الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانوا يعقرون الإبل أو البقر علي قبر الرجل الجواد ويقولون نكافئه علي فعله فإنه كان يطعم الضيفان في حياته فنعقرها بعد وفاته لتأكلها الطير والسباع ليكون جوادًا بعد وفاته كما كان حال حياته. ومن كان من الجاهلية يقر بالبعث بعد الموت يقول من عقرت له راحلته حشر يوم القيامة راكبًا ومن لم يعقر له حشر راجلًا أفاده الخطابي:
ومنه تعلم أن ما يفعله كثير من أهل زماننا من ذلك ليس له أصل في الدين وإنما هو بدعة مذمومة. قال في المدخل وليحذر من هذه البدعة التي يفعلها بعضهم وهي أنهم يحملون أمام الجنازة مع الحاملين في الأقفاص الخرفان والخبز ويسمون ذلك بعشاء القبر فإذا أتوا إلى القبر ذبحوا ما أتوا به بعد الدفن وفرقوه مع الخبز ويقع بسبب ذلك مزاحمة وضرب، ويأخذ ذلك من لا يستحقه ويحرمه المستحق في الغالب وذلك مخالف للسنة من وجوه
(الأول) أن ذلك من فعل الجاهلية لما رواه أبو داود عن أنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه قال "لا عقر في الإِسلام" والعقر الذبح عند القبر
(الثاني) ما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر لأن السنة في أفعال القرب الإسرار بها دون الجهر فهو أسلم. والمشي بذلك أمام الجنازة جمع بين إظهار الصدقة والرياء والسمعة والمباهاة والفخر ولو تصدق بذلك في البيت سرًا لكان عملًا صالحًا لو سلم من البدعة أعنى أن يتخذ ذلك سنة أو عادة لأنه لم يكن من فعل من مضى والخير كله في اتباعهم رضي الله تعالى عنهم اهـ بحذف
(قوله يعني ببقرة أو بشيء) هكذا في أكثر النسخ، وفي بعضها يعني بقرة أو شيئًا وهي رواية البيهقي، وفي بعضها بقرة أو شاء، وفي بعضها شاة، والفرق بينها أن المراد بالشيء ما يذبح من الحيوانات غير البقر فهو أعم من الشاة والشاء والفرق بين الأخيرين أن الأول اسم للواحد من الشياه والثاني اسم لمجمع منها.
(والحديث) يدل على تحريم الذبح عند القبر: وعلى ذم التشبه بالجاهلية
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي
(باب الميت يصلي على قبره بعد حين)
وفي نسخة "باب الصلاة على القبر بعد حين"
(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
(ش)(أبو الخير) مرثد بن عبد الله المصري تقدم بالثالث صفحة 341
(قوله صلى على أهل أحد الخ) وكانت صلاته صلى الله عليه وآله ومحمَّد لم عليهم بعد وفاتهم بثمان سنين كما في الرواية
بعد: وقوله صلاته على الميت أي كصلاته علي الجنازة (وهو بظاهره) يدل على أن النبي صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى على أهل أحد صلاة الجنازة بعد هذه المدة، فيكون الحديث من أدلة من قال بجواز الصلاة على الشهداء وحجة لمن قال بجواز الصلاة على القبر، ويحتمل أنه أراد بالصلاة الدعاء الشبيه بدعاء صلاة الجنازة
(قال ابن حبان) في صحيحه المراد بالصلاة في هذا الحديث الدعاء إذ لو كان المراد حقيقة الصلاة للزم من يقول بها أن تجوز الصلاة على الميت بعد دفنه بسنين، فإن وقعة أحد كانت في سنة ثلاث من الهجرة وهذه الصلاة كانت حين خروجه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الدنيا بعد وقعة أحد بسبع سنين وهو لا يقول بذلك اهـ
وعلى هذا فلا يكون الحديث حجة لمن ذكر وتقدم بسط الكلام على هذا في "باب الشهيد يغسل"
(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم عن قتيبة، وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق سعيد بن شرحبيل عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرطكم وأنا شهيد عليكم إني والله لأنظر الآن إلى حوضي وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها
(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ.
(ش)(ابن المبارك) عبد الله
(قوله بهذا الحديث) أي حدث حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب بحديث الليث بن سعد عنه وزاد ابن شريح في روايته قوله بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات، وفي بعض النسخ بعد ثماني سنين بإثبات الياء.
وقد بين ما يشعر بتوديعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في رواية البيهقي من طريق زكريا بن عدي قال أنبأنا ابن المبارك عن حيوة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة هو ابن عامر قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع على المنبر فقال إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وموعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها قال فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى
آله وسلم "يعني يخطب الناس على المنبر"
(فقه الحديث) دل الحديث على مشروعية الصلاة علي الشهيد في قبره بعد حين، وقد علمت ما فيه. وعلي مزيد فضل قتلى أحد. وعلى أنه ينبغي للرءيس إذا استشعر بدنو أجله أن ينصح المرءوسين بما فيه سعادتهم
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري في غزوة أحد. ومسلم في فضائل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. والبيهقي بلفظ تقدم
(باب البناء على القبر)
وفي بعض النسخ باب في البناء على القبر
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يُقْعَدَ عَلَى الْقَبْرِ وَأَنْ يُقَصَّصَ وَيُبْنَى عَلَيْهِ.
(ش)(عبد الرزاق) بن همام. و (ابن جريح) عبد الملك بن عبد العزيز. و (أبو الزبير) محمَّد ابن مسلم بن تدرس
(قوله نهى أن يقعد على القبر) بالبناء للمفعول، ويأتي الكلام على القعود على القبر في الباب الآتي
(قوله وأن يقصص) بقاف وصادين مهملتين أي يطلى بالقصة بفتح القاف تشديد المهملة أي الجص وهو المعروف بالجير. وظاهر النهي التحريم فيكون تجصيص القبور حرامًا. وبه قال ابن حزم. وقالت الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد وداود وكثيرون إنه مكروه حملا للنهي على الكراهة. لكن لم نقف لهم على صارف للنهي عن التحريم. ولعل حكمة النهي أن القبر للبلى لا للبقاء أو أن ذلك من زينة الدنيا ولا حاجة للميت إليها.
أما تطيينه فقال الحسن البصري والشافعي وأحمد لا بأس به لئلا ينطمس وحكي هذا في البحر عن الهادي والقاسم. وقال مالك يكره ما لم يتوقف منع الرائحة علي تطيينه وإلا جاز. وعند أبي حنيفة وأصحابه لا يكره على المختار
(قوله ويبنى عليه) أي نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن البناء على القبر. قال التوربشتي البناء يحتمل وجهين البناء على القبر بالحجارة أو ما يجري مجراها والآخر أن يضرب عليها خباء ونحوه وكلاهما منهي عنه اهـ.
وفيه دلالة على تحريم البناء على القبور على ظاهر النهي. وبه جزم ابن حزم. وفصل الشافعي وأصحابه وكذا الحنابلة في الأصح عندهم فقالوا إن كان البناء في ملك الباني فمكروه وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام. قال النووي قال أصحابنا ويهدم هذا البناء بلا خلاف. وقالت الحنفية يحرم إن كان للزينة ويكره إن كان للإحكام. وقال في الأزهار النهي عن البناء للكراهة إن كان في ملكه وللحرمة في المقبرة المسبلة ويجب الهدم
وإن كان مسجدًا اهـ.
وقالت المالكية يكره البناء على القبر نفسه أو تحويز عليه ولو بلا قبة إن كان بأرض مباحة بملك للميت أو ملك غيره بإذنه أو أرض موات إذا لم يكن مباهي به فإن كان بأرض غير مباحة بأن كانت موقوفة للدفن مثل قرافة مصر أو فعل ذلك للمباهاة لكونه كان كبيرًا حرم لما فيه من التحجير على ما هو حق لعموم المسلمين ولأنه من الإعجاب والكبر المنهي عنهما، وكذا يحرم البناء والتحويز إذا كان ذريعة لإيواء أهل الفساد قالوا ومن الضلال المجمع عليه أن كثيرًا من الأغنياء يبنون أسبلة ومدارس ومساجد وينبشون الأموات ويجعلون محلها الأكنفة ويزعمون أنهم فعلوا الخيرات كلا. ما فعلوا إلا المهلكات.
قال الحطاب الموقوف كالقرافة التي بمصر لا يجوز فيها البناء مطلقًا، ويجب على ولي الأمر أن يأمر بهدمها اهـ وقال في المدخل البناء في القبور غير منهي عنه إذا كان في ملك الإنسان لنفسه، وأما إذا كانت مرصدة فلا يحل البناء فيها. ثم ذكر أنا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل القرافة بمصر لدفن موتى المسلمين واستقر الأمر على ذلك وأن البناء بها ممنوع، وذكر عن بعض الثقات أنه أخبره أن السلطان الظاهر أمر باستفتاء العلماء في زمنه في هدم ما بها من البناء فاتفقوا على لسان واحد أنه يجب على وليّ الأمر أن يهدم ذلك كله ويجب عليه أن يكلف أصحابها رمي ترابها في الكيمان ولم يختلف في ذلك أحد منهم اهـ
قالوا واختلف هل يجوز إعداد قبر في الأرض الموقوفة حال الحياة؟ قال خليل في توضيحه وانظر هل يجوز حفر قبر للحي ابتداء؟ والأقرب عدم جوازه لأنه لا يدري هل يموتُ هنا أم لا وقد يموت بغيره ويحسب غيره أن في هذا القبر أحدًا فيكون غاصبًا لذلك. وقد ورد من غصب شبرًا من أرض طوقه الله من سبع أرضين اهـ
قال في المدخل وليس له أن يحفر قبرًا ليدفن فيه إذا مات لأنه تحجير على غيره ومن سبق كان أولى بالموضع منه ويجوز له ذلك في ملكه لأنه لا غصب في ذلك وفيه تذكرة لمن حفر له اهـ من الخطاب.
وقال الأمير "وحرم بموقوفة" كإعداده القبر حال الحياة وسمعت. شيخنا "يقول" ترب مصر كالملك فيجوز إعداده "أي القبر".
قال محشيه حجازي "قوله وحرم بموقوفه" إلا أن يكون يسيرًا كما في الحطاب ومثل الموقوفة المسجد عند جواز الدفن فيه، قال الفاكهاني على الرسالة لأن في ذلك تضييقًا على الناس، قال الشافعى وقد رأيت من الولاة من يهدم بمكة ما بني بها ولم أر الفقهاء يغيرون عليه، وقد أفتى من تقدم من جملة العلماء على ما أخبرني به من أثق به بهدم ما بني بقرافة مصر وإلزام البانين فيها حمل النقض وإخراجه عنها إلى موضع غيرها، وقد كان هذا قبل أن يتغالوا فيها بالبناء والتفنن فيه ونبش القبور لذلك وتصويب المراحيض على أموات المسلمين من الأشراف والعلماء والصالحين وغيرهم فكيف في هذا الزمان وقد تضاعف ذلك جدًا حتى كأنهم لم يجدوا من البناء فيها بدًا وجاء في ذلك أشياء إذا فتحت على ولي الأمر أرشده الله لأمر بهدمها وتخريبها حتى يعود طولها
عرضًا وسماؤها أرضًا. ولو لم يكن في البناء فيها مفسدة إلا الضيق على الناس لكان كافيًا في وجوب الهدم فكيف وقد انضاف لذلك هتك الحريم واختلاط البريء بالسقيم فإنهم استباحوا التكشف فيها واتخذوه ديدنًا لا يستحون من الله تعالى ولا من الناس وخالفوا في ذلك الكتاب والسنة والإجماع والقياس ربما أضافوا لذلك آلات الباطل من الدفوف والشبابات "الغاب" واقتحموا في ليالي الجمع وغيرها تعاطي هذه المحرمات واستهانوا بحرمة القبور وارتكبوا بين ظهرانيها الفجور، وربما أكلوا الحشيش وشربوا الخمور، وهذا مع أنها مواطن الاعتبار وتذكر الموت وخوف عقوبة الجبار فناهيك بها معصية ما أفظعها وشناعة ما أشنعها ولم أسمع بذلك في بلد من بلاد المسلين ولا غيرهم اهـ
(فقه الحديث) دل الحديث على النهي عن القعود على القبر ويأتي تمام الكلام عليه. ودل على النهي عن تجصيص القبور. وعلى النهي عن البناء على القبور
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم والنسائي وكذا البيهقي من طريق حجاج بن محمَّد عن ابن جريج
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا نَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ عُثْمَانُ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ وَزَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَوْ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ خَفِيَ عَلَيَّ مِنْ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ حَرْفُ وَأَنْ.
(ش)(قوله بهذا الحديث) أي بنحو الحديث المتقدم المروي من طريق عبد الرزاق، ولفظه كما في النسائي من طريق حفص بن غياث بسنده إلى جابر قال: نهى رسول الله كل الله عليه وسلم أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص زاد سلمان بن موسى أو يكتب عليه
(قوله قال عثمان الخ) أي قال عثمان بن أبي شيبة في روايته أو يزاد عليه. أي نهى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يزاد على القبر وذلك بأن يزاد في بنائه زيادة تؤدي إلى ارتفاعه عن نحو الشبر أو يزاد على التراب الذي خرج منه كما هو ظاهر تبويب البيهقي بقوله "باب لا يزاد في القبر أكثر من ترابه لئلا يرتفع" وقيل المراد بالزيادة عليه أن يزاد طولًا أو عرضًا عن قدر جسد الميت أو أن يجعل قبر على قبر آخر
(قوله وزاد سليمان الخ) ظاهر المصنف أن سليمان بن موسى انفرد بزيادة الكتابة في الحديث. لكن جاء في رواية الحاكم من طريق حفص بن غياث عن ابن جريج عن أبي الزبير عن
جابر قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يبني على القبر أو يجصص أو يقعد عليه ونهى أن يكتب عليه. وفي رواية له عن أبي معاوية عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن تجصيص القبور والكتاب فيها والبناء عليها والجلوس عليها
(قوله قال أبو داود خفي علي من حديث مسدد حرف وأن) يعني كلمة وأن فيما زاده سليمان فلم أدر أعبر بها أو بأو كما في رواية النسائي المتقدمة. وفي بعض النسخ خفي علي من حديث مسدد حرف (يعني كلمة أن)
وفي هذه الرواية النهي عن الكتابة على القبر لا فرق بين كتابة اسم الميت أو تاريخ موته أو كتابة شيء من القرآن أو كتابة أسماء الله تعالى ونحو ذلك. وإلى ذلك ذهبت الأئمة في الأربعة وغيرهم لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الفخر والمباهاة والسمعة. ولاحتمال أن يسقط على الأرض فيعرض للإهانة.
وقال بعض الحنفية لا بأس بكتابة الاسم لا على وجه الزخرفة بل ليعلم به القبر قياسًا على وضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حجرًا على قبر عثمان بن مظعون كما تقدم، وهو من تخصيص النص بالقياس.
والظاهر الأول. وبه قال الجمهور "وما ذكره" الحاكم من قوله ليس العمل على أحاديث النهي عن الكتابة على القبر فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف (تعقبه) الذهبي بأنه محدث، ولعل من كتب على القبور في عهدهم لم يبلغهم النهي، أما دعوى أن ذلك مما أخذه الخلف عن السلف فغير مسلمة فإنه لم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين أنه فعل ذلك أو أقره
(وهذه الرواية) أخرجها أيضًا النسائي والبيهقي والحاكم، وكذا الترمذي من طريق محمَّد بن ربيعة عن ابن جريج وقال هذا حديث حسن صحيح قد روى من غير وجه عن جابر اهـ وأخرجه أيضًا ابن ماجه مختصرًا من طريق سليمان بن موسى عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يكتب على القبر شيء. وما قيل من أن رواية الكتابة منقطعة لأن سليمان بن موسى لم يسمع من جابر غير مسلم لما علمته من أن أبا الزبير رواها عن جابر في رواية الحاكم فهي متصلة
(ص) حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ".
(ش) مناسبة الحديث للترجمة أن من اتخاذ المساجد على القبور بناءها عليها
(قوله قاتل الله اليهود)