المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما تجب فيه الزكاة) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٩

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب القيام للجنازة)

- ‌(باب الركوب في الجنازة)

- ‌(باب المشي أمام الجنازة)

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌(باب الصلاة على الجنازة في المسجد)

- ‌(باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم)

- ‌(باب أين يقوم الإِمام من الميت إذا صلى عليه)

- ‌باب ما يقرأ على الجنازة

- ‌(باب الدعاء للميت)

- ‌(باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم)

- ‌(باب في اللحد)

- ‌(باب كيف يجلس عند القبر)

- ‌(باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره)

- ‌(باب الرجل يموت له قرابة مشرك)

- ‌ إسلام أبي قحافة

- ‌(باب في تعميق القبر)

- ‌(باب تسوية القبر)

- ‌(باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف)

- ‌(باب كراهية الذبح عند القبر)

- ‌(باب الميت يصلي على قبره بعد حين)

- ‌(باب في كراهية القعود على القبر)

- ‌(باب المشي بين القبور بالنعل)

- ‌(باب تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث)

- ‌(باب في الثناء على الميت)

- ‌(باب في زيارة القبور)

- ‌(باب في زيارة النساء القبور)

- ‌(باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها)

- ‌(كتاب الزكاة)

- ‌باب

- ‌(باب ما تجب فيه الزكاة)

- ‌(باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلي)

- ‌(باب في زكاة السائمة)

- ‌(باب رضا المصدق)

- ‌(باب دعاء المصدق لأهل الصدقة)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(باب أين تصدق الأموال

- ‌(باب صدقة الرقيق)

- ‌(باب صدقة الزرع)

- ‌(باب زكاة العسل)

- ‌(باب في خرص العنب)

- ‌(باب في الخرص)

- ‌(باب متى يخرص التمر

- ‌(باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة)

- ‌(باب زكاة الفطر)

- ‌(باب متى تؤدى

- ‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر

- ‌(باب من روى نصف صاع من قمح)

- ‌(باب في تعجيل الزكاة)

- ‌(باب الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى)

- ‌(باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني)

- ‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

- ‌(باب كراهية المسألة)

- ‌(باب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(باب الفقير يهدي للغني من الصدقة)

- ‌(باب حق السائل)

- ‌(باب الصدقة على أهل الذمة)

- ‌(باب ما لا يجوز منعه)

- ‌ الشركة في الكلأ

- ‌(باب المسألة في المساجد)

- ‌(باب الرجل يخرج من ماله)

- ‌(باب المرأة تصدق من بيت زوجها)

الفصل: ‌(باب ما تجب فيه الزكاة)

(ص) وَرَوَى عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ عَنَاقًا.

(ش) وفي بعض النسخ ورواه عنبسة، وفي بعضها رواه عنبسة بدون واو. أي روى هذا الحديث عنبسة بن خالد يزيد عن يونس بن يزيد وقال فيه عناقًا، ولم نقف على من أخرج هذه الرواية

(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَا أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ حَقَّهُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ وَقَالَ عِقَالًا.

(ش)(ابن السرح) أحمد بن عمرو. و (ابن وهب) عبد الله

(قوله قال قال) أي قال الزهري قال أبو بكر إن حق الإِسلام أي من حقه أداء الزكاة (وفيه) إسقاط الواسطة بين الزهري وأبي بكر الصديق. فإن الزهري لم يدرك أبا بكر، فالحديث معضل، وفي بعض النسخ أخبرني يونس عن الزهري هذا الحديث قال قال الخ

(والحاصل) أن هذا الحديث رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، ورواه عن أنس. وغلط هذه الرواية النسائي وقد علمت ما فيه. ورواه عن الزهري عقيل ومعمر وشعيب والزبيدي ويونس فقال عقيل عقالًا فيما رواه المصنف. وقال معمر شعيب بن أبي حمزة والزبيدي عناقًا. واختلفت الرواة عن يونس. فروى عنه عنبسة عناقًا، وروى عنه ابن وهب مرة عقالًا، ومرة عناقًا. فأكثر الروايات على ذكر العناق، وكل صحيح، ولا تنافي بينهما، فإنه محمول على أن أبا بكر رضي الله عنه قال مرة عناقًا، ومرة عقالًا، ورجح البخاري رواية العناق قال في صحيحه قالا ابن بكير وعبد الله عن الليث عن عقيل عناقًا وهو أصح اهـ.

(باب ما تجب فيه الزكاة)

أي في بيان المقادير التي تجب فيها الزكاة

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ".

(ش)(أبو عمرو) يحيى بن عمارة المازني

(قوله ليس فيما دون خمس ذود صدقة)

ص: 123

بإضافة خمس إلى ذود. وحذفت التاء من اسم العدد لأنّ الذود مؤنث على ما قاله أبو عبيد وغيره من أهل اللغة. وإن كان المراد به في الحديث ما يعم المذكر وغيره، وروي بتنوين خمس فيكون ذود بدلًا منه، والذود بفتح الذال المعجمة وسكون الواو بعدها دال مهملة من الثلاثة إلى العشرة من الإبل، ولا واحد له من لفظه كالقوم والرهط وهو قول الأكثر، وقيل من الثنتين إلى التسع وقيل غير ذلك.

والمراد خمس من الذود لا خمس أذواد لما سيأتي للمصنف في "باب زكاة السائمة" عن ابن عمر أن في كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: في خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان الحديث. والصدقة اسم لما يعطيه الإنسان لغيره مريدًا به الثواب من الله تعالى. والمراد بها هنا الزكاة الواجبة

(قوله وليس فيما دون خمس أواق صدقة) أواق بالتنوين وحذف الياء وكذا في رواية البخاريُّ. وفي رواية لمسلم بإثبات الياء مشددة، وكلاهما جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء. قال ابن السكيت: كل ما كان من هذا النوع واحدة مشددًا جاز في جمعه التشديد والتخفيف. وحكي وقية بحذف الهمزة وفتح الواو ويجمع على وقايا مثل ضحية وضحايا. واتفقوا على أن مقدارها أربعون درهمًا وهي أوقية الحجاز فتكون الأواقي الخمس مائتي درهم. وهو نصاب الفضة بدرهم الوزن المتعارف الذي يبلغ به الرطل المصري مائة وأربعًا وأربعين درهمًا، وهذا هو الدرهم الذي قدر به نصاب الزكاة والديات وغيرها

(وفي الحديث) دلالة على أن الأوقية كانت معلومة لمن خاطبهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإلا لبينها لهم ولم يكلهم إلى شيء مجهول، وكذا الدرهم كان معلومًا لهم.

قال القاضي عياض: لا يصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، ويقع بها البياعات والأنكحة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة. وبهذا يتبين بطلان قول من زعم أن الدراهم كانت مجهولة إلى زمن عبد الملك بن مروان وأنه جمعها برأي العلماء وجعل كل عشرة وزن سبعة مثاقيل، ووزن الدرهم ستة دوانق، وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإِسلام وعلى صفة لا تختلف بل كانت مجموعات من ضرب فارس والروم صغارًا وكبارًا وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة ويمنية ومغربية فرأوا صرفها إلى ضرب الإِسلام ونقشه وتعييرها وزنا واحدًا لا يختلف وأعيانًا يستغنى بها عن الموازين فجمعوا أكبرها وأصغرها وضربوها علي وزنهما ولا شك أن الدراهم كانت حينئذ معلومة وإلا فكيف كانت تتعلّق بها حدود الله تعالى والزكاة وغيرها وحقوق العباد اهـ

ومنه يعلم أن الدرهم المعتبر في الزكاة وغيرها هو درهم الوزن المتعارف الآن وأنه لا اختلاف فيه. أما الدرهم الذي اختلف في زمن ضربه في الإِسلام فهو درهم المعاملة وهو مختلف في الجودة والرداءة. ثم إن الدرهم المتعارف يزن 3.12 ثلاث جرامات واثني

ص: 124

عشر جزءًا من مائة من الجرام، فتكون المائتا درهم 624 ستمائة وأربعة وعشرين جرامًا والدرهم ستة عشر قيراطًا. والقيراط أربع قمحات، والمثقال أربعة وعشرون قيراطًا، فيكون الدرهم ثلثيه،

أما الدرهم الشرعي فقد اتفقوا على أنه سبعة أعشار المثقال:

قال الماوردي في الأحكام السلطانية: أما وزن الدرهم فقد استقر في الإِسلام على أنه ستة دوانيق وزن كل عشرة منها سبعة مثاقيل، وقيل سبب ذلك أن الدراهم كانت في أيام الفرس ثلاثة أوزان: درهم على وزن المثقال عشرون قيراطًا، ودرهم وزنه اثنا عشر قيراطًا. ودرهم وزنه عشرة. فلما احتيج في الإِسلام إلى تقديره في الزكاة أخذ الوسط من مجموع الأوزان الثلاثة وهو اثنان وأربعون قيراطًا، فكان الوسط أربعة عشر قيراطًا وهي سبعة أعشار المثقال اهـ بتصرف

(وقد اختلفوا) في تقديره بالقيراط والحبة: فذهبت الحنفية إلى أنه أربعة عشر قيراطًا. والقيراط خمس شعيرات من الشعير المتوسط. وعليه فالمثقال عشرون قيراطًا، فيكون الدرهم الشرعي سبعين شعيرة، والمتعارف أربع وستون قمحة. والمثقال الشرعي مائة شعيرة، والمتعارف ستة وتسعون قمحة: ولعل هذا الفرق إنما نشأ من ثقل حب القمح وخفة الشعير، وعليه فلا فرق في الواقع بين الدرهم الشرعي والمتعارف، ولذا قدر بعض الحنفية النصاب في الفضة والذهب على هذا. قال في الدر يفتى في كل بلد بوزنهم.

وكتب عليه ابن عابدين ما نصه: وجزم به في الولوالجية وعزاه في الخلاصة إلى ابن الفضل. وبه أخذ السرخسي. واختاره في المجتبى وجمع النوازل والعيون والمعراج والخانية والفتح اهـ

وقال في أحسن الغايات وتساوي المائتا درهم من الفضة بالريال المصري اثنين وعشرين ريالًا وربع ريال اهـ

وذلك أن زنة الريال المصري تسعة دراهم، فإذا قسمت المائتا درهم على تسعة نتج نحو ما ذكره.

وذهبت المالكية والشافعية والحنابلة إلى تقدير الدرهم الشرعي بخمسين شعيرة متوسطة وخمسي شعيرة، وتقدير المثقال باثنتين وسبعيها شعيرة وهذا هو المشهور عندهم، ومنهم من قدر الدرهم بسبع وخمسين شعيرة وثلاثة أخماس شعيرة، والمثقال باثنتين وثمانين شعيرة وثلائة أعشار الشعيرة. ومنشأ هذا الخلاف اختلاف حب الشعير وعدم انضباطه صغرًا وكبرًا وخفة ورزانة، فقد تكون الخمسون شعيرة من الشعير الممتلئ تساوي في الوزن سبعين وثمانين وأكثر من الشعير الخفيف، كما أن المعتدل من الشعير لا ينضبط، فمن أنعم النظر في ذلك لم يحصل منه على طائل ولم يجزم بشيء في تقدير الدرهم، ومقتضى نص الشارع على وجوب الزكاة في خمس أواق من الفضة وتقديرها بمائتي درهم أن للدرهم مقدارًا معلومًا عند من خاطبهم الشارع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإلا لبينه ولم يكلهم إلى شيء مجهول، فالذي يقتضيه النظر، يقبله العقل أن الدرهم كان مشتركًا بين الصنجة التي يوزن بها والقطعة المتعامل بها في البيوع والإجارات والصدقات وغيرها، فالدرهم في حديث وجوب الزكاة فما بلغ من الفضة

ص: 125

مائتي درهم يحمل على درهم الوزن وهو الصنجة التي يوزن بها ويتركب منها المقادير التي فوقها كالأوقية والرطل والأقة، وبهذا تنضبط الأحكام فلا يمكن أن يدخلها اختلاف وإلا اضطربت وتناقضت، فدرهم الإِسلام الذي تقرر وأصبح غير مختلف فيه إنما هو درهم الوزن:

ويؤيده أن تقدير الشرع لنصاب الزكاة جاء بخمس أواق والأوقية اسم لصنجة الوزن لا لشيء من المسكوكات التي يتعامل بها، أما الدرهم الذي اختلف في زمن ضربه في الإِسلام وتقديره فهو درهم المعاملة. وهو قد يختلف جودة ورداءة كما تقدم. وبهذا العمل يتأتى الجمع بين الروايات المخلفة في مقدار الدرهم وزمن ضربه إذ لا ضرر في اختلاف وزن درهم المعاملة ولا في غشه وجودته بخلاف وزن الصنجة من الفضة فإنه لا يختلف باختلاف ضربها. فدرهم الوزن ومثقاله هما اللذان تقررت الأحكام على التقدير بهما سواء أوافقهما درهم المعاملة ومثقالها أم لا، ويؤيد ذلك أن الدرهم يطلق في جميع بلاد الإِسلام مرادًا به درهم الوزن. فيقال أعطني خمسين درهمًا لحمًا ومائة درهم خبزًا. وهو إطلاق سائغ شائع في اللغة والعرف.

إذا علمت ذلك يتبين لك أن الدرهم الذي قدر به نصاب الزكاة والديات والمهور وغيرها، هو درهم الوزن لا درهم المعاملة، لأنه فضلًا عن عدم تعلق الأحكام به من حيث هو ليس مشهورًا اليوم.

وأن تقدير بعض الفقهاء للدرهم بما قدروا به لا يمكن التعويل عليه إذ لم نصل به إلى الحقيقة لعدم ما قدروا به من جهة، وعدم اتفاقهم على تقديره من جهة أخرى مع اتفاقهم أن الدرهم واحد لا يختلف باختلاف المجتهدين.

قال النووي في شرح مسلم: والصحيح الذي يتعين اعتماده واعتقاده أن الدراهم المطلقة في زمن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانت معلومة الوزن وهي السابقة إلى الأفهام عند الإطلاق وبها تتعلق الزكاة وغيرها من الحقوق والمقادير الشرعية. ولا يمنع من هذا كونه كان هناك دراهم أخرى أقل وأكثر من هذا القدر، فإطلاقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محمول علي المفهوم وهو كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل: وأجمع أهل العصر الأول فمن بعدهم عليه إلى يومنا هذا، ولا يجوز أن يجمعوا على خلاف ما كان في زمن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وخلفائه الراشدين اهـ

فيلزم أن يكون المراد بالدرهم الشرعي درهم الوزن المتعارف، قال العلامة الشيخ مصطفى الذهبي في رسالته التي حرر فيها الدرهم والمثقال: وأما الدرهم المتداول فدرهم شرعي كما امتحن بحب الخردل وبدرهم الملك قايتباي المختوم بختمه، ومنه يركب الرطل. وهو بالبغدادي مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وبالمصري مائة وأربعة وأربعون درهمًا. فيزيد عن البغدادي ثلاثة أخماس خمسه. فالقلتان بالبغدادى خمسمائة رطل، وبالمصرى أربعمائة وستة وأربعون رطلًا وثلاثة أسباع رطل اهـ

ويؤيده أن النووي حرر الرطل البغدادي مائة وثمانية وعشرين درهمًا وأربعة أسباع درهم، وكان تحريره بدرهم زمانه، ولم ينقل أن الدرهم تغير بعد

ص: 126

زمن النووي بوزن آخر. فلا نزال نعتبر أن درهم النووي هو عين الدرهم الحالي ما لم يثبث خلافه وهو لم يثبت. فيبقى الدرهم على أصله. والأصل عدم التغير، ويؤيده أيضًا قول صاحب لسان العرب وزنة المثقال هذا المتعامل به الآن درهم واحد وثلاثة أسباع درهم على التحرير. يوزن به ما اختير وزنه به. وهو بالنسبة إلى رطل مصر الذي يوزن به عشر عشر رطل اهـ

فيؤخذ منه أن الرطل المصري يبلغ مائة مثقال. ومائة المثقال تبلغ مائة وثلاثة وأربعين درهمًا إلا سبعًا بناء على أن الدرهم سبعة أعشار المثقال. فينتج أن الرطل المصري يبلغ من الدراهم ذلك العدد. وهو يعين أن الدرهم الحالي المستعمل هو بعينه الدرهم القديم. ولا يضر اعتبار الرطل المصري مائة وأربعة وأربعين درهمًا، فإن الفرق بين الاعتبارين قليل يمكن حمله على أن تحديد الرطل بمائة مثقال على التقريب حيث كان الفرق دون مثقال واحد:

أما ما قاله المالكية من أن المائتي درهم الشرعية مائة وخمسة وثمانون درهمًا وخمسة أثمان درهم بالدرهم المصري لكبره، فمبني علي تقدير الدرهم الشرعي بحب الشعير. وقد علمت أنه لا ينضبط فلا يصح التقدير به. ومع ذلك فهو غير محرر كما سيأتي. هذا

(واعلم) أن الدرهم العرفي يزن 3.12 جرامات أو 16 قيراطًا. والريال المصري يزن 9 دراهم أو 28 جرامًا أو 144 قيراطًا. وعياره (الخالص فيه من الفضة) 4/ 5.

والريال المجيدي يساوي (1/ 4 17) ويزن 13/ 16 7 دراهم أو 3/ 8 24 جرامًا أو 125 قيراطًا. وفيه من الغش 7/ 8 18 قيراطًا

والشلن يساوي 7/ 8 4. ويزن 1.81 درهمًا أو 5.65 جرامات أو 28.96 قيراطًا. وفيه من الغش نحو 1/ 10

والفرنك = 3.8575 ويزن 1.6 درهمًا أو 5 جرامات. وفيه من الغش نحو 1/ 5

الجنيه المصري = 100 ويزن 2.72 درهمين أو 1/ 2 8 جرامات أو 43.6 قيراطًا. وثمنه غش

الجنيه المجيدي = 87.75 ويزن 1/ 2 2 درهمين أو 1/ 5 7 جرامات أو 37 قيراطًا. وبه 1/ 2 2 قيراطان خليط

الجنيه الإنجليزى = 97.5 ويزن 2.56 درهمين أو 7.988 جرامات أو 40.96 قيراطًا. وغشه 1/ 12

الجنيه الفرنسى = 77.15 ويزن 2.06 درهمين أو 6.452 جرامات أو 32.96 قيراطًا. وغشه 1/ 10

وعليه فهاك بيان نصاب كل من الفضة والذهب بالدرهم ونحوه وبالعملة

ص: 127

1 -

نصاب الفضة

درهم ــ جرام ــ قيراط ــ ريالًا مصريًا ــ ريالًا مجيديًا ــ شلنًا ــ فرنكًا

200 ــ 624 ــ 3300 ــ 2/ 9 22 ــ 3/ 5 25 ــ 1/ 2 110 ــ 4/ 5 124

2 -

نصاب الذهب

مثقالًا ــ درهمًا ــ جرامًا ــ قيراطًا ــ جنيها مصريًا ــ مجيديًا ــ انجليزيًا ــ فرنسيًا

20 ــ 30 ــ 93.6 ــ 480 ــ 11 ــ 13 ــ 3/ 4 11 ــ 1/ 2 124

هذا على التحقيق من أنه لا تفاوت بين الدرهم الشرعي والعرفي.

وأما على ما قاله غير الحنفية من أن الدرهم الشرعي على الصحيح عندهم خمسون حبَّة وخمسا حبَّة من متوسط الشعير وأن المثقال الشرعي 72 حبة، فينبغى تحويل الدراهم الشرعية إلى دراهم عرفية. وكذا المثاقيل بضرب عدد الدراهم (200 في 2/ 5 50) حبة من الشعير وهو مقدار الدرهم وقسمة الحاصل على مقدار الدرهم العرفي (64 حبة) ينتج (1/ 2 157) درهم عرفي (1) وبضرب عدد المثاقيل الشرعية (20) في مقدار المثقال (72 حبة) وقسمة الحاصل على مقدار المثقال العرفي (96 حبة) ينتج 15 مثقالًا عرفيًا

فعلى ما ذهبت إليه المالكية من أن المغشوش يعتبر كالخالص إن راج رواجه يكون تقدير النصاب كالآتي

1 -

نصاب الفضة

درهم شرعي ــ عرفي ــ جرام ــ قيراط ــ ريالًا مصريًا ــ مجيديًا ــ شلنًا ــ فرنكًا

200 ــ 157.5 ــ 491.4 ــ 2520 ــ 17.5 ــ 20.16 ــ 86.97 ــ 98.28

2 -

نصاب الذهب

مثقالًا شرعيًا ــ عرفيًا ــ درهمًا ــ جرامًا ــ قيراط ــ جنيه مصري ــ مجيدي ــ انجليزي ــ فرنسي

20 ــ 15 ــ 22.5 ــ 70.2 ــ 360 ــ 8.25 ــ 9.75 ــ 8.78 ــ 10.92

وعلى مذهب الشافعية والحنبلية من أنه لا زكاة في المغشوش حتى يبلغ خالصه نصابًا يكون تقدير النصاب كالآتي

(1) ومنه تعلم أن ما ذكره العلامة الدردير في شرحه الصغير من أن نصاب الفضة بالدرهم العرفي (5/ 8 185) درهم غير محرر حتى على القول بأن الدرهم عندهم (3/ 5 57) شعيرة فإن نصاب الفضة عليه بالدرهم العرفي (180) درهم بضرب 3/ 5 57 شعيرة في 200 درهم. وقسمة الحاصل على 64 حبة

ص: 128

1 -

نصاب الفضة

درهم شرعي ــ عرفي ــ جرام ــ قيراط ــ ريالًا مصريًا ــ مجيديًا ــ شلنًا ــ فرنكًا

200 ــ 157.5 ــ 491.4 ــ 2520 ــ 21.87 ــ 23.76 ــ 96.63 ــ 122.85

2 -

نصاب الذهب

مثقالًا شرعيًا ــ عرفيًا ــ درهمًا ــ جرام ــ قيراطًا ــ جنيه مصري ــ مجيدي ــ انجليزي ــ فرنسي

20 ــ 15 ــ 22.5 ــ 360 ــ 70.29 ــ 9.43 ــ 10.434 ــ 9.58 ــ 12.13

(قوله وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أي ليس في أقل من خمسة أوسق من التمر والحب زكاة لما في رواية مسلم: ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة. وأوسق جمع وسق بفتح الواو ويجوز كسرها ويجمع على أوساق مثل حمل وأحمال. والوسق في الأصل الحمل كما في النهاية وهو ستون صاعًا كما ذكره المصنف بعد

(فقه الحديث) دل الحديث على عدم وجوب الزكاة في أقل من خمس من الإبل. وعلى وجوبها في الخمس فما فوقها. وعلى عدم وجوبها في أقل من مائتي درهم ووجوبها فيها فما فوقها ويأتي مزيد إيضاح لهذا. وعلى عدم وجوب الزكاة في أقل من خمسة أوسق ووجوبها في الخمسة فما زاد. وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد وجمهور العلماء.

وقال ابن عباس وزيد بن علي والنخعي وأبو حنيفة لا يشترط النصاب بل تجب الزكاة في القليل والكثير مستدلين بعموم قوله تعالى "وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ" وقوله "أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ" وبما رواه أحمد ومسلم والنسائي عن جابر مرفوعًا "فيما سقت الأنهار والغيم العشر وفيما سقي بالسانية نصف العشر" وسيأتي للمصنف في "باب صدقة الزرع" وبما رواه البخاري والنسائي وسيأتي للمصنف عن ابن عمر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر" والعثري بفتح العين المهملة والثاء المثلثة هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي كالنخيل. وقيل ما يسقى سيحًا. والأول أشهر

(وأجابوا) عن حديث الباب بأنه محمول على زكاة التجارة لأنهم كانوا يتبايعون بالأوساق. وقيمة الوسق أربعون درهمًا. أو بأنه إذا ورد عام وخاص وجهل التاريخ كما هنا قدم العام على الخاص احتياطًا. لكن حملهم الحديث على زكاة التجارة وصرف له عن ظاهره بدون دليل.

والراجح عند الجمهور أن الخاص مقدم على العام وأن العام يبني على الخاص مطلقًا تقدم أو تأخر أو قارن أو جهل التاريخ

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح، وقد

ص: 129

روى من غير وجه

(ص) حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ نَا إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ الأَوْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ زَكَاةٌ". وَالْوَسْقُ سِتُّونَ مَخْتُومًا.

(ش)(إدريس بن يزيد) بن عبد الرحمن الزعافري. روى عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وطلحة بن مصرف وسماك بن حرب وطائفة. وعنه ابنه عبد الله والثوري ووكيع وأبو أسامة وجماعة. وثقه النسائي وابن معين وأبو داود. روى له الجماعة

و(الأودي) نسبة إلى أود بفتح الهمزة وسكون الواو خطة من محال الكوفة سميت باسم أود بن سعد العشيرة.

و(أبو البختري) بفتح الباء وسكون الخاء وفح التاء سعيد بن فيروز بن أبي عمران الكوفي (الطائي) روى عن ابن عباس وابن عمر وحذيفة وكثيرين. وعنه عبد الأعلي بن عامر وعطاء بن السائب وسلمة بن كهيل ويونس بن خباب وطائفة. وثقه ابن معين وأبي نمير وأبو زرعة وأبو حاتم وقال صدوق. وقال هلال بن خباب كان من أفاضل أهل الكوفة وقال العجلي تابعي ثقة فيه تشيع. توفي سنة ثلاث وثمانين. روى له الجماعة

(قوله والوسق ستون مختومًا) أي ستون صاعًا معلمًا بخاتم في أعلاه. ووصف بكونه مختومًا لأن الأمراء ختمته لئلا يزاد عليه أو ينقص منه

(والحديث) أخرجه أيضًا ابن ماجه والدارقطني

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ.

(ش) أشار المصنف بهذا إلى أن الحديث منقطع

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيُنٍ نَا جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا مَخْتُومًا بِالْحَجَّاجِيِّ.

(ش)(جرير) بن عبد الحميد. و (المغيرة) بن مقسم تقدم بالثالث ص 120.

وغرض المصنف بهذا بيان أن إبراهيم النخعي قدر الوسق ستين صاعًا مختومًا بالحجاجي أي بالصاع الحجاجي نسبة إلى الحجاج بن يوسف. وتقدم أنه أربعة أمداد. والمد رطل وثلث بالعراقى، وقيل رطلان وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن موسى بن طلحة قال الصاع الحجاجي صاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ص: 130

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ نَا صُرَدُ بْنُ أَبِي الْمَنَازِلِ قَالَ سَمِعْتُ حَبِيبًا الْمَالِكِيَّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَنَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ. فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ أَوَجَدْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً شَاةٌ وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا وَكَذَا أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَا. قَالَ فَعَنْ مَنْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا.

(ش)(الرجال)(ورد) كعمر (بن أبي المنازل) البصري. روى عن حبيب المالكي. وعنه محمَّد بن عبد الله الأنصاري. ذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب مقبول من السابعة. روى له أبو داود

و(حبيب المالكي) وفي نسخة المكي. ولعلها تصحيف لأن الموجود في أكثر النسخ وكتب الرجال المالكي. وهو ابن أبي فضلان، ويقال ابن أبي فضالة البصري، روى عن عمران بن حصين وأنس. وعنه زياد بن أبي مسلم وسلام بن مسكين وورد ابن أبي المنازل. قال ابن معين مشهور وذكره ابن حبان في الثقات وفي التقريب مقبول من الثالثة روى له أبو داود

(المعنى)

(قوله قال رجل الخ) لم يعرف اسم هذا الرجل. وأبو نجيد كنية عمران بن حصين

(قوله إنكم لتحدثوننا) وفي بعض النسخ لتحدثنا بتشديد النون. وفي بعضها لتحدثونا بإثبات الواو والنون المشددة، وهي غلط لأن الواو تحذف في مثل هذا للتقاء الساكنين ولوجود الضمة التي تدل عليها قبلها

(قوله ما نجد لها أصلًا في القرآن الخ) يعني وما لا أصل له في القرآن كيف يعول عليه؟ فغضب عمران من قول الرجل لما يترتب عليه من طرح كثير من الأحكام التي لم تبين صراحة في القرآن، وإهمال آية "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"، وقال للرجل أوجدتم الخ يعني أوجدتم في القرآن حكم الزكاة مفصلًا بأنه في كل أربعين درهمًا درهم، وفي كل أربعين شاة شاة. وقوله ومن كذا وكذا بعيرًا أي من كل خمسة وعشرين بعيرًا بنت مخاض مثلًا

(قوله في كل أربعين درهمًا درهم) بنصب درهم الأول على التمييز ورفع الثاني على أنه مبتدأ مؤخر والجملة في محل نصب مفعول وجد. وفي بعض النسخ بنصب درهم الثاني فيكون مفعولًا لوجد وهي الأولى. وقوله كذا وكذا الأولى كناية عن العدد الذي تجب فيه

ص: 131

الزكاة، وكذا الثانية كناية عن القدر المخرج من ذلك العدد

(قوله أخذتموه عنا الخ) أفاد به أن بعض الأحكام لا توجد في القرآن صريحًا وأن الأحكام كما تثبت بالقرآن تثبت بالسنة وأنه ليس للرأي في التشريع مجال. وقوله عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعني الذي يوحى إليه "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى" وقوله تفصيل لما أجمل في القرآن كما قال الله تعالى "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" وذلك كالصلاة والزكاة ذكرهما الله تعالى في القرآن مجملتين. وأما تفاصيل فروعهما فلم يعرف إلا ببيان الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله وذكر أشياء نحو هذا) أي ذكر عمران للرسول نحو ما ذكره في الزكاة من الأشياء التي لم تؤخذ من القرآن صراحة

(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي في البعث مطولًا من طريق أبي الأزهر عن الأنصاري لكن وقع في سنده شبيب بدل حبيب وكأنه تصحيف

(باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها زكاة؟ )

العروض بضم العين جمع عرض وهو المتاع وكل شيء سوى النقدين كما في القاموس. وفي المصباح: الدراهم والدنانير عين وما سواهما عرض والجمع عروض مثل فلس وفلوس

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ نَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ نَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ.

(ش)(أبو خبيب) بالتصغير سليمان بن سمرة تقدم بالرابع صفحة 63

(قوله كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع) أي نخرج الزكاة من المال الذي نهيئه للبيع للتجارة يعني إذا حال عليه الحول. وظاهره يعم كل ما يتجر فيه سواء أكان في عينه زكاة كالإبل والبقر أم لا كالعقار والخيل والحمير.

وبظاهر الحديث أخذ جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء.

وقال ابن المنذر أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة واتفقوا على وجوبها في قيمتها لا في عينها وعلى أنها تجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول إلا أن الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا تجب بمضي كل حول ووافقتهم المالكية فيما إذا كان التاجر مديرًا وهو الذي يبيع كيفما اتفق ولا ينتظر ارتفاع الأسعار كأرباب الحوانيت. بخلاف ما إذا كان محتكرًا وهو الذي ينتظر بالسلع ارتفاع الأسعار فإنه يزكيها إذا باعها عن عام

ص: 132

واحد ولو مكثت عنده أعوامًا. قال مالك في الموطأ الأمر عندنا فيما يدار من العروض للتجارات أن الرجل إذا صدق ماله "دفع زكاته" ثم اشترى به عرضًا بزًا أو رقيقًا أو ما أشبه ذلك ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول من يوم أخرج زكاته فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه. وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين لم تجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة وإن طال زمانه فإذا باعه فليس عليه إلا زكاة واحدة اهـ.

قال الزرقاني وحاصله أن إدارة التجارة ضربان. أحدها التقلب فيها وارتصاد الأسواق. بالعروض فلا زكاة وإن قام أعوامًا حتى يبيع فيزكي لعام واحد. والثاني البيع في كل وقت بلا انتطار سوق كفعل أرباب الحوانيت فيزكي كل عام بشروط إلى أن قال: والحجة لهم ما نقله مالك من عمل أهل المدينة اهـ

واستدلوا أيضًا بما رواه الحاكم والدارقطني والبيهقي عن أبي ذر مرفوعًا "في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البر صدقته" والبز بفتح الموحدة وبالزاي الشيء الذي جعل للتجارة. وبما رواه الشافعي وسعيد بن منصور في سننه عن حماس قال: قال عمر يا حماس أد زكاة مالك فقلت ما لي مال إنما أبيع الأدم فقال قومِّه وأد زكاته ففعلت. والأدم الجلد. وبما رواه البيهقي عن ابن عمر قال: ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة. وبما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حيان وكان على جواز مصر "موضع أخذ الزكاة" في زمن عمر بن عبد العزيز فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات من كل عشرين دينارًا دينارًا، فما نقص فبحساب ذلك حى تبلغ عشرين دينارًا، فإن انتقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئًا. ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من كل عشرين دينارًا دينارًا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئًا واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابًا إلى مثله من الحول.

قال الزرقاني قال أبو عمر سلك عمر بن عبد العزيز طريق عمر بن الخطاب فإنه كتب إلى عامل أيلة: خذ من المسلمين من كل أربعين درهمًا درهمًا. ثم اكتب له براءة إلى السنة وخذ من التاجر المعاهد من كل عشرين درهمًا درهمًا ومن لا ذمة له من كل عشر دراهم درهم اهـ

وقالت المالكية والشافعية لا يشترط في المال المتجر به أن يكون نصابًا أولًا بل المدار على نهاية الحول فإن تم النصاب فيه زكي وإلا فلا. فمن ملك دون نصاب وتاجر فيه فبلغ النصاب في نهاية الحول وجبت فيه الزكاة. وقالت الحنفية يشترط النصاب في بداية الحول ونهايته ولا يضر نقصانه أثناء الحول. وقالت الحنابلة يشترط النصاب كل الحول. وقالت الظاهرية لا زكاة في مال التجارة لما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم، ليس علي المسلم صدقة في فرسه ولا عبده، وسيأتي للمصنف نحوه. وأجابوا عن حديث

ص: 133