الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَال (1) . بَل ذَكَرَ ابْنُ الأَْثِيرِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسُّنْحِ (مِنْ ضَوَاحِي الْمَدِينَةِ) وَكَانَ يَسْكُنُهُ إِلَى أَنِ انْتَقَل إِلَى الْمَدِينَةِ. فَقِيل لَهُ: أَلَا نَجْعَل عَلَيْهِ مَنْ يَحْرُسُهُ؟ قَال: لَا. فَكَانَ يُنْفِقُ مَا فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ، فَلَمَّا انْتَقَل إِلَى الْمَدِينَةِ جَعَل بَيْتَ الْمَال فِي دَارِهِ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ جَمَعَ عُمَرُ الأُْمَنَاءَ، وَفَتَحَ بَيْتَ الْمَال، فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ غَيْرَ دِينَارٍ سَقَطَ مِنْ غِرَارَةٍ، فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ (2) .
وَقَال: وَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُرَدَّ جَمِيعُ مَا أَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَال لِنَفَقَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ (3) .
وَفِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لأَِبِي يُوسُفَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فِي عَهْدِهِ لأَِهْل الْحِيرَةِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَ لَهُمْ: وَجَعَلْتُ لَهُمْ أَيُّمَا شَيْخٍ ضَعُفَ عَنِ الْعَمَل، أَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ، أَوْ كَانَ غَنِيًّا فَافْتَقَرَ وَصَارَ أَهْل دِينِهِ يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ، طُرِحَتْ جِزْيَتُهُ، وَعِيل مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ وَعِيَالُهُ مَا أَقَامَ بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَدَارِ الإِْسْلَامِ. . . وَشَرَطْتُ عَلَيْهِمْ جِبَايَةَ مَا صَالَحْتُهُمْ عَلَيْهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ عَمَّا لَهُمْ مِنْهُمْ (4) .
(1) الاستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 455، المكتبة التجارية 1358 هـ.
(2)
الكامل 2 / 290.
(3)
الكامل 2 / 291.
(4)
كتاب الخراج ص 144، 145، المطبعة السلفية ومكتبتها 1382هـ.
4 -
أَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَذْكُرُ السُّنَّةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَرَاجِعِ - فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ - اسْتِعْمَال هَذِهِ التَّسْمِيَةِ " بَيْتِ الْمَال " فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم. وَلَكِنْ يَظْهَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ أَنَّ بَعْضَ وَظَائِفِ بَيْتِ الْمَال كَانَتْ قَائِمَةً، فَإِنَّ الأَْمْوَال الْعَامَّةَ مِنَ الْفَيْءِ، وَأَخْمَاسِ الْغَنَائِمِ، وَأَمْوَال الصَّدَقَاتِ، وَمَا يُهَيَّأُ لِلْجَيْشِ مِنَ السِّلَاحِ وَالْعَتَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كُل ذَلِكَ كَانَ يَضْبِطُهُ الْكُتَّابُ وَكَانَ يُخَزَّنُ إِلَى أَنْ يَحِينَ مَوْعِدُ إِخْرَاجِهِ (1) .
أَمَّا فِيمَا بَعْدَ عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَدِ اسْتَمَرَّ بَيْتُ الْمَال يُؤَدِّي دَوْرَهُ طِيلَةَ الْعُهُودِ الإِْسْلَامِيَّةِ إِلَى أَنْ جَاءَتِ النُّظُمُ الْمُعَاصِرَةُ، فَاقْتَصَرَ دَوْرُهُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ - فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الإِْسْلَامِيَّةِ - عَلَى حِفْظِ الأَْمْوَال الضَّائِعَةِ وَمَال مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَقَامَ بِدَوْرِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَزَارَاتُ الْمَالِيَّةِ وَالْخِزَانَةِ.
سُلْطَةُ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَال بَيْتِ الْمَال:
5 -
سُلْطَةُ التَّصَرُّفِ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ لِلْخَلِيفَةِ وَحْدَهُ أَوْ مَنْ يُنِيبُهُ (2) . وَذَلِكَ لأَِنَّ الإِْمَامَ نَائِبٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا لَمْ يَتَعَيَّنِ الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ مِنْهُمْ. وَكُل مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ
(1) مسند أحمد 1 / 459، والخراج لأبي يوسف ص 36، والتراتيب الإدارية 1 / 398، 411، 412.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 260.