الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الزكاة)
ذكرت عقب الصلاة لقرنها بها في الكتاب والسنة قال الله تعالى "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" وقال صلى الله عليه وآله وسلم" بني الإِسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الحديث" والزكاة لغة تطلق على الطهارة والثناء والبركة: قال الله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" ويقال زكا الزرع إذا نما وزاد. وفي عرف الشرع اسم للقدر المخرج من المال حقًا لله تعالى.
سمي بذلك، لأنه مطهر للمال بإخراج حق الغير منه، ومطهر للشخص المزكى من دنس البخل والآثام وبه يبارك في المال ويخلف على المتصدق قال تعالى "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه" أو تمليك جزء مصدر من مال لواحد أو أكثر من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها، الآية وذلك على وجه مخصوص يأتي بيانه.
وهي فرض ثابت بالكتاب والسنة والإجماع من جحد فرضيتها كفر. فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر، وقيل فرضت بمكة إجمالًا وبينت بالمدينة تفصيلًا، جمعًا بين الآيات الدالة على فرضيتها بمكة كقوله تعالى "وآتوا حقه يوم حصاده" في سورة الإنعام، وقوله "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" في سورة الذاريات، فإنهما، مكيتان والآيات الدالة على فرضيتها بالمدينة كقوله تعالى، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، في سورة البقرة، وقوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، في سورة التوبة فإنهما مدنيتان. وسبب وجوبها ملك النصاب وتمام الحول في غير الزرع. وحكمة مشروعيتها التطهير من أدناس الذنوب والبخل. والإحسان إلى المحتاجين والرفق بهم وارتفاع الدرجات بفعل القربات لله تعالى، وأيضًا فإن المال محبوب بالطبع، فإذا استغرق القلب في حبه اشتغل به عن حب الله وعن الطاعة المقربة إليه تعالى، فاقتضت الحكمة إيجاب الزكاة في ذلك المال ليصير سببًا للقرب منه تعالى.
وأيضًا فإن إخراج المال سياق على النفر فأوجب الله الزكاة لامتحان أر
باب
الأموال ليتميز بذلك المطيع المخرج لها عن طيب نفس من مال العاصي المانع لها، وفيها أيضًا تطييب قلوب الفقراء واطمئنان نفوسهم بما يأخذونه من مال الأغنياء، فلا يطمعون في الاستيلاء عليها بوجه غير مشروع. وشروط افتراضها الإِسلام والحرية وكمال النصاب وعلم فرضيتها لمن أسلم بعيدًا عن دار الإِسلام. وشروط صحة أدائها نية مقارنة للأداء أو لعزل القدر الواجب. ثم إن الزكاة تكون في الإبل والبقر والغنم، وفي الذهب والفضة والزروع والثمار وعروض التجارة على التفصيل الذي سيمر بك بعد إن شاء الله تعالى
(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ نَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عز وجل". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَاّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عز وجل قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ -قَالَ- فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
(ش)(الليث) بن سعد. و (عقيل) بالَتصغير ابَنَ خالَد
(قوله لما توفي رسول الله) كان ذلك ضحوة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن يوم الثلاثاء، وقيل ليلة الأربعاء
(قوله واستخلف أبو بكر) أي تولى الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وذلك أن الأنصار المهاجرين اجتمعوا في ثقيفة بني ساعدة "ناديهم" فبعد مشادة بين الفريقين بايع عمر أبا بكر، ثم تتابع الناس يبايعونه، وتم له الأصل يوم الثلاثاء الثالث عشر من الشهر المذكور، فقد أخرج البخاري من طريق عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مات وأبو بكر بالسنح "بضم السين وسكون النون وقيل بضمهما" تعني بالعالية فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله كل الله عليه وعلى آله وسلم قالت: وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك "أي عدم موته" وليبعثنه الله فليقطعن أيدى رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله، عليه وعلى آله وسلم فقبله وقال: بأبي أنت وأمي. طبت حيًا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدًا. ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر. فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال: ألا من كان يعبد محمدًا فإن محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وقال "إنك ميت وإنهم
ميتون". وقال "وما محمَّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزى الله الشاكرين" فنشج (1) الناس يبكون
قال واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في ثقيفة بني ساعدة. فقالوا منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر. وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلامًا قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر: لا والله لا نفعل: منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء. هم " يعني قريشًا، أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابًا (2)، فبايعوا عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة ابن الجراح. فقال عمر: بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فأخذ عمر رضي الله عنه بيده فبايعه وبايعه الناس. فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة (3). فقال عمر: قتله الله وفي رواية للبخاري أيضًا عن عائشة: فما كان خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها: لقد خوف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقًا فردهم الله تعالى بذلك. تم لقد بَصَّرَ أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون "وما محمَّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إلى قوله الشاكرين" اهـ
وتأخر الإِمام علي وجماعة منهم الزبير فلم يبايعوا أبا بكر إلا بعد ستة أشهر لما ماتت فاطمة رضي الله عنها. ولم يكن تأخره لقدح في بيعة أبي بكر، إنما كان يرى أنه لا ينبغى إبرام أمر إلا بمشورته وحضوره، ولكن كان أبو بكر وعمر وسائر الصحابة معذورين في عدم انتظار استثشارته، لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم المصالح وخافوا من تأخرها خلافًا يترتب عليه مفاسد عظيمة.
فقد أخرج الشيخان من حديث ابن عباس الطويل وفيه فقال: عمر والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمرنا أقوى من مبايعة أبي بكر رضي الله عنه: خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم "أي من الأنصار" بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فسادا اهـ.
ولذا أخروا تجهيز النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى عقدت البيعة كي لا يقع نزاع في تجهيزه وليس لهم حاكم يفصل في الأمر، وروى مسلم قصة بيعة عليّ من حديث عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله تعالى وعلي آله وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مما أفاء الله عليه
(1) قوله فنشج الناس بفتح النون والشين المعجمة والجيم أي بكوا بغير انتحاب
(2)
أي أشبه العرب أفعالًا
(3)
يعني خذلتموه وأعرضتم عنه، وقوله قتله الله يريد به الدعاء عليه حقيقة لما في حديث مالك فقلت وأنا مغضب: قتل الله سعدًا فإنه صاحب شر وفتنة
بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا المال، وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئًا فَوَجدَت فاطمة على أبي بكر في ذلك، قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها عليّ بن أبي طالب ليلًا، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها عليّ وكان لعليّ من الناس وجهة حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر عليّ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب، فقال عمر لأبي بكر:
والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بي، والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم نَنْفس عليك خيرًا ساقه الله إليك، ولكن استبددت علينا بالأمر، وكنا نحن نرى لنا حقًا لقرابتنا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحب إليّ أن أصل من قرابتى، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق، ولم أترك أمرًا رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصنعه فيها إلا صنعته، فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقى على المنبر فتشهد وذكر شأن عليّ وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذى اعتذر إليه ثم استغفر، وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكار للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبًا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلون، وقالوا أصبت وكان المسلون إلى عليّ قريبًا حتى راجع الأمر المعروف اهـ. "والنفاسة" الحسد
وروي أيضًا من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وساق الحديث بمثل معنى حديث عقيل عن الزهري، غير أنه قال: ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته، ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه فأقبل الناس إلى علي فقالوا أصبت وأحسنت فكان الناس قريبًا إلى علي حين قارب الأمر المعروف ومما تقدم من الأحاديث تعلم ما في قول البدر العيني: وبايعه يعني أبا بكر جميع الصحابة حتى عليّ
ابن أبي طالب والزبير بن العوام. وما قيل من أن عليًا بايعه بعد موت فاطمة وقد ماتت بعد أبيها بستة أشهر، فذاك محمول على أنه بيعة ثانية أزالت ما كان قد وقع من وحشته بسبب الكلام في الميراث اهـ.
فإن الأحاديث الصحيحة صريحة في أنه لم يبايع مع السابقين، وبهذا تم إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر. وأدى الطاعة إليه وإلى الخلفاء من بعده عليّ رضي الله عنه إلى أن انتهت الخلافة إليه، فقام بها على أحسن وجه وأكمل حال.
وقد تحزب قوم للبيعة لعلي وادعوا أنه أحق بالخلافة من غيره، وأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أوصى إليه بها، وتعاموا عن الدلائل الكثيرة الصحيحة الصريحة في خلافة أبي بكر: أقواها بعد الإجماع إنابته صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أبا بكر إمامًا في الصلاة. وقد قال عليّ رضي الله عنه رضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لديننا
(قوله وكفر من كفر من العرب) أي ارتد عن الدين من أراد الله كفره، فأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة ومنعوا الزكاة وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية. وممن ارتد أسد وغطفان وبنو حنيفة باليمامة وأهل البحرين وأزد عمان ومن قاربهم من قضاعة وعامة بني تميم وبعض بني سليم.
وثبت على الإِسلام أهل المدينة: ثبتهم الله بأبي بكر.
وأهل مكة: ثبتهم الله بسهيل بن عمرو، فإنه قد خطبهم بمثل ما خطب أبو بكر يوم وفاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وقد أخبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك يوم بدر، فقد قال لعمر حين أراد نزع ثنية سهيل المذكور: دعه يا عمر فعسى أن يقوم مقامًا تحمده عليه ولا تذمه.
وثبتت ثقيف بالطائف: ثبتهم الله بعثمان بن أبي العاص فقد قام فيهم بمثل ما قام به سهيل. وممن ثبت على الإِسلام أسلم وغفار وجهينة ومزينة وأشجع وهوازن وجشم وأهل صنعاء وغيرها.
وظهر بادعاء النبوة مسيلمة الكذاب من بني حنيفة وطليحة الأسدي وسجاح بنت الحارث وأسود العنسي باليمن.
وأقر قوم بالصلاة ومنعوا الزكاة إما لشبهة لهم في المنع، فقد روى أنهم قالوا إنما كنا نؤدى زكاتنا لمن كانت صلاته سكنًا لنا لآية "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" وقد توفي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالوا: لا نؤديها لغيره فهم مسلمون أهل بغي، وعليه فإطلاق الكفر عليهم تغليظ، وإما منكرين وجوبها. ومنهم من لم يمنع الزكاة إلا أن رؤساءهم صدوهم عن دفعها وقبضوا على أيديهم كبني يربوع، فقد جمعوا صدقاتهم وأرادوا إرسالها إلى أبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم، فعظم الأمر على المسلمين واشرأبت أعناق المشركين، فأسرع أبو بكر رضي الله عنه في تلافي الأمر وأمر بعقد أحد عشر لواء لأحد عشر قائدًا: منهم خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وعمرو بن العاص، فقاتلوا أهل الردة حتى رجعوا إلى الإِسلام. وقاتلوا المتنبئين حتى قتل مسيلمة باليمامة والأسود العنسي بصنعاء وهرب طليحة
الأسدي وسجاح وأسلما بعد ذلك. وكان لطليحة شأن في نصرة الإِسلام زمن عمر بن الخطّاب وقاتلوا مانعي الزكاة حتى أدوها، وقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
(قوله قال عمر الخ) أي لما أراد أبو بكر قتال مانعي الزكاة مع إقرارهم بالوحدانية اشتبه عمر في ذلك، وراجع أبا بكر واحتج عليه بقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس الخ تعلقًا من عمر بأول الكلام وغير ناظر لقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في آخره إلا بحقه، فقال له أبو بكر: إن الزكاة حق المال فلا بد من قتالهم حتى يؤدوه
(وفي ذلك) دليل على أن قتال الممتنع من الصلاة كان مجمعًا عليه من الصحابة. وفيه الاحتجاج من عمر بالعموم ومن أبي بكر بالقياس. فدلّ ذلك على أن العموم يخص بالقياس. وأيضًا روى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإِسلام وحسابهم على الله. فلو كان عمر رضي الله عنه ذاكرًا لهذا الحديث لما عارض أبا بكر، ولو كان أبو بكر ذاكرًا له لأجاب به عمر، ولم يحتج إلى قياس الزكاة على الصلاة
(قوله عصم مني ماله ونفسه) أي حفظهما فلا أستبيح واحدًا منهما (وفي هذا) دلالة على أنه أراد بلا إله إلا الله، النطق بالشهادتين بدليل حديث ابن عمر المتقدم، ففيه إطلاق الجزء على الكل.
قال القاضي عياض اختصاص عصمة المال والنفس بمن قال لا إله إلا الله تعبير عن الإجابة إلى الإيمان وأن المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحد، وهم كانوا أول من دعي إلى الإِسلام وقوتل عليه. وأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقوله لا إله إلا الله إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده، فلذلك جاء في الحديث الآخر وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة اهـ.
وقال النووي ولا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة وهي مذكورة في الكتاب "يعني صحيح مسلم" حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به اهـ
والرواية التي أشار إليها رواها مسلم في كتاب الإيمان بسنده إلى أبي هريرة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
(قوله إلا بحقه) أي حق الإِسلام المأخوذ من المقام، وقد صرح به في رواية البخاريّ. وهو استثناء من عام محذوف أي فلا يجوز استباحة شيء من أموالهم ودمائهم بسبب من الأسباب إلا بحق الإِسلام كقتل النفس المحرمة والزنا ومنع الزكاة
(قوله وحسابه على الله) أي فيما يسره من الكفر والمعاصى، والمراد أن من نطق بكلمة التوحيد يحكم عليهم بالإيمان نظرًا لظاهر
حالهم فلا نتعرض لقتالهم ولا لأموالهم إلا بحق الإِسلام، وندع أمر بواطنهم إلى الله تعالى، فهو يثيب المخلص ويعاقب المنافق. وأفرد الضمير نظرًا للفظ من، وفي رواية البخاريّ وحسابهم على الله بالجمع نظرًا لمعناها
(قوله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) فرق بالتشديد والتخفيف أي أقام الصلاة ومنع الزكاة أو جحدها. وعزم أبو بكر رضي الله عنه على قتال من منع الزكاة لأنها أحد أركان الإِسلام مثل الصلاة، وخص الصلاة بالذكر لأنه قرن بينهما في اثنتين وثمانين آية، ولأنهما أصل العبادات البدنية والمالية، ولذا كانت الصلاة عماد الدين، والزكاة قنطرة الإِسلام
(قوله فإن الزكاة حق المال) أي أن الزكاة هي الفرض الذي فرضه الله في المال كما أن الصلاة حق النفس، فكما أن العصمة لا تتناول من لم يؤد الصلاة فكذلك لا تتناول من لم يؤد الزكاة. وعليه فهم داخلون في عموم أمرت أن أقاتل الناس
(وفي هذا) بيان أن الحق في قوله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بحقه، يتناول حق المال وغيره، وكأن عمر فهم أنه لا يشمل الزكاة فأجاب أبو بكر بأنّه شامل لها أيضًا، ويحتمل أن يكون عمر ظن أن أبا بكر أراد مقاتلتهم لكفرهم فاستشهد بالحديث فأجابه الصديق بأنّه إنما يقاتلهم لمنعهم الزكاة
(قوله لو منعوني عقالًا) بكسر العين الحبل الذي يعقل به البعير وهو محكي عن مالك وابن أبي ذئب وغيرهما من المحققين، وهو مأخوذ مع الفريضة لأنّ علي صاحبها التسليم، وإنما يقع قبضها برباطها. والصحيح أن المراد به ما يساوي عقالًا من حقوق الصدقة لأنّ الكلام وارد على وجه المبالغة.
وقال النضر بن شميل إذا بلغت الإبل خمسًا وعشرين وجبت فيها بنت مخاض من جنس الإبل فهو العقال. وقال أبو سعيد الضرير كل ما أخذ من الأموال والأصناف في الصدقة من الإبل والغنم والثمار من العشر ونصف العشر فهذا كله في صنفه عقال، لأنّ المؤدي عقل به عنه طلبة السلطان وعقل عنه الإثم الذي يطلبه الله تعالى به اهـ.
قال العيني وذهب جماعة من العلماء إلى أن المراد بالعقال زكاة عام، وهو معروف في اللغة بذلك، واختاره أبو عبيد والمبرد والكسائي وغيرهم من أهل اللغة. وهو قول جماعة من الفقهاء، واحتجوا في ذلك بقول عمرو بن العلاء.
سعى عقالًا فلم يترك لنا سبدا
…
فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
أراد مدة عقال. وعمرو هذا هو ابن عتبة بن أبي سفيان الساعي، ولاه عمه معاوية بن أبي سفيان صدقات كلب فقال فيه قائلهم ذلك. والسبد بفتحتين القليل من الشعر، والمراد هنا لم يترك قليلًا من المال
(قوله لقاتلتهم على منعه) أي على ترك أدائه للإمام وهو ظاهر في أنه قاتلهم على ترك تأدية الزكاة للإمام لا على إنكار فرضيتها
(قوله فوالله ما هو إلا أن رأيت الخ) أي الحال والشأن أني علمت أن الله شرح صدر أبي بكر وفتح قلبه بالإلهام للقتال غيرة على أحكام الإِسلام فعلمت من الأدلة التي ذكرها والحجج التي أقامها أن رأيه هو الحق. ولعل النص الذي اعتمد عليه
أبو بكر وعمل عليه ما رواه الحاكم في الإكليل من حديث فاطمة بنت خشاف عن عبد الرحمن الظفري وكانت له صحبة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى رجل من أشجع لتؤخذ صدقته، فرده فرجع فأخبر النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: ارجع فأخبره أنك رسول رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فجاء إلى الأشجعي فرده، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اذهب إليه الثالثة فإن لم يعط صدقته فاضرب عنقه. قال عبد الرحمن بن عبد العزيز "أحد رواة الحديث" قلت لحكيم بن عباد بن حنيف "أحد رواة الحديث أيضًا" ما أرى أبا بكر الصديق قاتل أهل الردة إلا لهذا الحديث. قال أجل اهـ من العيني شرح البخاريُّ ببعض تصرف
(فقه الحديث) دلّ الحديث على فضل أبي بكر رضي الله عنه وما كان عليه من اليقين بالله والتمسك بأوامر الدين وتنفيذها. وعلى مشروعية القياس والعمل به. وعلى جواز الحلف عند الداعية. وعلى جواز المناظرة بين أهل العلم. وعلى ما كان عليه سيدنا عمر رضي الله عنه من التمسك بما يراه حقًا والرجوع إلى الحق عند ظهوره. وعلى أنه يطلب من الإِمام مقاتلة قوم ذوي منعة امتنعوا من تأدية الزكاة، وبالأولى من امتنع من تأدية الصلاة.
أما التارك للزكاة بلا منعة فإن كان منكرًا وجوبها فإنه يقتل كفرًا لإنكاره أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، وإن كان تركها بخلا مع اعتقاد وجوبها عزر وأخذت منه قهرًا.
ولا يؤخذ أزيد منها عند مالك وأبي حنيفة والشافعي في الجديد. وعند أحمد والشافعي في القديم يؤخذ منه أيضًا نصف ماله عقوبة له لحديث بهز بن حكيم قال حدثني أبي عن جدي قال: سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون لا يفرق إبل عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن أبى فأنا آخذها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا لا يحل لآل محمَّد فيها شيء. رواه النسائي. وسيأتي للمصنف في "باب زكاة السائمة"
وأجاب الجمهور عنه بأن الحديث لم يثبت. فقد روى البيهقي عن الشافعي أنه قال: هذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث، وقال أبو حاتم بهز يكتب حديثه ولا يحتج به "ودعوى" أنه منسوخ بحديث "ليس في المال حق سوى الزكاة" رواه ابن ماجه بسند ضعيف "غير مسلمة" لعدم العلم بالتاريخ. على أنه إنما يعمل بالناسخ إذا كان ثابتًا ودل الحديث على أن من أظهر الإِسلام يقبل إسلامه وإن أسر الكفر. وهو المسمى بالزنديق وعليه أكثر العلماء.
واختلفت الشافعية في قبول توبة الزنديق على أقوال.
أحدها أنها تقبل مطلقًا للأحاديث الصحيحة المطلقة وهو أصح الأقوال.
ثانيها عدم قبولها ويتحتم قتله لكنه إن صدق في توبته نفعه ذلك في الدار الآخرة وكان من أهل الجنة.
ثالثها أنه إن تاب مرة واحدة قبلت توبته فان تكرر ذلك منه لم تقبل.
رابعها إن أسلم ابتداء من غير طلب قبل منه، وإن كانت وهو تحت
السيف فلا تقبل.
خامسها إن كان داعيًا إلى الضلال لم تقبل منه وإلا قبلت.
وذهبت المالكية إلى أن الزنديق إن جاء تائبًا قبل الاطلاع عليه قبلت توبته ولا يقتل، وإن تاب بعد الاطلاع عليه قبلت أيضًا إلا أنه يقتل حدًا. وقال العيني عن بعض أصحابنا من الحنفية لا تقبل توبته وهو محكي عن أحمد. ودل الحديث أيضًا على أن الردة لا تسقط الزكاة عن المرتد إذا وجبت في ماله
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والترمذي والنسائيُّ وأحمد والبيهقي
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ عِقَالًا.
(ش)(قوله رواه رباح بن زيد عن معمر الخ) وفي بعض النسخ رواه رباح بن زيد وعبد الرزاق عن معمر. يعني ابن راشد. وقوله بإسناده أي بإسناد الزهري المذكور في رواية عقيل السابقة
و(رباح بن زيد) القرشي مولاهم الصنعاني. روى عن معمر وعبد الله بن بحير وعمر بن حبيب وآخرين. وعنه إبراهيم بن خالد وعبد الله بن المبارك وزيد بن المبارك وجماعة. وثقه العجلي والبزار ومسلم والنسائيُّ وأبو حاتم. توفي سنة سبع وثمانين ومائة. روى له أبو داود والنسائيُّ
(وروايته) أخرجها الإِمام أحمد في مسنده من طريق إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكفر من كفر الحديث: وفيه والله لو منعوني عناقًا.
(قوله قال بعضهم عقالًا) أشار به إلى أن الرواة عن الزهري اختلفوا في الرواية عنه. فقال بعضهم عقالًا كما في رواية قتيبة عن الليث عن عقيل عن الزهري السابقة. وقال بعضهم عناقًا كما في رواية رباح عن معمر وكما في قوله
(ص) وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ عَنَاقًا.
(ش) أي روى هذا الحديث عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري وقال في روايته عناقًا بفتح العين والنون. وهي الأنثى التي لم تبلغ سنة من ولد المعز. ورواية ابن وهب هذه لم نقف على من أخرجها. والغرض من ذكر العناق المبالغة في التشديد على من منع شيئًا من الزكاة ولو قليلًا. أو المراد منه حقيقة العناق بناء أن حول النتاج حول الأمهات فهو مما يؤخذ في الزكاة علي ما يأتي بيانه
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا.
(ش)(الزبيدي) بالتصغير محمَّد بن الوليد بن عامر
(قوله قال أبو داود قال شعيب بن أبى حمزة الخ) وفي بعض النسخ وقال بإثبات الواو. وفي بعضها قال لو منعوني عناقًا. وفي بعضها قالوا لو منعوني عناقًا. والفرق بين هاتين الأخيرتين أن فاعل قال بالإفراد عائد على الزهري، وفاعل قالوا عائد على شعيب ومن ذكر معه
(ورواية شعيب) أخرجها النسائي في الجهاد من طريقين: الأول عن شعيب قال حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم وكان أبو بكر بعده. وكفر من كفر من العرب. قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله؟ قال أبو بكر رضي الله عنه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لقاتلتهم على منعهم الحديث. الثاني عن شعيب بن أبي حمزة وسفيان بن عيينة. وآخر عن الزهري عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة، وأخرجها البخاريُّ أيضًا في الزكاة
(ورواية معمر) أخرجها الدارقطني والنسائي عن عمران القطان عن معمر عن الزهري عن أنس قال: لما توفي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ارتدت العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل العرب؟ فقال أبو بكر إنما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة: والله لو منعوني عناقًا مما كانو يعطون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم عليه الحديث. قال أبو عبد الرحمن "يعني النسائي" عمران القطان ليس بالقوي. وهذا الحديث خطأ والذي قبله الصواب: حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة اهـ
وخطأه الترمذي أيضًا. لكن صححه الذهبي في تلخيصه والحاكم قال: هذا حديث صحيح الإسناد غير أن الشيخين لم يرخاجا لعمران القطان. وليس لهما حجة في تركه فإنه يستقيم الحديث اهـ ونحوه للذهبي
(ورواية الزبيدي) أخرجها النسائي في الجهاد أيضًا من طريق محمَّد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله؟ قال أبو بكر رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لقاتلتهم على منعها الحديث