الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْقَضَاءِ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَيْهَا (1) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ: أَنَّ بَيْتَ الزَّوْجِيَّةِ يَكُونُ بِمَا يَلِيقُ بِحَال الْمَرْأَةِ عَادَةً؛ إِذْ هُوَ إِمْتَاعٌ، سَوَاءٌ كَانَ دَارًا أَوْ حُجْرَةً أَوْ غَيْرَهُمَا (2) . وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اعْتِبَارُ حَال الزَّوْجِ فَقَطْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (3) وَهُوَ خِطَابٌ لِلأَْزْوَاجِ، وَبِهِ قَال جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ (4) . وَكَذَا فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مَسْكَنَ الطَّاعَةِ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَتَوَسُّطِهِ كَالنَّفَقَةِ (5) .
شُرُوطُ بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ:
3 -
يَرَى الْفُقَهَاءُ (6) أَنَّ بَيْتَ الزَّوْجِيَّةِ يُرَاعَى فِيهِ مَا يَأْتِي:
(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 508، 509، 514 ط عيسى الحلبي بمصر، وشرح الزرقاني 4 / 245 ط دار الفكر، وأسهل المدارك شرح إرشاد السالك 2 / 33 ط عيسى الحلبي بمصر.
(2)
شرح منهاج الطالبين وحاشية قليوبي 4 / 74 ط مصطفى الحلبي بمصر، ونهاية المحتاج 7 / 186، نشر المكتب الإسلامي بالرياض.
(3)
سورة الطلاق / 6.
(4)
ابن عابدين 2 / 662، 663، وفتح القدير 4 / 193، 207.
(5)
المهذب 2 / 163 ـ دار المعرفة.
(6)
رد المحتار على الدر المختار 2 / 402، 407، 662، 663، 664، وبدائع الصنائع 4 / 23، شرح فتح القدير 4 / 207، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 343، 344، 508، 509 ط عيسى الحلبي بمصر والخرشي على مختصر خليل 4 / 4، 5، وشرح الزرقاني 4 / 59، 60 ط دار الفكر، ونهاية المحتاج 6 / 375، 7 / 184، 186، 189، وشرح منهاج الطالبين 3 / 300، 301، 4 / 74، ط عيسى البابي الحلبي بمصر، والمغني لابن قدامة 7 / 26، 27، 567، 568، 616، وكشاف القناع 5 / 196، 197، 460، 461، ومطالب أولي النهى 5 / 270، 616، 619 ط المكتب الإسلامي / دمشق.
أ - أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ أَهْل الزَّوْجِ، سِوَى طِفْلِهِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ تَتَضَرَّرُ بِمُشَارَكَةِ غَيْرِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ الْخَاصِّ بِهَا، وَلَا تَأْمَنُ عَلَى مَتَاعِهَا، وَيَمْنَعُهَا ذَلِكَ مِنْ مُعَاشَرَةِ زَوْجِهَا، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا سُكْنَى أَقَارِبِ الزَّوْجِ أَوْ زَوْجَاتِهِ الأُْخْرَيَاتِ فِي الدَّارِ الَّتِي فِيهَا بَيْتُ الزَّوْجِيَّةِ، إِذَا لَمْ تَرْضَ بِسُكْنَاهُمْ مَعَهَا فِيهَا، فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ لَهَا بَيْتٌ مُنْفَرِدٌ فِي الدَّارِ لَهُ غَلْقٌ وَمَرَافِقُ خَاصَّةٌ كَفَاهَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الاِعْتِرَاضُ حِينَئِذٍ عَلَى سُكْنَى أَقَارِبِهِ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُؤْذِيهَا. وَقَالُوا أَيْضًا: لَهُ أَنْ يُسْكِنَ ضَرَّتَهَا حِينَئِذٍ فِي الدَّارِ مَا لَمْ تَكُنِ الْمَرَافِقُ مُشْتَرَكَةً؛ لأَِنَّ هَذَا سَبَبٌ لِلتَّخَاصُمِ (1) .
(1) رد المحتار 2 / 663.
وَمِثْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ ارْتَضَاهُ ابْنُ عَابِدِينَ: أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّرِيفَةِ وَالْوَضِيعَةِ، فَفِي الشَّرِيفَةِ ذَاتِ الْيَسَارِ لَا بُدَّ مِنْ إِفْرَادِهَا فِي دَارٍ، وَمُتَوَسِّطَةِ الْحَال يَكْفِيهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ مِنْ دَارٍ (2) .
وَبِنَحْوِ هَذَا قَال الْمَالِكِيَّةُ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرُوهُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، قَال: لِلزَّوْجَةِ الاِمْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِ الزَّوْجِ كَأَبَوَيْهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ عَلَيْهَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى حَالِهَا، إِلَاّ الْوَضِيعَةَ فَلَيْسَ لَهَا الاِمْتِنَاعُ مِنَ السُّكْنَى مَعَهُمْ، وَكَذَا الشَّرِيفَةُ إِنِ اشْتَرَطُوا عَلَيْهَا سُكْنَاهَا مَعَهُمْ. وَمَحَل ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِهَا. وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ مَعَهَا وَلَدُهُ الصَّغِيرُ مِنْ غَيْرِهَا، إِنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِهِ وَقْتَ الْبِنَاءِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاضِنٌ غَيْرُ أَبِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْبِنَاءِ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَسْكَنَ زَوْجَتَيْهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ، جَازَ إِذَا كَانَ بَيْتُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَمَسْكَنِ مِثْلِهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَسْكَنُ مِثْلِهَا دَارًا مُسْتَقِلَّةً
(1) نهاية المحتاج 6 / 375.
(2)
رد المحتار 2 / 663.
(3)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 512، 513.
فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ ذَلِكَ (1) .
أَمَّا خَادِمُ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ: سَوَاءٌ مِنْ جِهَتِهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، فَيَجُوزُ سُكْنَاهُ فِي الدَّارِ؛ لأَِنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا يَكُونُ الْخَادِمُ إِلَاّ مِمَّنْ يَجُوزُ نَظَرُهُ إِلَى الزَّوْجَةِ كَالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ (2) .
ب - أَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنْ سُكْنَى ضَرَّتِهَا؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْغَيْرَةِ، وَاجْتِمَاعُهُمَا يُثِيرُ الْخُصُومَةَ وَالْمُشَاجَرَةَ، إِلَاّ إِنْ رَضِيَتَا بِسُكْنَاهُمَا مَعًا؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَلَهُمَا الرُّجُوعُ بَعْدَئِذٍ.
ج - أَنْ يَكُونَ بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ، وَهُمْ مَنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ، وَذَلِكَ لِتَأْمَنَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْبَيْتَ بِلَا جِيرَانٍ لَيْسَ مَسْكَنًا شَرْعِيًّا، إِنْ كَانَتْ لَا تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا.
د - أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلاً عَلَى جَمِيعِ مَا يَلْزَمُ لِمَعِيشَةِ أَمْثَالِهِمَا عَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى جَمِيعِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَرَافِقِ اللَاّزِمَةِ.
(1) المغني 7 / 26، 27، وكشاف القناع 5 / 197.
(2)
حاشية ابن عابدين 2 / 654، 655، وشرح فتح القدير 4 / 199ـ 201، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 510ـ 513، وشرح الزرقاني 3 / 246، 247، والخرشي 4 / 186، 187، ونهاية المحتاج 7 / 186، وشرح منهاج الطالبين 4 / 74، 75، المهذب 2 / 163، وكشاف القناع 5 / 196، 463، 664، ومطالب أولي النهى 5 / 620، والمغني لابن قدامة 7 / 569، 570.