المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٩

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب القيام للجنازة)

- ‌(باب الركوب في الجنازة)

- ‌(باب المشي أمام الجنازة)

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌(باب الصلاة على الجنازة في المسجد)

- ‌(باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم)

- ‌(باب أين يقوم الإِمام من الميت إذا صلى عليه)

- ‌باب ما يقرأ على الجنازة

- ‌(باب الدعاء للميت)

- ‌(باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم)

- ‌(باب في اللحد)

- ‌(باب كيف يجلس عند القبر)

- ‌(باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره)

- ‌(باب الرجل يموت له قرابة مشرك)

- ‌ إسلام أبي قحافة

- ‌(باب في تعميق القبر)

- ‌(باب تسوية القبر)

- ‌(باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف)

- ‌(باب كراهية الذبح عند القبر)

- ‌(باب الميت يصلي على قبره بعد حين)

- ‌(باب في كراهية القعود على القبر)

- ‌(باب المشي بين القبور بالنعل)

- ‌(باب تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث)

- ‌(باب في الثناء على الميت)

- ‌(باب في زيارة القبور)

- ‌(باب في زيارة النساء القبور)

- ‌(باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها)

- ‌(كتاب الزكاة)

- ‌باب

- ‌(باب ما تجب فيه الزكاة)

- ‌(باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلي)

- ‌(باب في زكاة السائمة)

- ‌(باب رضا المصدق)

- ‌(باب دعاء المصدق لأهل الصدقة)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(باب أين تصدق الأموال

- ‌(باب صدقة الرقيق)

- ‌(باب صدقة الزرع)

- ‌(باب زكاة العسل)

- ‌(باب في خرص العنب)

- ‌(باب في الخرص)

- ‌(باب متى يخرص التمر

- ‌(باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة)

- ‌(باب زكاة الفطر)

- ‌(باب متى تؤدى

- ‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر

- ‌(باب من روى نصف صاع من قمح)

- ‌(باب في تعجيل الزكاة)

- ‌(باب الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى)

- ‌(باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني)

- ‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

- ‌(باب كراهية المسألة)

- ‌(باب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(باب الفقير يهدي للغني من الصدقة)

- ‌(باب حق السائل)

- ‌(باب الصدقة على أهل الذمة)

- ‌(باب ما لا يجوز منعه)

- ‌ الشركة في الكلأ

- ‌(باب المسألة في المساجد)

- ‌(باب الرجل يخرج من ماله)

- ‌(باب المرأة تصدق من بيت زوجها)

الفصل: ‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر

وعند الحسن بن زياد لا يجوز تعجيلها أصلًا كالأضحية اهـ فإن أخرها عن صلاة العيد وأخرجها في يومه جاز له ذلك مع الكراهة كما يشعر بذلك قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" وإلى ذلك ذهبت الشافعية والحنابلة وعطاء وموسى بن وردان وإسحاق وهو قول للمالكية. والمعتمد عندهم أنه إذا أخرجها بعد صلاة العيد كان تاركًا للأفضل. وقال القاضي إذا أخرجها في بقية اليوم لم يكن فعل مكروهًا. وقالت الحنفية يجوز تأخيرها بدون كراهة. وقال ابن حزم يحرم تأخيرها عن صلاة العيد وتبقى في ذمته.

وأما تأخيرها عن يوم العيد فهو حرام عند المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة وأكثر العلماء لأنها زكاة واجبة فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في تأخير الصلاة عن وقتها. ويجب قضاؤها ولا تسقط بالتأخير عن يوم العيد خلافًا للحسن بن زياد من الحنفية وداود الظاهري فإنهما قالا تسقط بمضي يوم الفطر لأنها قربة اختصت بيوم العيد فتسقط بمضيه كالأضحية فإنها تسقط بمضي أيام النحر. ورد بأن هناك فرقًا بين الأضحية والزكاة فإن الأضحية غير معقولة المعنى فلا تكون قربة إلا في وقتها. أما الزكاة فإنها قربة مالية معقولة المعنى فلا تسقط إلا بالأداء. وحكي عن ابن سيرين والنخعي الرخصة في تأخيرها عن يوم العيد. وحكاه ابن المنذر عن أحمد اهـ من المغني وقال واتباع السنة أولى.

والراجح كراهة التأخير عن صلاة العيد وحرمته عن يومها مع لزوم القضاء

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وليس في حديثهم فعل ابن عمر. وأخرجه الدارقطني من عدة طرق

‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر

؟ )

أي في بيان مقدار ما يدفع فيها

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ نَا مَالِكٌ -وَقَرَاءَةً عَلَى مَالِكٍ أَيْضًا- عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا -قَالَ فِيهِ فِيمَا قَرَأَهُ عَلَيَّ مَالِكٌ- زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

(ش)(قوله حدثنا مالك الخ) أي أن الإمام مالكًا حدّث عبد الله بن مسلمة بهذا الحديث مرتين مرة بالتحديث من حفظه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فرض زكاة

ص: 222

الفطر صاعًا من تمر الخ. ومرة بقراءة عبد الله بن مسلمة على مالك قال فيه: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: زكاة الفطر من رمضان صاع من تمر الخ. وفي بعض النسخ وقرأه عليّ مالك بتشديد المثناة التحتية، والمعنى عليها أن مالكًا حدّث به عبد الله بن مسلمة مرة من حفظه ومرة قرأه عليه من كتابه

(قوله صاعًا) بالنصب بدل من زكاة المنصوب على المفعولية. وتمام هذه الرواية محذوف دل عليه ما في الرواية الثانية، وفي بعض النسخ إسقاط لفظ صاعًا في هذه الرواية، والصاع مكيال يسع أربعة أمداد باتفاق

(واختلف) العلماء في مقدار المد فقيل هو رطل وثلث بالعراقي وبه قال مالك والشافعي وأحمد وفقهاء الحجاز وأبو يوسف. وقيل رطلان وهو قول أبي حنيفة ومحمد وفقهاء العراق فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثًا على الأول وثمانية أرطال على الثاني. والرطل العراقي عند الحنفية ثلاثون ومائة درهم بالدرهم المتعارف. وإليه ذهب الرافعي من الشافعية. ورجح النووي أنه ثمانية وعشرون ومائة درهم وأربعة أسباع درهم. وهذا مذهب الحنابلة. وقالت المالكية هو ثمانية وعشرون ومائة درهم وتقدم في "باب ما يجزئ من الماء في الوضوء" من الجزء الأول، أدلة كل. وأن الخلاف في ذلك لفظي فمن قال إن الصاع خمسة أرطال وثلث اعتبره من التمر والشعير. ومن قال إنه ثمانية أرطال اعتبره من الماء كما يؤخذ من أدلة كل. فلا خلاف في مقدار المد والصاع. والاشتباه إنما جاء من عدم التقييد باختلاف المكيل بهما رزانة وخفة. فإن الماء أثقل من العدس وهو أثقل من الحلبة والفول وهما أثقل من البر والحمص وهما أثقل من الذرة وهي أثقل من التمر والشعير. فإن المد منهما يزن ثلاثة وسبعين ومائة درهم وثلثًا. ومن الذرة الصيفي خمسة وتسعين ومائة درهم وثلثًا. ومن الذرة الشامي اثنين ومائتي درهم وثلثًا. ومن البر والحمص ستة عشر ومائتي درهم. ومن القول والحلبة أربعة وعشرين ومائتي درهم. ومن العدس سبعة وعشرين ومائتي درهم. ومن الماء العذب الصافي أو المعين ستين ومائتي درهم. وعليه فالصاع من التمر والشعير يزن ثلاثة وتسعين وستمائة درهم وثلثًا وهي خمسة أرطال وثلث بالعراقي. والصاع من الماء المذكور يزن أربعين وألف درهم وهي ثمانية أرطال بالعراقي. وقد وزن القدح المصري فوجد أنه يسع من القمح 470 سبعين وأربعمائة درهم ومن الذرة الشامي 454 ونصف درهم ومن الشعير 370 ونصف درهم. أي أنه يسع مدّين وثمن مد تقريبًا وهذا إذا وضع الحب بلا زلزلة ولا دك ولا جنذة "أبي تقبيب" باليد فزيادة ثمن المد تقابل ما في الحب من الطين والتراب. فالقدح بحالته يساوى نصف الصاع. وأما ما في كتب المالكية من أن الصاع بالكيل المصري قدح وثلث قدح، ففيه شيء من التسامح حتى لو تمشينا على ما اشتهر عنهم من أن الدرهم الشرعي أقل في الوزن من العرفي. فإن الصاع على ما قالوه يسع من متوسط الشعير بالدرهم الشرعي 682 بضرب خمسة أرطال وثلث بالعراقي في مقدار الرطل

ص: 223

عندهم وهو "128 درهم" وهي بالدرهم العرفي 537 تقريبًا بضرب دراهم الأصل وهي (682) في مقدار الدرهم الشرس وهو (50.4) حبة من الشعير. وقسمة الحاصل على مقدار الدرهم العرفي وهو (64 حبة) ينتج 537 درهما عرفيًا تقريبًا. وتقدم أن القدح المصري يسع من الشعير 370 درهمًا ونصف درهم. فإذا قسم مقدار الصاع على مقدار القدح كان الخارج 1.45 أي قدح ونصف قدح تقريبًا. وما اشتهر في كتب الحنفية من أن الصاع قدحان وثلثا قدح فبني على أن الصاع ثمانية أرطال بالعراقي وأن الخلاف في وزنه حقيقي. وقد علمت أنه لفظي وأنه لا خلاف في أن صاع الفطرة خمسة أرطال وثلث بالعراقي

(قوله على كل حر أوعبد) ظاهره وجوب الزكاة على العبد نفسه وبه قال داود. وقال يجب على السيد تمكينه الكسب ليؤديها كما يجب عليه أن يمكنه من أداء بقية الفرائض. وقال الجمهور إن زكاة العبد على سيده تقدم للمصنف في "باب صدقة الرقيق" من حديث أبى هريرة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر في الرقيق، وظاهر الحديث أيضًا وجوب الزكاة وإن كان العبد مكاتبًا أو مدبرًا وبه قالت المالكية. وقالت الحنفية والشافعية والحنابلة زكاة المكاتب على نفسه لعدم ولاية السيد عليه ولوجوب نفقته على نفسه

(قوله ذكر أو أنثى) ظاهره وجوب الزكاة عل نفس المرأة وإن كان لها زوج، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن المنذر. وقال مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق تجب على زوجها تبعًا لنفقتها

(قوله من المسلمين) فيه دلالة على اشتراط الإِسلام فيمن تجب عليه زكاة الفطر. فلا تجب علي الكافر وهو متفق عليه، واختلف هل تجب على السفر في عبده المسلم؟ فقال أكثر أهل العلم لا تجب عليه. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا صدقة على الذمي في عبده المسلم لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الحديث من المسلمين. ولأنه كافر فلا تجب عليه الفطرة كسائر الكفار لأن الفطرة زكاة فلا تجب علي الكافر كزكاة المال اهـ

وحكي عن أحمد أن على الكافر إخراج صدقة الفطر عن عبده المسلم. وهي رواية للشافعية. ووجه بأن العبد من أهل الطهرة فوجب أن تؤدي عنه زكاة الفطر كما لو كان سنده مسلمًا.

واختلف أيضًا هل تجب على المسلم عن عبده الكافر؟ فذهب الجهور إلى أنها لا تجب أخذًا بظاهر الحديث. وذهبت الحنفية إلى أنها تجب على سيده المسلم وهو قول عطاء والثوري وابن المبارك والنخعي وإسحاق لما رواه الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون: قال الدارقطني والصواب أنه موقوف اهـ وفي إسناده القاسم بن عبد الله وليس بالقوى. وسيأتي نحوه للمصنف.

واستدلوا أيضًا بما تقدم للمصنف عن أبي هريرة من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر. قالوا والعبد أعمّ من كونه مسلمًا أو كافرًا.

ص: 224

ولأن وجوب الصدقة متعلق بالسيد، ولا يشترط فيه إسلام العبد، بل الشرط إسلامه فقط. ورد بأن عموم العبد في هذه الأحاديث يخصصه حديث الباب. وما رواه مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حرّ أو عبد (الحديث) فهذا صريح في أن العبد لا بد فيه من الإسلام وإن كان المؤدي عنه سيده

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارقطني والترمذي وقال حديث حسن صحيح

(ص) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا فَذَكَرَ بِمَعْنَى مَالِكٍ زَادَ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.

(ش)(رجال الحديث)(يحيي بن محمد بن السكن) بن حبيب أبو عبيد الله أو أبو عبيد البصري البزاز. روى عن معاذ بن هشام وحبان بن هلال وروح بن عبادة ومحمد ابن جهضم وغيرها. وعنه البخاري وأبو داود والنسائي والبزار وابن خزيمة وغيرها. وثقه النسائي وابن حبان. وقال صالح بن محمد لا بأس به. وقال مسلمة صدوق. روى له البخاري وأبو داود والنسائي.

و(عمر بن نافع) العدوي المدني مولى ابن عمر. روى عن أبيه والقاسم بن محمد بن أبي بكر. وعنه مالك وعبيد الله بن عمر وعثمان بن عثمان الغطفاني وغيرهم وثقه أحمد والنسائي وابن حبان وقال ابن عدي وابن معين وأبو حاتم ليس به بأس. وقال ابن سعد كان ثبتًا قليل الحديث ولا يحتجون بحديثه. مات بالمدينة في خلافة أبي جعفر المنصور. روى له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه

(المعنى)

(قوله فذكر بمعنى مالك الخ) أي ذكر عمر بن نافع بسنده معنى حديث مالك السابق وزاد في روايته: والصغير والكبير الخ

(وساق لفظه) البخاري والنسائي والدارقطني عن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير علي الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة

(قوله وأمر بها أن تؤدي الخ) أي أمر النبيّ صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أن تؤدى زكاة الفطر قبل صلاة العيد لإغناء الفقير عن السؤال الذي ربما يشغله عن صلاة العيد. وهذا الأمر للاستحباب عند الجمهور وللوجوب عند ابن حزم

ص: 225

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ

(ش) أي روى هذا الحديث عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر. وقال في روايته فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زكاة الفطر على كل مسلم

(وهذه الرواية) أخرجها الدارقطني قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسيّ ثنا يحيي بن أبى طالب ثنا عبد الوهاب ثنا عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم صدقة الفطر على كل مسلم حر أو عبد ذكر أو أنثى صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير

(ص) وَرَوَاهُ سَعِيدٌ الْجُمَحِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

(ش) أي روى الَحدَيث سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر بن نافع وقال في آخر روايته من المسلمين

(وهذه الرواية) أخرجها الدارقطني والحاكم وصححها بسندهما إلى يحيى بن صبيح قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من بر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثي من المسلمين

(قوله والمشهور عن عبيد الله الخ) أي الذي اشتهر من رواية عبيد الله المذكور أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فرض زكاة الفطر. الحديث. وليس فيه قوله من المسلمين

(وممن رواه) عن عبيد الله بدون قوله "من المسلمين" عبد الله بن نمير وأبو أسامة كما في رواية لمسلم. وقد "ذكر" المصنف بعد "جماعة" ممن رووه عن عبيد الله بدون قوله من المسلمين

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَاهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ح وَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا أَبَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ زَادَ مُوسَى وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى.

(ش)(قوله حدثاهم) أي حدثا مسددًا ومن معه من التلاميذ. و (أبان) بن يزيد العطار

(قوله زاد موسى) أي زاد موسى بن إسماعيل في روايته قوله والذكر والأنثى

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ فِيهِ أَيُّوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ -يَعْنِي الْعُمَرِيَّ- فِي حَدِيثِهِمَا عَنْ

ص: 226

نَافِعٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. أَيْضًا.

(ش) أي زاد أيوب السختياني وعبد الله بن عمر العمري في حديثما أيضًا لفظ ذكر أو أنثى. وهو يفيد التعميم في فرض الصدقة

(ورواية أيوب) أخرجها البخاري ومسلم والدارقطني بالسند إلى أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فرض على الذكر والأنثى والحر والعبد صدقة رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من طعام

(ورواية العمري) أخرجها الدارقطني كما تقدم. والحاصل أن حديث ابن عمر هذا قد اشتهر من طريق مالك عن نافع بزيادة قوله من المسلمين حتى قال أبو قلابة: ليس أحد يقول من المسلمين غير مالك اهـ

لكن تابع مالكًا على هذه الزيادة جماعة من الثقات. منهم من ذكرهم المصنف. ومنهم الضحاك بن عثمان كما في رواية لمسلم والدارقطني. ومنهم كثير بن فرقد كما في رواية للدارقطنى والحاكم. ومنهم المعلى بن إسماعيل كما في رواية ابن حبان. ومنهم يونس بن يزيد كما في رواية الطحاوي في مشكل الآثار

(ومن هذا) تعلم أن الراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن العبد الكافر المملوك لمسلم لا يجب على سيده زكاة فطره "وما رواه" الدارقطني من طريق سلام الطويل عن زيد العميّ عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: صدقة الفطر عن كل صغير وكبير ذكر وأنثى يهودى أو نصرانيّ. الحديث "فضعيف" لا يصلح للاحتجاج به لأن فيه سلامًا الطويل. قال الدارقطني متروك الحديث ولم يسنده غيره. ورواه ابن الجوزي في الموضوعات وقال: زيادة اليهوديّ والنصرانيّ فيه موضوعة تفرد بها سلام الطويل

"وما رواه" الدارقطني أيضًا من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخرج صدقة الفطر عن كل حر وعبد صغير وكبير ذكر وأنثى كافر ومسلم حتى إن كان ليخرج عن مكاتبيه من غلمانه "فضعيف" أيضًا لأن عثمان بن عبد الرحمن متروك كما قاله الدارقطني. وكل ما جاء من الأحاديث الدالة على أن العبد الكافر المملوك لمسلم تجب عليه زكاة فطره لا يصلح منها شئ للاحتجاج به

(ص) حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ نَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ زَبِيبٍ. قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رحمه الله وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ جَعَلَ عُمَرُ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ

ص: 227

مَكَانَ صَاعٍ مِنْ تِلْكَ الأَشْيَاءِ.

(ش)(زائدة) بن قدامة

(قوله أو سلت) بضم المهملة وسكون اللام نوع من الشعير ليس له قشر كأنه الحنطة. وقيل هو حب بين الحنطة والشعير فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته

(فقه الحديث) دل الحديث على مشروعية إخراج زكاة الفطر من الأصناف المذكورة وعلى أنها من هذه الأصناف صاع ومن البر نصف صاع. وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الباب الآتي إن شاء الله تعالى

(والحديث) أخرجه الدارقطني بتمامه. وأخرجه النسائي مختصرًا لم يذكر فيه ما حكي عن عمر. وفي إسناده عبد العزيز بن أبي رواد، وقد ضعفه قوم ووثقه آخرون، وهم أعرف ممن ضعفه وقد أخرج له البخاري استشهادًا. وقال الحافظ في تهذيب التهذيب قال يحيى بن القطان عبد العزيز ثقة في الحديث ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ قَالَا نَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَعَدَلَ النَّاسُ بَعْدُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْطِي التَّمْرَ فَأَعْوَزَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ عَامًا فَأَعْطَى الشَّعِيرَ.

(ش)(حماد) بن زيد. و (أيوب) السختياني

(قوله قال قال عبد الله الخ) أي قال نافع قال عبد الله بن عمر بعد قوله: فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير فعدل الناس إلى إخراج نصف صاع من بر بعد أن كانوا يخرجون صاعًا من غيره، فقد أخرج النسائي والترمذي الحديث من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير قال: فعدل الناس إلى نصف صاع من بر

(قوله فعدل الناس الخ) بالتخفيف أي "سوّى" الناس بعد ما جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من غيره "نصف" الصاع من القمح بالصاع من غيره لما رأوا من استوائهما في المنفعة والقيمة. ولعلهم قاسوا لعدم وقوفهم على نص من النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الاكتفاء بنصف صاع من قمح وإلا لما احتاجوا إلى القياس. وسيأتي في الباب الآتي ما ثبت عن الرسول صلى الله تعالى عليه

ص: 228

وعلى آله وسلم في ذلك

(قوله وكان عبد الله الخ) أي قال نافع كان عبد الله بن عمر يخرج صدقة الفطر صاعًا من تمر. وفي رواية مالك في الموطأ عن نافع كان ابن عمر لا يخرج إلا التمر في زكاة الفطر إلا مرة واحدة فإنه أخرج شعيرًا

(قوله فأعوز أهل المدينة التمر) أي أعجزهم الحصول عليه. يقال أعوزني المطلوب مثل أعجزني لفظًا ومعنى. ويقال أعوزني الشيء إذا احتجت إليه فلم أقدر عليه. فأهل منصوب على المفعولية والتمر مرفوع على الفاعلية

(وفيه دلالة) على أنهم كانوا يخرجون أجود الأصناف في الزكاة. وعلى أن التمر كان أجود الأصناف عندهم

(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم والنسائي. وأخرجه البخاري عن نافع عن ابن عمر قال. فرض النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير فعدل الناس به نصف صاع من بر. فكان ابن عمر يعطي التمر فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيرًا. فكان ابن عمر يعطي على الصغير والكبير حتى إن كان يعطي عن بنيّ. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ نَا دَاوُدُ -يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ- عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ.

(ش)(قوله إذ كان فينا رسول الله) فيه إشعار بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان عالمًا بما كانوا يخرجونه في الزكاة وأقرهم عليه فهو مرفوع حكمًا

(قوله زكاة الفطر) وفي بعض النسخ صدقة الفطر

(قوله صاعًا من طعام الخ) الطعام في الأصل عام في كل ما يقتات من الحنطة والتمر والشعير وغير ذلك كذا في النهاية. وعليه فعطف ما بعده عليه من عطف

ص: 229

الخاص على العام. وقال الخطابي: زعم بعضهم أن الطعام اسم خاص للبر قال: ويدل على صحة ذلك أنه قد ذكر في الخبر الأقط والشعير والتمر والزبيب وهي أقواتهم التى كانوا يقتاتونها ولم يذكر الحنطة وكانت أغلاها وأفضلها، فلولا أنه أرادها بقوله صاعًا من طعام لذكرها عند التفصيل كما ذكر غيرها من الأقوات اهـ

وقال في الفتح وقال هو (يعني الخطابي) وغيره وقد كانت لفظة الطعام تستعمل في الحنطة عند الإطلاق حتى إذا قيل اذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق القمح. وإذا غلب العرف نزّل اللفظ عليه لأن ما غلب استعمال اللفظ فيه كان خطوره عند الإطلاق أقرب اهـ

وعليه فالطعام في الحديث خاص بالقمح. قال في الفتح وقد رده ابن المنذر فقال: ظن بعض أصحابنا أن قوله في حديث أبى سعيد صاعًا من طعام حجة لمن قال صاعًا من طعام حنطة وهذا غلط منه. فإن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره بما أورده البخاري من طريق حفص بن ميسرة أن أبا سعيد قال: كنا نخرج في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوم الفطر صاعًا من طعام. وقال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر اهـ بتصرف.

وقال في سبل السلام: والقول بأن أبا سعيد أراد بالطعام الحنطة في حديثه غير صحيح اهـ فالظاهر أن لفظ الطعام في الحديث أعم من الحنطة بل "قوله" في رواية أخرى للطحاوي وغيره فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: أرى أن مدامن هذا يعدل مدّين "دليل" على أن الحنطة لم تكن لهم قوتًا قبل هذا: فكيف يتوهم أنهم أخرجوا ما لم يكن موجودًا؟

(قوله أو صاعًا من أقط) بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن مع فتح الههمزة وكسرها هو لبن مجفف يابس غير منزوع الزبد وهو "الكشك". وفي إجزائه في زكاة الفطرخلاف: فظاهر الحديث يدل على جوازه وبه قال مالك. وذهب الحنفيون إلى أنه لا يجزئ إلا باعتبار القيمة لأنه غير منصوص عليه في وجه يوثق به وجواز ما ليس بمنصوص عليه لا يكون إلا باعتبار القيمة. وقال الشافعي لا أحب أن يخرج الأقط فإن أخرج صاعًا من أقط لم يتبين لي أن عليه الإعادة

(قوله حتى جاء معاوية الخ) وكان يومئذ خليفة كما في رواية ابن خزيمة

(قوله إلى أرى أن مدّين من سمراء الشام الخ) يعني بها القمح. وهو اجتهاد من معاوية. وتمسك به من قال إن مقدار الزكاة من البر نصف صاع قال "ولا يقال" إنه قول صحابي وقد خالفه أبو سعيد وهو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لأنه قد وافقه" على ذلك غيره من الصحابة كما أشار لذلك بقوله فأخذ الناس بذلك. والناس عام فكان إجماعًا، ولا تضر مخالفة أبي سعيد في ذلك لأنها حكاية عن فعله فلا تدل على الوجوب. على أن لفظ المروي عنه قال: كنت أخرج على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صاعًا من طعام صاعًا من تمر صاعًا من شعير. فيجعل قوله صاعًا من تمر صاعًا من شعير تفسيرًا لقوله صاعًا من طعام. وسيأتي تمام الكلام في الباب بعد

(قوله

ص: 230

فأما أنا فلا أزال أخرجه الخ) أي لا أزال أخرج من القمح صاعًا كاملًا مدة حياتي. وفي واية لمسلم لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعنى به الصاع كاملًا

(فقه الحديث) دل الحديث على جواز إخراج الزكاة من هذه الأصناف المذكورة في الحديث. وعلى ما كان عليه أبو سعيد من شدة الاتباع والتمسك بآثار النبي صلى الله تعالى عليه وعل آله وسلم وترك العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارقطني وابن خزيمه والطحاوي

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدَةُ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِمَعْنَاهُ وَذَكَرَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ. وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ.

(ش)(الرجال)(عبد الله بن عبد الله بن عثمان الخ) روى عن عياض بن عبد الله بن سعد وعمر بن عبد العزيز ومكحول. وعنه يزيد بن أبي حبيب ومحمد بن اسحاق وعبد الله بن عامر الأسلمي. روى له النسائي وأبو داود هذا الحديث فقط. قال في التقريب مقبول من السادسة

و(عياض) بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح تقدم بالرابع صفحة 100

(المعنى)

(قوله رواه ابن علية وعبدة الخ) أي روى الحديث المذكور إسماعيل بن علية وعبدة بن سلمان عن محمد ابن إسحاق الخ بمعنى حديث داود بن قيس السابق. وذكر رجل "هو يعقوب بن إبراهيم الدورقي" في الحديث من رواية ابن علية قوله أو صاع حنطة. لكن ذكر الحنطة غير محفوظ كما قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم اهـ

(ورواية ابن علية) أخرجها الدارقطني والحاكم من طريق يعقوب الدورقي قال: ثنا ابن علية عن محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال: قال أبو سعيد وذكروا عنده صدقة رمضان فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صاعًا من تمر أو صاعًا من حنطة أو صاعًا من شعير أو صاعًا من أقط فقال له رجل من القوم: أو مدّين من قمح. فقال لا تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها اهـ وقول الرجل أو مدّين من قمح قال على أن ذكر الحنطة في الحديث خطأ إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون من الحنطة في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله

ص: 231

وسلم لما قال الرجل هذا القول

(قوله أو صاع حنطة) وفي بعض النسخ أو صاعًا من حنطة

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا إِسْمَاعِيلُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ.

(ش) أي ليس في حديث مسدد عن إسماعيل بن علية ذكر الحنطة. وأشار المصنف بهذا إلى تضعيف ذكر الحنطة في الرواية المتقدمة. لأن ابن علية قد اختلف عليه فيه. فرواه عنه مسدد ولم يذكر فيه الحنطة. ورواه عنه يعقوب الدورقي وذكر فيه الحنطة وقد تقدم أن فيه ما يدل على أن ذكرها خطأ. ومسدد حافظ يعتمد على روايته

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ "نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ". وَهُوَ وَهَمٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ أَوْ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ.

(ش) أي ذكر معاوية بن هشام في حديث أبي سعيد بسنده المذكور نصف صاع من بر بدل قوله صاعًا من طعام وهو غلط من معاوية أو ممن روى عنه

(والمحفوظ عن الثوري) ما أخرجه الطحاوي قال: حدثنا علي بن شيبة ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نعطي زكاة الفطر من رمضان صاعًا من طعام أو صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من أقط. وأخرج الطحاوي أيضًا نحوه من طريق مالك عن زيد بن أسلم. وزاد فيه أو صاعًا من زبيب

(ص) حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى أَنَا سُفْيَانُ ح وَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَ عِيَاضًا قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ لَا أُخْرِجُ أَبَدًا إِلَاّ صَاعًا إِنَّا كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَاعَ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ أَقِطٍ أَوْ زَبِيبٍ. هَذَا حَدِيثُ يَحْيَى. زَادَ سُفْيَانُ أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ قَالَ حَامِدٌ فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهَمٌ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

(ش)(سفيان) بن عيينة. و (يحيى) القطان. و (ابن عجلان) محمد

(قوله لا أخرج أبدًا إلا صاعًا) يعني من بر أو غيره. وغرض أبي سعيد بذلك بيان أنه لا يوافق معاوية على

ص: 232

ما رآه من إجزاء نصف صاع من قمح. وكأنه قاس البر على غيره فلذا قال: إنا كنا نخرج على عهد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صاع تمر الخ. ولم يثبت لديه ما ورد في كفاية نصف صاع من بر الذي سيأتي في الباب بعد

(قوله صاع تمر) وفى نسخة صاعًا من تمر

(قوله زاد سفيان أو صاعًا من دقيق) أى زاد سفيان بن عيينة في روايته على ما ذكر من الأصناف أو صاعًا من دقيق

(قوله قال حامد فأنكروا عليه الخ) وفى بعض النسخ فأنكروا عليه الدقيق. أى قال حامد ابن يحيى أحد شيخي المصنف: فأنكر المحدثون على سفيان زيادة الدقيق في الحديث، فتركه من حديثه.

قال المصنف فزيادة الدقيق غلط من ابن عيينة: وقال البيهقى. رواه جماعة عن ابن عجلان منهم حاتم بن إسماعيل. ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح. ويحيى القطان وأبو خالد الأحمر وحماد بن مسعدة وغيرهم فلم يذكر أحد منهم الدقيق غير سفيان وقد أنكروا عليه فتركه اهـ

لكن رواه الدارقطني بهذه الزيادة عن سفيان فقال: حدثنا إبراهيم بن حماد ثنا عباس بن يزيد ثنا سفيان بن عيينة ثنا ابن عجلان عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: ما أخرجنا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا صاعًا من دقيق أو صاعًا من تمر أو صاعًا من سلت أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من شعير أو صاعًا من أقط. قال أبو الفضل فقال له "أى لسفيان" عليّ بن المديني وهو معنا: يا أبا محمد أحد لا يذكر في هذا الدقيق، فقال بل هو فيه وأبو الفضل العباس بن يزيد. ورواه أيضًا ابن عيينة من طريق سعيد بن الأزهر وذكر فيه الدقيق. ورواه النسائى من طريق محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان عن ابن عجلان قال سمعت عياض بن عبد الله يخبر عن أبى سعيد الخدري قال: لم نخرج على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من زييب أو صاعًا من دقيق أو صاعًا من أقط أو صاعًا من سلت ثم شك سفيان فقال دقيق أو سلت اهـ

والظاهر أن سفيان كان يروي الدقيق في الأصناف التى تخرج منها زكاة الفطر فلما أنكر عليه تركه.

(وروايات الباب) تدل على أن الواجب في صدقة الفطر من الأجناس المذكورة صاع لا فرق بين البر والزبيب وغيرهما. وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأصحابه وإسحاق والحسن البصرى والهادي والقاسم، وهو قول أبي سعيد وأبي العالية وجابر بن زيد. وقال أبو حنيفة وأصحابه وزيد بن على يجزئ فيها نصف صاع من بر وصاع من غيره. وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وابن عباس وابن الزبير، واستدلوا بأحاديث الباب الآتي، وبما تقدم من جمع الناس على رأى معاوية. والناس إذ ذاك الصحابة والتابعون، فلو كان عندهم عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تقدير الحنطة بصاع لم يسكتوا ولم يعوّلوا على رأي معاوية إذ لا يعوّل على الرأي المعارض للنصّ. واستدلوا أيضًا بما رواه الدارقطني من حديث عمرو بن

ص: 233

شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر صارخًا بمكة إن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر أو مملوك حاضر أو باد مدّان من قمح أو صاع من شعير أو صاع من تمر.

قالوا "والأحاديث" الدالة على إخراج صاع من بر "غير ثابتة". وعلى فرض ثبوتها فهي محمولة على أن الزائد على نصف الصاع كان تبرعًا لا على سبيل الإلزام جمعًا بين الأحاديث، لما رواه الطحاوي من طريق حماد عن يونس عن الحسن أن مروان بعث إلى أبي سعيد أن أبعث إليّ بزكاة رقيقك، فقال أبو سعيد للرسول إن مروان لا يعلم، إنما علينا أن نعطي لكل رأس عند كل فطر صاعًا من تمر أو نصف صاع من بر.

قال الطحاوي: فهذا أبو سعيد قد أخبر في هذا بما عليه في زكاة الفطر عن عبيده. فدلّ على أن ما روي عنه مما زاد على ذلك كان اختيارًا منه ولم يكن فرضًا اهـ.

وهذا هو الراجح لاتفاق الصحابة والتابعين في عهد معاوية عليه ولأنه لم يثبت التصريح بصاع من البر في حديث صحيح. وروى عن أبي حنيفة أنه قال: يكفي من الزبيب نصف صاع كالحنطة. لكنه مردود بأحاديث الباب ونحوها الدالة على أن الزبيب لا يكفي منه إلا صاع، ولذا اختاره أبو يوسف ومحمد وبه يفتي عندهم. وهو رواية عن أبي حنيفة أيضًا. وخالف الحسن البصري في الأقط فقال لا يجزئ إخراجه في الفطرة. وقال أبو حنيفة وأصحابه يعتبر فيه القيمه فلا يكفي منه في الفطرة إلا ما بلغت قيمته نصف صاع من بر أو صاعًا من تمر أو شعير. وظاهر الأحاديث يردّ عليهم. وزعم الماوردي من الشافعية أن الأقط يجزئ عن أهل البادية دون أهل الحاضرة. ولا دليل له على هذه التفرقة قال النووي في المجموع: وهذا الذي قاله شاذ فاسد مردود وحديث أبي سعيد صريح في إبطاله وإن كان قد تأوله على أنه كان في البادية وهذا تأويل باطل. ثم المذهب الذي قطع به الجماهير أنه لا فرق في إجزاء الأقط بين أهل البادية والحضر اهـ

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني وقال أبو الخطاب لا يجزئ إخراج الأقط مع القدرة على ما سواه في إحدى الروايتين. وظاهر الحديث يدل على خلافه اهـ

وبظاهر الحديث أخذ مالك كما تقدم صفحة 230 (وأخذ) من رواية سفيان جواز إخراج الدقيق في الزكاة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأحمد. وهي وإن كان فيها مقال إلا أنها اعتضدت بروايات أخر. منها ما أخرجه الحاكم والدارقطني من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال: خطبنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال "من كان عنده طعام فليتصدق بصاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر أو صاع من دقيق أو صاع من زبيب أو صاع من سلت" قال الدارقطني سليمان ابن أرقم متروك الحديث. وقالوا أيضًا يجوز إخراج السويق لما رواه ابن خزيمة من حديث ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن تؤدي زكاة رمضان صاعًا من طعام عن الصغير والكبير والحر والمملوك. من أدى سلتا

ص: 234