الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّدَقَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَْذَى} (1) وَقَال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} . (2)
6 -
وَيُوَضِّحُ الشَّاطِبِيُّ ذَلِكَ فَيَقُول: (3) يُرَادُ بِالْبُطْلَانِ إِطْلَاقَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِ الْعَمَل عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا نَقُول فِي الْعِبَادَاتِ: إِنَّهَا غَيْرُ مُجْزِئَةٍ وَلَا مُبَرِّئَةٍ لِلذِّمَّةِ وَلَا مُسْقِطَةٍ لِلْقَضَاءِ، فَهِيَ بَاطِلَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى لِمُخَالَفَتِهَا لِمَا قَصَدَ الشَّارِعُ فِيهَا. وَقَدْ تَكُونُ بَاطِلَةً لِخَلَلٍ فِي بَعْضِ أَرْكَانِهَا أَوْ شُرُوطِهَا، كَكَوْنِهَا نَاقِصَةً رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً.
وَنَقُول أَيْضًا فِي الْعَادَاتِ: إِنَّهَا بَاطِلَةٌ، بِمَعْنَى عَدَمِ حُصُول فَوَائِدِهَا بِهَا شَرْعًا، مِنْ حُصُول إِمْلَاكٍ وَاسْتِبَاحَةِ فُرُوجٍ وَانْتِفَاعٍ بِالْمَطْلُوبِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُرَادَ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِ الْعَمَل عَلَيْهِ فِي الآْخِرَةِ، وَهُوَ الثَّوَابُ. فَتَكُونُ الْعِبَادَةُ بَاطِلَةً بِالإِْطْلَاقِ الأَْوَّل، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا جَزَاءٌ؛ لأَِنَّهَا غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِمُقْتَضَى الأَْمْرِ بِهَا،
(1) سورة البقرة / 64 م.
(2)
سورة محمد / 33.
(3)
الموافقات للشاطبي 1 / 292، والمنح 1 / 89.
كَالْمُتَعَبِّدِ رِئَاءَ النَّاسِ، فَهِيَ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ (1) وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابٌ، وَقَدْ تَكُونُ صَحِيحَةً بِالإِْطْلَاقِ الأَْوَّل، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابٌ أَيْضًا، كَالْمُتَصَدِّقِ بِالصَّدَقَةِ يُتْبِعُهَا بِالْمَنِّ وَالأَْذَى، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَْذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} . (2)
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلإِْقْدَامِ عَلَى تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَعَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ:
7 -
الإِْقْدَامُ عَلَى فِعْلٍ بَاطِلٍ - مَعَ الْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ - حَرَامٌ، وَيَأْثَمُ فَاعِلُهُ؛ لاِرْتِكَابِهِ الْمَعْصِيَةَ بِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوعَ؛ لأَِنَّ الْبُطْلَانَ وَصْفٌ لِلْفِعْل الَّذِي يَقَعُ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ، كَالصَّلَاةِ بِدُونِ طَهَارَةٍ، وَالأَْكْل فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَمْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُعَامَلَاتِ، كَبَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ، وَكَالاِسْتِئْجَارِ عَلَى النَّوْحِ، وَكَرَهْنِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَلَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ، وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ، أَمْ كَانَ فِي النِّكَاحِ،
(1) عدم إجزاء العبادة لأجل الرياء أمر مختلف فيه، ففي ابن عابدين 5 / 273، أن من صلى رياء وسمعة تجوز صلاته في الحكم (الدنيوي) لوجود الشرائط والأركان، ولكن لا يستحق الثواب، قال الفقيه أبو الليث في النوازل: قال بعض مشايخنا: الرياء لا يدخل في شيء من الفرائض،
و (2) سورة البقرة / 264.