الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَسْمَلَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْبَسْمَلَةُ فِي اللُّغَةِ وَالاِصْطِلَاحِ: قَوْل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يُقَال: بَسْمَل بَسْمَلَةً: إِذَا قَال أَوْ كَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ. وَيُقَال: أَكْثِرْ مِنَ الْبَسْمَلَةِ، أَيْ أَكْثِرْ مِنْ قَوْل: بِسْمِ اللَّهِ. (1) قَال الطَّبَرِيُّ: إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ - أَدَّبَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِتَعْلِيمِهِ ذِكْرَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى أَمَامَ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَجَعَل ذَلِكَ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ سُنَّةً يَسْتَنُّونَ بِهَا، وَسَبِيلاً يَتَّبِعُونَهُ عَلَيْهَا، فَقَوْل الْقَائِل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إِذَا افْتَتَحَ تَالِيًا سُورَةً، يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ مُرَادَهُ أَقْرَأُ بِاسْمِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَْفْعَال. (2)
الْبَسْمَلَةُ جُزْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
2 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ جُزْءٌ مِنْ آيَةٍ
(1) لسان العرب، المصباح المنير مادة " بسمل "، وتفسير القرطبي 1 / 97.
(2)
القرطبي 1 / 91، 97.
فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (1) وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا أَيَّةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ كُل سُورَةٍ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمَا قَال بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ هُوَ: إِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُل سُورَةٍ، وَإِنَّهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ، أُنْزِلَتْ لِلْفَصْل بَيْنَ السُّوَرِ، وَذُكِرَتْ فِي أَوَّل الْفَاتِحَةِ.
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَال الْعَبْدُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَال:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَال:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَل (2) فَالْبَدَاءَةُ بِقَوْلِهِ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ أَوَّل الْفَاتِحَةِ. إِذْ لَوْ كَانَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ لَبَدَأَ بِهَا، وَأَيْضًا: لَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ آيَةً مِنْهَا لَمْ تَتَحَقَّقِ الْمُنَاصَفَةُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي النِّصْفِ الأَْوَّل أَرْبَعُ آيَاتٍ إِلَاّ نِصْفًا،
(1) سورة النمل / 30.
(2)
حديث: يقول الله تعالى: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي. . . " أخرجه مسلم (1 / 296 ط عيسى البابي الحلبي)
وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ؛ وَلأَِنَّ السَّلَفَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ. وَهِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ بِدُونِ الْبَسْمَلَةِ. وَوَرَدَ فِي كُل مَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ مَا سَبَقَ.
فَفِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ الْمُعَلَّى قَال: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: التَّسْمِيَةُ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟ قَال: مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كُلُّهُ قُرْآنٌ، فَهَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ بَيَانُ أَنَّهَا آيَةٌ لِلْفَصْل بَيْنَ السُّوَرِ، وَلِهَذَا كُتِبَتْ بِخَطٍّ عَلَى حِدَةٍ. وَقَال مُحَمَّدٌ: يُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ التَّسْمِيَةِ عَلَى وَجْهِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لأَِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا قُرْآنًا حُرْمَةَ قِرَاءَتِهَا عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا قُرْآنًا الْجَهْرُ بِهَا كَالْفَاتِحَةِ. . . وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال لِعُثْمَانِ: لِمَ لَمْ تُكْتَبِ التَّسْمِيَةُ بَيْنَ التَّوْبَةِ وَالأَْنْفَال، قَال: لأَِنَّ التَّوْبَةَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَل، فَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا شَأْنَهَا، فَرَأَيْتُ أَوَّلَهَا يُشْبِهُ أَوَاخِرَ الأَْنْفَال، فَأَلْحَقْتُهَا بِهَا، فَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهَا كُتِبَتْ لِلْفَصْل بَيْنَ السُّوَرِ. (1)
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 329 - 330 ط بيروت، وبدائع الصنائع 1 / 203 شركة المطبوعات العلمية، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 252 ط دار الفكر بيروت، وشرح الزرقاني 1 / 216 - 217 ط دار الفكر بيروت، وكشاف القناع 1 / 335 - 336 مكتبة النصر الحديثة بالرياض، والمغني 1 / 476، وتفسير الجصاص 1 / 8 ط المكتبة البهية المصرية، وتفسير ابن كثير 1 / / 30 ط أندلس، والمبسوط للسرخسي 1 / 16 ط دار المعرفة بيروت.
آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ إِلَاّ فِي سُورَةِ النَّمْل، فَإِنَّهَا جُزْءٌ مِنْ آيَةٍ، وَيُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا بِصَلَاةِ فَرْضٍ - لِلإِْمَامِ وَغَيْرِهِ - قَبْل فَاتِحَةٍ أَوْ سُورَةٍ بَعْدَهَا، وَقِيل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِإِبَاحَتِهَا، وَنَدْبِهَا، وَوُجُوبِهَا فِي الْفَاتِحَةِ. (1)
وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنَ الْفَاتِحَةِ؛ لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا قَرَأْتُمُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فَاقْرَءُوا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ مِنْهَا (2) وَلأَِنَّ الصَّحَابَةَ أَثْبَتُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ بِخَطِّهِمْ، وَلَمْ يُثْبِتُوا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ سِوَى الْقُرْآنِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَال: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ. وَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَعَدَّهَا آيَةً، {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آيَتَيْنِ (3) . وَقَال ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ تَرَكَ
(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 251، وشرح الزرقاني 1 / 216، 217.
(2)
حديث: " إذا قرأتم: الحمد لله رب العالمين فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم " أخرجه الدارقطني (1 / 312 ط عبد الله هاشم يماني) وصححه ابن حجر في تلخيص الحبير (1 / 232 ط شركة الطباعة الفنية) .
(3)
حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة: بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية، والحمد لله رب العالمين آيتين " أخرجه الحاكم (1 / 232 نشر دار الكتاب العربي) . وفي إسناده عمر بن هارون. قال الحاكم: أصل في السنة. قال الذهبي: أجمعوا على ضعفه. ووضعفه الزيلعي في نصب الراية (1 / 350 نشر المكتب الإسلامي)