الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذِهِ هِيَ قَاعِدَةُ التَّضَمُّنِ. لَكِنْ هُنَاكَ قَاعِدَةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا، وَهِيَ: إِذَا سَقَطَ الأَْصْل سَقَطَ الْفَرْعُ، وَمِنْهَا: التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ، وَقَدْ مَثَّل الْفُقَهَاءُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنَ الدَّيْنِ، فَكَمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ الْمَدِينُ يَبْرَأُ مِنْهُ الْكَفِيل أَيْضًا؛ لأَِنَّ الْمَدِينَ فِي الدَّيْنِ أَصْلٌ، وَالْكَفِيل فَرْعٌ. (1)
تَصْحِيحُ الْعَقْدِ الْبَاطِل:
18 -
تَصْحِيحُ الْعَقْدِ الْبَاطِل يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِصُورَتَيْنِ:
الأُْولَى: إِذَا ارْتَفَعَ مَا يُبْطِل الْعَقْدَ فَهَل يَنْقَلِبُ صَحِيحًا
الثَّانِيَةُ: أَنْ تُؤَدِّيَ صِيغَةُ الْعَقْدِ الْبَاطِل إِلَى مَعْنَى عَقْدٍ آخَرَ صَحِيحٍ.
19 -
أَمَّا الصُّورَةُ الأُْولَى: فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ لَا يَصِيرُ الْعَقْدُ الْبَاطِل صَحِيحًا عِنْدَهُمْ إِذَا ارْتَفَعَ مَا يُبْطِلُهُ. وَعَلَى ذَلِكَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ فِي الْحِنْطَةِ، وَالزَّيْتِ فِي الزَّيْتُونِ، وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَالْبَذْرِ فِي الْبِطِّيخِ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ، حَتَّى لَوْ سُلِّمَ اللَّبَنُ أَوِ الدَّقِيقُ أَوِ الْعَصِيرُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا؛ لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ
(1) أشباه ابن نجيم / 121، ودرر الحكام 1 / 85 م 50، وأشباه السيوطي / 132 ط عيسى الحلبي، الدسوقي 3 / 336، وكشاف القناع 3 / 387.
كَالْمَعْدُومِ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُ الْعَقْدِ بِدُونِهِ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلاً، فَلَا يَحْتَمِل التَّصْحِيحَ. (1)
أَمَّا الْجُمْهُورُ (وَهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ فِي الْجُمْلَةِ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِل) فَالْحُكْمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ كَالْحَنَفِيَّةِ، لَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ الْبَاطِل صَحِيحًا بِرَفْعِ الْمُفْسِدِ.
فَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ حَذَفَ الْعَاقِدَانِ الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ، وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ، لَمْ يَنْقَلِبِ الْعَقْدُ صَحِيحًا؛ إِذْ لَا عِبْرَةَ بِالْفَاسِدِ. (2)
وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: الْفَاسِدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَإِنَّهُمْ يُوَافِقُونَ الْجُمْهُورَ فِي هَذَا الْحُكْمِ، إِلَاّ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ لَا يُؤَدِّي إِلَى الإِْخْلَال بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا إِذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ، وَذَلِكَ كَبَيْعِ الثُّنْيَا، وَهُوَ أَنْ يَبْتَاعَ السِّلْعَةَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ فَالسِّلْعَةُ لَهُ، وَكَالْبَيْعِ بِشَرْطِ السَّلَفِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُمْ يَكُونُ فَاسِدًا، لَكِنَّهُ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا إِنْ حُذِفَ الشَّرْطُ. (3)
(1) ابن عابدين 4 / 108، 113، والزيلعي 4 / 74ـ 50، وفتح القدير 6 / 52 نشر دار إحياء التراث، والبدائع 5 / 139.
(2)
نهاية المحتاج 3 / 434، 435، وروضة الطالبين 3 / 410، ومغني المحتاج 2 / 40، وحاشية الجمل 3 / 84، 85.
(3)
المغني 4 / 259 ط الرياض، وشرح منتهى الإرادات 2 / 250، ومنح الجليل 2 / 570، 571، 572، وينظر مع ذلك الموافقات للشاطبي 1 / 294، 295.