المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في زيارة القبور) - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٩

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب القيام للجنازة)

- ‌(باب الركوب في الجنازة)

- ‌(باب المشي أمام الجنازة)

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌(باب الصلاة على الجنازة في المسجد)

- ‌(باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم)

- ‌(باب أين يقوم الإِمام من الميت إذا صلى عليه)

- ‌باب ما يقرأ على الجنازة

- ‌(باب الدعاء للميت)

- ‌(باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم)

- ‌(باب في اللحد)

- ‌(باب كيف يجلس عند القبر)

- ‌(باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره)

- ‌(باب الرجل يموت له قرابة مشرك)

- ‌ إسلام أبي قحافة

- ‌(باب في تعميق القبر)

- ‌(باب تسوية القبر)

- ‌(باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف)

- ‌(باب كراهية الذبح عند القبر)

- ‌(باب الميت يصلي على قبره بعد حين)

- ‌(باب في كراهية القعود على القبر)

- ‌(باب المشي بين القبور بالنعل)

- ‌(باب تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث)

- ‌(باب في الثناء على الميت)

- ‌(باب في زيارة القبور)

- ‌(باب في زيارة النساء القبور)

- ‌(باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها)

- ‌(كتاب الزكاة)

- ‌باب

- ‌(باب ما تجب فيه الزكاة)

- ‌(باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلي)

- ‌(باب في زكاة السائمة)

- ‌(باب رضا المصدق)

- ‌(باب دعاء المصدق لأهل الصدقة)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(باب أين تصدق الأموال

- ‌(باب صدقة الرقيق)

- ‌(باب صدقة الزرع)

- ‌(باب زكاة العسل)

- ‌(باب في خرص العنب)

- ‌(باب في الخرص)

- ‌(باب متى يخرص التمر

- ‌(باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة)

- ‌(باب زكاة الفطر)

- ‌(باب متى تؤدى

- ‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر

- ‌(باب من روى نصف صاع من قمح)

- ‌(باب في تعجيل الزكاة)

- ‌(باب الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى)

- ‌(باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني)

- ‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

- ‌(باب كراهية المسألة)

- ‌(باب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(باب الفقير يهدي للغني من الصدقة)

- ‌(باب حق السائل)

- ‌(باب الصدقة على أهل الذمة)

- ‌(باب ما لا يجوز منعه)

- ‌ الشركة في الكلأ

- ‌(باب المسألة في المساجد)

- ‌(باب الرجل يخرج من ماله)

- ‌(باب المرأة تصدق من بيت زوجها)

الفصل: ‌(باب في زيارة القبور)

من الفاسقين فيقولون هو من أهل الخير والصلاح ولو لم يكن الميت كذلك وربما أوقعت كثيرًا من الناس في شهادة الزور "بدعة" مخالفة لهديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ودل الحديث على مظنة تعذيب من ذكره الصالحون بشر على حسب علمهم ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة بل يباح ذلك للتحذير من سلوك طريق أهل الفساد والاقتداء بهم والتخلق بأخلاقهم

(الحديث) أخرجه أيضًا البخاري والبيهقي بلفظ تقدم ومسلم وابن ماجه من حديث أنس وكذا الحاكم مطولًا

(باب في زيارة القبور)

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي تَعَالَى عَلَى أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَاسْتَأْذَنْتُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالْمَوْتِ".

(ش)(أبو حازم) سليمان الأشجعي تقدم بالسادس ص 27

(قوله أتى رسول الله قبر أمه) آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة توفيت بالأبواء موضع بين مكة والمدينة في السنة السادسة من عمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت قد قدمت المدينة به على أخواله بني عدي ابن النجار تزورهم فماتت حال رجوعها

(قوله فبكى وأبكى من حوله) يعني بكى لتذكر الآخرة وعدم إدراك أمه أيامه وتسبب في بكاء من حوله. قال القاضي عياض بكاؤه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس لتعذيبها وإنما هو أسف على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به اهـ

(قوله استأذنت ربي تعالى على أن أستغفر لها فلم يأذن لي) بالبناء للفاعل. وفي نسخة بالبناء للفعول. ولعله لم يؤذن له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الاستغفار لأنه فرع المؤاخذة على الذنب ومن لم تبلغه الدعوة لا يؤاخذ على ذنبه فلا حاجة إلى الاستغفار لهما. ولأن عدم الإذن بالاستغفار لا يستلزم أن تكون كافرة لجواز أن يكون الله تعالى منعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الاستغفار لها لمعنى آخر كما كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ممنوعًا في أول الإِسلام من الصلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء ومن الاستغفار له مع أنه من

ص: 93

المسلمين وعلل ذلك بأن استغفاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مجاب على الفور فمن استغفر له وصل ثواب. دعائه إلى منزله في الجنة وانتفع به فورًا والمدين محبوس عن مقامه الكريم حتى يقضي دينه "فيقول" من قال إن عدم الإذن في الاستغفار لكفرها والاستغفار للكافر لا يجوز "غير سديد" وقد ذكر الجلال السيوطي أدلة كثيرة على إثبات أن أبوي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ناجيان

(منها) حديث البخاري عن أبي هريرة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا حتى كنت من القرن الذي كنت منه: ومن معاني القرن السيد: وآباء الرجل.

ومنها ما أخرجه الترمذي وصححه عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشًا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم.

"وأما ما رواه مسلم" من حديث أنس أن رجلًا قال يا رسول الله أين أبي فقال في النار فلما ولى الرجل دعاه فقال إن أبي وأباك في النار "فهو" من رواية حماد بن سلمة عن ثابت وقد خالفه معمر بن راشد عن ثابت فلم يذكر إن أبي وأباك الخ لكن قال إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار.

ولا دلالة في هذا اللفظ على حال والده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو أصح فإن معمرًا أثبت من حماد لأن حمادًا تكلم في حفظه وفي أحاديثه مناكير ولم يخرج له البخاري ومسلم في الأصول إلا من روايته عن ثابت. أما معمر فلم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه واتفق الشيخان على التخريج له.

وقد روى الحديث البزار والطبراني والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ معمر عن ثابت عن أنس. وأخرجه ابن ماجه من طريق الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو قال في النار فكأنه وجد من ذلك فقال يا رسول الله فأين أبوك فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار.

فلعل رواية حماد من تصرف الراوي بالمعنى على حسب فهمه. على أنها لو صحت يحمل قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم إن أبي على أبي طالب على حد قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر). وقد كان عمه على المشهور أو يراد بالنار النار التي يؤمر بدخولها أهل الفترة ومن كان على شاكلتهم ممن لم تبلغه الدعوة فمن دخلهاكانت عليه بردًا وسلامًا.

فقد قال الحافظ في الإصابة في ترجمة أبي طالب ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة ومن ولد أعمى أصم ومن ولد مجنونًا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحن ذلك أن كلا منهم يدلي بحجة ويقول، لو عقلت أو ذكرت لآمنت فترفع لهم نار ويقال لهم ادخلوها فن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا ومن امتنع أدخلها كرها هذا معنى ما ورد من ذلك وقد جمعت طرقه في جزء مفرد. ونحن نرجو

ص: 94

أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعًا فينجو. لكن ورد في أبي طالب ما يدفع ذلك وهو ما تقدم من آية براءة وما ورد في الصحيح عن العباس بن عبد المطلب أنه قال للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما أغنيت عن عمك أبي طالب فإنه كان يحوطك ويغضب لك فقال هو في ضحضاح من النار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل ما النار اهـ.

والأحاديث الواردة في أن أهل الفترة يختبرون يوم القيامة فمن أطاع منهم دخل الجنة ومن عصى دخل النار كثيرة ومعانيها متقاربة ذكر ابن كثير بعضها في تفسيره.

منها ما أخرجه أحمد قال حدثنا علي بن عبد الله حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: أربعة يحتجون يوم القيامة، رجل أصم لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول رب قد جاء. الإِسلام وما أسمع شيئًا وأما الأحمق فيقول رب قد جاء الإِسلام والصبيان يحذفونني بالبعر وأما الهرم فيقول رب لقد جاء الإِسلام وما أعقل شيئًا وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم لَيُطيعُنَّه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فوالذي نفس محمَّد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا.

وأخرج أيضًا بالإسناد عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مثله غير أنه قال في آخره فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا ومن لم يدخلها يسحب إليها.

وكذا رواه إسحاق بن راهويه عن معاذ بن هشام.

ورواه البيهقي في كتاب الاعتقاد من حديث أحمد بن إسحاق عن علي بن عبد الله المديني به. وقال هذا إسناد صحيح.

ومنها ما أخرجه أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن ليث عن عبد الوارث عن أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤتى بأربعة يوم القيامة بالمولود والمعتوه ومن مات في الفترة والشيخ الفاني الهم "بكسر الهاء الكبير" كلهم يتكلم بحجته فيقول الرب تبارك وتعالى لعنق من النار ابرز ويقول لهم إني كنت أبعث إلى عبادي رسلًا من أنفسهم وإني رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه قال فيقول من كتب عليه الشقاء يا رب أنَّى ندخلها ومنها كنا نفر قال ومن كتبت عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعًا قال فيقول الله تعالى "يعني" للأولين أنتم لرسلي أشد تكذيبًا ومعصية فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار.

ومنها ما أخرجه البزار في مسنده قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا ريحان بن سعيد حدثنا عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان أن النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عظم شأن المسألة قال إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوزارهم على ظهورهم فيسألهم ربهم فيقولون ربنا لم ترسل إلينا رسولًا ولم يأتنا لك أمر ولو أرسلت إلينا رسولًا لكنا أطوع عبادك فيقول لهم ربهم أرأيتم إن أمرتكم بأمر تطيعوني فيقولون نعم فيأمرهم أن يعمدوا إلى جهنم

ص: 95

فيدخلوها فينطلقون حتى إذا دنوا منها وجدوا لها تغيظًا وزفيرًا فرجعوا إلى ربهم فيقولون ربنا أخرجنا أوأجرنا منها فيقول لهم ألم تزعموا أني إن أمرتكم بأمر تطيعوني فيأخذ علي ذلك مواثيقهم فيقول اعمدوا إليها فادخلوها فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا منها فرجعوا وقالوا ربنا فرقنا منها ولا نستطيع أن ندخلها فيقول ادخلوها داخرين فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردًا وسلامًا.

ثم قال البزار ومتن هذا الحديث غير معروف إلا من هذا الوجه لم يروه عن أيوب إلا عباد ولا عن عباد إلا ريحان بن سعيد قال ابن كثير وقد ذكره ابن حبّان في ثقاته وقال يحيى بن معين والنسائي لا بأس به ولم يرضه أبو داود وقال أبو حاتم شيخ لا بأس به يكتب حديثه ولا يحتج به وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي.

ومنها ما أخرجه الإِمام محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا سعيد بن سليمان عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول الهالك في الفترة لم يأتني كتاب ويقول المعتوه رب لم تجعل لي عقلًا أعقل به خيرًا ولا شرًا ويقول المولود رب لم أدرك العقل فترفع لهم نار فيقال لهم رِدُوها قال فيردها من كان في علم الله سعيدًا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقيًا لو أدرك العمل فيقول إياي عصيتم فكيف لو أن رسلي أتتكم اهـ.

قال الحافظ ابن حجر الظن بآبائه صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كلهم الذين ماتوا في الفترة أن يطيعوا عند الامتحان لتقر بهم عينه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم اهـ.

وقد ورد ما هو صريح في إيمان أبويه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واعترافهما بدين إبراهيم وبعثة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهذا هو الإيمان بعينه. فقد روى أبو نعيم (في دلائل النبوة بسند ضعيف) من طريق الزهري عن أسماء بنت رهم عن أمها قالت شهدت آمنة أم النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في علتها التي ماتت بها ومحمد عليه الصلاة والسلام غلام يفع (أي مرتفع) له خمس سنين عند رأسها فنظرت أمه إلى وجهه ثم قالت

بارك فيك الله من غلام

يا بن الذي من حومة الحمام

نجا بعون الملك العلام

فودي غداة الضرب بالسهام

بمائة من إبل سوام

إن صح ما أبصرت في المنام

فأنت مبعوث إلى الأنام

تبعث في الحل وفي الحرام

تبعث في التحقيق والإِسلام

دين أبيك البر إبراهام

فالله أنهاك عن الأصنام

ألَّا تواليها مع الأقوام

ثم قالت كل حي ميت وكل جديد بال وكل كبير يفنى. وأنا ميتة وذكري باق وقد تركت خيرًا

ص: 96

وولدت طهرًا. قال الزرقاني في شرح المواهب نقلًا عن الجلال السيوطي بعد ذكر هذه الأبيات وهذا القول منها صريح في أنها موحدة إذ ذكرت دين إبراهيم وبعث ابنها صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بالإِسلام من عند الله ونهيه عن الأصنام وموالاتها وهل التوحيد شيء غير هذا؟

فإن التوحيد هو الاعتراف بالله وإلهيته وأنه لا شريك له والبراءة من عبادة الأصنام ونحوها وهذا القدر كاف في التبري من الكفر وثبوت صفة التوحيد في الجاهلية قبل البعثة، وإنما يشترط قدر زائد على هذا بعد البعثة، ولا يظن بكل من كان في الجاهلية أنه كان كافرًا على العموم، فقد تحنف فيها جماعة فلا بدع أن تكون أمه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم منهم. كيف وأكثر من تحنف منهم إنما كان سبب تحنفه ما سمعه من أهل الكتاب والكهان قرب زمنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أنه قرب بعث نبي من الحرم صفته كذا. وأمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سمعت من ذلك أكثر مما سمعه غيرها وشاهدت في حمله وولادته من آياته الباهرة ما يحمل علي التحنف ضرورة ورأت النور الذي خرج منها أضاء لها قصور الشام حتى رأتها وقالت لحليمة حين جاءت به وقد شق صدره أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا والله ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لابني هذا شأن اهـ بحذف.

أما ما رواه ابن شاهين والحاكم عن ابن مسعود قال جاء ابنا مليكة فقالا يا رسول الله إن أمنا كانت تكرم الضيف وقد وأدت في الجاهلية فأين أمنا؟ فقال أمكما في النار فقاما وقد شق عليهما فدعاهما صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال إن أمي مع أمكما فقال منافق ما يغني هذا عن أمه إلا ما يغني ابنا مليكة عن أمهما فقال شاب من الأنصار أرأيت أبويك في النار؟ فقال صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم ما سألتهما ربي فيعطيني فيهما وإني لقائم يومئذ المقام المحمود

فقد قال السيوطي هذا الحديث يشعر بأنّه يرتجى لهما الخير عند قيامه المقام المحمود بأن يشفع لهما فيوفقا للطاعة إذا امتحنا حينئذ كما يمتحن أهل الفترة. والمراد بالمعية في الحديث كونهما معها في دار البرزخ.

وعبر بذلك صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تورية وتطييبًا لقلوبهما كما أجاب من سأله عن أبيه فقال له إن أبي وأباك في النار. فإنه كان من عاداته صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سأله أعرابي ممن هو مظنة الفتنة والردة وخاف من إفصاح الجواب له فتنته واضطراب قلبه أجابه بجواب فيه تورية وإيهام. فهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، لما كره أن يفصح للأعرابي الجواب بمخالفة أبيه لأبيه في المحل الذي هو فيه خشية البعد عن الإِسلام لما جبلت عليه النفوس من كراهة الاستئثار عليها. ولما كانت عليه العرب من الجفاء والغلظة أورد له جوابًا موهمًا تطمينًا لقلبه.

وقد جاء في رواية أن هذا الأعرابي أسلم بعد وقد تقدم بيان ما في الحديث وافيًا. وأما أبوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقد نقل عنه كلمات تدل على توحيده وإيمانه بالشرائع القديمة كقوله حين عرضت امرأة نفسها عليه

ص: 97

أما الحرام فالممات دونه

والحل لا حل فأستبينه

يحمي الكريم عرضه ودينه

فكيف بالأمر الذي تبغينه

هذا مع ما كان عليه من كمال العفة فقد افتتن به النساء ولم ينلن شيئًا. قال القسطلاني وقد تمسك القائل بنجاة أبويه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنهما ماتا قبل البعثة في زمن الفترة ولا تعذيب قبلها لقول الله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا" وقد أطبقت الأئمة الأشاعرة من أهل الأصول والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيًا اهـ.

قال

السيوطي هذا مذهب لا خلاف فيه بين الشافعية في الفقه والأشاعرة في الأصول اهـ.

وأما جده عبد المطلب فكان على الحنيفية والتوحيد وصدق بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبل بعثته لما رآه من الأدلة الدالة على رسالته. قال السهيلي إن عبد المطلب لم تبلغه الدعوة وجاءت أدلة كثيرة تشهد بأن عبد المطلب كان على الحنيفية والتوحيد اهـ.

ويؤيده ما ذكر في السيرة الحلبية عن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يبعث جده عبد المطلب في زي الملوك وأبهة الأشراف. ويؤيده أيضًا أنه كان يأمر بنيه بمكارم الأخلاق وكان يتحنث بغار حراء

ويطعم المساكين حتى كان يرفع للطير والوحوش في رءوس الجبال من مائدته وكان يقطع يد السارق ويفي بالنذر ويحرم الخمر على نفسه ويمنع من الزنا ومن نكاح المحارم وقتل الموءودة ومن الطواف بالبيت عريانًا، وكان يقول والله إن وراء هذه الدار دارًا يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب فيها المسيء بإساءته.

وروي عنه أخبار كثيرة تقتضي أنه عرف بها نبوة النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.

فمن ذلك أن قومًا من بني مدلج وهم القافة العارفون بالآثار والعلامات قالوا له في حقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم احتفظ به فإنا لم نر قدمًا أشبه بالقدم الذي في المقام منه "يعنون قدم إبراهيم عليه السلام"

ومن ذلك أن عبد المطلب كان يومًا في الحجر وكان معه عالم منا نصارى نجران فحدثه إنا نجد صفة نبي تقي من ولد إسماعيل وهذا البلد مولده ومن صفاته كذا وكذا فأتى برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فنظر إليه وإلى عينيه وإلى ظهره وقدميه فقال هو هو ما هذا منك؟ قال هذا ابني قال ما نجد أباه حيًا قال هو ابن ابني وقد مات أبوه وأمه حبلى به قال صدقت. قال عبد المطلب لبنيه تحفظوا بابن أخيكم ألا تسمعون ما يقال فيه.

ومنها ما ذكره ابن الجوزي من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أصابه رمد شديد سنة سبع من مولده فعولج في مكة فلم يفد العلاج فقيل لعبد المطلب إن في ناحية عكاظ راهبًا يعالج الأعين فركب إليه فناداه وديره مغلق فلم يجبه فتزلزل ديره حتى خاف أن يسقط عليه فخرج مبادرًا فقال يا عبد المطلب إن هذا الغلام نبي هذه الأمة ولو لم أخرج إليك لخرب على ديري فارجع به واحفظه لا يقتله بعض أهل الكتاب فعالجه وأعطاه ما يعالج به. وفي رواية أنّ الراهب

ص: 98

أخرج صحيفة وجعل ينظر إليها وإلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم قال هو والله خاتم النبيين ثم قال يا عبد المطلب هذا رمد قال نعم قال إن دواءه معه خذ من ريقه وضعه على عينيه فأخذ عبد المطلب من ريقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ووضعه على عينيه فبرئ لوقته.

ثم قال الراهب يا عبد المطلب وتالله هذا الذي أقسم على الله به فأبرئ المرضى وأشفي الأعين من الرمد.

ومنها ما رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي أن سيف بن ذي يزن الحميري لما ولي على الحبشة بعد مولد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بسنتين أتاه وفود العرب للتهنئة وكان من جملتهم وفد قريش وفيهم عبد المطلب فقام خطيبًا بين يدي الملك فقال الملك من أنت أيها المتكلم؟ قال عبد المطلب بن هاشم قال ابن أختنا ومرحبا وأهلًا ولكم الكرامة والعطاء وأقامهم عنده شهرًا. ثم أرسل إلى عبد المطلب وقال له يا عبد المطلب إني مفض إليك من سرّ علم لو غيرك يكون لم نبح له به، ولكن رأيتك معدنه فأطلعتلك طلعة "أي عليه" فليكن عندك مخبأ حتى يأذن الله عز وجل فيه: إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي ادّخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خيرًا عظيمًا وخطرًا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة فقال له عبد المطلب مثلك أيها الملك سرّ وبرّ فما هو؟ فداك أهل الوبر زمرًا بعد زمر. قال إذا ولد غلام بتهامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة. فقال له عبد المطلب أيها الملك أبت بخير آب بمثله وافد قوم ولولا هيبة الملك وإعظامه لسألته مما أزداد به سرورًا. فقال له الملك هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد اسمه محمَّد يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه. قد وجدناه مرارًا، والله باعثه جهارًا، وجاعل له منا أنصارًا يعزّ بهم أولياءه. ويذل بهم أعداءه، ويضرب بهم الناس جميعًا. ويستفتح بهم كرائم الأرض يعبد الرحمن، ويدحض الشيطان ويخمد النيران ويكسر الأوثان قوله فصل وحكمه عدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله اهـ

(إذا علمت هذا) تعلم أن آباءه صلى الله عليه وآله وسلم ناجون إما لأنهم كانوا على الملة القديمة ملة إبراهيم عليه السلام وإما لأنهم من أهل الفترة الذين لم يغيروا ولم يبدلوا.

فإن أهل الفترة أقسام ثلاثة. الأول من عرف الله ببصيرته وعقله فوحده بعبادته ولم يعبد الأوثان. الثاني من لم يشرك ولم يوحد ولا دخل في شريعة نبي من الأنبياء ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع دينًا بل بقي مدة عمره على غفلته وهذان القسمان غير معذبين. الثالث من غير وبدل وأشرك وشرع لنفسه وحرم وحلل وهذا هو المعذب في النار.

وهو محمل ما ورد من الأحاديث الدالة على تعذيب بعض أهل الفترة كحديث البخاريُّ ومسلم عن أبي هريرة رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار "أي أمعاءه" وكحديث مسلم رأيت صاحب المحجن في النار وصاحب المحجن هو الذي كان يسرق الحاج بمحجنه فإذا رآه أحد قال إنما تعلق بمحجني وإن

ص: 99

غفل عنه ذهب به. وعلى فرض عدم التفرقة بين أهل الفترة فيجاب عن هذه الأحاديث بأنها أخبار آحاد تفيد الظن فلا تعارض القطعي المفيد أنهم غير معذبين كقوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا" أو بأن التعذيب المذكور في الأحاديث خاص بهؤلاء المذكورين اتباعًا للوارد فلا يقاس عليهم غيرهم والله أعلم بالسبب الموقع لهم في العذاب وإن كنا لا نعلمه فالظن بآبائه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يكونوا من القسم الأوّل خصوصًا مع ما علمته من الأدلة الدالة على نجاتهما.

وعلى الجملة فالأولى ما ذكره بعض المحققين من أنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم

(قال الحلوانى في المواكب) القول بكفر أبويه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زلة عاقل نعوذ بالله من ذلك. فمن تفوه به فقد تعرض للكفر بإيذائه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. فقد جاء أن عكرمة بن أبي جهل اشتكي إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن الناس يسبون أباه فقال لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات رواه الطبراني ولا شك أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيّ يرزق في قبره تعرض عليه أعمالنا وإذا روعي عكرمة رضي الله عنه في أبيه بالنهي عما يتأذى به من سبه فسيد الخلق أولى وأوجب، كيف وقد جاء أن سبيعة وكأنها المعروفة بدرة بنت أبي لهب جاءت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت إن الناس يصيحون بي يقولون إني ابنة حطب النار فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو مغضب شديد الغضب فقال: ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي ألا ومن آذي نسبي وذوي رحمي فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله عز وجل

(وقد) سئل الإِمام أبو بكر بن العربي المالكي عن رجل قال إن أباه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في النار فأجاب بأنّه ملعون لآية "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة" ولا أذي أعظم من أن يقال إن أباه في النار اهـ

(ولذا) غضب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه غضبا شديدًا على كاتب له قال ذلك وهو يسمعه وعزله من دواوينه كلها كما ذكره أبو نعيم في الحلية

(وأما) ما قيل إن قوله تعالى "ولا تسأل عن أصحاب الجحيم" نزل في أبويه صلى الله تعالى وعلى آله وسلم فأثر ضعيف الإسناد فلا يعول عليه والمقطوع به أن الآية في كفار أهل الكتاب كسابقها ولاحقها

(ومما يؤيده) قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في آية "ولسوف يعطيك ربك فترضى" من رضا محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار أخرجه ابن جرير.

وخبر سألت ربي ألا يدخل النار أحد من أهل بيتى فأعطاني ذلك أخرجه ابن سعد. بل لو ورد دون ما قدمناه لكان فيه مقنع لمن منح أدنى توفيق فيجب اعتقاد ذلك.

بل قال العلامة السحيمي في شرحه على عبد السلام إنه يجب اعتقاد أن جميع

ص: 100

آباء الأنبياء وأمهاتهم مؤمنون وأنهم في الجنة مخلدون. وهذا هو الذي نعتقده ونلقى الله إن شاء الله تعالى عليه والحمد لله رب العالمين اهـ

(قوله فإنها تذكر بالموت) أي فإن القبور أو زيارتها تذكركم الموت فتزهدون في الدنيا وترغبون في الآخرة

(فقه الحديث) دل الحديث على مشروعية زيارة القبور ولو كانوا من أهل الفترة ولا سيما الأقارب لما فيها من صلة الرحم والاعتبار. وعلى جواز البكاء حال الزيارة بلا صوت ولا نوح وعلى مزيد شفقته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على والديه وقيامه بحقوقهما حق القيام

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه واليبهقي والحاكم وصححه هو والحازمي والثوري

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ نَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً".

(ش) رجال الحديث) (معرف) كمحمد (ابن واصل) السعدي الكوفي. روى عن أبي وائل وإبراهيم النخعي والشعبي والأعمش وجماعة. وعنه محمَّد بن مطرف ووكيع وابن مهدي وعبد الله بن صالح وطائفة. وثقه أحمد وابن معين والنسائيُّ وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه ولم يذكر فيه جرحًا. روى له مسلم وأبو داود (وابن بريدة) سليمان بن بريدة بن الخصيب

(معنى الحديث)

(قوله نهيتكم) كذا في رواية مسلم. وفي رواية للترمذى قد كنت نهيتكم ونهاهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أولًا لقرب عهدهم بالجاهلية فربما يتكلمون بما اعتادته الجاهلية من فحش القول فلما استقرت قواعد الإِسلام وتمهدت أحكامه واشتهرت معالمه أمرهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالزيارة مع مراعاة الآداب الشرعية حيث قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في رواية النسائي فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجرًا. بضم الهاء وسكون الجيم أي قولًا سوءًا

(قوله فزوروها) الأمر فيه للندب وعليه الجمهور للتعليل بعده. وادعى ابن حزم أنه للوجوب فقال بوجوب الزيارة وله مرة في العمر

(قوله فإن في زيارتها تذكرة) أي عظة وتذكرًا للموت واعتبارًا بما آل إليه أهل القبور. وفي رواية ابن ماجه من حديث ابن مسعود "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة" وفي رواية الحاكم من حديث أنس فزوروها فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ولا تقولوا هجرًا. وفي رواية الطبراني من حديث أم سلمة فزوروها فإن لكم فيها عبرة.

(وفي هذه)

ص: 101