الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرَكُوا الْقِتَال، بِالرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ، أَوْ بِالْهَزِيمَةِ إِلَى فِئَةٍ، أَوْ إِلَى غَيْرِ فِئَةٍ، أَوْ بِالْعَجْزِ لِجِرَاحٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ أَسْرٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ. وَسَاقَ ابْنُ قُدَامَةَ الآْثَارَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْل الْمُدْبِرِ وَالإِْجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ وَقَتْل الأَْسِيرِ، وَهِيَ عَامَّةٌ. ثُمَّ قَال: لأَِنَّ الْمَقْصُودَ كَفُّهُمْ وَقَدْ حَصَل، فَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ كَالصَّائِل، وَلَا يُقْتَلُونَ لِمَا يُخَافُ فِي التَّالِي - إِنْ كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ - كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إِلَيْهَا - مُطْلَقًا - فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لأَِهْل الْعَدْل أَنْ يَقْتُلُوا مُدْبِرَهُمْ، وَيُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحِهِمْ؛ لِئَلَاّ يَنْحَازُوا إِلَى الْفِئَةِ، فَيَمْتَنِعُوا بِهَا، فَيَكُرُّوا عَلَى أَهْل الْعَدْل. وَالْمُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ الْقَتْل أَمَارَةُ قِتَالِهِمْ لَا حَقِيقَتُهُ؛ وَلأَِنَّ قَتْلَهُمْ إِذَا كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ، لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ دَفْعًا؛ لأَِنَّهُ يَتَحَيَّزُ إِلَى الْفِئَةِ وَيَعُودُ شَرُّهُ كَمَا كَانَ. وَقَالُوا: إِنَّ مَا قَالَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى تَأْوِيل إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ (2) .
الْمَرْأَةُ الْمُقَاتِلَةُ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ:
15 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مِنَ الْبُغَاةِ - إِنْ كَانَتْ
(1) المغني 8 / 115.
(2)
البدائع 7 / 140 - 141، والفتح 4 / 411.
تُقَاتِل - فَإِنَّهَا تُحْبَسُ، وَلَا تُقْتَل إِلَاّ فِي حَال مُقَاتَلَتِهَا، وَإِنَّمَا تُحْبَسُ لِلْمَعْصِيَةِ، وَلِمَنْعِهَا مِنَ الشَّرِّ وَالْفِتْنَةِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ قِتَالُهُنَّ إِلَاّ بِالتَّحْرِيضِ وَالرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنَّهُنَّ لَا يُقْتَلْنَ (2) .
أَمْوَالُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لاِغْتِنَامِهَا وَإِتْلَافِهَا وَضَمَانِهَا:
16 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَمْوَال الْبُغَاةِ لَا تُغْنَمُ، وَلَا تُقَسَّمُ، وَلَا يَجُوزُ إِتْلَافُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تُرَدَّ إِلَيْهِمْ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْبِسَ الإِْمَامُ أَمْوَالَهُمْ دَفْعًا لِشَرِّهِمْ بِكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ حَتَّى يَتُوبُوا، فَيَرُدَّهَا إِلَيْهَا لاِنْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ؛ وَلأَِنَّهَا لَا اسْتِغْنَامَ فِيهَا، وَإِذَا كَانَ فِي أَمْوَالِهِمْ خَيْلٌ وَنَحْوُهَا - مِمَّا يُحْتَاجُ فِي حِفْظِهِ إِلَى إِنْفَاقٍ - كَانَ الأَْفْضَل بَيْعَهُ وَحَبْسَ ثَمَنِهِ.
وَفِي ضَمَانِ إِتْلَافِ مَالِهِمْ كَلَامٌ. فَإِنَّ الْعَادِل إِذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ حَال الْقِتَال بِسَبَبِ الْقِتَال أَوْ ضَرُورَتِهِ لَا يَضْمَنُ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إِلَاّ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ كَالْخَيْل،
(1) فتح القدير 4 / 412، وحاشية ابن عابدين 3 / 311، وتبيين الحقائق 3 / 295، والبحر الرائق 5 / 152، وحاشية الدسوقي 4 / 299، المهذب 2 / 221، المغني 8 / 115.
(2)
التاج والإكليل 6 / 279، والشرح الصغير 4 / 430.