الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالأَْقَارِبِ الْمُقِيمِينَ بِدَارِ الْحَرْبِ:
6 -
قَال ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّ بِرَّ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ، مِمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةُ نَسَبٍ، أَوْ مَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا نَسَبَ، غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَلَا مَنْهِيٍّ عَنْهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةٌ لِلْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ دَلَالَةٌ عَلَى عَوْرَةٍ لأَِهْل الإِْسْلَامِ، أَوْ تَقْوِيَةٌ لَهُمْ بِكُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ (1) .
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نُقِل عَنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ الْحَنْبَلِيِّ فِي الآْدَابِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَمَّا ذُكِرَ، وَاسْتَدَل لَهُ بِإِهْدَاءِ عُمَرَ الْحُلَّةَ الْحَرِيرِيَّةَ إِلَى أَخِيهِ الْمُشْرِكِ. وَبِحَدِيثِ أَسْمَاءَ (2) وَفِيهِمَا صِلَةُ أَهْل الْحَرْبِ وَبِرُّهُمْ وَصِلَةُ الْقَرِيبِ الْمُشْرِكِ. (3) وَمِنَ الْبِرِّ لِلْوَالِدَيْنِ الْكَافِرَيْنِ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا؛ لأَِنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ ابْنَهُمَا الْمُسْلِمَ.
وَلِلتَّفْصِيل ر: (وَصِيَّة) .
بِمَ يَكُونُ الْبِرُّ
7 -
يَكُونُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بِالإِْحْسَانِ إِلَيْهِمَا بِالْقَوْل اللَّيِّنِ الدَّال عَلَى الرِّفْقِ بِهِمَا وَالْمَحَبَّةِ لَهُمَا، وَتَجَنُّبِ غَلِيظِ الْقَوْل الْمُوجِبِ لِنُفْرَتِهِمَا، وَبِمُنَادَاتِهِمَا بِأَحَبِّ الأَْلْفَاظِ إِلَيْهِمَا، كَيَا أُمِّي وَيَا أَبِي، وَلْيَقُل لَهُمَا مَا يَنْفَعُهُمَا فِي أَمْرِ دِينِهِمَا وَدُنْيَاهُمَا، وَيُعَلِّمْهُمَا مَا
(1) جامع البيان للطبري 28 / 66 ط مصطفى الحلبي.
(2)
حديث أسماء سبق تخريجه (ف / 3) .
(3)
الآداب الشرعية 1 / 492 - 493.
يَحْتَاجَانِ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ دِينِهِمَا، وَلْيُعَاشِرْهُمَا بِالْمَعْرُوفِ. أَيْ بِكُل مَا عُرِفَ مِنَ الشَّرْعِ جَوَازُهُ، فَيُطِيعُهُمَا فِي فِعْل جَمِيعِ مَا يَأْمُرَانِهِ بِهِ، مِنْ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ، وَفِي تَرْكِ مَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ، وَلَا يُحَاذِيهِمَا فِي الْمَشْيِ، فَضْلاً عَنِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِمَا، إِلَاّ لِضَرُورَةٍ نَحْوِ ظَلَامٍ، وَإِذَا دَخَل عَلَيْهِمَا لَا يَجْلِسُ إِلَاّ بِإِذْنِهِمَا، وَإِذَا قَعَدَ لَا يَقُومُ إِلَاّ بِإِذْنِهِمَا، وَلَا يَسْتَقْبِحُ مِنْهُمَا نَحْوَ الْبَوْل عِنْدَ كِبَرِهِمَا أَوْ مَرَضِهِمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَذِيَّتِهِمَا، قَال تَعَالَى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} . (1)
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْبِرَّ بِهِمَا مَعَ اللُّطْفِ وَلِينِ الْجَانِبِ، فَلَا يُغْلِظُ لَهُمَا فِي الْجَوَابِ، وَلَا يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَيْهِمَا (2) .
وَمِنَ الْبِرِّ بِهِمَا وَالإِْحْسَانِ إِلَيْهَا: أَلَاّ يُسِيءَ إِلَيْهِمَا بِسَبٍّ أَوْ شَتْمٍ أَوْ إِيذَاءٍ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ بِلَا خِلَافٍ. فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمَ الرَّجُل وَالِدَيْهِ، قَالُوا. يَا رَسُول اللَّهِ: وَهَل يَشْتُمُ الرَّجُل وَالِدَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، يَسُبُّ الرَّجُل أَبَا الرَّجُل فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ
(1) سورة النساء / 36.
(2)
الفواكه الدواني 2 / 382 - 383، الزواجر عن اقترف الكبائر 2 / 66.