الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَارِهِ، أَوْ يَبْنِيَ حَمَّامًا، أَوْ تَنُّورًا، أَوْ أَنْ يَعْمَل دُكَّانَ حِدَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنَ الْمِهَنِ الَّتِي يَتَأَذَّى مِنْهَا جَارُ الْبَيْتِ.
أَمَّا فِي الْمَرَافِقِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ، كَالْجِدَارِ الْفَاصِل بَيْنَهُمَا، فَلَهُ حَالَتَانِ: إِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِمِلْكِهِ أَحَدُهُمَا، وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلآْخِرِ فَقَطْ. فَلَيْسَ لِلآْخِرِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَضْعُ الأَْخْشَابِ، أَوْ مَدُّ الْجُسُورِ، أَوْ بِنَاءُ الْعُقُودِ، وَنَحْوُهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَضُرُّ الْجِدَارَ وَتُؤَثِّرُ فِي تَحَمُّلِهِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ (1) ؛ وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ:(لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) ؛ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. (2)
أَمَّا إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لَا يَضُرُّ الْجِدَارَ وَلَا يُضْعِفُهُ، فَيَجُوزُ، بَل يُنْدَبُ لِصَاحِبِهِ الإِْذْنُ لِجَارِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْرْفَاقِ بِالْجَارِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِ.
وَالتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ارْتِفَاقٌ. جِوَارٌ) .
(1) المغني 5 / 36، وروضة الطالبين 4 / 211.
(2)
حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. . . " أخرجه أحمد (5 / 72) ط المكتب الإسلامي، والبيهقي (6 / 100) نشر دار المعرفة. وعزاه الزيلعي إلى الدارقطني، وقال: إسناده جيد (انظر نصب الراية)(4 / 169 ط دار المأمون) .
دُخُول الْبُيُوتِ:
10 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُول بَيْتِ الْغَيْرِ إِلَاّ بِإِذْنٍ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَى مَا فِي بُيُوتِ الْغَيْرِ مِنْ خَارِجِهَا، أَوْ يَلِجُوهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ أَرْبَابِهَا؛ لِئَلَاّ يَطَّلِعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى عَوْرَةٍ، وَذَلِكَ لِغَايَةٍ هِيَ: الاِسْتِئْنَاسُ، وَهُوَ: الاِسْتِئْذَانُ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّصَ الْبُيُوتَ لِسُكْنَى النَّاسِ، وَمَلَّكَهُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا عَلَى الاِنْفِرَادِ، قَال تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} . (1) وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ حَالَةَ الْغَزْوِ، فَيَجُوزُ دُخُول الْبَيْتِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَيْتُ مُشْرِفًا عَلَى الْعَدُوِّ، فَلِلْغُزَاةِ دُخُولُهُ لِيُقَاتِلُوا الْعَدُوَّ فِيهِ وَكَذَا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، أَوِ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِوُجُودِ فَسَادٍ فِيهِ (2) ، فَيَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ الْهُجُومُ عَلَى بَيْتِ الْمُفْسِدِينَ، وَقَدْ هَجَمَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى نَائِحَةٍ فِي مَنْزِلِهَا، وَضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ حَتَّى سَقَطَ خِمَارُهَا، فَقِيل لَهُ فِيهِ، فَقَال: لَا حُرْمَةَ لَهَا. أَيْ لاِشْتِغَالِهَا بِالْمُحَرَّمِ (3) وَالْتَحَقَتْ بِالإِْمَاءِ.
وَقَدْ نَفَّذَ عُمَرُ رضي الله عنه التَّعْزِيرَ لِهَتْكِ
(1) سورة النور / 27، وتفسير القرطبي 12 / 212، 213.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 126، وأسهل المدارك 3 / 354، 355 ط عيسى الحلبي بمصر.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 180ـ 181.