الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي احْتَلَمَ فِيهِ، وَلَا يُجْزِئْهُ مِنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ. (1)
38 -
إِذَا تَجَاوَزَ الصَّبِيُّ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، ثُمَّ بَلَغَ، فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَانٍ دُونَ الرُّجُوعِ إِلَى الْمِيقَاتِ: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ؛ لأَِنَّهُ كَالْمَكِّيِّ وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْمِيقَاتِ دَمًا؛ لأَِنَّهُ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ دُونَ إِحْرَامٍ. (2)
سَادِسًا: خِيَارُ الْبُلُوغِ:
تَخْيِيرُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي الصِّغَرِ:
39 -
يَرَى أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الصَّغِيرَ أَوِ الصَّغِيرَةَ - وَلَوْ ثَيِّبًا - إِنْ زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الأَْبِ وَالْجَدِّ، كَالأَْخِ أَوِ الْعَمِّ، مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرِ الْمِثْل، صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَكِنْ لَهُمَا خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْبُلُوغِ، إِذَا عَلِمَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ قَبْل الْبُلُوغِ أَوْ عِنْدَهُ، أَوْ عَلِمَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، بِأَنْ بَلَغَا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ ثُمَّ عَلِمَا بَعْدَهُ، فَإِنِ
(1) المغني 3 / 248، ونهاية المحتاج 3 / 233، والأم 2 / 130، ومختصر المزني 1 / 70، وشرح فتح القدير وحواشيه 2 / 332، والمدونة 1 / 381.
(2)
شرح فتح القدير 3 / 273، والفتاوى الهندية 1 / 217، والمدونة 1 / 380، 381، والأم للشافعي 2 / 130، والمغني 3 / 268.
اخْتَارَ الْفَسْخَ لَا يَتِمُّ الْفَسْخُ إِلَاّ بِالْقَضَاءِ؛ لأَِنَّ فِي أَصْلِهِ ضَعْفًا، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى الْقَضَاءِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لَا خِيَارَ لَهُمَا، اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ زَوَّجَهُمَا الأَْبُ وَالْجَدُّ، وَيَبْطُل خِيَارُ الْبِكْرِ بِالسُّكُوتِ لَوْ مُخْتَارَةً عَالِمَةً بِأَصْل النِّكَاحِ، وَلَا يَمْتَدُّ إِلَى آخِرِ مَجْلِسِ بُلُوغِهَا أَوْ عِلْمِهَا بِالنِّكَاحِ. أَيْ إِذَا بَلَغَتْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِالنِّكَاحِ، أَوْ عَلِمَتْ بِهِ بَعْدَ بُلُوغِهَا، فَلَا بُدَّ مِنَ الْفَسْخِ فِي حَال الْبُلُوغِ أَوِ الْعِلْمِ، فَلَوْ سَكَتَتْ - وَلَوْ قَلِيلاً - بَطَل خِيَارُهَا، وَلَوْ قَبْل تَبَدُّل الْمَجْلِسِ. وَكَذَا لَا يَمْتَدُّ إِلَى آخِرِ مَجْلِسِ بُلُوغِهَا أَوْ عِلْمِهَا بِالنِّكَاحِ، بِأَنْ جَهِلَتْ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ، أَوْ بِأَنَّهُ لَا يَمْتَدُّ إِلَى آخِرِ مَجْلِسِ بُلُوغِهَا، فَلَا تُعْذَرُ بِدَعْوَى جَهْلِهَا أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ؛ لأَِنَّ الدَّارَ دَارُ إِسْلَامٍ، فَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْل، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَال مُحَمَّدٌ: إِنَّ خِيَارَهَا يَمْتَدُّ إِلَى أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ لَهَا خِيَارًا،
وَخِيَارُ الصَّغِيرِ إِذَا بَلَغَ وَالثَّيِّبُ - سَوَاءٌ أَكَانَتْ ثَيِّبًا فِي الأَْصْل، أَوْ كَانَتْ بِكْرًا، ثُمَّ دَخَل بِهَا، ثُمَّ بَلَغَتْ - لَا يَبْطُل بِالسُّكُوتِ بِلَا صَرِيحِ الرِّضَا، أَوْ دَلَالَةٍ عَلَى الرِّضَا، كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَدَفْعِ مَهْرٍ، وَلَا يَبْطُل بِقِيَامِهَا عَنِ الْمَجْلِسِ؛ لأَِنَّ وَقْتَهُ الْعُمُرُ،
فَيَبْقَى الْخِيَارُ حَتَّى يُوجَدَ الرِّضَا. (1)
وَإِذَا زَوَّجَ الْقَاضِي صَغِيرَةً مِنْ كُفْءٍ، وَكَانَ أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا فَاسِقًا، فَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ. (2)
40 -
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا عَقَدَ لِلصَّغِيرِ وَلِيُّهُ - أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - عَلَى شُرُوطٍ شُرِطَتْ حِينَ الْعَقْدِ، وَكَانَتْ تَلْزَمُ إِنْ وَقَعَتْ مِنْ مُكَلَّفٍ - كَأَنِ اشْتَرَطَ لَهَا فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَهِيَ، أَوِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا طَالِقٌ - أَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ بِالشُّرُوطِ وَأَجَازَهَا وَلِيُّهُ، ثُمَّ بَلَغَ وَكَرِهَ بَعْدَ بُلُوغِهِ تِلْكَ الشُّرُوطَ - وَالْحَال أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل بِهَا، لَا قَبْل الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَهُ - عَالِمًا بِهَا، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِهَا وَثُبُوتِ النِّكَاحِ، وَبَيْنَ عَدَمِ الْتِزَامِهَا وَفَسْخِ النِّكَاحِ بِطَلَاقٍ، وَمَحَل ذَلِكَ مَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الشُّرُوطِ.
وَالصَّغِيرَةُ فِي هَذَا حُكْمُهَا حُكْمُ الصَّغِيرِ. وَالتَّفْصِيل فِي بَابِ (الْوِلَايَةِ) مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. (3)
(1) رد المحتار على الدر المختار مع الحاشية 2 / 305، 306، 309، 310، 311 ط دار إحياء التراث العربي ببيروت، وجامع الفصولين 1 / 28، 29، وأنفع الوسائل إلى تحرير المسائل للطرسوسي ص 14، 15 مطبعة الشرق.
(2)
جمع الفصولين 1 / 29، طبعة أولى بالمطبعة الأزهرية.
(3)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 241، 242، والخرشي على مختصر خليل 3 / 199.
وَإِنْ زَوَّجَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ، فَلِوَلِيِّهِ فَسْخُ عَقْدِهِ بِطَلَاقٍ، لأَِنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ، غَايَةُ الأَْمْرِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ. وَقَال ابْنُ الْمَوَّازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا لَمْ يُرِدِ الْوَلِيُّ نِكَاحَ الصَّبِيِّ - وَالْحَال أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ - حَتَّى كَبِرَ وَخَرَجَ مِنَ الْوِلَايَةِ جَازَ النِّكَاحُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِل النَّظَرُ إِلَيْهِ فَيُمْضِيَ أَوْ يَرُدَّ، وَمُفَادُهُ أَنَّ لِلصَّغِيرِ حَقَّ الاِخْتِيَارِ بَعْدَ بُلُوغِهِ. (1)
وَالتَّفْصِيل فِي بَابِ (الْوِلَايَةِ) .
41 -
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الصَّغِيرَ إِذَا زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً مَعِيبَةً بِعَيْبٍ صَحَّ النِّكَاحُ، وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ - إِذَا بَلَغَ - وَلَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ لأَِنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ. (2)
وَالصَّغِيرُ إِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، فَفِي الأَْصَحِّ أَنَّ نِكَاحَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ؛ لأَِنَّ الرَّجُل لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، وَلَكِنْ لَهُ الْخِيَارُ. وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ الْوِلَايَةَ وِلَايَةُ مَصْلَحَةٍ، وَلَيْسَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي تَزْوِيجِهِ مِمَّنْ لَا تُكَافِئُهُ. (3)
وَإِنْ زَوَّجَ الأَْبُ أَوِ الْجَدُّ الصَّغِيرَةَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ؛ لِوُقُوعِ النِّكَاحِ
(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 241.
(2)
نهاية المحتاج 6 / 255 ط المكتبة الإسلامية بالرياض.
(3)
نهاية المحتاج 6 / 256.