الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. يَعْنِي لَا تُطَلِّقْهَا بِأَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْل عُمَرَ فِي تَحَرِّيهِ الْحَقَّ وَالْعَدْل، وَعَدَمِ اتِّبَاعِ هَوَاهُ فِي مِثْل هَذَا الأَْمْرِ.
وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَجِبُ؛ لأَِمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ عُمَرَ. وَقَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَةَ فِيمَنْ تَأْمُرُهُ أُمُّهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ. قَال: لَا يَحِل لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا. بَل عَلَيْهِ أَنْ يَبَرَّهَا. وَلَيْسَ تَطْلِيقُ امْرَأَتِهِ مِنْ بِرِّهَا. (1)
حُكْمُ طَاعَتِهِمَا فِيمَا لَوْ أَمَرَاهُ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِتَرْكِ وَاجِبٍ:
13 -
قَال تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الإِْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} (2) وَقَال: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (3) فَفِيهِمَا وُجُوبُ بِرِّهِمَا وَطَاعَتِهِمَا وَالإِْحْسَانِ إِلَيْهِمَا، وَحُرْمَةُ عُقُوقِهِمَا وَمُخَالَفَتِهِمَا، إِلَاّ فِيمَا يَأْمُرَانِهِ بِهِ مِنْ شِرْكٍ أَوِ ارْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُطِيعُهُمَا وَلَا يَمْتَثِل لأَِوَامِرِهِمَا؛ لِوُجُوبِ مُخَالَفَتِهِمَا وَحُرْمَةِ طَاعَتِهِمَا فِي ذَلِكَ، يُؤَكِّدُ هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي
(1) الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح المقدسي الحنبلي 1 / 503، والزواجر 2 / 72.
(2)
سورة العنكبوت / 8.
(3)
سورة لقمان / 15.
مَعْصِيَةٍ الْخَالِقِ (1) وَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (2) فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَعَ أُمِّهِ فَقَدْ عَصَى أَمْرَهَا، حِينَ طَلَبَتْ إِلَيْهِ تَرْكَ دِينِهِ، وَبَقِيَ عَلَى مُصَاحَبَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ بِرًّا بِهَا. وَعِصْيَانُهُ لَهَا فِيمَا أَمَرَتْهُ بِهِ وَاجِبٌ، فَلَا تُطَاعُ فِي أَمْرِهَا لَهُ بِتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ. (3)
عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَزَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ:
14 -
بِالإِْضَافَةِ إِلَى الْعُقُوقِ السَّلْبِيِّ بِتَرْكِ بِرِّهِمَا، فَإِنَّ هُنَاكَ صُوَرًا مُخْتَلِفَةً لِلْعُقُوقِ بَعْضُهَا فِعْلِيٌّ وَبَعْضُهَا قَوْلِيٌّ.
وَمِنَ الْعُقُوقِ مَا يُبْدِيهِ الْوَلَدُ لأَِبَوَيْهِ مِنْ مَلَلٍ وَضَجَرٍ وَغَضَبٍ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، وَاسْتِطَالَتِهِ عَلَيْهِمَا بِدَالَّةِ الْبُنُوَّةِ وَقِلَّةِ الدِّيَانَةِ خَاصَّةً فِي حَال كِبَرِهِمَا. وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يُقَابِلَهُمَا بِالْحُسْنَى وَاللِّينِ وَالْمَوَدَّةِ، وَالْقَوْل الْمَوْصُوفِ بِالْكَرَامَةِ، السَّالِمِ مِنْ كُل عَيْبٍ، فَقَال تَعَالَى:{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ} (4) فَنُهِيَ عَنْ أَنْ يَقُول لَهُمَا مَا يَكُونُ فِيهِ أَدْنَى تَبَرُّمٍ.
وَضَابِطُ عُقُوقِهِمَا - أَوْ أَحَدِهِمَا - هُوَ أَنْ يُؤْذِيَ
(1) حديث: " لا طاعة لمخلوق. . . . " سبق تخريجه ف / 5.
(2)
ر: (ف / 3) .
(3)
الشرح الصغير 4 / 739، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10 / 238 (المسألة الرابعة) ، و 13 / 8 من سورة العنكبوت، و 14 / 63 - 65، والفروق للقرافي 1 / 145.
(4)
سورة الإسراء / 23.