الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْقِعَهُ، وَيَكُونُ مُجْزِئًا، وَلَا يُعَادُ ثَانِيًا عَلَى الْمَحْدُودِ إِنْ كَانَ غَيْرَ قَتْلٍ، وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَتْلاً، لأَِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَاتَل أَهْل الْبَصْرَةِ، وَلَمْ يُلْغِ مَا فَعَلُوهُ؛ لأَِنَّهُمْ فَعَلُوهُ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، فَوَجَبَ إِمْضَاؤُهُ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ كُلٌّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ الْقَاضِي الَّذِي أَقَامَهُ إِمَامُ أَهْل الْبَغْيِ مِنْ أَهْل الْبَلَدِ الَّتِي تَغَلَّبُوا عَلَيْهَا، وَلَيْسَ مِنَ الْبُغَاةِ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِقَامَةُ الْحَدِّ وَأَجْزَأَ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ، وَكَانُوا امْتَنَعُوا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ؛ إِذِ الْفِعْل لَمْ يَقَعْ مُوجِبًا أَصْلاً لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الإِْسْلَامِ؛ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَكَانِ وُقُوعِ الْجَرِيمَةِ وَقْتَ وُقُوعِهَا. وَلَوْ رَجَعَ إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَغَلَّبْنَا عَلَيْهِمْ لَا يُقَامُ. وَلَوْ كَانُوا أَقَامُوهُ فَإِنَّهُ لَا تَجِبْ إِعَادَتُهُ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَصْلاً (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا ارْتَكَبُوا حَال امْتِنَاعِهِمْ مَا يُوجِبُ حَدًّا، ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِمْ - وَلَمْ يَكُنْ أُقِيمَ الْحَدُّ - أُقِيمَتْ فِيهِمْ حُدُودُ اللَّهِ،
(1) الشرح الصغير 4 / 430، والتاج والإكليل 6 / 279، وحاشية الدسوقي 4 / 300، والمهذب 2 / 221، والمغني 8 / 118.
(2)
الفتح 4 / 115، 116، والبدائع 7 / 131.
وَلَا تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِاخْتِلَافِ الدَّارِ. وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُنْذِرِ لِعُمُومِ الآْيَاتِ وَالأَْخْبَارِ؛ وَلأَِنَّ كُل مَوْضِعٍ تَجِبُ فِيهِ الْعِبَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا تَجِبُ الْحُدُودُ فِيهِ عِنْدَ وُجُودِ أَسْبَابِهَا كَدَارِ أَهْل الْعَدْل؛ وَلأَِنَّهُ زَانٍ أَوْ سَارِقٌ لَا شُبْهَةَ فِي زِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْعَدْل (1) .
شَهَادَةُ الْبُغَاةِ:
39 -
الأَْصْل قَبُول شَهَادَتِهِمْ. فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى قَبُول شَهَادَةِ أَهْل الأَْهْوَاءِ إِنْ كَانُوا عُدُولاً فِي أَهْوَائِهِمْ، إِلَاّ بَعْضَ الرَّافِضَةِ كَالْخَطَّابِيَّةِ، وَمَنْ كَانَتْ بِدْعَتُهُ تُكَفِّرُ، أَوْ كَانَ صَاحِبَ عَصَبِيَّةٍ، أَوْ فِيهِ مَجَانَةٌ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَل لِكُفْرِهِ وَلِفِسْقِهِ (2) .
وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: تُقْبَل شَهَادَةُ الْبُغَاةِ إِذَا لَمْ يَكُونُوا مُبْتَدِعِينَ، وَلَا تُقْبَل إِذَا كَانُوا مُبْتَدِعِينَ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الأَْدَاءِ (3) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُقْبَل شَهَادَةُ الْبُغَاةِ لِتَأْوِيلِهِمْ، إِلَاّ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ، فَلَا تُقْبَل حِينَئِذٍ لِبَعْضِهِمْ (4) .
(1) المغني 8 / 120.
(2)
البدائع 6 / 269.
(3)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 165، والتبصرة 2 / 196.
(4)
نهاية المحتاج 7 / 384.