الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ جِئْتُمْ بِبِدْعَةٍ ظُلْمًا، وَلَقَدْ فَضَلْتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عِلْمًا. فَقَال عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. فَقَال عَلَيْكُمْ بِالطَّرِيقِ فَالْزَمُوهُ، وَلَئِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالاً لَتَضِلُّنَّ ضَلَالاً بَعِيدًا (1) .
الْبِدْعَةُ فِي الْعَادَاتِ:
13 -
الْبِدْعَةُ فِي الْعَادَاتِ مِنْهَا الْمَكْرُوهُ، كَالإِْسْرَافِ فِي الْمَآكِل وَالْمَشَارِبِ وَنَحْوِهَا. وَمِنْهَا الْمُبَاحُ، مِثْل التَّوَسُّعِ فِي اللَّذِيذِ مِنَ الْمَآكِل وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ، وَلُبْسِ الطَّيَالِسَةِ، وَتَوْسِيعِ الأَْكْمَامِ، مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا اخْتِيَالٍ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الاِبْتِدَاعَ فِي الْعَادَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْعِبَادَاتِ جَائِزٌ؛ لأَِنَّهُ لَوْ جَازَتِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي الاِبْتِدَاعِ فِي الْعَادَاتِ لَوَجَبَ أَنْ تُعَدَّ كُل الْعَادَاتِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الصَّدْرِ الأَْوَّل - مِنَ الْمَآكِل وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَائِل النَّازِلَةِ - بِدَعًا مَكْرُوهَاتٍ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَقُل أَحَدٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْعَادَاتِ الَّتِي بَرَزَتْ بَعْدَ الصَّدْرِ الأَْوَّل مُخَالِفَةٌ لَهُمْ؛ وَلأَِنَّ الْعَادَاتِ مِنَ الأَْشْيَاءِ الَّتِي تَدُورُ مَعَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. (2)
دَوَاعِي الْبِدْعَةِ وَأَسْبَابُهَا:
14 -
دَوَاعِي الْبِدْعَةِ وَأَسْبَابُهَا وَبَوَاعِثُهَا كَثِيرَةٌ
(1) تلبيس إبليس 16 - 17 ط النهضة، والآداب الشرعية 2 / 110 ط الرياض، وإنكار البدع والحوادث لأبي شامة ص 23.
(2)
قواعد الأحكام 2 / 172، 173، والاعتصام للشاطبي 2 / 31، 32
وَمُتَعَدِّدَةٌ، يَصْعُبُ حَصْرُهَا؛ لأَِنَّهَا تَتَجَدَّدُ وَتَتَنَوَّعُ حَسَبَ الأَْحْوَال وَالأَْزْمَانِ وَالأَْمْكِنَةِ وَالأَْشْخَاصِ، وَأَحْكَامُ الدِّينِ وَفُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ، وَالاِنْحِرَافُ عَنْهَا وَاتِّبَاعُ سُبُل الشَّيْطَانِ فِي كُل حُكْمٍ مُتَعَدِّدُ الْوُجُوهِ. وَكُل خُرُوجٍ إِلَى وَسِيلَةٍ مِنْ وَسَائِل الْبَاطِل لَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَاعِثٍ. وَمَعَ ذَلِكَ فَمِنَ الْمُمْكِنِ إِرْجَاعُ الدَّوَاعِي وَالأَْسْبَابِ إِلَى مَا يَأْتِي:
أ -
الْجَهْل بِوَسَائِل الْمَقَاصِدِ:
15 -
أَنْزَل اللَّهُ سبحانه وتعالى الْقُرْآنَ عَرَبِيًّا لَا عُجْمَةَ فِيهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ جَارٍ فِي أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ وَأَسَالِيبِهِ عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ فَقَال:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (1) . وَقَال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} (2) وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تُفْهَمُ إِلَاّ إِذَا فَهِمَ اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا} (3) وَالإِْخْلَال فِي ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى الْبِدْعَةِ.
ب -
الْجَهْل بِالْمَقَاصِدِ:
16 -
مَا يَنْبَغِي لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَعْلَمَهُ وَلَا يَجْهَلَهُ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَمْرَانِ:
(1)
أَنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ كَامِلَةً تَامَّةً لَا نَقْصَ فِيهَا وَلَا زِيَادَةَ، وَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرُ إِلَيْهَا بِعَيْنِ الْكَمَال
(1) سورة يوسف / 2.
(2)
سورة الزمر / 28.
(3)
سورة الرعد / 37.