شالي (3) المقلتين!
مليح الدّلّ شاقت كلّ قلب
…
شمائله، وراقت كل عين
جنى وحمى فلم أطلب بثأري
…
محاجره ولم أتقاض ديني
أهيم بخدّه وبمبسميه
…
فأنسب بالحمى والأبرقين (4)
عقدت مع الغرام فبعت فيه
…
وقاري والتّصبر صفقتين
وهمت بناعم العطفين فيه
…
عذاب الصبّ، عذب المرشفين
تدير عليّ عيناه كؤوسا
…
كأن سلافها من رأس عين (5)
10 فأحلف بالمحصّب والمصلّى
…
وأعلام الصّفا والمأزمين (6)
لأنتصرنّ بالأجفان حتّى
…
تكون دموعها في الحبّ عوني
(1) أورد ابن الاحمر معظم القصيدة في كتابه الآخر، نثير فرائد الجمان، وسنقابل عليه. وأوردها الأستاذ كنون في ترجمة «الشريف السبتي» نقلا عن الكتابين.
(2)
في نثير الفرائد: ساليا.
(3)
شاكي المقلتين، من قولهم «شاكي السلاح»: ذو شوكة وحدة.
(4)
الحمى والأبرقان: مواضع. والابرقان أبرقا حجر اليمامة، وهو منزل بعد رميلة اللوى بطريق البصرة إلى مكة.
(5)
رأس عين أو رأس العين من مدن الجزيرة وبمقربة من نصيبين، ذكرها الشعراء بجودة الخمر، ومنهم حسان في شعره الجاهلي.
(6)
المأزمان بين عرفة ومزدلفة.
وحين تعرّفوا كلفي وقلبي
…
يصون السرّ عنهم كلّ صون
كففت المقلتين ليشهدا لي
…
فجرّحت الدّموع الشّاهدين!
[43/أ]
فلو أبصرت ناظري المعنّى
…
وماء الدّمع فوق الوجنتين
15 بصرت بوردتين يسحّ منها
…
سكيب القطر فوق بهارتين (1)
إذا أعرضت أعرض كلّ صبر
…
وآذن نوم أحداقي ببين
ولم تبأ (2) الرّياض بحسن زيّ
…
ولم تزه الرّبا بكمال زين
كأن نسيمها ممّا أقاسي
…
تهبّ عليلة بالأبردين (3)
كأن الزّهر غبّ سما بكته
…
لما أبدى حمام الشاطئين (4)
20 أهيج لها الهوى وتهيجه لي
…
فنلفى في الهوى متطار حين
وقد هاج الحمام الوجد قبلي
…
لتوبة عند بطن الواديين (5)
(1) البهار: النرجس.
(2)
في نثير الفرائد: تبد. والبأو: الفخر والتعاظم.
(3)
الأبردان: الغداة والعشي.
(4)
في نثير الفرائد، وفي الأصلين المخطوطين لنثير الجمان: غب بها. وقرأها الأستاذ كنون (غب سما) وهي قراءة مناسبة اعتمدناها.
(5)
توبه بن الحمير (ت 85 هـ) شاعر من عشاق العرب المشهورين كان يهوى ليلى الأخيلية (وهي من شواعر العرب)، وخطبها فرده أبوها، وزوجها غيره. فتغزل بها واشتهر أمره. وله مع ليلى حديث طويل (الأغاني 11:208 دار الكتب) وهو القائل:
حمامة بطن الواديين ترنمي
…
سقاك من الغر الغوادي مطيرها
بعيشك هل ترى ثاني وحيد
…
يرى بك ثالثا في النّيّرين؟
وهل يدنو من الآمال صب
…
بعيد بين هدب النّاظرين؟
فإن يكن الجمال حباك ملكا
…
وأيّد ناظريك بحاجبين
25 فما أرضى لملكك أنّ كسرى
…
وقيصر في مقام الحاجببين (1)
وإنّ أقلّ حظ يبتغى من
…
رضاك يفي بملك الحارثين (2)
تخبّرني وفي عطفيك لين
…
فعالك أنّ قلبك غير لين! (3)
وأعرف في لحاظك ما رأت في
…
ظبى الثّقفيّ قاتلة الحسين (4)
وألقي في الهوى بيدي ومالي
…
على فتكات لحظك من يدين
30 علام الغبّ عنّي؟ لا أغبّت
…
بك الخيرات هامية اليدين!
ولا جرت الريّاح عليك إلا
…
صبا وسقى محلّك كلّ جون (5)
(1) الحاجبان في البيت السابق هما المعروفان فوق العينين. والحاجبان هنا مثنى حاجب، وهو من يقوم على حجابة الملك، وتنظيم الصلة بينه وبين الناس.
(2)
قال المحبي في جنى الجنتين (37 - 38) الحارثان هما: الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع (من فتاك العرب في الجاهلية) والحارث بن عوف بن أبي حارثة صاحب الحمالة (من فرسان الجاهلية).
(3)
في نثير الفرائد: «فعالك عن فؤاد غير لين» .
(4)
خرج المختار بن عبيد الثّقفي على بني أمية فدعا باسم محمد بن الحنفية، وغلب على الكوفة والموصل، وتتبع قتلة الحسين بن علي رضي الله عنهما، فقتل كثيرا منهم.
(5)
الجون: الأسود. وإذا كان السحاب جونا كان أكثر ملاءمة للمطر الغزير.