الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَجُوزُ عَقْرُ دَوَابِّهِمْ إِذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا، وَإِذَا كَانُوا لَا يَضْمَنُونَ الأَْنْفُسَ فَالأَْمْوَال أَوْلَى.
أَمَّا فِي غَيْرِ حَال الْقِتَال وَضَرُورَتِهِ فَلَا تُحَرَّقُ مَسَاكِنُهُمْ، وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُمْ؛ لأَِنَّ الإِْمَامَ إِذَا ظَفِرَ لَهُمْ بِمَالٍ حَال الْمُقَاتَلَةِ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُرَدَّ إِلَيْهِمْ، فَلَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ؛ لأَِنَّ مَوَارِيثَهُمْ قَائِمَةٌ، وَإِنَّمَا قُوتِلُوا بِمَا أَحْدَثُوا مِنَ الْبِدَعِ، فَكَانَ ذَلِكَ كَالْحَدِّ يُقَامُ عَلَيْهِمْ (1) .
وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الضَّمَانَ بِمَا إِذَا كَانَ الإِْتْلَافُ خَارِجَ الْقِتَال بِقَصْدِ التَّشَفِّي وَالاِنْتِقَامِ، أَمَّا إِذَا كَانَ لإِِضْعَافِهِمْ أَوْ هَزِيمَتِهِمْ فَلَا ضَمَانَ (2) .
وَاسْتَظْهَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ حَمْل الضَّمَانِ عَلَى مَا قَبْل تَحَيُّزِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ، أَوْ بَعْدَ كَسْرِهِمْ وَتَفَرُّقِ جَمْعِهِمْ (3) .
مَا أَتْلَفَهُ أَهْل الْعَدْل لِلْبُغَاةِ:
17 -
نَقَل الزَّيْلَعِيُّ عَنِ الْمَرْغِينَانِيِّ: أَنَّ الْعَادِل إِذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَأْثَمُ؛ لأَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِقِتَالِهِمْ دَفْعًا لِشَرِّهِمْ. وَفِي الْمُحِيطِ: إِذَا أَتْلَفَ مَال الْبَاغِي يُؤْخَذُ بِالضَّمَانِ؛ لأَِنَّ مَال الْبَاغِي مَعْصُومٌ فِي حَقِّنَا، وَأَمْكَنَ إِلْزَامُ الضَّمَانِ، فَكَانَ فِي إِيجَابِهِ فَائِدَةٌ (4)
(1) حاشية الدسوقي 4 / 300، والتاج والإكليل 6 / 278ـ 279.
(2)
نهاية المحتاج 7 / 385.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 312، وتبيين الحقائق 3 / 296.
(4)
تبيين الحقائق 3 / 296.
مَا أَتْلَفَهُ الْبُغَاةُ لأَِهْل الْعَدْل:
18 -
إِذَا أَتْلَفَ أَهْل الْبَغْيِ لأَِهْل الْعَدْل مَالاً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛ لأَِنَّهُمْ طَائِفَةٌ مُتَأَوِّلَةٌ فَلَا تَضْمَنُ كَأَهْل الْعَدْل؛ وَلأَِنَّهُ ذُو مَنَعَةٍ فِي حَقِّنَا، وَأَمَّا الإِْثْمُ فَإِنَّهُ لَا مَنَعَةَ لَهُ فِي حَقِّ الشَّارِعِ؛ وَلأَِنَّ تَضْمِينَهُمْ يُفْضِي إِلَى تَنْفِيرِهِمْ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ هِشَامٍ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنِ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا، وَشَهِدَتْ عَلَى قَوْمِهَا بِالشِّرْكِ، وَلَحِقَتْ بِالْحَرُورِيَّةِ فَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ إِنَّهَا رَجَعَتْ إِلَى أَهْلِهَا تَائِبَةً، قَال فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْفِتْنَةَ الأُْولَى ثَارَتْ، وَأَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا - كَثِيرٌ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَلَاّ يُقِيمُوا عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فِي فَرْجٍ اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيل الْقُرْآنِ، وَلَا قِصَاصًا فِي دَمٍ اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيل الْقُرْآنِ، وَلَا يُرَدُّ مَالٌ اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيل الْقُرْآنِ، إِلَاّ أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ فَيُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تُرَدَّ إِلَى زَوْجِهَا، وَأَنْ يُحَدَّ مَنِ افْتَرَى عَلَيْهَا.
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ: يَضْمَنُونَ؛ لِقَوْل أَبِي بَكْرٍ تَدُونَ قَتَلَانَا، وَلَا نَدِي - مِنَ الدِّيَةِ - قَتْلَاكُمْ (1) وَلأَِنَّهَا نُفُوسٌ وَأَمْوَالٌ مَعْصُومَةٌ أُتْلِفَتْ
(1) المغني 8 / 113. وقد نقل ابن قدامة عن أبي بكر رجوعه عن ذلك ولم يمضه، ولم ينقل أنه غرم أحدا شيئا من ذلك. ولو وجب التغريم في حق المرتدين لم يلزم مثله هنا، وإذا البغاة مسلمون متأولون.