الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فقه الحديث) دل على أنه ينبغي للحفار المحافظة على عظام الموتى التي تكون في القبر حال حفره ويسترها ولا يكسرها. والذمي في هذا كالمسلم، وعلى طلب تكريم الآدمي حيًا وميتًا. وعلى أن الميت يتأذى مما يتأذى به الحي
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد وابن ماجه والبيهقي مرفوعًا، وأخرجه مالك في الموطإ موقوفًا على عائشة بلفظ "كسر عظام المسلم ميتا ككسره وهو حيّ"
(باب في اللحد)
وفي نسخة باب اللحد
(ص) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا".
(ش)(رجال الحديث)(حكام) بفتح الحاء المهملة وتشديد الكاف (بن سلم) بفتح فسكون أبو عبد الرحمن الكناني الرازي. روى عن عنبسة بن سعيد وسعيد بن سابق وحميد الطويل والثوري وجماعة. وعنه علي بن بحر ويحيى بن معين وأبو كريب وغيرها، وثقه ابن معين وابن سعد وأبو حاتم ويعقوب بن سفيان ويعقوب بن شيبة والعجلي والدارقطني، وفي التقريب ثقة له غرائب من الثامنة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي والبخاري في التعاليق، مات سنة تسعين ومائة
(معنى الحديث)
(قوله اللحد لنا والشق لغيرنا) أي اللحد لأمواتنا معشر المسلمين، والشق لغيرنا من أهل الكتاب كما صرح به في رواية لأحمد. وروى أبو نعيم في الحلية مرفوعًا: الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا. قال ابن تيمية فيه تنبيه على مخالفتنا لأهل الكتاب في كل ما هو شعارهم حتى في وضع الميت في أسفل القبر اهـ.
وقيل معناه اللحد لأمة محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والشق لغيرنا من الأمم السابقة أو اللحد لنا معشر الأنبياء والشق لغيرنا. واللحد بفتح اللام وقد تضم الشق الذي يعمل في جانب القبر بقدر ما يسع الميت فيوضع فيه ثم ينصب عليه اللبن. وأصل اللحد الميل يقال: لحدت إلى كذا إذا ملت إليه وبابه نفع وألحد من باب أكرم أمال. وسمي الشق في جانب القبر لحدًا لأنه أميل به عن وسط القبر. والشق حفرة مستطيلة في وسط القبر تبنى جوانها باللبن أو غيره يوضع فيه الميت ويسقف عليه باللبن أو الخشب
أو غيرهما وبرفع السقف قليلًا بحيث لا يمس الميت
(والحديث) يدل على أن اللحد أفضل من الشق وليس المراد أن اللحد متعين، فقد روى أحمد وابن ماجه واللفظ له من طريق حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: لما توفي النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان بالمدينة رجل يلحد وأخر يضرح (أي يشق) فقالوا نستخير ربنا ونبعث إليهما أيهما سبق تركناه فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فلحدوا للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "فتقريره" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للرجلين حال حياته هذا يلحد وهذا يشق "دليل" على أن كلا من اللحد والشق جائز. قال النووي في شرح المهذب أجمع العلماء على أن الدفن في اللحد والشق جائز اهـ.
لكن محل أفضلية اللحد إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها وإلا فالشق أفضل، وهو قول أكثر الفقهاء. وقال الدهلوي إن كان المراد بضمير الجمع في لنا المسلمين وبضمير غيرنا اليهود والنصارى فلا شك أنه يدل على أفضلية اللحد بل على كراهية غيره، وإن كان المراد بغيرنا الأمم السابقة ففيه إشعار بالأفضلية. وعلي كل تقدير ليس اللحد واجبًا والشق منهيًا عنه اهـ
(فقه الحديث) دل الحديث على الترغيب في الدفن في اللحد وأفضليته على الشق. وعلى التنفير من موافقة أهل الكتاب والتشبه بهم. وعلى جواز الدفن في الشق لا سيما إذا كانت الأرض رخوة إذ ليس في الحديث نهي عن الدفن فيه
(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي والترمذي وقال حسن غريب
(باب كم يدخل القبر)
أي كم شخصًا يدخل القبر ليدفنوا الميت؟
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ نَا زُهَيْرٌ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهُمْ أَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُرَحَّبٌ أَوِ ابْنُ أَبِي مُرَحَّبٍ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ قَالَ إِنَّمَا يَلِي الرَّجُلَ أَهْلُهُ.
(ش)(رجال الحديث)(زهير) بن معاوية. و (عامر) الشعبي
(قوله قال وحدثني مرحب الخ) أي قال عامر الشعبي حدثني مرحب أو ابن أبي مرحب. ومرحب بضم الميم وفتح الراء وتشديد الحاء المفتوحة من باب التفعيل ويقال سويد بن قيس، قال في التقريب مختلف في صحبته وقال ابن عبد البر ثقة في الكوفيين (أي في عدادهم) روى عنه الشعبي: روى له أبو داود
هذا الحديث فقط. وغرض المصنف بهذا بيان أن عامرًا الشعبي روى الحديث أولًا غير متصل ورواه من طريق مرحب ثانيًا متصلًا بناه على ثبوت صحبة مرحب وعلى عدم صحبته فهو يفيد قوة الحديث لقلة الساقط
(معنى الحديث)
(قوله أنهم أدخلوا معهم عبد الرحمن بن عوف) قال ابن عبد البر لا يوجد أن ابن عوف كان مع الذين دخلوا قبر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا من هذا الوجه اهـ
(قوله إنما يلي الرجل أهله) يعني أن الأحق بتجهيز الميت ودفنه أهله وأقاربه، وقال ذلك اعتذارا منه للصحابة حيث تولى أمر غسل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ودفنه هو ومن معه من أقاربه
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي مُرَحَّبٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ نَزَلَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَرْبَعَةً.
(ش)(ابن أبي خالد) إسماعيل البجلي تقدم بالرابع صفحة 7
(قوله كأني أنظر إليهم أربعة) منصوب على الحال أي كأني انظر إلى من نزل قبره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حال كونهم معدودين بهذا العدد. والغرض منه أنه متحقق مما أخبر به، ودل هذا على أنه دخل قبر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لدفنه أربعة، والأمر في ذلك واسع فإنه يجوز أن يدخل القبر من يحتاج إليه في أمر الدفن ثلاثة أو أكثر شفعًا أو وترًا. فقد روى أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم النخعي قال أدخل القبر كم شئت. وروى عن وكيع عن الحسن البصري قال. لا يضرك شفع أو وتر: ودل أيضًا على أنه يستحب أن يتولى أمر الميت أقاربه، وإن كان الميت امرأة فينبغي أن يباشر دفنها محارمها من النسب أو المصاهرة أو الرضاع
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي، وأخرج ابن ماجه نحوه مطولًا من حديث ابن عباس قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بعثوا إلى أبي عبيدة ابن الجراح وكان يضرح كضريح أهل مكة، وبعثوا إلى أبي طلحة وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة وكان يلحد فبعثوا إليهما رسولين فقالوا اللهم خر لرسولك فوجدوا أبا طلحة فجئ به ولم يوجد أبو عبيدة فلحد لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: فلما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أرسالًا يصلون عليه حتى إذا فرغوا أدخلوا النساء حتى إذا فرغوا أدخلوا الصبيان، ولم يؤم الناس
على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحد:
وقد اختلف المسلمون في المكان الذي يحفر له، فقال قائلون يدفن في مسجده، وقال قائلون يدفن مع أصحابه، فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض، قال فرفعوا فراش رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الذي توفي عليه فحفروا له، ثم دفن صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وسط الليل من ليلة الأربعاء، ونزل في حفرته علي بن أبي طالب والفضل ابن العباس وقثم أخوه وشقران مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وقال أوس ابن خولى وهو أبو ليلى لعلىّ بن أبي طالب أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له علي انزل، وكان شقران مولاه أخذ قطيفة كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يلبسها فدفنها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك أبدًا فدفنت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ
"وقوله يضرح" يعني يشق من ضرح الميت كمنع حفر له، والضريح القبر أو الشق وهذا هو المراد
"وقوله أنشدك الله وحظنا" أي أسألك أن تراعي الله فينا وأن تعطينا حظنا فتأذن لي في نزول القبر
"وقوله فدفنت معه" أي القطيفة وهي نوع من الكساء له خمل وقد فعل ذلك شقران اجتهادًا منه كراهة أن يلبسها أحد بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يعلم به أحد من الصحابة ولم يوافقه عليه: على أنه نقل عن ابن عبد البر أنها أخرجت من القبر لما فرغوا من وضع اللبنات.
وقد روى النسائي بسنده إلى شعبة عن أبي جمرة عن ابن عباس قال: جعل تحت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين دفن قطيفة حمراء اهـ
قال السيوطي في زهر الربى زاد ابن سعد في طبقاته قال وكيع هذا للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خاصة. وله عن الحسين أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بسط تحته شمل قطيفة حمراء كان يلبسها، قال وكانت أرض ندية. وله من طريق آخر عن الحسن أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال افرشوا لي قطيفتي في لحدي فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء اهـ
وفي إسناده الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي. تركه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني والنسائي وقال البخاري كان يتهم بالزندقة وقواه ابن عدي وباقي رجاله ثقات
(باب كيف يدخل الميت قبره)
وفي بعض النسخ "باب في الميت يدخل من قبل رجليه" أي رجلي القبر
(ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ نَا أَبِي نَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ أَوْصَى الْحَارِثُ
أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ الْقَبْرِ وَقَالَ هَذَا مِنَ السُّنَّةِ.
(ش)(عبيد الله بن معاذ) بن معاذ العنبري. و (شعبة) بن الحجاج. و (أبوإسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي
(قوله أوصى الحارث) الأعور بن عبيد
(قوله من قبل رجلي القبر) قبل بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة الموضع الذي تكون فيه رجلًا الميت بعد أن يوضع في القبر.
وبه استدل مالك والشافعي وأحمد وغيرهم على أن السنة في إدخال الميت القبر أن يكون من رأسه بأن يوضع السرير في مؤخر القبر بحيث يكون رأس الميت بإزاء. وضع قدميه من القبر ثم يسل من قبل رأسه.
ومن أدلتهم أيضًا ما رواه البيهقي وكذا الشافعي في مسنده قال: أخبرنا الثقة عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: سلّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من قبل رأسه وقال أيضًا أخبرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر لا اختلاف بينهم في ذلك أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من قبل رأسه وكذا أبو بكر.
وفي المسألة أقوال. الأول ما ذكر وهو مروي عن ابن عمر وأنس وعبد الله بن يزيد والنخعي والشعبي وغيرهم.
الثاني أن يسل الميت من قبل رجليه وهو مروي عن أنس وابن عمر. لما رواه أبو حفص عمرو بن شاهين في كتاب الجنائز بسنده إلى أنس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخل الميت من قبل رجليه ويسلّ سلًا.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده إلى ابن سيرين قال: كنت مع أنس في جنازة فأمر بالميت فأدخل من قبل رجليه. وفيه عن جابر عن ابن عمر أنه أدخل ميتًا من قبل رجليه. الثالث أن يؤخذ من جهة القبلة معترضًا. وبه قال أبو حنيقة وهو مروي عن علي وابنه محمَّد وإسحاق بن راهوية. واحتجوا بما رواه ابن ماجه بسنده إلى عطية العوفي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخذ من قبل القبلة واستقبل استقبالًا. وعطية العوفي ضعفه غير واحد.
وبما رواه أبو داود في المراسيل عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أدخل القبر من قبل القبلة ولم يسلّ سلًا.
وبما أخرجه ابن أبي شيبة أن عليًا كبر على يزيد بن المكفكف أربعًا وأدخله من قبل القبلة.
وما أخرجه أيضًا عن ابن الحنفية أنه ولي ابن عباس فكبر عليه أربعًا وأدخله من قبل القلبة.
وبما رواه البيهقي من حديث ابن عباس وابن مسعود وبريدة أنهم أدخلوا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من جهة القبلة. وهي روايات كلها ضعيفة بين ضعفها البيهقي. على أنه لا يتصور إدخاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من جهة القبلة لأن قبره عن يمين داخل البيت لاصقًا بالجدار الذي في جهة القبلة فهو مانع من إدخاله