الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبُكَاءُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ:
13 -
الْبُكَاءُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُسْتَحَبٌّ، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الإِْسْرَاءِ {وَيَخِرُّونَ لِلأَْذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} . (1)
قَال الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا مَدْحٌ لَهُمْ، وَحُقَّ لِكُل مَنْ تَوَسَّمَ بِالْعِلْمِ، وَحَصَّل مِنْهُ شَيْئًا أَنْ يَجْرِيَ إِلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، فَيَخْشَعُ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَيَتَوَاضَعُ وَيَذِل (2) . وَقَال الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى:{وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} أَيْ يَزِيدُهُمْ لِينَ قَلْبٍ وَرُطُوبَةَ عَيْنٍ (3) .
وَقَال الطَّبَرِيُّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الآْيَةِ: يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَيَخِرُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ مُؤْمِنِي أَهْل الْكِتَابَيْنِ، مِنْ قَبْل نُزُول الْفُرْقَانِ، إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لأَِذْقَانِهِمْ يَبْكُونَ، وَيَزِيدُهُمْ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ خُشُوعًا، يَعْنِي خُضُوعًا لأَِمْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ اسْتِكَانَةً لَهُ. (4)
وَيُفْهَمُ اسْتِحْبَابُ الْبُكَاءِ أَيْضًا عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
(1) سورة الإسراء / 109.
(2)
القرطبي 10 / 341.
(3)
الكشاف 2 / 469، ط دار المعرفة.
(4)
مراده بالآيتين: الآية 107، والآية 109 من سورة الإسراء، والطبري 15 / 181، 182ـ ط الحلبي، وروح المعاني 15 / 190 ـ ط المنيرية.
وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَل بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا. (1)
الْبُكَاءُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ:
14 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ إِنْ كَانَ قَاصِرًا عَلَى خُرُوجِ الدَّمْعِ فَقَطْ بِلَا صَوْتٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، قَبْل الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ غَلَبَةُ الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ، وَمِثْلُهُ حُزْنُ الْقَلْبِ. وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى تَحْرِيمِ النَّدْبِ بِتَعْدَادِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِرَفْعِ صَوْتٍ، إِلَاّ مَا نُقِل فِي الْفُرُوعِ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النُّوَاحِ وَشَقِّ الْجَيْبِ أَوِ الثَّوْبِ وَلَطْمِ الْخَدِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ عَبَّرُوا فِي ذَلِكَ بِالْكَرَاهَةِ، وَمُرَادُهُمُ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، وَبِذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ وَغَيْرَ مَصْحُوبٍ بِنِيَاحَةٍ وَنَدْبٍ أَوْ شَقِّ جَيْبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ الاِجْتِمَاعِ لِلْبُكَاءِ، وَإِلَاّ كُرِهَ. (2)
(1) حديث: " إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا. . . " سبق تخريجه (ف1) .
(2)
فتاوى قاضيخان والبزازية مع الفتاوى الهندية 1 / 190، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 1 / 383، وحاشية ابن عابدين 1 / 607، وحاشية الدسوقي 1 / 422، جواهر الإكليل 1 / 112، مواهب الجليل مع التاج والإكليل 2 / 235، والخرشي مع حاشية العدوي 2 / 133.