الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسنخلص لي حوائجي من ملوك بني مرين، فعرضت لي يوما عند الوزير أبي يحيى أبي بكر بن الوزير أبي مجاهد غازي بن الكاس المجدولي، المدبر لملك أمير المسلمين السعيد بالله أبي زيان (1) محمد حاجة، وكان الفقيه أبو زكريا هذا له جاه مكين عند هذا الوزير؛ فطلبت منه، وكتبت له في ذلك أبياتا من قولي، وهي:
أيحيى ميّت الأحياء يرجو
…
كلامك للوزير بغير ريث
فأنت نصير من أخنى عليه
…
زمان قد أناخ بكلّ ليث
ومهما أرسلت كفاك جودا
…
يكفّ بجوده وكّاف غيث!
حاله-أكرمه الله تعالى
-:
هو صدر الأعيان، وعلم أولي البلاغة والبيان. الفصيح الذي يقصر عن مرماه في الفصاحة سحبان، ويعجز عن مضاهاته في الاختراعات والإنشاءات بديع الزمان. سليم الصدر من البأو والمباهاة، ذو ذكاء وفكاهات!
فمن قوله يمدح الوزير أبا علي عمر بن الوزير أبي عامر عبد الله بن علي بن سعيد الياباني (2) مدبر الدولة المحمدية المتوكلية والعزيزية المرينية:
(1) تحدث السلاوي في الاستقصا عن خبر تدبير أبي بكر بن غازي بن الكاس لدولة السلطان ابن زيان محمد المريني، وقال إنه استبد، واستعمل على الجهات، وجلس بمجلس الفصل، واشتغل بأمر المغرب إبراما ونقضا. (انظر الاستقصا 4:60، وروضة النسرين:35).
(2)
انظر روضة النسرين لابن الأحمر:32 - 33.
أعاذلتي أن أبصرت راحتي صفرا
…
وأن لست ممّن يقتني البيض والصّفرا
ذريني فليس الشّحّ أولى بذي نهى
…
من الجود، إنّ الجود مرتبة أخرى!
وإنّ الفتى من صان بالمال عرضه
…
وأبقى بتخليد الثّناء به ذكرا
ودان بتشفيع الصّنيع تمدّه
…
بحار جدى لا يتّقي مدّها جزرا
5 لعمر العلا والجود والعرف والنّدى
…
لقد ألفت خلقي السّماحة والبرّا
[87/أ]
ولا سيّما إذ داورت عمر الرّضا
…
وأهدته آمالا فأصدرها وفرا
هو البحر لا بل دونه البحر إنّه
…
لعذب الحيا جمّ اللهى يلفظ الدّرا
يروّي الظّما، يشفي الضّنا، ينقع الصّدى
…
ينيل المنى، يولي الغنى، يصرف الفقرا
إذا أخلف الغيث استغثنا بجوده
…
فيوسعنا رحمى، ويمنحنا يسرا
10 رعى الله عصرا جاءنا منه بالذي
…
نؤمّل في الأولى ونحمد في الأخرى
وزير تقى صان الخلافة فاغتدت
…
بتدبيره تستخدم الفتح والنّصرا
يرى واردات الأمر قبل وقوعها
…
فيبدى من التّدبير ما يشرح الصّدرا
وقد بسط العدل الذي من روائه
…
خلائق حلم لا نوفّي لها شكرا
إذ أنت يوم الرّوع لا قيته فقد
…
أمنت، فما تدري المخاف ولا الزّجرا
15 وإن أنت في يوم الهياج رأيته
…
وقد أعمل البيض البواتر والسّمرا
وعوّضها هام العدا من جفونها
…
فأوردها بيضا وأصدرها حمرا
يولّي ويقصي (1) في الإله وإنّه
…
لمن طينة المجد التي كرمت نجرا
نمته إلى العليا سراة أكابر
…
فلله منهم ما أجلّ وما أسرى
حموا حوزة الملك الذّي لم يبح بهم
…
حماه وشدّوا من قواعده أزرا
20 وهاك التّي أهديتها منك كفؤها
…
وأبديتها شمسا ميمّمة بدرا!
خريدة نظم أنتجتها قريحة
…
لغيرك لم تعمر مدى دهرها فكرا!
(1) فيها «يوالي» ونرجح ما أثبت.