الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِسْتِعَانَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ بِمَنْ يَرَى مِنْ أَهْل الْعَدْل (وَهُمْ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ) قَتْل الْبُغَاةِ وَهُمْ مُدْبِرُونَ، عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ.
وَيَتَّفِقُ الْحَنَفِيَّةُ مَعَ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّهُ لَا يَحِل الاِسْتِعَانَةُ بِأَهْل الشِّرْكِ إِذَا كَانَ حُكْمُ أَهْل الشِّرْكِ، هُوَ الظَّاهِرَ، أَمَّا إِذَا كَانَ حُكْمُ أَهْل الْعَدْل هُوَ الظَّاهِرَ فَلَا بَأْسَ بِالاِسْتِعَانَةِ بِالذِّمِّيِّينَ وَصِنْفٍ مِنَ الْبُغَاةِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ؛ لأَِنَّ أَهْل الْعَدْل يُقَاتِلُونَ لإِِعْزَازِ الدِّينِ، وَالاِسْتِعَانَةُ عَلَى الْبُغَاةِ بِهِمْ كَالاِسْتِعَانَةِ عَلَيْهِمْ بِأَدَوَاتِ الْقِتَال (1) .
قَتْلَى مَعَارِكِ الْبُغَاةِ وَحُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ:
31 -
مَنْ قُتِل مِنْ أَهْل الْعَدْل كَانَ شَهِيدًا؛ لأَِنَّهُ قُتِل فِي قِتَالٍ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ جَل شَأْنُهُ:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} (2) وَلَا يُغَسَّل، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ شَهِيدُ مَعْرَكَةٍ أُمِرَ بِالْقِتَال فِيهَا، فَأَشْبَهَ شَهِيدَ مَعْرَكَةِ الْكُفَّارِ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يُغَسَّل وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْل الأَْوْزَاعِيِّ وَابْنِ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 416، وحاشية الدسوقي 4 / 299، والتاج والإكليل 6 / 278، والمهذب2 / 220، ونهاية المحتاج 7 / 387، والمغني 8 / 111، وكشاف القناع 6 / 164.
(2)
سورة الحجرات / 9.
الْمُنْذِرِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: صَلُّوا عَلَى مَنْ قَال لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ (1) وَاسْتَثْنَى قَتِيل الْكُفَّارِ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَفِيمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الأَْصْل (2) .
أَمَّا قَتْلَى الْبُغَاةِ، فَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: صَلُّوا عَلَى مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَلأَِنَّهُمْ مُسْلِمُونَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ حُكْمُ الشَّهَادَةِ، فَيُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ. وَمِثْلُهُ الْحَنَفِيَّةُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ، أَمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ عَلَى الرَّأْيِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ (3) . وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه لَمْ يُصَل عَلَى أَهْل حَرُورَاءَ، وَلَكِنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ (4) .
وَلَمْ يُفَرِّقِ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْبُغَاةِ فِي حُكْمِ التَّغْسِيل وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ (5) .
(1) حديث: " صلوا على كل من قال لا إله إلا الله " أخرجه الدارقطني (2 / 56 ـ ط دار المحاسن) من حديث ابن عمر. وقال ابن حجر: عثمان بن عبد الرحمن - يعني الذي في إسناده - كذبه يحيي بن معين التلخيص (2 / 35 ط شركة الطباعة الفنية) .
(2)
البدائع 7 / 142، وحاشية ابن عابدين 3 / 312، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 3 / 296، والمغني 8 / 112.
(3)
البدائع 7 / 142، وحاشية ابن عابدين 3 / 312، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 3 / 296، والمغني 8 / 116ـ 117.
(4)
البدائع 7 / 142.
(5)
المغني 8 / 117.