الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِمام يحيي إلى الثدي. وأقله ما يواري الميت ويمنع السبع. والمقام محتمل لكل ما ذكر لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم بيين حد الإعماق
(فقه الحديث) دل الحديث على جواز جمع الموتى في قبر واحد للضرورة. وعلى مزيد فضل صاحب القرآن
(وهذه الرواية) أخرجها أيضًا البيهقي وكذا النسائي بسنده إلى هشام بن عامر قال شكونا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوم أحد فقلنا يا رسول الله الحفر علينا لكل إنسان شديد، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم احفروا وأعمقوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد قالوا فمن تقدم يا رسول الله؟ قال قدموا أكثرهم قرآنًا، قال فكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا جَرِيرٌ نَا حُمَيْدٌ -يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ- عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
(ش)(جرير) بن حازم
(قوله بهذا) هكذا في أكثر النسخ وفي بعضها بهذا الحديث
(وهذه الرواية) أخرجها النسائي قال أخبرنا محمَّد بن معمر ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت حميد بن هلال عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه قال: لما كان يوم أحد أصيب من أصيب من المسلمين وأصاب الناس جراحات، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم احفروا وأوسعوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر وقدموا أكثرهم قرآنًا
(باب تسوية القبر)
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ نَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي هَيَّاجٍ الأَسَدِيِّ قَالَ بَعَثَنِي عَلِيٌّ قَالَ لِي أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَاّ سَوَّيْتُهُ وَلَا تِمْثَالًا إِلَاّ طَمَسْتُهُ.
(ش)(رجال الحديث)(سفيان) الثوري. و (أبو وائل) شقيق بن سلمة و (أبو هياج الأسدي) بفتح الهاء وتشديد المثناة التحتية اسمه حيان بن حصين الكوفي. روى عن علي وعمار. وعنه ابناه جرير ومنصور والشعبي وأبو وائل. قال العجلي تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. روى له مسلم والبيهقي والنسائي والترمذي وكذا أبو داود حديثًا واحدًا
(معنى الحديث)
(قوله أبعثك الخ) يعني أرسلك إلى مثل ما أرسلني إليه رسول الله صلى
الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله أن لا أدع قبرًا مشرفًا الخ) بيان لما بعث به النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عليًا. وفي بعض النسخ أن لا تدع بتاء الخطاب فيكون بيانًا لما بعث به عليّ أبا الهياج. وأن تفسيرية ولا ناهية. ويحتمل أن كون أن مصدرية: لا نافية خبر لمبتدأ محذوف أي هو عدم تركي قبرًا. ومشرفًا بكسر الراء أي مرتفعًا عن الأرض ارتفاعًا كثيرًا.
أما ارتفاعه نحو شبر فمأذون فيه لما أخرجه سعيد بن منصور في سننه والبيهقي من حديث جعفر بن محمَّد عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء ورفعه شبرًا.
واتفق العلماء على استحباب رفع القبر نحو شبر ليعلم أنه قبر فيتوقى ويترحم على صاحبه إلا أن يكون مسلمًا دفن في دار الحرب فيخفى قبره مخافة أن يتعرض له الكفار بالأذى.
أما الارتفاع الزائد على القدر المشروع فهو المأمور بهدمه جعله مساويًا بالسطح الأرض بحيث لا يكون مرتفعًا عنها إلا بالقدر المأذون فيه كما علمت.
فما يفعله أهل زماننا من تشييد القبور ورفعها كثيرًا منكرات الشريعة التي يجب على المسلم إنكارها وتسويتها من غير فرق بين نبي وغيره وصالح وطالح، فقد مات جماعة من كبار الصحابة في عصر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم ترفع قبورهم ومات صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يرفع أصحابه قبره، فما أحق الصلحاء والعلماء أن يكون شعارهم هو الشعار الذي أرشد إليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وتخصيصهم بهذه البدعة المنهي عنها تخصيص لهم بما لا يناسب العلم والفضل فإنهم لو تكلموا في قبورهم لضجوا من اتخاذ الأبنية عليها وزخرفتها لأنهم لا يرضون حينئذ أن يكون لهم شعار من مبتدعات الدين ومنهياته.
فما أقبح ما ابتدعه جهلة المسلمين من زخرفة القبور وتشييدها، وما أسرع ما خالفوا هدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه في قبورهم.
وقد صرّح بتحريم رفع القبر أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك والقول بأنه غير ممنوع لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير لا يصح لأن غاية ما فيه أنهم سكتوا عن ذلك، والسكوت لا يكون دليلًا إذا كان في الأمور الظنية وتحريم رفع القبور ظني.
قال الشوكاني في شرح حديث الباب: ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولًا أوليًا القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضًا هو من اتخاذ القبور مساجد وقد لعن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فاعل ذلك، وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من فاسد يبكي لها الإِسلام. منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصدًا لطلب قضاه الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا. وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئًا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومع هذه المنكر
الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالمًا ولا متعلمًا ولا أميرًا ولا وزيرًا ولا ملكًا. وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه من جهة خصمه حلف باللهِ فاجرًا فإذا قيل له بعد ذلك احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق، وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر؟ وأي بلاءً لهذا الدين أضر عليه من غير الله؟ وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟ وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبًا؟
لقد أسمعت لو نادت حيًا
…
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارًا نفخت بها آضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في رماد. اهـ
(قوله ولا تمثالًا إلا صمسته) أي وأن لا أدع صورة إلا محوتها وأزلتها، فالتمثال بكسر التاء اسم لصورة ذي روح من مثلت الشيء بالتشديد والتخفيف إذا جعلت له صورة
(فقه الحديث)، دل الحديث على طلب هدم ما ارتفع من القبور فوق شبر. وعلى حرمة تصوير ذي الروح. وعلى وجوب محو ما صور من ذلك. وتقدم بيان المقام وافيًا في (باب الجنب يؤخر الغسل) ص 296 من الجزء الثاني ويأتي إن شاء الله تعالى مزيد له في باب الصور
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلّم والنسائي والترمذي وقال حديث حسن والعمل على هذا عند بعض أهل العم يكرهون أن يرفع القبر فوق الأرض. قال الشافعي أكره أن يرفع إلا بقدر ما يعرف أنه قبر لكيلا يوطأ ولا يجلس عيه اهـ
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِوبْنِ السَّرْحِ نَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِرُودِسَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا فَأَمَرَ فَضَالَةُ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ رُودِسُ جَزِيرَةٌ فِي الْبَحْرِ.
(ش)(رجال الحديث)(ابن وهب) عبد الله. و (أبو على الهمدان) ثمامة بن شفى تقدم بالرابع صفحة 293. و (فضالة بن عبيد) بن ناقذ بقاف وذال معجمة ابن قيس بن صهيب بن الأصرم الأوسي أبو محمد. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعن
أبي الدرداء. وعنه حبيش بن عبد الله الصنعاني وعلي بن رباح ومحمد بن كعب القرظي وغيرهم. أسلم قديمًا ويشهد أحدًا وما بعدها وشهد فتح. مصر والشام ولاه معاوية قضاء الشام بعد أبي الرداء. وكان ممن بايع تحت الشجرة. قيل مات في حلافة معاوية وكان معاوية ممن حمل سريره
(معنى الحديث)
(قوله برودس) براء مضمومة ودال مهملة مكسورة ثم سين مهملة على ما في أكثر النسخ وفي بعضها بالذال المعجمة وهي جزيرة في البحر الأبيض المتوسط (بحر الروم) مقابل الإسكندرية على ليلة منها، فتحت. سنة ثلاث وخمسين من الهجرة في عهد معاوية وقام بها جماعة من المسلمين كانوا أشداء الكفار يعترضونهم في البحر ويقطعون سبيلهم، كان معاوية يدرّ عليهم الأرزاق والعطايا. ولما تولى ابنه اليزيد أخرجهم منها، ولم تزل تتقلب عليها الأيدي حتى استولى عليها السلطان سليم الثاني سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة هجرية وهي الآن تابعة لإيطاليا
(والحديث) يدل على مشروعية تسوية القبر لكن مع ارتفاع قليل كما تقدم
(الحديث) أخرجه أيضًا مسلم والنسائي والبيهقي
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّهْ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَيْهِ رضي الله عنهما فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ يُقَالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مُقَدَّمٌ وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ وَعُمَرُ عِنْدَ رِجْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.
(ش)(ابن أبي فديك) محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك تقدم بالثالث صفحة 17. و (القاسم) بن محمَّد
(قوله يا أمه) أصله يا أمي حذفت ياء المتكلم وعوض عنها هاء التأنيث. وفي رواية الحاكم يا أماه بالألف المنقلبة عن ياء المتكلم وهاء السكت. وخاطبها بهذا مع أنها عمته لأنها بمنزله أمه أو لكونها أم المؤمنين
(قوله لا مشرفة ولا لاطئه) أي لا مرتفعة كثيرًا ولا مساوية للأرض بل مرتفعة نحو شبر. ولاطئة بالهمز أو بالياء أي لازقة يقال لطئ يلطأ مثل لصق وزنًا ومعنى
(قوله مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء) أي مفروشة بحصباء الموضع المعروف بالعرصة الحمراء والبطحاء في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصا. والمراد به هنا الحصا لإضافته إلى العرصة، وهي