المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ٩

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(باب القيام للجنازة)

- ‌(باب الركوب في الجنازة)

- ‌(باب المشي أمام الجنازة)

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌(باب الصلاة على الجنازة في المسجد)

- ‌(باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم)

- ‌(باب أين يقوم الإِمام من الميت إذا صلى عليه)

- ‌باب ما يقرأ على الجنازة

- ‌(باب الدعاء للميت)

- ‌(باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم)

- ‌(باب في اللحد)

- ‌(باب كيف يجلس عند القبر)

- ‌(باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره)

- ‌(باب الرجل يموت له قرابة مشرك)

- ‌ إسلام أبي قحافة

- ‌(باب في تعميق القبر)

- ‌(باب تسوية القبر)

- ‌(باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف)

- ‌(باب كراهية الذبح عند القبر)

- ‌(باب الميت يصلي على قبره بعد حين)

- ‌(باب في كراهية القعود على القبر)

- ‌(باب المشي بين القبور بالنعل)

- ‌(باب تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث)

- ‌(باب في الثناء على الميت)

- ‌(باب في زيارة القبور)

- ‌(باب في زيارة النساء القبور)

- ‌(باب ما يقول إذا زار القبور أو مر بها)

- ‌(كتاب الزكاة)

- ‌باب

- ‌(باب ما تجب فيه الزكاة)

- ‌(باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلي)

- ‌(باب في زكاة السائمة)

- ‌(باب رضا المصدق)

- ‌(باب دعاء المصدق لأهل الصدقة)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(باب أين تصدق الأموال

- ‌(باب صدقة الرقيق)

- ‌(باب صدقة الزرع)

- ‌(باب زكاة العسل)

- ‌(باب في خرص العنب)

- ‌(باب في الخرص)

- ‌(باب متى يخرص التمر

- ‌(باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة)

- ‌(باب زكاة الفطر)

- ‌(باب متى تؤدى

- ‌(باب كم يؤدي في صدقة الفطر

- ‌(باب من روى نصف صاع من قمح)

- ‌(باب في تعجيل الزكاة)

- ‌(باب الزكاة تحمل من بلد إلى بلد)

- ‌(باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى)

- ‌(باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني)

- ‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

- ‌(باب كراهية المسألة)

- ‌(باب الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ)

- ‌(باب الفقير يهدي للغني من الصدقة)

- ‌(باب حق السائل)

- ‌(باب الصدقة على أهل الذمة)

- ‌(باب ما لا يجوز منعه)

- ‌ الشركة في الكلأ

- ‌(باب المسألة في المساجد)

- ‌(باب الرجل يخرج من ماله)

- ‌(باب المرأة تصدق من بيت زوجها)

الفصل: ‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والطحاوي قال البيهقي: حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد أصح طريقًا وليس فيه ذكر ابن السبيل. فإن صح هذا فإنما أراد أن ابن السبيل غني في بلده محتاج في سفره اهـ

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ فِرَاسٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ.

(ش) أي روى الحديث فراس بن يحيى ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كلاهما عن عطية بن سعد عن أبي سعيد مثل حديث عمران البارقي

(ورواية ابن أبي ليلى) وصلها الطحاوي قال: حدثنا عبد الرحمن بن الجارود ثنا عبيد الله بن موسى أنبأنا ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: لا تحل الصدقة الخ. والغرض من ذكر هذه الرواية تقوية رواية عمران البارقي، وأن ذكر ابن السبيل في الحديث لم ينفرد به عمران البارقي المذكور

‌(باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة

؟ )

وفي نسخة العيني تأخير هذه الترجمة "وتحتها حديث سهل بن أبي حثمة" بعد "باب ما تجوز فيه المسألة" وإدخال باقي أحاديث الباب في "باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني"

(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ نَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ- يَعْنِي دِيَةَ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ.

(ش)(الرجال)(أبو نعيم) الفضل بن دكين. و (سعيد بن عبيد الطائي) الكوفي أبو الهذيل روى عن أخيه عقبة وعلي بن ربيعة وبشير بن يسار وسعيد بن جبير وغيرها. وعنه الثوري وابن المبارك ويحيى القطان ووكيع وعدّة. وثقه أحمد وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وابن نمير روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

و(بشير) بالتصغير (ابن يسار) الحارثي الأنصاري. روى عن أنس وجابر ورافع بن خديج وسويد بن النعمان وغيرهم. وعنه عقبة

ص: 272

ابن عبيد وسعيد بن عبيد وابن إسحاق ويحيى بن سعيد وآخرون. وثقه النسائي وابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد كان شيخًا كبيرًا قد أدرك عامة أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان قليل الحديث. روى له الجماعة

(المعنى)

(قوله أخبره أن النبي وداه الخ) أي أخبر سهل بن أبي حثمة بشيرًا أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعطى قومه مائة من إبل الصدقة دية الذي قتل منهم بخيبر. فالكلام على حذف مضاف لأن سهل ابن أبي حثمة ليس قريبًا للمقتول وإنما هو من قومه، وقيل إن الضمير يرجع لعبد الرحمن بن سهل لأنه شقيق المقتول كما سيأتي. وفي رواية وداهم أي أعطى القوم دية المقتول. وفي رواية للبخاري "بمائة إبل من عنده" ولا منافاة بينهما لأن المراد بالعندية كونها تحت أمره وحكمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، أو ذكر العندية للاحتراز من جعل ديته على اليهود. أو المراد بالعندية بيت المال المرصد للمصالح، وأطلق عليه في حديث الباب صدقة باعتبار الانتفاع به مجازًا لما في ذلك من قطع المنازعة وإصلاح ذات البين. وقال القرطبي رواية من عنده أصح من إبل الصدقة، ويمكن الجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسلف ذلك من إبل الصدقة ليدفعه من مال الفئ اهـ بتصرف.

هذا. والذي قتل بخيبر (هو عبد الله بن سهل بن زيد) روى قصته البخاري ومسلم والنسائي وهذا ابن ماجه في القسامة من طريق أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن عن سهل بن أبي حثمة عن رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجًا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وألقى في قفير "بئر قريبة القعر واسعة الفم" أو عين بخيبر فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه. قالوا والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى أتى على قومه فذكر ذلك لهم، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل، فذهب محيصة يتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمحيصة كبر كبر يريد السنّ

فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إما أن يدوا صاحكبم. وإما أن يؤذنوا بحرب. فكتب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ذلك فكتبوا: إنا والله ما قتلناه. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن. تحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا لا. قال فتحلف لكم يهود قالوا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من عنده، فبعث إليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار. قال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراء اهـ.

وأعطى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ديته دفعًا للنزاع وإصلاحًا لذات البين وتطييبًا لنفوس أولياء القتيل. والظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دفع ذلك إليهم من سهم الغارمين على معنى أنه تحمل دينًا في إصلاح ذات البين فسدده من

ص: 273

سهم الغارمين، إذ ليس الدفع في الدية من مصارف الزكاة، أو دفعه من سهم المؤلفة قلوبهم استئلافُ اواستجلابًا لليهود. وتقدم قريبًا بيان مذاهب العلماء فيما يعطاه الفقير من الصدقة. قيل وفي الحديث حجة لمن قال بجواز صرف الزكاة إلى صنف واحد من الأصناف الثمانية المذكورة في الآية. ورد بأنه يحتمل أن يكون اجتمع عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كثير من الصدقات فصرف بعضها في سهم الغارمين والباقي في أصناف أخر

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه مختصرًا ومطولًا

(باب ما تجوز فيه المسألة)

أي في بيان الأحوال التي يحل فيها السؤال يعني والتي لا يحل. وفي بعض النسخ إسقاط هذه الترجمة وإدخال حديث سمرة بن جندب وما بعده في "باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة"

(ص) حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ نَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ في أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا".

(ش)(النمري) بفتحتين منسوب إلى نمر بن عثمان. و (شعبة) بن الحجاج. و (سمرة) ابن جندب

(قوله المسائل الخ) جمع مسألة وهو مبتدأ خبره كدوح جمع كدح وهو كل أثر من خدش أو عض. ويحتمل أن يكون مصدرًا سمي به الأثر كما تقدم. والإخبار عن المسائل حينئذ باعتبار من قامت به آثاره أي أن سؤال الرجل الناس أموالهم من غير حاجة كخدوش يخدش بها وجه. والمراد أنه يريق بالسؤال ماء وجهه ويسعى في ذهاب كرامته فهي شين في العرض كالجراحة شين في الوجه، وهذا بالنسبة للدنيا وفي الآخرة يصيبه بسبب ذلك الذلّ والهوان

(قوله فمن شاء أبقى على وجهه الخ) يعني من أراد إبقاء كرامته وحفظ ماء وجهه وعرضه ترك السؤال تعففًا، ومن أراد خلاف ذلك أضاع ماء وجه بالسؤال وعدم التعفف وفي رواية النسائي "فمن شاء كدح وجهه ومن شاء ترك" وليس المراد التخيير بل المراد التوبيخ والتهديد على حد قوله تعالى (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)

(قوله إلا أن يسأل ذا سلطان) أي إلا أن يسأل الرجل صاحب حكم وولاية حقه من بيت المال أو غيره فيباح السؤال حينئذ ولا منة للسلطان في ذلك لأنه متول بيت مال المسلمين ووكيل على حقوقهم فإذا سأله المحتاجون

ص: 274

إنما يسألونه حقوقهم فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من ماله. وكذا يباح سؤال السلطان من ماله الخاص إن غلب عليه الحل وإلا حرم سؤاله والأخذ منه كما اختاره الغزالي. وقيل يكره. أما عطية السلطان بلا سؤال فيجوز قبولها إن غلب على ماله الحل وإلا فلا

(قوله أو في أمر لا يجد منه بدًا) أي أو إلا أن يسأل شخصًا غير السلطان لأجل أمر لا يجد منه خلاصًا إلا بالسؤال فيباح له السؤال كما إذا تحمل دينًا لإصلاح ذات البين أو أصابته فاقة شديدة أو أصاب ماله جائحة كما سيذكر في حديث قبيصة بعد. وفي رواية النسائي: إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان أو شيئًا لا يجد منه بدًا. وظاهره أنه لا بأس بسؤال السلطان تكثرًا لأنه جعل سؤاله قسيمًا لسؤال غيره ما لا بد منه

(فقه الحديث) دلّ الحديث على ذم المسألة عند عدم الحاجة وجوازها عند الضرورة وعلى جواز سؤال السلطان ولو عند عدم الحاجة على ما تقدم بيانه

(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي والترمذي وقال حسن صحيح

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ "أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا". ثُمَّ قَالَ "يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَاّ لأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ". أَوْ قَالَ "سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ". "وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا الْفَاقَةُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ- ثُمَّ يُمْسِكُ وَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا".

(ش)(رجال الحديث)(هارون بن رياب) بكسر الراء وفتح المثناة التحتية التميمي أبو بكر أو أبو حسن البصري. روى عن الأحنف بن قيس وقبيصة بن ذؤيب وسعيد بن المسيب وكنانة بن نعيم وغيرهم. وعنه أيوب السختياني والأوزاعي والحمادان وابن عيينة وغيرهم. وثقه النسائي وابن حبان وابن سعد ويعقوب بن سفيان. روى له مسلم وأبو داود والنسائي. و (كنانة

ص: 275

ابن نعيم العدوي) البصري أبو بكر. روى عن قبيصة بن المخارق وأبي برزة الأسلمي. وعنه عبد العزيز بن صهيب وثابت البناني وعدي بن ثابت وهارون بن رياب. وثقه العجل وابن سعد وذكره ابن حبان في الثقات وفي التقريب ثقة من الرابعة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي

(المعنى)

(قوله تحمل حمالة) بفتح الحاء المهملة كسحابة وهي المال الذي يتحمله الإنسان فيستدينه ويدفعه لإصلاح ذات البين ودفع نزاع قائم بين فريقين فيأخذ من الصدقة ما يسد به ذلك الدين إن كان غنيًا. وفي ذلك ترغيب في مكارم الأخلاق. وكانت العرب إذا تحمل أحدهم حمالة بادروا إلى معونته ودفعوا إليه ما يسد به دينه وتبرأ به ذمته، وإذا سأل لذلك لم يكن نقصًا في قدره بل يعد من مفاخره

(قوله فأتيت النبي) أي لأطلب منه الإعانة على تسديد ما تحملته، ففي رواية مسلم تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسأله فيها

(قوله

حتى يصيبها ثم يمسك) أي يحل له السؤال إلى أن يصيب قدر ما تحمله واستدانه في غير معصية فإذا حصل على ذلك أمسك عن السؤال

(قوله ورجل أصابته جائحة الخ) أي أصابت ماله آفه كالسيل والنار فأهلكته فيحل له السؤال ويجب إعطاؤه من صدقة الفرض وغيرها حتى يحصل على ما يقوم بحاجته ويستغني به ولا يتوقف إعطاؤه علي بينة يقيمها على ثبوت حاجته لأن هذه أشياء لا تخفى أثارها عند وقوعها. والقوام بكسر القاف والسداد بكسر السين المهملة ما يقوم بحاجة الإنسان ويسد به خلته، وأوللشك. وفي رواية النسائي "رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أوسدادًا من عيش ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ففي روايته قلب في الغاية فان الغاية الثانية تناسب الأول والأولى تناسب الثاني كما في رواية المصنف ومسلم

(قوله ورجل أصابته فاقة الخ) أي فقرشديد اشتهر به بين قومه بعد الغنى حتى يشهد ثلاثة من قومه من أرباب العقول الراجحة أنه قد أصابت فلانًا حاجة وفقر وصارت حالته تدعو إلى العطف. والحجى بكسرالحاء المهملة والقصر العقل. واعتبار العقل للتنبيه على أنه ينبغي في المخبر أن يكون متيقظًا عالمًا بما يقول، فإن من لم يكن كذلك لا يوثق بقوله. واعتبار الثلاثة للاحتياط والمبالغة في إثبات الفاقة وليكون قولهم أدل على براءة السائل من التهمة في ادعائه الحاجة وأدعى إلى سرعة إجابته. وخصوا بكونهم من قومه لأنهم هم العالمون بحاله وأخبر بباطن أمره، وهذا، من باب تبين الحال وتعرف الأمر لا من باب الشهادة لأنه لا مدخل لعدد الثلاثة من الرجال في شيء من الشهادات عند أحد من الأئمة. وقال إن الإعسار لا يثبت إلا بشهادة ثلاثة، وبه قال ابن خزيمة وبعض أصحاب الشافعي لظاهر الحديث. وقال الجمهور تقبل من عدلين كسائر الشهادات غير الزنا. وحملوا الحديث علي الاستحباب، وهذا محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه وإعساره إلا ببينة. أما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم

ص: 276

المال لأنه الأصل

(قوله وما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت) أي ما عدا هذه الأقسام الثلاثة من المسألة سحت بضم فسكون أي حرام لا يحل أكله، وسمي سحتًا لأنه يسحت البركة أي يذهبها وفي رواية مسلم

(وما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتًا) بالنصب على أنه مفعول لمحذوف أي اعتقده سحتًا

(وهذا الحديث) مخصص بما في الأحاديث الآخر من جواز السؤال لداع اخر غير ما ذكر كسؤال الرجل السلطان وسؤال المستحق في الزكاة حقه

(فقه الحديث) دل الحديث على حرمة السؤال لغير من ذكر ونحوهم ممن يباح لهم سؤال لداعية. قال الخطابي: وفيه من العلم أن من ثبت عليه حق عند حاكم فطلب المحكوم له حبسه وادعى المحكوم عليه الإفلاس والفقر لا تسمع دعواه إلا ببية إن كان المحكوم عليه به لزمه بدل مال حصل في يده كثمن مبيع وقرض لثبوت غناه بحصول المبيع والقرض في يده. وتقبل دعواه الإفلاس فيما ليس بدل مال كبدل الغصب وضمان المتلفات ونفقة من يلزمه الإنفاق عليه فلا يحبس فيما ذكر إن ادعى الفقر لأن الأصل في الآدمي العسر إلا إذا برهن خصمه أن له مالًا فيحبس حسبما يراه القاضي، وهذا إذا لم يكن له مال ظاهر وإلا انتزع منه الحق إن كان من جنسه أو بيع عليه إن لم يكن من جنسه اهـ بتصرف. ودلّ الحديث أيضًا على جواز نقل الصدقة من بلد إلى أخرى وتقدم بيانه. وعلى أن الحدّ الذي ينتهى إليه العطاه من الصدقة ما به كفاية المعطى ويعتبر ذلك في كل إنسان بحسب حاله

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم والنسائي وابن حبان والدارقطني وابن خزيمة

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُهُ فَقَالَ "أَمَا فِي بَيْتِكَ شَىْءٌ". قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ "ائْتِنِي بِهِمَا". فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ وَقَالَ "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ". قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. قَالَ "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ". مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ وَقَالَ "اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ".

ص: 277

فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ "اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا". فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً في وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَاّ لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ".

(ش)(رجال الحديث)(الأخضر بن عجلان) الشيباني البصري. روى عن ابن جريج وأبى بكر الحنفي، وعنه عيسى بن يونس وعبيد الله بن سبط وأبو عاصم ويحيى القطان. وثقه النسائي وقال أبو حاتم وابن معين يكتب حديثه وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات وقال الأزدي ضعيف. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.

و(أبو بكر الحنفي) الكبير اسمه عبد الله بن عبد الله. روى عن أنس. وعنه الأخضر بن عجلان. قال في الميزان بصري لا يعرف

(المعنى)

(قوله فقال أما في بيتك شيء الخ) أي قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للرجل أليس في بيتك شيء؟ فالهمزة للاستفهام وما نافية، فقال الرجل "عندي حلس" بكسر الحاء المهملة وسكون اللام بساط يبسط في البيت ويطلق أيضًا علي كساء رقيق يلي ظهر البعير وجمعه أحلاس مثل حمل وأحمال و"قعب" بفتح القاف وسكون العين المهملة قدح من خشب جمعه قعاب مثل سهم وسهام. ومن في قوله من الماء زائدة

(قوله فانبذه إلى أهلك) أي ادفعه إلى زوجك ومن يلزمك نفقته. وانبذ أمر من نبذ من باب ضرب

(قوله واشتر بالآخر قدومًا) بفتح القاف وضم الدال المهملة المخففة أو المشددة، ومنع ابن السكيت التشديد آله النجارة، وجمعه قدم مثل رسول ورسل

(وقوله فشد فيه رسول الله عودًا) أي جعل له مقبضًا ليسهل العمل به، وفعل ذلك صلى الله عليه وعلي آله وسلم بنفسه تواضعًا ورحمة بذلك الرجل

(قوله لا أرينك خمسة عشر يومًا يعني لا تترك العمل وتركن إلى الكسل فأراك هنا

(قوله هذا خير لك الخ) أي الكسب خير لك من السؤال الذي ينشأ عنه يوم القيامة أثر قبيح في وجهك. وأفعل التفضيل ليس على بابه فإنه لا خير في السؤال لما يترتب عليه من إراقة ماء الوجه وإهانة النفس

(قوله لذي فقر مدقع) بضم الميم وسكون الدال المهملة أي شديد يفضي إلى الدقعاء "التراب" لعدم ما يقيه منه ومدقع اسم فاعل من أدقع أي التصق بالتراب ذلا

(قوله لذي غرم مفظع) أي صاحب دين كثير مثقل، والغرم بضم فسكون الدين ومفظع اسم فاعل من أفظع الأمر اشتد. قال الخطابي الغرم المفظع هو أن تلزمه الديون الفظيعة

ص: 278