الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الإِْبْرَاءُ:
2 -
الإِْبْرَاءُ فِي اللُّغَةِ: إِفْعَالٌ مِنْ بَرِئَ، إِذَا تَخَلَّصَ وَتَنَزَّهَ. وَفِي الاِصْطِلَاحِ: إِسْقَاطُ شَخْصٍ حَقًّا لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ أَوْ قِبَلَهُ، وَفِي الْمُعَامَلَاتِ وَالدُّيُونِ عَرَّفَهُ الأَْبِيُّ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ: إِسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةِ مَدِينِهِ وَتَفْرِيغٌ لَهَا مِنْهُ.
فَإِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَثَلاً، بِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةِ مَدِينِهِ وَتَفْرِيغِهَا مِنْهُ، حَصَلَتِ الْبَرَاءَةُ. وَعَلَى ذَلِكَ فَالإِْبْرَاءُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْبَرَاءَةِ، وَهِيَ قَدْ تَحْصُل بِالإِْبْرَاءِ، وَقَدْ تَحْصُل بِسَبَبٍ آخَرَ كَمَا لَوِ اسْتَوْفَى الدَّائِنُ حَقَّهُ مِنَ الْمَدِينِ، أَوْ زَال سَبَبُ الضَّمَانِ بِعَامِلٍ آخَرَ غَيْرِ فِعْل الدَّائِنِ. وَقَدْ يُسْتَعْمَل أَحَدُهُمَا مَكَانَ الآْخَرِ؛ لِعَلَاقَةِ الأَْثَرِ وَالْمُؤَثِّرِ بَيْنَهُمَا. (1) (ر: إِبْرَاء) .
ب -
الْمُبَارَأَةُ:
3 -
الْمُبَارَأَةُ لُغَةً: مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ، فَهِيَ الاِشْتِرَاكُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ. (2) وَتُعْتَبَرُ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُلْعِ، وَإِذَا حَصَلَتْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تُوجِبُ سُقُوطَ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا قِبَل الآْخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ
(1) لسان العرب مادة: " برأ " وفتح القدير 6 / 309، 310، والمنثور في القواعد للزركشي 1 / 81، وجواهر الإكليل 2 / 12، والمغني لابن قدامة 5 / 659
(2)
لسان العرب والمصباح مادة: " برئ "
بِالنِّكَاحِ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ. وَتُسْتَعْمَل غَالِبًا فِي إِسْقَاطِ الزَّوْجَةِ حُقُوقَهَا عَلَى الزَّوْجِ مُقَابِل الطَّلَاقِ، (1) كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَبَاحِثِ الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ. فَالْمُبَارَأَةُ أَخَصُّ مِنَ الْبَرَاءَةِ.
ج -
الاِسْتِبْرَاءُ:
4 -
الاِسْتِبْرَاءُ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ، وَشَرْعًا يُسْتَعْمَل فِي مَعْنَيَيْنِ:
الأَْوَّل: فِي الطَّهَارَةِ بِمَعْنَى نَظَافَةِ الْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الأَْذَى. وَالثَّانِي: فِي النَّسَبِ بِمَعْنَى: طَلَبِ بَرَاءَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَبَل وَمِنْ مَاءِ الْغَيْرِ، كَمَا عَبَّرُوا عَنْهُ بِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ. (2)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 -
الْبَرَاءَةُ حَالَةٌ أَصْلِيَّةٌ فِي الأَْشْخَاصِ، فَكُل شَخْصٍ يُولَدُ وَذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ، وَشَغْلُهَا يَحْصُل بِالْمُعَامَلَاتِ أَوِ الأَْعْمَال الَّتِي يُجْرِيهَا فِيمَا بَعْدُ، فَكُل شَخْصٍ يَدَّعِي خِلَافَ هَذَا الأَْصْل يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ، فَالْقَوْل قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ الأَْصْل، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِدَعْوَاهُ مَا خَالَفَ
(1) ابن عابدين 2 / 560، والاختيار 3 / 160، والقليوبي 3 / 310، والمغني 7 / 58، وبداية المجتهد 2 / 66
(2)
لسان العرب مادة: " برأ " وابن عابدين 1 / 230، و 5 / 239، وجواهر الإكليل 1 / 94، وحاشية القليوبي 4 / 58، والمغني 1 / 161، 7 / 512
الأَْصْل، فَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِثْبَاتِ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ يُحْكَمُ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِالْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ:(الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ) . وَكَذَلِكَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُتْلَفِ، فَالْقَوْل قَوْل الْغَارِمِ (الْمَدِينِ) لأَِنَّ الأَْصْل الْبَرَاءَةُ مِمَّا زَادَ. (1)
وَالْبَرَاءَةُ وَصْفٌ تُوصَفُ بِهِ الذِّمَّةُ، وَلِهَذَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ الأَْعْيَانَ لَا تُوصَفُ بِالْبَرَاءَةِ، إِلَاّ أَنْ يُؤَوَّل بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُهْدَةِ أَوْ عَنِ الدَّعْوَى. (2)
هَذَا، وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْجِنَايَاتِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مَبَاحِثِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ.
6 -
ثُمَّ إِنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ كَالأَْصْل لَا تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، فَإِذَا شُغِلَتِ الذِّمَّةُ بِارْتِكَابِ عَمَلٍ أَوْ إِجْرَاءِ مُعَامَلَةٍ، فَبَرَاءَتُهَا تَحْصُل بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ حَسَبَ اخْتِلَافِ اشْتِغَال الذِّمَّةِ وَضَمَانِهَا. فَفِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا كَانَتِ الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بِمَا يَلْزَمُ مِنَ الأَْمْوَال كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ فَلَا تَحْصُل الْبَرَاءَةُ إِلَاّ بِأَدَائِهَا مَا دَامَتْ مُيَسَّرَةً. أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَبَرَاءَتُهَا تَحْصُل بِالأَْدَاءِ، وَإِذَا فَاتَ الأَْوَانُ فَبِالْقَضَاءِ إِذَا كَانَتْ قَلِيلَةً يُمْكِنُ
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص59، وللسيوطي ص 53، والقوانين الفقهية ص 303
(2)
ابن عابدين 4 / 474، والدسوقي 3 / 411، وحاشية القليوبي3 / 13، وشرح منتهى الإرادات 2 / 521
قَضَاؤُهَا، وَإِلَاّ فَبِالتَّوْبَةِ وَالاِسْتِغْفَارِ، وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ.
وَفِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إِذَا أَتْلَفَ أَوْ غَصَبَ شَخْصٌ مَال شَخْصٍ آخَرَ، تَحْصُل الْبَرَاءَةُ بِالضَّمَانِ، وَهُوَ إِعْطَاءُ عَيْنِ الشَّيْءِ إِذَا كَانَ قَائِمًا، أَوْ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إِذَا كَانَ قِيَمِيًّا (1) . وَلِتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (إِتْلَاف، غَصْب، ضَمَان) .
كَذَلِكَ تَحْصُل الْبَرَاءَةُ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ مِنْ حَقِّهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ دُونَ الأَْدَاءِ أَوِ الاِسْتِيفَاءِ، كَمَا عَبَّرُوا عَنْهُ بِبَرَاءَةِ الإِْسْقَاطِ، أَوْ إِبْرَاءِ الإِْسْقَاطِ (2) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (إِبْرَاء) .
7 -
هَذَا، وَقَدْ تَحْصُل الْبَرَاءَةُ بِانْتِقَال الضَّمَانِ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى كَمَا فِي الْحَوَالَةِ، فَإِذَا أَحَال الْمَدِينُ حَقَّ الدَّائِنِ عَلَى شَخْصٍ ثَالِثٍ (الْمُحَال عَلَيْهِ) وَتَمَّ الْعَقْدُ، بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُحِيل مِنَ الدَّيْنِ، وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْكَفِيل إِذَا كَانَ لَهُ كَفِيلٌ، وَذَلِكَ لاِنْتِقَال الدَّيْنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ، فَإِذَا حَصَل التَّوَى (3)(تَعَذَّرَ الاِسْتِيفَاءُ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ) رَجَعَ
(1) مجلة الأحكام العدلية مادة " 415 "، والبدائع 7 / 96، والفواكه الدواني 1 / 88، 89، والروضة 2 / 254، والمغني 9 / 201
(2)
فتح القدير 6 / 310، المجلة العدلية مادة " 1562 "، والدسوقي 3 / 411
(3)
ابن عابدين 4 / 291، ومجلة الأحكام العدلية مادة " 690 " وجواهر الإكليل 2 / 108، وحاشية القليوبي 2 / 321، والمغني لابن قدامة 4 / 525