الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَامِسًا: الْحَجُّ:
36 -
إِذَا حَجَّ الصَّغِيرُ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، هِيَ حَجَّةُ الإِْسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَلَا تُجْزِئُهُ الْحَجَّةُ الَّتِي حَجَّهَا قَبْل الْبُلُوغِ. نَقَل الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجَدِّدَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ عَهْدًا: أَيُّمَا مَمْلُوكٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ فَمَاتَ قَبْل أَنْ يَعْتِقَ فَقَدْ قَضَى حَجَّهُ، وَإِنْ عَتَقَ قَبْل أَنْ يَمُوتَ فَلْيَحُجَّ، وَأَيُّمَا غُلَامٍ حَجَّ بِهِ أَهْلُهُ قَبْل أَنْ يُدْرِكَ، فَقَدْ قَضَى حَجَّتَهُ، وَإِنْ بَلَغَ فَلْيَحْجُجْ (1) ، وَلأَِنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَعَلَهَا قَبْل وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ فِي وَقْتِهَا. قَال الرَّمْلِيُّ: وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ الْحَجَّ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ، لَا تَكْرَارَ فِيهِ، فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ فِي حَالَةِ الْكَمَال. (2)
37 -
إِذَا بَلَغَ الْمُرَاهِقُ (أَوِ الْمُرَاهِقَةُ) وَهُوَ مُحْرِمٌ بَعْدَ أَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ، فَإِنْ كَانَ بُلُوغُهُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، أَوْ قَبْل الْوُقُوفِ، أَوْ كَانَ بُلُوغُهُ بَعْدَ
(1) حديث: " أيما مملوك حج به أهله فمات. . . " أخرجه الشافعي (بدائع المنن 1 / 290 ـ ط دار الأنوار) والطحاوي (2 / 257 ـ ط مطبعة الأنوار المحمدية) ، موقوفا على ابن عباس، وصححه ابن حجر في الفتح (4 / 70 ـ ط السلفية) .
(2)
المغني 3 / 248، ونهاية المحتاج 3 / 233، وشرح فتح القدير 2 / 332.
الْوُقُوفِ، وَلَكِنْ رَجَعَ فَوَقَفَ بِعَرَفَاتٍ قَبْل الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَتَمَّ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، فَهَل تُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ؟
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَا يُجَدِّدُ لِحَجَّتِهِ تِلْكَ إِحْرَامًا، لِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: إِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّتُهُ، فَإِنْ عَتَقَ بِجَمْعٍ - يَعْنِي الْمُزْدَلِفَةَ - لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ غَيْرُهُ مِنَ الْبَالِغِينَ الأَْحْرَارِ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ إِذَا أَتَمَّ مَنَاسِكَهُ، فَكَذَلِكَ مَنْ بَلَغَ بِعَرَفَةَ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُجَدِّدَ إِحْرَامًا بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْل الْوُقُوفِ، فَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ إِحْرَامًا لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لأَِنَّ إِحْرَامَهُ انْعَقَدَ نَفْلاً، فَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا. قَالُوا: وَالإِْحْرَامُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لِلْحَجِّ إِلَاّ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالرُّكْنِ، فَاعْتَبَرْنَا شَبَهَ الرُّكْنِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ - كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ - أَنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَمًا، أَيْ لأَِنَّهُ كَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ أَصْلاً. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إِحْرَامَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ. وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ