الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا بِقَصْدِ قَتْلِهِمْ (1) ؛ لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْل مَنْ لَا يُقَاتِل، وَمَا يَعُمُّ إِتْلَافُهُ يَقَعُ عَلَى مَنْ يُقَاتِل وَمَنْ لَا يُقَاتِل.
مُقَاتَلَةُ الْبُغَاةِ بِسِلَاحِهِمُ الَّذِي فِي أَيْدِينَا:
29 -
يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قِتَالُهُمْ بِسِلَاحِهِمْ وَخَيْلِهِمْ وَكُل أَدَوَاتِ الْقِتَال الَّتِي اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا مِنْهُمْ، إِنِ احْتَاجَ أَهْل الْعَدْل إِلَى هَذَا؛ لأَِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَسَّمَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ سِلَاحِ الْبُغَاةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَتْ قِسْمَةً لِلْحَاجَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ؛ وَلأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فِي مَال أَهْل الْعَدْل عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَفِي مَال الْبَاغِي أَوْلَى (2) .
وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ الْقَاضِي أَنَّ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إِلَى جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ حَال الْتِحَامِ الْحَرْبِ، وَمَنَعَهُ فِي غَيْرِ قِتَالِهِمْ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ يَجُوزُ فِيهَا إِتْلَافُ نُفُوسِهِمْ، وَحَبْسُ سِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ، فَجَازَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ كَسِلَاحِ أَهْل الْحَرْبِ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ (3) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الآْخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فَيَرَوْنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ
(1) نهاية المحتاج 7 / 378، 388 والمهذب 2 / 220، والمغني 8 / 110، وكشاف القناع 6 / 163.
(2)
الفتح والهداية 4 / 413، وحاشية ابن عابدين 3 / 311، وتبيين الحقائق 3 / 294، المغني 8 / 116، والتاج والإكليل 6 / 278، وحاشية الدسوقي 4 / 300.
(3)
المغني 8 / 116.
اسْتِعْمَال شَيْءٍ مِمَّا اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ مِنْ سِلَاحِ الْبُغَاةِ وَخَيْلِهِمْ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ، وَيَلْزَمُ دَفْعُ أُجْرَةِ الْمِثْل لَهُمْ، كَمُضْطَرٍّ لأَِكْل طَعَامِ غَيْرِهِ يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ (1)، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ (2) وَلأَِنَّ مَنْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِ لَمْ يَجُزِ الاِنْتِفَاعُ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ وَمِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ وَلأَِنَّ الإِْسْلَامَ عَصَمَ أَمْوَالَهُمْ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ قِتَالُهُمْ لِرَدِّهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَيَبْقَى الْمَال عَلَى عِصْمَتِهِ، وَمَتَى انْقَضَتِ الْحَرْبُ وَجَبَ رَدُّهُ إِلَيْهِمْ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يُرَدُّ إِلَيْهِمْ قَبْل ذَلِكَ لِئَلَاّ يُقَاتِلُونَا بِهِ. (3)
الاِسْتِعَانَةُ فِي قِتَالِهِمْ بِالْمُشْرِكِينَ:
30 -
اتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الاِسْتِعَانَةِ بِالْكُفَّارِ فِي قِتَال الْبُغَاةِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ كَفُّهُمْ لَا قَتْلُهُمْ، وَالْكُفَّارُ لَا يَقْصِدُونَ إِلَاّ قَتْلَهُمْ، وَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الاِسْتِعَانَةِ بِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ الْقُدْرَةُ عَلَى كَفِّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ لَمْ يَجُزْ.
(1) نهاية المحتاج 7 / 387، والمهذب 2 / 221.
(2)
حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب. . . " أخرجه أحمد (5 / 425 ـ ط الميمنية) من حديث أبي حميد الساعدي، وأورده الهيثمي في المجمع وقال: رواه أحمد والبزار، ورجال الجميع رجال الصحيح. (مجمع الزوائد 4 / 171 ـ ط القدسي) .
(3)
نهاية المحتاج 7 / 387، والمهذب 2 / 221، وكشاف القناع 6 / 164.